الأحد، 30 أغسطس 2015

فرقاء الجنوب.. اتفاق تحت عصا العقوبات

الخرطوم: مجاهد باسان
التوقيع على الإتفاقية "مبدئية، وليست إنجيلاً أو قرآناً حتى لا تراجع"، هكذا بدت النبرة الحادة لسلفاكير عقب توقيعه على إتفاق مبدئي ينهي النزاع في دولة جنوب السودان الوليدة والذي استمر النزاع فيها زهاء العامين منذ خروج مشار من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية وتفضيله الغابة على القصر بعد خلافات مع سلفاكير رئيس دولة الجنوب، غضب سلفاكير برّره بتعرضه لضغوط هذا بجانب عدم إتاحة الفرصه له لإبداء اي تعديل في أي بند رغم اعتراضه على بعض النقاط التي ربما تكون بادرة لبداية جديدة من عدم الإلتزام بما نصت به الإتفاقية الأمر الذي دفع كبير مفاوضي الجنوب للتعبير بذات اللهجة التي بدأ بها سلفاكير تبريره حين قال: إن الصفقة -في إشارة إلى توقيع الإتفاق- تمثل تسويقاً لاتفاق لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع لأن المتمردين منقسمون .
وكان رئيس دولة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، وقع أمس الأربعاء، مبدئياً على اتفاقية السلام لإنهاء الصراع بينه وقوات المتمردين بقيادة نائبه السابق ريك مشار، واعترف سلفاكير، بتعرضه لضغوط قوية، قائلاً: "كنت أمام خيارين، إما التوقيع أو تستمر الدولة في الحروب".
واشتكى لدى مخاطبته الحاضرين في حفل التوقيع بجوبا، من عدم "السماح لحكومته في إدخال تعديلات على مسودة اتفاقية السلام بينما أتيحت فرصة ذلك للمعارضين"، واعتبر أن الاتفاقية "مبدئية، وليست إنجيلاً أو قرآناً حتى لا تراجع"، منتقداً "النص الخاص بنزع السلاح عن جوبا الذي يمس السيادة". والبنود الأساسية موضع الخلاف تشمل تفاصيل حول مقترحات تقاسم السلطة بين الحكومة والمتمردين التي يمكن ان تؤدي الى عودة مشار نائباً للرئيس. وقال الناطق باسم رئيس جنوب السودان أيضاً إن الحكومة غير راضية عن الدعوات لنزع السلاح في العاصمة جوبا وتسليم سلطات أكبر الى المتمردين في ولاية أعالي النيل الغنية بالنفط وتكليف ضمن لجنة مراقبة وتقييم، تتولى مراقبة تطبيق اتفاق السلام.
وكان سلفاكير قد التقى قادة من دول شرق أفريقيا، قبل توقيعه الاتفاق، وذلك بعدما جدد مجلس الأمن الدولي تحذيراته بفرض عقوبات على البلاد، في حال عدم التوقيع على الاتفاق، هذا بجانب مشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة والذي ينصّ على فرض حظر أسلحة وعقوبات على جنوب السودان ما لم يوقع سلفاكير الاتفاق، الأمر الذي دفع كلا من روسيا والصين وعدداً من الدول الأفريقية للتحفظ على النص، خصوصاً في ما يتعلق بالعقوبات التي ستفرض على الشخصيات التي تتهم بعرقلة الاتفاق.
وقال المتحدث باسم رئاسة جنوب السودان، إتيني ويك، في تصريحات صحفية"، إن الرئيس "وقع على اتفاق السلام"، مشيراً إلى أنه لا يزال لدى الحكومة بعض "التحفظات" حول بنود تتعلق بمشاركة السلطة. الأمر الذي جعل سلفاكير يتردد في التوقيع إلا ان الضغوط حالت دون تغيير اي بند في الوثيقة الأمر الذي يعده مراقبون إنتصار لجناح مشار، ويفرض الاتفاق إعلان "وقف دائم لإطلاق النار" بعد 72 ساعة من توقيعه، وهو يقضي بمنح المتمردين منصب نائب الرئيس، والذي يرغب مشار في العودة إليه بعد إقصائه منه، ويدعو الاتفاق إلى تشكيل لجنة للمصالحة ومحكمة لجرائم الحرب بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي، كما ينص الاتفاق على مغادرة جميع القوات الأجنبية المشاركة في الحرب، بما فيها القوات الأوغندية التي تدعم سلفاكير خلال 45 يوماً، ومنح القوات العسكرية مهلة 30 يوماً للتجمع مع أسلحتهم في الثكنات، هذا بجانب ضمان الإتفاق لإمكانية المشاركة في السلطة للمتمردين الأمر الذي دفع بعض المسؤولين بالدولة للتخوف من طبيعة التوقيع على الإتفاق، إلا أن التلويح بالعقوبات دفع سلفا للتوقيع دون اي تعليق .
وشهد التوقيع العديد من الشخصيات التي مثلت عددا من الدول للمشاركة في التوقيع من ضمن أولئك رئيس الوزراء الإثيوبي، هايلي مريم ديسيلين، الذي استضاف في أديس أبابا أكثر من 18 شهراً من المحادثات، كما انضم إلى المحادثات الفريق بكري حسن صالح النائب الأول للرئيس لرئيس الجمهورية، والرئيسان الكيني اوهورو كينياتا، والأوغندي يوري موسيفيني، والذي أرسل قواته إلى جنوب السودان لدعم سلفاكير ويتوجب عليه سحبها خلال 45 يوماً من تاريخ توقيع الاتفاق.
أما زعيم المتمردين، رياك مشار، فلا يزال في إثيوبيا، إذ قال وسطاء إن الظروف الأمنية ليست متوافرة، وفقا لوكالات، واتهم مشار كير بتفضيل خيار الحرب على السلام، إبان توقيعه على الإتفاق وعدم حضور سلفا للوقت المحدد الذي قطعه مجلس الأمن، هذا بجانب تلويح الوسطاء في المفاوضات بخيار العقوبات الدولية على كلا الطرفين إذا لم يتوصلا إلى اتفاق بحلول يوم الاثنين.
وكان مجلس الأمن الدولي قد أعلن، مساء الثلاثاء، أنه مستعد "للتحرك فوراً" إذا لم توقع جوبا اتفاق السلام، لإنهاء النزاع المستمر منذ عشرين شهراً. وكان كبير المفاوضين في هيئة التعاون الأقليمي الأفريقية "إيغاد" سيوم ميسفين قد هدد سلفاكير رئيس جنوب السودان حال عدم التوقيع على اتفاق ينهي الحرب الأهلية المتواصلة في البلاد منذ 18 شهرا يعد "أمرا محيرا". لذا باتت كل الخيارات أمام إعتراض سلفا على التوقيع تبدو مستحيلة لأن تحركات مجلس الامن وإيغاد باتت اكثر حصارا لسلفا بتهديده من النتائج غير المتوقعة الأمر الذي جعل توقيع سلفاكير إستجابة للضغوط دون إبداء اي تعديل في مسودة الإتفاق .
العديد من الجهود التي قام بها الوسطاء لوقف نزيف الحرب بين فرقاء الجنوب والتي كان للخرطوم فيها الباع الأكبر حيث إعتبر حزب المؤتمر الوطني عبر أمينه السياسي حامد ممتاز الاتفاق الموقع بين الفرقاء الجنوبيين يفتح صفحة جديدة للاستقرار السياسي والاقتصادي بين السودان وجنوب السودان، مبيناً أن قيادة الدولة أسهمت بشكل كبير فيما توصل اليه أبناء الجنوب من اتفاق سيقود إلى الاستقرار بالجنوب.
وأكد أمين الأمانة السياسية بالمؤتمر الوطني حامد ممتاز إن الرئيس عمر البشير قاد مجهودات كبيرة لتحقيق السلام في الجنوب وتحسين العلاقات بين البلدين. لافتاً استعدادهم للتواصل مع جوبا للإتفاق فيما يتعلق بالقضايا العالقة بين الخرطوم وجوبا. وعبر ممتاز عن حرص بلاده على استدامة علاقات قوية تمكن الدولتين من العيش في أمن وسلام، موضحاً أن اعتراف جوبا بأن الرئيس البشير يعتبر الأقرب لحل مشكلة الصراع في الجنوب يمثل نقطة تحول في الموقف بجنوب السودان.
إلا أن مراقبين سياسيين لم يكونوا بذات تفاؤل الأمين السياسي للحزب الذي اعتبر بأن الإتفاق يفتح صفحة جديدة، لجهة أن الناظر للإتفاقيات بين الجانبين والتي وصلت لأكثر من ثلاث إتفاقيات لم يكن فيها حدوث اي إختراق التنفيذ على الأرض، الأمر الذي يرشح بإمكانية التراجع في بعض البنود خاصة تلك التي تعتبرها الحكومة خطوطا حمراء بجانب تحفظ سلفا على بعض بنود الإتفاق من قبل توقيعه .إلا أن استمرار الضغوطات القوية هذه المرة ربما كان وقفاً حقيقياً للحرب بين الجانبين والتزام بالإتفاق تحت تهديد عصا العقوبات الغليظة.

حفتر يلعب بالنار..

بقلم : الصادق الرزيقي
لا يمكن للسودان أن يثق أو يتفق مع مجموعة طُبرق المكوِّنة للحكومة في شرق ليبيا، كما لا يمكنه على الإطلاق أن يسلم من عداوات اللواء خليفة حفتر الذي حوَّل بلده إلى دمار بعد تمرده وقيادته لحرب طاحنة أحرقت الأخضر واليابس في الشرق الليبي وغربه، ولم يحصد منها إلا الفشل والخراب والدمار، وهو ينصاع لرغبة مجنونة في نفسه للسلطة المطلقة، ويريد أن يكون قذافي جديد في المنطقة ويعاني من نفس جنون العظمة وأوهامها التي كانت لدى زعيم ليبيا السابق..
> هذا الحفتر، اتهم السودان في تصريحات له في العاصمة الأردنية عمان قبل يومين بدعم مجموعات ليبية إرهابية، لكن العكس هو الصحيح تماماً، فحفتر ومجموعته المكوَّنة من أعوان القذافي وزمرته السابقين، هم من يقومون بإيواء ودعم المجموعات المتمردة في السودان. فقد جندوها كما جنَّد القذافي المرتزقة وأتى بهم من بلدان أفريقية عديدة للدفاع عنه وعن نظامه ضد شعبه الذي ثار عليه، وكانت حركتي العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم حينها، وحركة مني أركو مناوي من أوائل المجوعات التي تعاونت مع القذافي وساهمت في قتل الشعب الليبي واندحرت بانتصار الثورة الليبية ومقتل القذافي في نهاية الأمر وصار جزءاً من التاريخ.
> في الآونة الأخيرة، احتضن اللواء حفتر مجموعة مني أركو مناوي وبعض الفارين من فلول حركة العدل والمساواة بعد انهيارها في (قوز دنقو) على يد قوات الدعم السريع الباسلة، واستقطبهم للقتال في صفه ضد الشرعية الليبية، وتنعم هذه الفلول من المتمردين اليوم بضيافة حفتر وأعوان القذافي وزبانيته الذين أذاقوا الشعب الليبي سوء العذاب، وهدف هذا الرجل المغرور هو الزج بالمرتزقة في أتون الصراع الليبي - الليبي، وقد جلب للمتمردين من حركات دارفور سلاحاً وعتاداً حربياً من عدة دول، بعضها في جوار ليبيا والبعض الآخر له عداوات مع حكومة طرابلس، وهذا العتاد والسلاح الذي سُلِّم لحركة مني أركو مناوي وحركات أخرى من دارفور وشمال تشاد ومن النيجر ومالي، سيتسرب بلا شك إلى كل المنطقة ويهدد الاستقرار والسلام والأمن الإقليمي، وسيقود إلى تقسيم ليبيا وتدميرها. فالجنرال حفتر لم يستطع حتى اللحظة فرض سيطرته على مدينة بنغازي مهد الثورة الليبية، بكل ما توفر له من دعم مالي وسياسي وعسكري من أعوان القذافي والأموال المهربة منذ الأيام الأخيرة لنظام العقيد معمر، وما تحصل عليه من أموال طائلة وسلاح من دول حليفة له، في المنطقة، فهو اليوم بعد تناقص قوته العسكرية وفشله الذريع، يحاول كما فعل القذافي تجنيد المرتزقة ليقاتلوا بالنيابة عنه. وهذه الحركات التي تظن أنها ستهرب بالسلاح والعتاد الحربي والسيارات ذات الدفع الرباعي، وتعتقد أن حفتر يدعمها لأغراض له داخل السودان لمساعدتها في حربها ضد السلطة القائمة في الخرطوم، ستجد نفسها في النهاية واهمة. فحفتر يريد من هذه الحركات أن تعمل لصالحه مقابل ما ينقدها من مال، فهم عنده مجرد بنادق للإيجار ومرتزقين من العمل العسكري في صفوفه، وسيكونون وقوداً لحربه المخبولة في ليبيا، وهي حرب لن يحقق منها انتصاراً ولن يدخل طرابلس العاصمة دخول الفاتحين كما دخلها شباب الثورة الليبية «محلقين رؤوسهم ومقصرين»..
> ولهذا عندما يهاجم حفتر السودان ويزعم أباطيله كما فعل رئيس الوزراء لحكومة طُبرق عبدالله الثني من قبل ثم جاء للخرطوم معتذراً، فإنه يريد التغطية والتستُّر على وجود قوات مني أركو مناوي بين قواته وتجنيده لهم للقتال معه بمال وسلاح عربي.. وقد ظهرت خيبة مني أركو مناوي وحفتر نفسه عندما هاجمت مجموعة من سكان المناطق الجنوبية الشرقية من ليبيا رتل من قوات مناوي وخاضت معها معارك انتهت بتدمير كامل لمنسوبي حركة مناوي، وقد قادهم زعيمهم ومضيفه حفتر الى محرقة بشعة في رمال الصحراء الليبية.
> الحكومة السودانية مطالبة اليوم قبل الغد، بفضح المؤامرة التي يقودها حفتر وجريمة الحرب التي يمارسها ضد السودان وضد أطراف أخرى في الإقليم، حتى يعلم المجتمع الدولي والفضاء الأفريقي نوع الجرائم ضد الإنسانية التي تُرتكب بتجنيد مواطنين أفارقة كمرتزقة وترغيبهم وترهيبهم من أجل طموح رجل واحد همه السلطة ولو وصل إليها خائضاً بحار من دماء الغير..

الأمم المتحدة: الأسلحة الإسرائيلية تزكي الصراع بدولة الجنوب

ترجمة: إنصاف العوض
أكدت الأمم المتحدة أن جنود الجيش الشعبي وكبار القادة والضباط استخدموا الأسلحة الإسرائيلية، في القتال الداخلي في دولة جنوب السودان .
وقال تقرير أعدته اللجنة المكونة من خبراء عينهم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتقييم الحرب بدولة الجنوب، إن هناك صوراً من ميدان المعارضة تشمل صوراً لأسلحة تمت صناعتها بواسطة شركة إسرائيل للأسلحة (إسرائيل ويبونس اندستري) .
ووفقاً للتقرير الذي لخص السبع أسابيع  الأول  من أنشطة اللجنة، فإن الجنوب كانوا يحملون  أسلحة إسرائيلية وهي نسخة مطورة من بندقية الجليل الهجومية.
وقال التقرير إن الجيش الشعبي ارتكب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان بما في ذلك إخصاء الأطفال وحرق القرى وإنفاذ سياسة الأرض المحروقة، حيث شاركت القوات في عمليات القتل العشوائي والاغتصاب والنهب وتدمير البنية التحتية وتهجير المدنيين من منازلهم قسراً.
وأشار التقرير إلي أن الأسلحة الإسرائيلية كانت بأيدي أفراد جهاز الأمن قبل اندلاع الصراع، ولكنها الآن منتشرة وسط جميع قوات  الجيش الشعبي وجهاز الأمن الوطني والشرطة المحلية والحرس الشخصي لكبار الضباط كما أنها تستخدم من قبل الضباط أنفسهم .

إطلالة حول العلاقات السودانية السعودية

بقلم : ابتسام خالد
لا شك أن العلاقات السودانية السعودية تحتل مكانة متميزة وتتسم بالمتانة والقوة وذلك لأنها ترتكز على روابط قوية من أواصر الأخوة والدين والجوار ووحدة الآمال والأهداف.. وكذلك المصالح المشتركة، والمتتبع لمسار العلاقات بين البلدين في الآونة الأخيرة تجد أنها أخذت في تنامي مستمر خاصة في المجالات الاقتصادية وزيادة حجم التبادل التجاري وتوسعت دائرة الاستثمار وقامت المشاريع المشتركة خاصة في المجال الخاص على المستويين الزراعي والصناعي.
إن تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية أمر حيوي وضروري في عالم اليوم وله مردودات ايجابية لصالح الشعبين، لذا ينبغي لأهل الشأن أن يعملوا على توسيع هذه الدائرة وإزالة المعوقات أمام الحركة التجارية وإلغاء القيود وإفساح المجال للاتفاقيات المفضية إلى مزيد من التعاون. إن التغيرات التي تسود في البيئة الدولية اليوم تتطلب التفاعل بين اقتصاديات الدول وزيادة التبادلات لمجابهة التكتلات والتحديات الماثلة.
ان التطور المضطرد في الجوانب الاقتصادية يوضح بجلاء أن هناك جهود مشتركة بذلت وعملت على نمو تهيئة المناخ من المؤسسات الرسمية ورجال الأعمال. إن العبء الأكبر في تعزيز هذه العلاقات يقع على الدبلوماسية في البلدين لتوظيف الإمكانات والموارد وفتح مساراتها وهذا ليس بعسير في ظل قيادة البروفيسور غندور لدفة الخارجية السودانية. ولقد تابع الجميع خلال المرحلة الماضية جهود سفير خادمالحرمين الشريفين بالخرطوم السفير فيصل بن حامد معلا في كافة المستويات وحضوره الفاعل وسعيه الدؤوب وسعة أفقه للانطلاق بالعلاقات إلى آفاق أرحب وهذا ما يبشر بأن هذه العلاقات مرشحة لغد مشرق وفجر جديد.

الخميس، 27 أغسطس 2015

مجلس السلم الإفريقي يشيد بجهود قطر في دارفور

رحّب مجلس السلم والأمن الإفريقي في بيان أصدره اليوم بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بجهود قطر ومساهماتها في إيجاد حل للصراع في دارفور، مشيدا بدعمها المادي الكبير لتنفيذ وثيقة الدوحة للسلام في الإقليم.
وطالب المجلس بضرورة وقف إطلاق النار في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وإقليم دارفور، ودعا الحكومة السودانية والمعارضة إلى لقاء تحضيري بمقر الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا برعاية الآلية الإفريقية تمهيداً لبدء حوار وطني شامل ذي مصداقية وشفافية وإيقاف الحرب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، تماشياً مع قرارات المجلس السابقة".
وأعرب المجلس عن "قلقه الشديد إزاء الصراع الدائر والأزمة الإنسانية في دارفور والمنطقتين والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان فيها".
ودعا البيان أطراف النزاع إلى ضرورة إيجاد ممرات آمنة لوصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين واحترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني، وطالب بأهمية اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتهيئة العودة الطوعية للمشردين واللاجئين.
وأوضح المجلس أنه سيستمع إلى تقرير من رئيس الآلية الإفريقية ثابو أمبيكي في غضون 90 يوماً من صدور البيان.
إلى ذلك، طالب بيان المجلس كلاً من السودان وجنوب السودان بضرورة تنفيذ اتفاق التعاون الموقع بين البلدين وعقد اجتماع استثنائي للجنة السياسية الأمنية المشتركة بين البلدين لتنفيذ الاتفاق المشترك، داعياً الطرفين إلى التعاون الكامل من أجل تحقيق استقرار الوضع في منطقة أبيي المتنازع عليها بين البلدين، وتعزيز التعايش بين المجتمعات فيها.
وقال أمبيكي إن الرئيس السوداني عمر البشير متمسك بمواصلة إجراء الحوار الوطني بمشاركة المعارضة أو عدمها. من جهته، أبدى الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، حامد ممتاز، يأسا من مشاركة بعض قوى المعارضة في الحوار، ودمغ رافضيه بمحاولة عرقلة أي مساع لإشاعة الاستقرار السياسي في البلاد، مبديا قناعته بأن بعض تلك الأحزاب وثيقة الصلة بأجندة خارجية، لم يحدد ماهيتها.
وقال ممتاز في منتدى "المستقبل" الذي عقد بالخرطوم، اليوم إن "هناك أحزابا نعرفها بعينها لن تأتي للحوار وإن فرش لها الحرير، لأنها أحزاب غير موجودة ولها أجندة مرتبطة بالخارج"، واصفا اشتراطاتهم الداعية لتفكيك الدولة بأنها بعيدة المنال، إن لم تكن مستحيلة. وشدد المسؤول الحزبي على أن الحوار الذي ابتدرته الحكومة يؤسس على قضايا، ولا يرمي للمحاصصة.
ودعا ممتاز قوى المعارضة للتحرك مما أسماه مربع النوايا السيئة، والنظر إلى حسن النوايا التي تمثلت في قرار رئيس الجمهورية بإعلان وقف إطلاق النار.

إسهام السودان في حل الأزمة الجنوبية.. معاني ودلالات!

ساهم السودان ضمن مجموعة دول الجوار الأربع لدولة جنوب السودان في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الجنوبيين لإنهاء صراعهم الدامي الذي دخل عامه الثاني.
إجتماعات دول الجوار الجنوبي التي وصفتها مصادر دبلوماسية مطلعة بأنها كانت شاقة ومضنية أسفرت عن توقيع الفرقاء في جوبا على وثيقة الإيقاد المقترحة من قبلهم لوضع حد للحرب الجنونية الدائرة هناك.
وعلى الرغم من أن الطرف الحكومي في جوبا وقع على الوثيقة بالأحرف الأولى طالباً مزيداً من الوقت للتشاور والدراسة، إلا أن مجمل هذا التطور يعتبره العديد من المراقبين أمراً جديراً بالتقدير، إذ أن الحاجة ما تزال ماسة بشدة لإنهاء الصراع الجنوبي الجنوبي الذي أسفر عن مأساة إنسانية متصاعدة تفوق قدرة المنطقة على احتمالها.
إسهام السودان في تقريب شقة الخلاف بين الفرقاء الجنوبيين عبر مشاركة فاعلة من الرئيس البشير بحيث أمكن التوصل لهذه النتيجة الجيدة، إنما هو إثبات عملي مباشر على أن السودان على أية حال ورغم كل ما ظل يعانيه منذ ما يجاوز الخمسة أعوام من تصرفات الحكومة الجنوبية ودعمها للفصائل السودانية المسلحة التي تقاتل الحكومة السودانية حريص غاية الحرص على ترسيخ السلام والاستقرار في الدولة الجنوبية الوليدة.
ولا شك أن في هذا الموقف السوداني النبيل مغزى سياسي بالغ العمق والأهمية إذ ليس من المألوف أن يتسامى بلد فوق جراحه بهذا القدر ويسعى بجدية لإنهاء حالة الحرب في بلد مجاور، مع أن هذا البلد المجاور وعلى العكس تماماً يسعى لزعزعة استقرار السودان بدأب ومثابرة عجيبين؛ وذلك عبر دعم غير محدود لأكثر من 4 فصائل مسلحة ترفع السلاح في وجه الخرطوم، بل إن المفارقة إنه وفي الوقت الذي كان فيه الرئيس البشير يشارك بفاعلية في اجتماعات دول الجوار الجنوبي ومجموعة الإيقاد كانت كل هذه الفصائل السودانية المسلحة موجودة على أرض دولة الجنوب وتقوم بهجمات على القوات الحكومية السودانية!
المغزى هنا يكمن في عدد من النقاط الإستراتيجية المهمة: أولاً، حرص السودان -كما أسلفنا- على استقرار الأوضاع في الدولة الجنوبية الوليدة بصرف النظر -في الوقت الحاضر- عما إذا كان هذا الاستقرار في جوبا يتضمن التزام جوبا بوقف دعمها للفصائل السودانية المسلحة الناشطة ضد الخرطوم.
فصلَ السودان ما بين الموقفين رغم ارتباطهما الوثيق، هو أبلغ دليل على حسن نية السودان وحرصه على علاقة حسن جوار حقيقية مع الدولة الوليدة للتأسيس في المستقبل القريب لعلاقة إستراتيجية قوامها التعاون المشترك. السودان ومن خلال خبرة وتجربة مماثلة مع بعض دول الجوار مثل تشاد وإفريقيا الوسطى وأرتريا لديه قناعة راسخة أن جوبا لا محالة عائدة إلى حقائق الواقع على الأرض لبناء علاقة جيدة تقوم على تعاون مشترك وقوات حدودية مشتركة ونفض الأيدي عن دعم حملة السلاح في مواجهة الخرطوم؛ وهي في حسابات السودان مسألة وقت وإدراك بالنسبة لجوبا.
ثانياً: حيازة السودان لثقة المجتمع الإقليمي والمجتمع الدولي بكون (يديه نظيفتين) نظافة كاملة بشأن علاقاته بدولة جنوب السودان وأنه غير متورط مطلقاً في دم فصائل جنوبية ناشطة ضد جوبا تتيح له وضعاً متقدماً ومهما للغاية يجعل منه بلداً محورياً في قضايا المنطقة وهذه نقطة إستراتيجية مهمة، من الطبيعي بل ومن المطلوب أن تحرص عليها الحكومة السودانية لأنها -باختصار شديد- تعزز مكانة السودان الإقليمية وتمنع عنه غوائل الاتهامات الظالمة التي ظل أسيراً لها طوال السنوات الماضية.
ثالثاً: نجاح السودان في التقريب بين الفرقاء الجنوبيين دليل دامغ على انه يحتفظ (بمسافة واحدة) من هذه الأطراف، وهذا يمنحه ميزة التأسيس لعلاقة مستقبلية مع كل الطيف السياسي في دولة الجنوب مهما تبدلت الأوضاع أو تغيرت الأنظمة! وأخيراً فإن السودان في الواقع يعطي المثال للحلول المحلية للأزمات السياسية وهو يمارسها الآن بشأن الحوار الوطني.

حوار واشنطن الخرطوم .. ماذا تحت الطاولة؟

إنعام عامر-
تفاؤل كبير عم الأوساط السياسية في الخرطوم بخصوص مؤشرات ربما حسبت بشكل ايجابي قد يقود الى احداث اختراق في هذا الملف.. حزمة جيدة من الحوافز قدمتها واشنطن خلال الاشهر القليلة الماضية للخرطوم من بينها السماح باستيراد الأجهزة التقنية الخاصة بالاتصالات والحاسب الآلي وتعاون في مجال الزراعة والصحة.. وفي هذا الغضون تزور لجنة امريكية الخرطوم في الايام المقبلة لوضع مصفوفة للحوار بين البلدين... وسط تكهنات بعضها حذر. والمسؤولون في الخرطوم رفضوا ما سموه حوار «الوصفات الجاهزة».. فهل تقبل واشنطن بكشف ما تحت الطاولة وادارة حوار شفاف وعادل بخصوص هذا الملف. وزير الخارجية إبراهيم غندور استبق زيارة المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان دونالد بوث أواخر الشهر الجاري إلى الخرطوم، لإعلان عدم رغبة حكومته في الحوار مع واشنطن عبر ما سماها «وصفات جاهزة» يفرضها الأخير، وقال إنها أثبتت فشلها من قبل، مشيراً إلى أن حكومته أبلغت مسؤولين أميركيين ذلك صراحةً، في أطر وأزمنة مختلفة.
وأضاف أن بلاده تتطلع لإجراء حوار جاد مع الولايات المتحدة ضمن إطار فني يناقش الملفات ذات الاهتمام للوصول إلى فهم مشترك. وأعرب عن أمله في أن يأتي المبعوث الأميركي بإطار عمل فني وسياسي متكامل، وقال: «هذا ما ننتظره من الجانب الأميركي وإذا حدث يمكن أن نمضي في آفاق الحوار». ودعا القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم، جيري لانيير، في رسالة بمناسبة اليوم الوطني للولايات المتحدة اواخر الشهر الماضي، دعا كل المقاتلين من جميع الاطراف إلى وضع أسلحتهم والبدء في حوار وطني هادف.
وقال لانيير «لا بد من معالجة قضايا السودان دون رصاص أو قنابل»، بيد ان الأمر يتوجب حالة انصاف اخرى تدخل فيها الحركات حاملة السلاح.
وحال عدم جلوس لجنة واشنطن مع كل الاطراف فإن حوارها سوف يكون اعرج وربما لا يفضي إلى مبتغاه.
وحول العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، قال لانيير، إن الحوار مع الحكومة السودانية يمضي ببطء، وإنه يتطلب من السودان اتخاذ إجراءات حقيقية وفعّالة لوقف العنف. وأوضح أن بلاده تعتبر أكبر جهة مانحة للسودان، حيث تبرّعت بأكثر من «302» مليون دولار خلال السنوات الخمس الماضية، وأنفقت حوالى مليار دولار تمثل في مليون طن من المواد الغذائية للنازحين في السودان.
وتزامن إعلان مبعوث الرئيس الامريكي الى السودان وجنوب السودان لرفع الحظر الاقتصادي عن السودان جزئياً والسماح له باستيراد اجهزة الاتصالات وتقاناتها، مع إعلان الخرطوم عن زيارة لمساعد وزير الخارجية الامريكي للديمقراطية وحقوق الإنسان الى السودان خلال فبراير الماضي. وكان المبعوث الامريكي دونالد بوث قد أعلن في تصريحات نقلتها وكالة «أسوشيتد برس» أن بلاده قررت السماح للسودان باستيراد الهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر وبرامجها وجميع البرامج المرتبطة بتقنية الاتصالات.
ومن جانبه كان نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للديمقراطية وحقوق الإنسان إستيفن فيلدستاين، قد تعهد بنقل ملاحظات وتحفظات المسؤولين في الحكومة السودانية على طريقة تعامل الولايات المتحدة مع السودان للإدارة الأميركية، خلال زيارته للسودان في فبراير الماضي، مؤكداً استمرار الحوار البناء بين واشنطن والخرطوم.
وحال تعثر اية جهود تقود الى انفراج حقيقي في العلاقات بين البلدين او تعثر اية جهود لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، فإنه علينا هنا استصحاب عقبات من بينها صعوبة اتخاذ اية قرارات في المنظومة التي تتعلق بملفات العلاقات الخارجية بالنسبة لواشنطن، بسبب توزيع الدستور الامريكي لمهام السياسة الخارجية ما بين مؤسسة الرئاسة والكونغرس ومجلس الشيوخ.. بيد أن هنالك بارقة أمل للساسة في الخرطوم مردها التحول الكبير في سياسات واشنطن تجاه ما سمتها دول «محور الشر»، وعلينا هنا بالطبع استصحاب حالات تسوية ملفات كل من طهران وكوبا. وهنا ربما ادرك الساسة في الخرطوم ان منطق المصالح وحده هو الذي يحرك العقل الأمريكي بخصوص مثل تلك الملفات ومن بينها بالطبع ملف التطبيع مع الخرطوم.
ورغم إظهار واشنطن نفسها عدم الحماس في الإسراع بفتح بوابة التطبيع مع الخرطوم على مصراعيها، الا ان محللين لا يستبعدون ذلك، بيد أن الأمر برمته بالنسبة لواشنطن مرهون بما تقدمه الخرطوم من تنازلات بخصوص ملفات عديدة عالقة، من بينها وقف الآلة العسكرية في مناطق التمرد، والدفع باتجاه تسوية تلك القضايا عبر حوار وطني شامل يجمع كل أطياف القوى السياسية بالبلاد.
وهنا تشكك الخرطوم في نوايا واشنطن ورغبتها غير الخفية في تفكيك النظام من الداخل، وأبدت مراراً مخاوفها من تلك الشكوك الا انها لم تيأس من سير قاطرة التطبيع.
وهنا تستند الخرطوم إلى حزمة من المتغيرات الدولية والإقليمية التي ربما تصب في مصلحتها. وتنظر هنا بعين فاحصة إلى الطريقة التي يطوي بها أوباما صفحاته الأخيرة من كتاب الرئاسة بطي صفحات العداوات التأريخية مع ما سموها «دول محور الشر».
وخلص استراتيجيون الى أن تطبيع العلاقات بين البلدين مازال بعيداً نسبياً فى ظل تجدد الشروط التى تضعها واشنطن في كل حين، إضافة إلى أن رعاية الدولة الوليدة في جنوب السودان وصيانة مصالحها تجيء على رأس الأولويات الأمريكية في الوقت الراهن، في ظل تواصل نهج عسكرة السياسة الأمريكية تجاه إفريقيا.

الأربعاء، 26 أغسطس 2015

سد النهضة.. البروفة الأولى

بقلم : علي ميرغني
منذ أن أعلنت الحكومة الأثيوبية شروعها فعلاً في بناء سد النهضة اختلفت الآراء ووجهات نظر المختصين عن أثر ذلك على السودان سلباً وإيجاباً، ولست هنا بصدد استعراض وجهات النظر هذه، لكن فقط أريد الحديث عن ظاهرة شح الفيضان لهذا العام والذي لم يخرج النيل عن مجراه الطبيعي، وهو المعدل الذي يتوقع أن يحدثه اكتمال سد النهضة وبدء التخزين فيه والذي يفصلنا عنه فقط أقل من سنتين حيث يتوقع ذلك في منتصف سنة 2017م.
عدم فيضان النيل يعني إيجابيات وسلبيات، أولاً ستظهر المفاضلة بصورة واضحة بين إنتاج الكهرباء من خزان سنار أو ري مشروع الجزيرة، خاصة في العروة الشتوية وهي الأهم من حيث إنها موسم إنتاج القمح والبقوليات الأخرى المهمة، كما ستخرج زراعة الجروف التي كانت تتم بمياه الفيضان ودون ري اضافي، أيضاً يعني ذلك عدم إمكانية زراعة الأحواض في الولاية الشمالية إلا بالري الصناعي وباستخدام وحدات الري التي تستخدم الجازولين وهذا يعني زيادة الطلب عليه، كما أنه أيضاً ستكون هناك مشكلة في توليد الكهرباء من سد مروي خاصة في ظل تسريبات عن انخفاض معدلات التخزين منذ الموسم الماضي مما تسبب في ضعف التوليد في فترة الصيف الماضية.
أعتقد أن شح الفيضان هذا العام نعمة من الله سبحانه وتعالى فهي وفرت لنا تجربة حقيقية لمحاولة ايجاد حلول لتغييرات قادمة عقب بدء التخزين في سد النهضة، والعاقل من تحسب لكل تغيير قبل وقوعه حتى لا يفاجأ بالأسوأ، وأقول منذ الآن يجب البحث عن حلول لمشكلة متوقعة في ري مشروع الجزيرة، ضعف انتاج الخضر الشتوية، وأيضاً البقوليات وعلى رأسها الفول المصري.
وبغض النظر عن كل وجهات النظر الفنية في تأثيرات سد النهضة على السودان، فلقد أصبح الأمر وقعاً تفصلنا عنه حوالي ثمانية عشر شهراً، كما إننا الحلقة الأضعف بين دول حوض النيل الشرقي، خاصة أن لمصر السد العالي وهو تخزين قرني يستحمل شح الفيضانات لأكثر من عشر سنوات.
لذلك أعتقد أن على الجهات المختصة وضع الحلول والاستفادة من تجربة فيضان هذا العام لتفادي نقاط الضعف وتعزيز الفرص الناتجة عن سد النهضة.

السلاح في دارفور أم أمريكا؟

بقلم : مرتضى شطة
بينما لا تزال مخيلة الرجل الأبيض الذي تمارس عليه وسائل الإعلام الغربية العملاقة في إسلوب الانتقاء التنميطي في بث وتغطية وتناول الأحداث والقضايا الدولية، لا تزال مخيلته عالقة فيها صورة دارفور الوحشية التي ضخمتها الآلة الإعلامية وواجهات مخابراته من منظمات حقوق إنسان أو مراكز دراسات مموهة تعمل على تشكيل الرأي العام الدولي عبر دراسات جوفاء، فأن ما يجري في الغرب عموماً وأمريكا خصوصاً من مشكلات تزهق فيها الأرواح يفوق التصور، وقد أوردت التقارير المضخمة في أوج القتال بين الحكومة والمتمردين في دارفور إن هناك نحو مائة ألف قتيل في الحرب، كانت الإحصاءات تشير إلى رقم يقل عن عشرة في المائة من هذا التضخيم، وبينما ظلت الولايات المتحدة الأمريكية عقب أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر سنة 2001م تقيم الدنيا وتجيش الجيوش وترسلها وتغذوا الدول وتحتلها وتفرض العقوبات على الحكومات و الأفراد وتنفق عشرات المليارات من الدولارات على محاربة الإرهاب وفقاً لمفهومها له فإن الحقيقة المرة التي لا تقوى السياسة الخارجية الأمريكية على مواجهتها هي ان جميع ضحايا الإرهاب ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر داخل الولايات المتحدة الأمريكية لم يتجاوزوا الـ75 شخص بينما، ضحايا حالات إطلاق النار سواءاً في المدارس والجامعات بين الطلاب او بين الجنود في ثكناتهم او في الطرقات فاقوا المائة وخمسين ألف من المواطنين الامريكيين ولم يقو احد على إطلاق لفظة إرهاب على مثل هذه الحوادث، ولا يزال الرئيس الأمريكي باراك أوباما يقر بواقع مؤسف في عدم فعل شئ لمنع تقييد حيازة السلاح بين الأمريكيين مع أنهم أعظم دولة في العالم وقد تحدث عن ذلك في أغسطس الحالي وحتى التغطية الإعلامية الأمريكية لهذه الحوادث التي تحصد الآلاف لا تتجاوز القنوات محدودة البث والرسالة بحيث لم تتحول إلى قضية رأي عام على المستوى الفدرالي رغم حساسيتها، فشركات الكيبل التي تقدم خدمة باقة من القنوات الفضائية للمتلقي بما فيها المشفرة لقاء مبلغ شهري تعتبر وسيلة أخرى من وسائل التشكيل والسيطرة على مخيلة المواطن الأمريكي خاصة في السياسة الخارجية الأمريكية والأحداث الدولية والقضايا الفدرالية التي تقف خلفها مجموعة ضغط.
حاشية :
دعونا نتساءل أيهما أأمن اليوم دارفور أم الولايات المتحدة الأمريكية من حيث عدد القتلى بفعل الصراع المسلح بين الحركات المسلحة والحكومة والصراعات القبلية؟ وماذا كان الحسبان الرئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية الديمقراطي والجمهوري قد تقدما بمشروع قانون إلى الكونغرس لتقييد بيع السلاح الشخصي بمن فيهم أصحاب العلة العقلية وتلاميذ المدارس وأصحاب الجنح والسوابق ولم يفلحا، فما بالك بالوضع في دارفور أليست بآمن منه هناك؟ على الأقل السلاح لا يحصل عليه أصحاب الأمراض العقلية فقد تعافت دارفور من التمرد فدعوها تتعافى من الصراعات الأهلية بالتنمية وغياب التدخلات الخارجية.

الخرطوم تحتج على لقاء مجلس السلم الأفريقي بـ"نداء السودان"

تعتزم الحكومة السودانية تقديم مذكرة احتجاج رسمية إلى الاتحاد الأفريقي احتجاجاً على عقد مجلس السلم والأمن الأفريقي جلسة استماع لقوى المعارضة السودانية المعروفة بـ"نداء السودان" في مقر الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية "أديس أبابا".

وأكد سفير السودان بأديس أبابا عثمان نافع ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الأفريقي لصحيفة "اليوم التالي" الصادرة يوم الثلاثاء بالخرطوم، رفض السودان للخطوة التي وصفها بالخطيرة في قواعد العمل داخل الاتحاد الأفريقي.


وقال "سنحتج رسمياً عليها باعتبارها غير مقبولة، وتعد تجاوزاً لكل الأعراف والممارسات داخل الاتحاد الأفريقي ولوائحه".


وأوضح السفير نافع، أن لوائح وقواعد مجلس السلم والأمن الأفريقي تنص على أن يستمع للدولة وليس للجماعات المعارضة لها، وشدد على ذلك بقوله "إن المجلس بالنسبة لنا بطريقته هذه لن تكون لديه أي مصداقية لخرق اللوائح والاستماع إلى الجماعات المناهضة للحكومة السودانية".


 

الحوار مع أمريكا إلى أين؟..

بقلم : الصادق الرزيقي
> لا يمكن التعويل على زيارة الوفد الرسمي الأمريكي بقيادة السيد دونالد بوث مبعوث البيت الأبيض للسودان ومعه مسؤول مكتب متابعة العقوبات (أوفاك)، فبعد رفض متكرر قررت الحكومة السماح للسيد المبعوث الرئاسي بدخول البلاد بعد منحه التأشيرة المحروم منها لأكثر من عامين تقريباً بسبب عدم حرصه على ملاقاة السيد رئيس الجمهورية، شأنه شأن المبعوثين الذين سبقوه (روجر ونتر، ويليامسون، وسكوت غرايشون)، فكلهم قد انتهجوا نهجاً غير مبرر في التعامل مع السيد الرئيس، ولم يحرصوا على لقائه مبررين ذلك بملف المحكمة الجنائية الدولية. وعندما تم تعيين السيد دونالد بوث وتكرر منه ما كان يحدث من سلفه، منعته الحكومة ورفضت إعطائه تأشيرة دخول، هذا بجانب أسباب أخرى منها عدم وقوفه على مسافة واحدة من أطراف النزاع في السودان، وتبنيه بالكامل لمواقف ما يُسمى بالجبهة الثورية وقطاع الشمال وحركات دارفور، خاصة في جولات التفاوض السابقة.
> هذه الزيارة التي تبدأ اليوم الثلاثاء، لا تبعث تفاؤلاً كبيراً في سرعة نتائجها وتمخضاتها، مع إنها خطوة في الاتجاه الصحيح، تتيح عبر لقاءات مباشرة إدارك الحقائق على الأرض، وتمكُّن المبعوث الخاص من التعرُّف على تطورات الأوضاع في البلاد، خاصة الحوار الوطني وانحسار القتال والحرب بعد هدوء الأحوال في دارفور، وسيطرة الحكومة على مسارح العمليات في جنوب كردفان والنيل الأزرق وجديتها في تنفيذ وقف إطلاق النار لمدة شهرين تمكيناً لعملية الحوار المنخرطة فيها أحزاب معارضة وممانعة، وأخرى موالية وشريكة في الحكم.
> لقد جرت خلال الفترة الماضية حوارات ونقاشات عميقة بين الحكومة والإدارة الأمريكية في العاصمتين وعواصم أخرى، وكانت هناك تحركات هنا وهناك آخرها مشاركة وزير الخارجية بروفيسور غندور في الاجتماع الذي عقده الرئيس الأمريكي خلال زيارته الأخيرة للمنطقة في إديس أبابا بحضور قادة الإيقاد حول الوضع في جنوب السودان، وجرى خلاله حديث خاص بين أوباما وغندور، ثم حديث آخر نادر الحدوث مع مستشارة الأمن القومي سوزان رايس عقب اجتماع أوباما مع رؤساء إيقاد.. وخلال هذه اللقاءات والحوارات تم الاتفاق على زيارة المبعوث الأمريكي ومعه وفد كبير لمناقشة تفاصيل كثيرة حول القضايا العالقة بين البلدين.
> فمع العلم إنه لا توجد ملفات عالقة بشأن العلاقات الثنائية، فإن النقاط العالقة هي قضايانا الداخلية وموقف الإدارة الأمريكية منها وضعفها في مواجهة الحملات الضخمة التي تقودها جماعات الضغط في الداخل الأمريكي، تنحصر في قضية الحرب في المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) ودارفور، وكيفية تحقيق السلام ووقف الحرب والعلاقة مع جنوب السودان، بينما تركز الخرطوم في مطالبها على قضية العقوبات الاقتصادية والرفع الفوري لها مع رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، ودور واشنطن في إعفاء الدين العالمي الذي فاق الـ«35» مليار دولار، وضرورة تراجع الولايات المتحدة عن ممارسة ضغوطها على المجتمع الدولي للحيلولة دون إعادة إدماج السودان في منظومة التعاملات المالية، ومن بينها التحويلات والقروض والمِنح التي حُرم منها منذ نهاية عقد السنوات الثمانين من القرن الماضي.
> على الرغم من وجود ثمار قليلة لا تسمن ولا تغني من جوع في ما يختص بالعقوبات بإعطاء تراخيص محدودة من مكتب متابعة تنفيذ العقوبات (أوفاك)، وهي أربعة أذونات للتعامل في المجال الطبي والزراعي والتعليمي، وتقنية الاتصال والبرمجيات، كانت من مؤدى الحوارات السابقة، إلا أن كثير من المراقبين يرون أن الوقت لم يحِن بعد لطي كل الملفات العالقة بين البلدين، كما تم بين واشنطن وكلٌ من طهران وهافانا.. برغم أن الظروف في الحالة السودانية أفضل بكثير والحاجة لعون الخرطوم أكبر في معالجة تعقيدات المنطقة واضطراباتها في جنوب السودان وأفريقيا الوسطى وليبيا واليمن ووجود دور كبير للسودان في إطار تنسيق عمل قوات التدخل السريع لمنطقة شرق أفريقيا لمعالجة الوضع في شرق الكونغو وشمال أوغندا فضلاً عن ملف الحرب على الإرهاب، فهناك تطابق كبير في وجهات نظر البلدين حول هذه الملفات والقضايا الإقليمية.
> فلا خلاف بين السودان والإدارة الأمريكية يمكن أن يكون عائقاً صلداً أمام تقدم العلاقات. فمعروف أن توجهات البيت الأبيض في الفترة المتبقية من عهد الرئيس باراك أوباما، هو تنظيف المحفة ونفض المنفضة حتي يدخل الحزب الديمقراطي ومرشحه القادم الانتخابات الرئاسية في 2016م، والساحة الدولية والإقليمية قد تم تمهيدها وتسويتها بشكل جيد، ولكن العقبة الكأداء التي تقف في وجه أي تقدم في العلاقات السودانية الأمريكية، هي الناشطين وجماعات الضغط والمسيحيين الأصوليين واللوبي الصهيوني، وتأثيرها على الرأي العام الأمريكي وضغطها الثقيل على منكبي البيت الأبيض..وهذه هي المعضلة والعائق..!

الاثنين، 24 أغسطس 2015

معهد روسي يصدر دراسة تقييمية للانتخابات السودانية الأخيرة!

أصدر المعهد العام الروسي -مقره موسكو- تقريراً مفصلاً عن الانتخابات العامة التي جرت في السودان في ابريل 2015. المعهد العام الروسي يحظى باحترام واسع النطاق داخل وخارج روسيا نظراً للسمعة الجيدة التي اكتسبها طوال سنوات طويلة عمل خلال على تدريب موظفي انتخابات لبلدان مختلفة وشارك في مراقبة ومتابعة العديد من الانتخابات العامة في بلدان عديدة حول العالم واصدر بعدها تقاريره وملاحظاته التي أعتبرها العديد من الناشطين السياسيين والأكاديميين موضوعية ومتوازنة.
تقرير المعهد الروسي صدر في أكثر من 15 صفحة، تناول بدقة وإيجاز غير مخل الخطوات التي قامت بها مفوضية الانتخابات العامة في السودان من أجل قيام العملية الانتخابية منذ بدايتها وحتى إعلان النتيجة. ويشير التقرير إلى أن العملية الانتخابية التي جرت في السودان في الفترة من 13 إلى 15 ابريل 2015 جرت وفق (المعايير الدولية لقانون الانتخابات) . وأورد التقرير إن عملية التصويت وعد الأصوات كانت على مستوى عال من الإعداد. كما أن المناخ الأمني العام للعملية الانتخابية كان جيداً بحيث لم يتعكر قط مناخ عملية التصويت التي اعتبرها التقرير (جرت بحرية تامة).
ويدلل التقرير على الحريات المتوفرة في السودان والتي لمسها عن قرب بممارسة بعض القوى السياسية السودانية المعارضة حقها الكامل في المشاركة أو عدم المشاركة في العملية باعتبار أن عدم المشاركة بمثابة مقاطعة للعملية وهي ممارسة ديمقراطية حرة.
التقرير أيضاً أشار إلى مراعاة السودانيين بوضوح تام لعاداتهم وتقاليدهم المحلية مشددين بتمسكهم بها. وأشاد التقرير بصفة خاصة بالقانون الانتخابي السوداني (قانون الانتخابات العامة) كقانون فيه مراعاة واضحة للمعايير الدولية في كافة مراحل الإجراءات الانتخابية من تسجيل وتصويت وفرز وإعلان نتيجة وفى هذه النقطة انتقد التقرير إحجام بعض المعاهد والمنظمات الغربية (الأوربية والأمريكية) التي امتنعت عن المشاركة في مراقبة العملية الانتخابية تحت المزاعم التي توارت خلفها ويعتبر التقرير اتخاذ مواقف كهذه من قبل (تسييس) معاهد المراقبة وإسباغ صفات سياسية عليها دون مبرر.
ووجه التقرير بعض الملاحظات ذات الطبيعة النقدية، إلى بعض الممارسات التي لاحظها مثل:
1-    مشكلة سلامة ومراقبة صناديق الاقتراع عقب قفل المراكز، باعتبارها في حاجة إلى تدعيم أكثر.
2-    عادةً ما تكون المراكز الخاصة بالاقتراع في مدراس، الأمر الذي ربما يعطل العملية التعليمية بكاملها خلال أيام التصويت.
3-    تعدد صناديق الاقتراع بحيث يتم تخصيص (صندوق مفرد) لكل مستوى انتخابي (الرئاسة، البرلمان، مجلس الولايات) .

فيما عدا هذه الملاحظات لم يتعرّض التقرير لأي ملاحظات يمكن القول أنها سالبة بشأن عملية التصويت. وعلى ذلك يمكن القول إن شهادة هذا المعهد الذي يتمتع بقدر وافر من الاحترام على المستوى الدولي هي شهادة موضوعية من شهود خبرة لديهم باع معروف في هذا المضمار، ذلك إن مراقبة الانتخابات العامة في بلد مثل السودان يواجه تحديات داخلية وإقليمية ودولية كبيرة، ويتعرض لهجمات من حملة السلاح وإنتقادات حادة من بعض المعارضين السياسيين الذين يستخدمون الإعلام الدولي لشن هذه الهجمات، هو أمر ليس سهلاً، خاصة وأن السودان بدا في السنوات الأخيرة حريصاً غاية الحرص على ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة تجنباً لأي نزاع على السلطة قد يعصف بوحدته وتماسكه.
المعهد الروسي بشهادته هذه التي ساقها من واقع معايشة ومراقبة لصيقة قبل وأثناء وبعد العملية الانتخابية حظي بتقدير دولي خاص وقد اعتمدت وزارة الخارجية الروسية على تحليل المعهد للعملية الانتخابية السودانية والأرقام والملاحظات التي أبداها في إعلان اعترافها بالانتخابات العامة السودانية وأخرجت بياناً رسمياً في ذلك الحين أبدت فيه هذا الاعتراف من واقع اطلاعها على ملاحظات المعهد الروسي والتي خرجت بصفة رسمية مؤخراً.

اتفاق جنوب السودان.. إعادة تجريب الوصفة الفاشلة (2-2)

بقلم: خالد التيجاني النور
لم تكن وساطة إيقاد لإيقاف الحرب في جنوب السودان بدعاً في هذا، فقد أعادت إنتاج خيبات التفاوض في اتفاقية السلام الشامل بحذافيرها، وهي اتفاقية لو ثبتت نجاعتها لما طرأ الاحتياج مجدداً للتفاوض، للمفارقة، بين وسطاء كان حتى وقت قريب يجلسون على طاولة واحدة يردّدون الحجج نفسها لا في مواجهة خصم أصبح اليوم وسيطاً وتحوّلوا هم إلى فرقاء متحاربين.

تردّد الجنرال سلفا كير في قبول وثيقة اتفاقية أديس أبابا بالأمس لأنها تنشئ واقعاً يقوم على اقتسام سلطته المطلقة مع خصومه، وهو يفضّل أن تبقى الحرب مستعرة، إن أمكن، على أن يرى نفسه متنازلاً لهم، فجوهر التسوية المعروضة يقوم على النسق نفسه الذي جرى على نحو أو آخر في اتفاقية نيفاشا للسلام الشامل، فقد فَرضت عليه بنود اتفاق قسمة السلطة التنازل عن 47% من مناصب الحكومة المركزية، وضمنت له الاحتفاظ بـ 53% من المناصب "كانت 52% للمؤتمر الوطني في نيفاشا"، وخصّصت للمتمرّدين بزعامة الدكتور رياك مشار ثلث مقاعد الحكومة بنسبة 33% "كانت نسبة 28% للحركة الشعبية في اتفاقية نيفاشا"، وقسّمت الـ 14% المتبقية بين جماعة المعتقلين بقيادة باقان أموم، وبقية القوى السياسية "كانت 20% للقوى السياسية في اتفاق نيفاشا".

أما على صعيد الحكم الإقليمي، فقد كفلت اتفاقية أديس أبابا استمرار سيطرة الحكومة المركزية على الولايات السبع التي تحكمها حالياً مع التنازل عن نسبة 15% في كل حكومة كل ولاية لجماعة المتمرّدين بقيادة مشار، واحتفظت الاتفاقية لجماعة مشار بشبه سيطرة على الولايات الثلاث الأخرى، الوحدة وأعالي النيل النفطيتين، ووولاية جونقلي، وحسب الاتفاق خصّصت للحكومة المركزية 46% من المقاعد، و40% للمتمرّدين، و7% لجماعة لمعتقلين، و7% للقوى السياسية الأخرى، واحتفظت الاتفاقية لجماعة المتمرّدين بتسمية حاكمي الولايتين النفطيتين، الوحدة وأعالي النيل، وتركت للحكومة المركزية تسمية حاكم جونقلي.

وعلى صعيد البرلمان الذي يضم 325 عضواً تم انتخابهم في العام 2010، وجرى التمديد لهم حتى العام 2018، تزامناً مع التمديد لولاية الرئيس سلفا المنتهية في هذا العام، فقد أقرّت الاتفاقية استعادة البرلمانيين المنضمّين للتمرّد لمقاعدهم، مع إعطاء الحق لجماعة مشار بتسمية 50 عضواً إضافياً في البرلمان، وواحد لجماعة المعتقلين، و17 عضواً للقوى السياسية الأخرى.

وعلى صعيد الترتيبات الأمنية تضمّنت الاتفاقية إخلاء محيط جوبا كعاصمة قومية من الوجود العسكري لأي من الطرفين على مسافة 25 كيلومتراً، وإسناد مهمة الأمن فيها لقوة مشتركة من دول إيقاد ومن بعثة الأمم المتحدة لجنوب السودان لمدة 30 شهراً هي فترة انتقالية قبل إجراء الانتخابات.

تلك إذن هي البنود المهمة في اتفاقية أديس أبابا العالقة حتى الآن، ومن سياقها تبدو واضحة الأسباب التي دعت الرئيس سلفا كير للتحفظ عليها، وخروج حليفه الرئيس اليوغندي موسيفني غاضباً لأنها لم تضع في الاعتبار استدراكات حاول إدخالها عليها في قمة عقدها في كمبالا الأسبوع الماضي، اعتبرها المتمرّدون محاولة لتعزيز موقف الرئيس سلفا.

ولعل أهم مغزى لهذا الاتفاق تجريد سلفا كير من احتكاره لشرعية الحكم في جنوب السودان التي تمسّك بها منذ انتخابات العام 2010 قبيل استقلال الجنوب، فصفقة اقتسام السلطة والثروة تعني بالضرورة أيضاً اقتسام الشرعية، وبالتالي نزع ورقة ضغط مهمة بيده كان يوظفها في اكتساب الحلفاء وتوزيع الامتيازات، وهو ما يقلل فرص المناورة بيده، وبصفة خاصة الترتيبات الأمنية التي تجرّده من فرض سيطرته، بمعاونة القوات اليوغندية على جوبا مركز الحكم خلال الفترة الانتقالية الممتدة لعامين ونصف العام وهو ما يجعله حاكماً بلا أنياب وعرضة سهلة للضغوط من الأطرف الكافة داخلياً وخارجياً. خاصة في ظل إنهاء سيطرة قوات موسيفني التي ظلت سنده الرئيس منذ اندلاع القتال.

والأمر نفسه ينسحب على صيغة اقتسام السلطة في ولايتي أعالي النيل والوحدة النفطيتين اللتين يسيطر عليهما المتمرّدون فعلياً، وهو ما يعني أن يد الرئيس سلفا لن تكون مطلقة في حصد عائدات النفط التي تشكل 98% من موارد حكومة جنوب السودان.

وثمّة جوانب أكثر تأثيراً لم تتعرّض لها الاتفاقية منقوصة التوقيع، وهي معالجة انعكاس الصراع الدموي على السلطة في جنوب السودان على النسيج الاجتماعي في الدولة الوليدة، ذلك أن طبيعة التركيبة القبلية كقاعدة أساسية للأطراف المتصارعة نقلت النزاع من إطاره النخبوي الفوقي إلى الجذور الاجتماعية حيث تمّت "قبلنة" غير مسبوقة للصراع بمحمولات ثأرات عميقة، وهو ما يعني أن محاولة الوسطاء إجراء مصالحات فوقية لم تنفذ إلى الواقع الاجتماعي المعقّد والمحتقن لن تقود إلى تحقيق سلام حقيقي قادر على الاستدامة، وهو ما يجعل اتفاقية أديس أبابا جهداً سطحياً لا يقدّم حلولاً واقعية لأزمة أكثر تعقيداً مما يمكن حلها بفرض الإنذرات والتهديد بالعقوبات.

من المؤكد أنه يقع على عاتق الولايات المتحدة مسؤولية كبيرة فيما آلت إليه تعقيدات الأوضاع سواء في جنوب السودان أو شماله جرّاء تشجيع وتسريع التقسيم كعلاج باتر ناجع دون وعي كاف بعواقبه الإنسانية الباهظة وكلفته الدموية، وللأسف هذه هي الوصفة نفسها التي تحاول دائماً تسويقها في مناطق صراع أخرى في العالم.

السودان وأمريكا..انفراج التحويلات المصرفية

الخرطوم: سارة إبراهيم
في خطوةٍ، عدّها مراقبون اقتصاديون، بداية جديدة للعلاقات الاقتصادية السودانية الأمريكية، سمح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الولايات المتحدة الأمريكية، لشركة (صنْ بم)، التابعة لمجموعة وايرا بالسودان، بإمكانية تحويل الأموال مباشرةً من أمريكا الى السودان. الخطوة التي سبقتها، الانفراجة التي حدثتْ في قطاع الاتصالات، عبر السماح لبعض البرامج التي كانت محظورةً على السودانيين، مثل (قوقل بلاي). في ثنايا التقرير التالي، تباينت ردود أفعال الخبراء الاقتصاديين على الخطوة، التي رآها البعض انفراجاً إيجابياً، منتقدين قرار الحظر الأمريكي (غير المبرر)، فيما قلّل البعض الآخر من قيمته وجدواه. ومن جانبه قلل الخبير المصرفي ابراهيم ميرغني من اهمية هذه الخطوه وقال انها فك حظر محدود لغرض محدد وشركة محددة وليس له تأثير على الاقتصاد الكي للبلاد او على التحويلات المالية بصورة كلية، وفي سياق متصل رحب الخبير الاستراتيجي د. سمير احمد قاسم بهذه الخطوة ووصفها بانها بداية جديدة ودليل عافية للعلاقات السودانية الامريكية، واعتبر العلاقات بين البلدين اساسا لتنمية العلاقات بين الدول الاخرى سواء كانت اوربية او عربية خاصة في المجالات الاقتصادية، مبيناً ان التعامل مع الولايات المتحدة الامريكية له اثار كبير ومردود اقتصادي اكبر في تنمية البلاد وتشجيع عدد كبير من المصارف والمستثمرين من الاستثمار في السودان، وقال ان هذا القرار يمكن ان يكون خطوة لالغاء الديون على السودان ونأمل منها ان تسمح لاعفاء كلي او جزئي من الديون التي اقعدت السودان، وان هنالك بعض القروض والهبات والمنح التي تعطيها بعض الدول مجاناً ونتمنى ان يجد السودان حظه منها في ظل سياسة جديدة من امريكا تجاه السودان.
وأشار قاسم في حديثه لـ "الإنتباهة" الى حركة الصادر ومساعي اتحاد اصحاب العمل لفك حظر الصادر والوارد، مبيناً ان هذه الخطوات يجب ان يسبقها التعامل المصرفي، مؤكداً اهمية تحديد القنوات المصرفية التي تمهد العمل بين السودان وامريكا.
وفي ذات السياق الخبير الاقتصادي د. عادل عبد العزيز قال ان الحظر الامريكي على السودان منذ العام 1997م ومن ضمن البنود التي يتضمنها حظر تحويل الاموال والسلع والخدمات بين السودان وامريكا الا عبر ترخيص من مكتب مراقبة الاصول التابع للوزارة الخزانة الامريكيه، وفي اوقات سابقة اصدر هذا المكتب استثناءات متعلقة بالتحويلات لاغراض الدراسة والانشطة المتعلقة بالزراعة ومجالات تقانة المعلومات والاتصالات، مبيناً ان حصول الشركة على الترخيص نتيجة لعملها في المجال الزراعي وهذا متاح لأي شركة تعمل في هذا المجال بالحصول على المعدات والاسمدة بتحويل قيمة هذه المستلزمات الزراعية للولايات المتحدة. ومن جهته أوضح الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي ما ظل يعانيه السودان لعقدين او يزيد من الحظر الجائر وغير المبرر من قبل حكومة الولايات المتحدة الامريكة وبضغوط منها تبعتها بعض الدول الاوربية ودول اخرى في الشرق الاوسط ويمثل الحظر الاقتصادي فيما يتعلق بصادرات وواردات بعض السلع والتحويلات لرؤوس الاموال من والي السودان ضيق على الاقتصاد السوداني كثيراً وحده من حرية الحركة في حركتي الصادر والوارد وكلف السودان الكثير تحطمت بعض المرافق الحيوية كالسكة الحديد والخطوط الجوية السودانية نظرا لنقص قطع الغيار وانعدام الصيانة بجانب جهات اخرى تضررت منه كثيراً، كل هذه المعيقات اثرت سلباً على حركة الاقتصاد السوداني عليه، وأعرب عن امله ان تتعقل الولايات المتحدة الامريكية ومن تبعها من الدول الاوربية وتلتزم بقوانين حرية التجارة العالمية التي ظلوا يرفعونها كشعار دون الالتزام بها وهم يعملون بالاضرار بالمصالح الاقتصادية بالدول الاخرى بالضغط عليها للحصول على مكاسب سياسية لا دخل لها بحرية التجارة والاقتصاد.

الأحد، 23 أغسطس 2015

«الجنوب» الانفصال أمريكي وإلغاءه أمريكي (1)

«هل حان الوقت لإعادة الوحدة بين جنوب السودان والسودان؟!».
بين القوسين سؤال كعنوان لمقال بقلم الكاتب «سفيان بن أوزاير» نشرته مجلة «فرن بوليسي» الأمريكية ومعناها «السياسة الخارجية».
> والفرق واضح بين «الشؤون الدولية» وبين «السياسة الخارجية».. فالعبارة الأولى تعني اهتمام الدولة صاحبة المجلة بأخبار وأحداث الدول الأخرى، لكن العبارة الثانية فمعناها واضح وهو ما يشكل خطط ومواقف ومصالح الدولة خارجها.
> ومجلة «فورن بوليسي».. أو «السياسة الخارجية» نشرت مقال «سفيان بن أوزاير» حول قضية «تقرير مصير» آخر جديد لجنوب السودان بعد أن جنى شعب جنوب السودان من تقرير المصير الأول الذي حققه بإرادة أمريكية ضد أمنه واستقراره واقتصاده ونسيجه الاجتماعي بعد أن جنى ثماراً مرة.. مرة للغاية، كالحنظل.
> ونعيد للمرة الثانية بمناسبة مقال «فورن بوليسي» هذا الحديث عن كتاب «خرب الموارد» لنقول ان شعب جنوب السودان كان سيتمتع بإنجازات كل المشاريع التي انطلقت خططها في أجواء اتفاقية فبراير مارس 2791م لو لا أن واشنطن سارعت إلى دعم تنفيذ المؤامرة التي يتضمنها هذا الكتاب.
> أيام الحرب شعب الجنوب كان يتجه شمالاً لأنه كان يجد الأمن والغذاء الذي افتقده في مناطقه هناك بسبب اعتداءات المتمردين بقيادة قرنق.
> وشعب الجنوب لم يخرج في مظاهرات في مدن الجنوب يطالب بتقرير المصير في الوقت الذي كان ينعم فيه بثمار اتفاقية أديس أبابا 2791م.
> لكن خرجت التظاهرات في جوبا قوامها أبناء الاقليم الاستوائي يطالبون باستقلال إقليمهم من بقية الجنوب استقلالاً ادارياً بحيث يبتعد عن أبناء الدينكا.
> بعد ذلك تهيأت الأجواء هناك لاستئناف التمرد والقضاء على ثمار اتفاقية أديس أبابا 2791م لتدور الحرب ربع القرنية وتتوقف باتفاقية نيفاشا بعد أن بسطت الحكومة هناك الأمن والاستقرار واستخرجت النفط.
> فكانت مؤامرة واشنطن أن تقف الحرب بخطة توقف معها الاستفادة من عائد النفط الذي تستخرجه الصين «مشروع القطب الآخر البديل للاتحاد السوفيتي».
> والآن يثار الحديث عن أوان إعادة الوحدة بين الدولتين بكل بساطة، وكأنما الأمر كان مشكلة بين زوجين وراءها سحر أو عين صائبة أو شيطان أو ظروف اقتصادية.
> فحينما كان الشمال والجنوب دولة واحدة ناعمة بالأمن والاستقرار في أجواء اتفاقية اديس أبابا لم يكن للحركة الشعبية وجود. والآن لا استحالة في أن يعود الجنوب الذي ألصقه الاحتلال البريطاني إلصاقاً بالشمال لكن بحل الحركة الشعبية وجيشها وإبعادهما من الساحة تماماً.
> فلا يمكن عودة الجنوب إلى عام 1102م، فهذا ليس من صالح السودان طبعاً لأن حرب الدينكا والنوير ستنتقل إلى الخرطوم طبعاً.
> ولا يمكن عودة الجنوب الى عام 5002م، لأن هذا يعني أن يعود وفيه نفوذ الحركة الشعبية والآن مصدر مشكلته المتأزمة هو هذه الحركة الشعبية. ثم إن اتفاقية نيفاشا بإدخالها حيّز التنفيذ فصلت الجنوب تلقائياً عن سيادة الخرطوم فأصبح لا سلطة هناك لكل المؤسسات القومية بما فيها الجهاز التنفيذي.
> إذن إذا كان لا بد من عودة جنوب السودان الى حضن سيادة الخرطوم فتكون الى عام 3891م.. والى اتفاقية أديس أبابا 2791م. أي أن يعود الجنوب «بلا حركة شعبية ولا جيش شعبي ولا قطاع شمال في الحركة الشعبية ولا جبهة ثورية للتحالف بين قطاع الشمال ومتمردي دارفور».
> يعود الجنوب بلا استثنائية ولا خصوصية ولا بصورة انفصالية غير معلنة مثلما كان في السنوات الست قبل إعلان الانفصال بعد فرز أصوات الاستفتاء حول تقرير المصير.
> ونتيجة الاستفتاء لو كانت صحيحة فإن عودة الجنوب لا داعي لها أصلاً، فلينضم الى يوغندا أو كينيا اذا عجز أن يستمر كدولة مستقلة.
> لكن كل الأمر هو أن واشنطن هكذا تخطط لسياساتها الخارجية وتخدمها في ذلك إعلامياً مجلة «السياسة الخارجية». وهي تنشر مقالاً عنوانه «هل حان الوقت لإعادة الوحدة بين جنوب السودان والسودان»؟!.
> وسؤالنا هنا: «إعادة الوحدة لماذا بعد الاستفتاء» هل لأن واشنطن لم تتدخل من البداية لحقن دماء الجنوبيين الذين سقطوا بالآلاف ضحايا صراع سلفا كير ومشار؟!.
> من حرض سلفا كير على إقالة مشار لإشعال فتيل الأزمة؟! أليست واشنطن نفسها؟! فهي إذن بتحريض ودعم قرنق فصلت الجنوب، وهي تريد الآن إعادة الوحدة للإضرار بالسودان. إنه انفصال أمريكي وعودة أمريكية.

السودان والشركة الروسية.. حقائق من ذهب!

خطأ فادح وقعت فيه بعض وسائل الإعلام السودانية حين استوقفتها بعض المزاعم الاسفيرية -مع أنها باتت معروفة ومألوفة- عن ما أثير عن تعاقد وزارة المعادن السودانية مؤخراً مع شركة (سيبيرين) الروسية لإنتاج معدن الذهب في مربعين بالسودان.
يتجلى خطأ بعض الصحف السودانية في أنها أصغت لما أورده المدعو (صابون) وإتهاماته وتشكيكاته واستقالته! واعتبرت أن ما قاله (صابون) مغسولاً بالصواب وأن على الحكومة السودانية إثبات عكسه!
ليس من الحصافة في شيء أياً كانت الظروف والمبررات تصديق الآخرين والترويج لدعاواهم قبل مراجعة الجهة الحكومية المختصة حتى ولو استغرق الأمر وقتاً كثيراً. ففي ظل واقع إعلام اليوم فإن الانحياز للوطن وافتراض صحة ما تقوم به الدولة أفضل وأوجب من تبني (رأي فردي)، يتم وضعه في كفة ومصداقية دولة بكاملها في كفة أخرى.
لسنا هنا بصدد إعطاء الدروس الوطنية، فالإعلاميين والمنشغلين بحقل الصحافة والإعلام عموماً في السودان لا تنقصهم قط هذه الخصلة الثمينة والأثمن من الماس والذهب. ولكن إن شئنا الصراحة والوضوح فإن عجلة البعض في ترجيح كفة المستشار السوداني (صابون) كانت واضحة.
صحيح ربما كان نقص المعلومات الكافية من قبل الوزارة المعنية سبباً أو ربما كان حرص وزارة المعادن على مجمل العملية وضرورة وضعها في قالب مغلق لأسباب قدرتها، هو أيضاً سبب آخر ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هنا -موضوعياً ومنطقياً- عقدت الحكومة السودانية عشرات وربما مئات الاتفاقيات المماثلة مع عشرات الشركات الأجنبية في مجالات المعادن والنفط والنحاس والعديد من المجالات الاقتصادية المهمة الأخرى، هل كانت في كل تلك الحالات تنشر -بالتفصيل- كل المعلومات الدقيقة عن تلك الشركات؟
ربما يقول قائل إن ذلك ضروري لأغراض الشفافية، ولكن بالمقابل -وهذا ما فات تماماً على البعض- أن الاتفاقيات المبرمة مع شركات أجنبية هذه عادة يتم عرضها على البرلمان، وفى أحيان كثيرة يطلع عليها قبل التوقيع (خبراء محللين) لا علاقة لهم بالسياسة، فما المشكلة إذن إذا كانت الاتفاقات يقف عليها ممثلي الشعب بدقائقها وتفاصيلها؟
وقد يقول قائل آخر أيضاً إن الاتفاقية الخاصة بالذهب مع الشركة الروسية (سيبيرين) ضخمة ومهولة ويتطلب توضح كامل للرأي العام، وهذا صحيح، ولكن بالمقابل فإن من المستحيل تماماً -نظرياً وعملياً- إيضاح كافة التفاصيل حول أمر كهذا ربما يسبب للشركة المعينة تعقيدات في الخارج، أو يجعل الحكومة السودانية حيال تعقيدات مع أطراف خارجية أخرى، ولهذا فحتى الآن ورغم كل الضجة المثارة فإن وزارة المعادن لم تكشف كافة التفاصيل بكاملها وإنما كشفت عن ما هو ضروري فقط لإحاطة الرأي العام بالحقيقة منعاً للتشكيك والضجيج المثار.
ولو راجع العديد من المراقبين صحف ووسائل إعلام الدول على مستوى العالم لن يجدوا تفصيلات كثيرة عن الاتفاقات التي يتم عقدتها مع الشركات الأجنبية إلا بالقدر المناسب ولعل اكبر دليل قاطع على صحة الاتفاقية ومصداقيتها حضور الرئيس البشير -شخصياً- لمراسم التوقيع وحضور ممثلي السفارة الروسية بالخرطوم وتوثيق الحدث وبثه على القناة الفضائية السودانية.
وكيف يمكن أن يتطرق الشك -مجرد الشك- لاتفاقية بهذه الدرجة وبحضور الرئاسة السودانية وبعد اتصالات وتفاهمات على أعلى مستوى مع موسكو؟

«جنوب» بلا حركة شعبية هو الحل..

خالد حسن كسلا
في هذه الأجواء السياسية بجنوب السودان الملائمة للحديث والكتابة حول إعادة الوحدة بين جنوب السودان والسودان.. نقول إن جنوب السودان طبعاً أفضل له أن يعود.. فهذه حقيقة أثبتها الواقع المر هنا.
> لكن بالمقابل هل إعادة هذه الوحدة ستكون في صالح السودن إذا نظرنا إليها من خلال اتفاقية نيفاشا ومن خلال النزاعات القبلية الحادة خاصة التي دارت مؤخراً بين الدينكا والنوير؟!
> إعادة الوحدة لابد أن تسبقها إعادة جنوب السودان إلى ما قبل الحركة الشعبية.. أما إعادته بهذه الحركة وبجيشها الشعبي ليكون جيشاً آخر مع الجيش السوداني فهذا سيجعلها وبالاً جديداً مجدداً على السودان.
> وإعادة الوحدة بين الشمال والجنوب تبقى قضية لا علاقة لها بالحركة الشعبية ولا بجيشها.. من ناحية الجيش فإن الجيش السوداني الذي يهرب منه كاربينو وقرنق عام 1983م قبل تطبيق الشريعة الإسلامية لسواء حظهم وحده يمكن أن ينتشر في جنوب السودان أي إعادة انتشار بعد إعادة الوحدة.. وإعادة كل مؤسسات السلطات الثلاث بعد إعادة الوحدة.
> ترى هل من سبيل إلى إعادة الوحدة بهذه الاستحقاقات الحتمية لتكون وحدة مختلفة عن تلك التي فخختها القوى الأجنبية بالمؤامرات عليها وبدعم وتمويل التمرد؟!
> أول من يعترض عليها.. بل الوحيد الذي سيعترض عليها بهذه الشروط هي الحركة الشعبية بشقيها الحاكم والمعارض لأنها تعني إقصاءها من المسرح بعد تجربتهم الفاشلة في الحكم.
حتى التجربة في التمرد كانت في طريقها إلى الفشل لولا أن أنقذتها واشنطن بالإرادة التآمرين في فرض مفاوضات سيئة جداً ومن أهم مساوئها أخرجت الجيش السوداني من الجنوب قبل الانفصال.. ولم تشر إلى المسيرية بالاسم في سياق ذكر سكان أبيي رغم أنها لم تكن جزءاً من قضية الجنوب وكأنما أريد لها أن تحترق بالحروب والنزاعات القبلية مثل ملكال وبانتيو.
> وشعب الجنوب الآن إذا كان يملك إرادة قوية يمكنه أن يطالب المجتمع الدولي بالعودة إلى السودان عبر استفتاء دون أن يقود هذه العودة الحركة الشعبية التي فشلت في إدارة حكم الإقليم ثم إدارة حكمه وهو دولة نفطية كان يمكن أن تتحول إلى دولة مثل سويسرا «سويسرا إفريقيا».
> لكن هل سترغب الحركة الشعبية في إعادة الوحدة التي تعني بقوة فشها في إدارة جنوب السودان وتعني بقوة تحملها للمسؤولية الكاملة عن أنهار الدماء التي سالت هناك خلال عامين؟!
> طبعاً إعادة الوحدة لا يمكن أن تكون باستمرار حكم الحركة الشعبية للجنوب، وطبعاً إعادة الوحدة ستكون هذه المرة بمجموعات مسلحة قبلية ضخمة هناك إذا لم تشتبك مع القوات المسلحة السودانية يمكن أن تتصارع فيما بينها بدوافع عنصرية كما يحدث الآن.
> إذاً مسألة إعادة الوحدة تبقى قضية معقدة جداً جداً.. لكن يمكن أن يستعين الجنوب بفترة انتداب سوداني بحكم أن في السودان شخصيات فهمت تلك المناطق تماماً من كل النواحي أمثال إدريس محمد عبدالقادر.
> ومعلوم أن واشنطن لن تنجح في إدارة دولة الجنوب لمعالجة مشكلاتها وكذلكلن تنجح يوغندا ولا كينيا ولا إثيوبيا ولا إسرائيل بالطبع.
> لكن السودان يمكن أن يقوم بهذا الدور الإداري للتمهيد بإعادة الوحدة إلى صورتها في يونيو 1983م.. أي العودة إلى اتفاقية أديس أبابا 1976م يضاف إليها احترام نتيجة الانتخابات الديمقراطية التي قسمّت الجنوب عام 1982م إلى ثلاثة أقاليم الدينكا في بحر الغزال والنوير والشلك في أعالي النيل «أدانيه الآن» والإستوائيين في الإقليم الإستوائي.
> فترة الانتداب السوداني يمكن أن تمهد الطريق وتهيئ الأرض السياسية والأمنية لإعادة الوحدة بعد القضاء بطريقة سلسلة على نفوذ الحركة الشعبية كقوة مسلحة مسيطرة على معظم الجنوب ومسؤولة من الدماء والدمار وتحويلها إلى حزب سياسي بطريقة دستورية.
> إعادة الوحدة ليست لعباً ومزاجاً بعد كل الذي حدث.

الأربعاء، 19 أغسطس 2015

قمة حاسمة لدول جوار جنوب السودان بشأن المفاوضات المتعثرة

المثنى عبدالقادر-
قال مدير مركز الدراسات السلام والتنمية في جامعة جوبا الدكتور لوكا بيونق، إن إبعاد دولتي السودان ويوغندا عن عملية مراقبة اتفاقية السلام، اذا ما توصل الطرفان إلى اتفاق في أغسطس الحالي ليس من مصلحة جنوب السودان والإقليم ككل، وأضاف بيونق إن يوغندا والسودان لهما الدور المحوري في قضايا البلاد. في المقابل قال نائب رئيس البعثة الدبلوماسية السودانية لدى البلاد السفير مجدي مفضل إن الخرطوم حريصة على مصلحة جنوب السودان، واعتبر أن الاجتماع الذي التأم بالعاصمة اليوغندية كمبالا بمشاركة أربعة من دول الجوار، هدف الى ممارسة الضغوطات على الحكومة والمعارضة، داعياً الى عدم النظر الى العلاقات السودانية اليوغندية المتأثرة بمصالحها الخاصة في تحقيق السلام من أجل استقرار الإقليم. فيما يلي تفاصيل الأحداث الداخلية والدولية المرتبطة بأزمة دولة جنوب السودان أمس.
اجتماعات أديس أبابا
اجتمع رؤساء السودان إثيوبيا ويوغندا وكينيا إمس (الأحد)، بعد وصول رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميادريت الى أديس أبابا، لبحث أزمة دولة جنوب السودان عشية انتهاء المهلة الممنوحة للأطراف المتنازعة للتوصل إلى اتفاق سلام، وتمهيداً للقمة المرتقبة لدول (إيقاد بلس) صباح اليوم (الاثنين) التي سيوقع طرفا الصراع بدولة جنوب السودان فيها الاتفاق خشية العقوبات الدولية. وفي سياق متصل كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة، أن رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام ديسالين والرئيس عمر البشير واليوغندي يوري موسفيني كانوا قد أجروا اتصالات مكثفة مع الرئيس سلفا كير لتجاوز تعثر المفاوضات التي وصلت الى طريق مسدود، وكشف المصدر،أن الاتصالات المهمة التي أجراها الرؤساء الثلاثة نجحت في إقناع سلفا كير بالمشاركة في قمة إيقاد التي ستلتئم اليوم (الاثنين) بأديس أبابا.
(إيقاد) تخير
حذرت الوساطة الأفريقية التي تقودها (إيقاد) بمعاقبة طرفي الحرب بجنوب السودان إذا لم يوقعا على مسودة تسوية شاملة للنزاع اليوم (الاثنين)، وقالت الوساطة إن هذه المهلة ستكون الأخيرة قبل الانتقال إلى الخطة الخاصة بالعقوبات في حال فشل الطرفين في توقيع اتفاقية سلام شامل. ودعت الحكومة على لسان عضو وفدها المفاوض مايكل ماكوي إلى مراجعة المشروع الذي قدمته إيقاد وتحسينه، كما طالبت الوساطة بالالتزام بواجباتها وعدم فرض حلول. ورأى ماكوي أن مشروع التسوية في شكله الراهن لا ينسجم مع طموحات شعب جنوب السودان، مبدياً أسفه لما وصفه بالتعامل غير المناسب من قبل إيقاد مع الرئيس سلفا كير عبر دعوته للحضور إلى أديس أبابا في اللحظة الأخيرة.
مشار يتهم موسفيني
اتهم زعيم المعارضة المسلحة بدولة جنوب السودان الدكتور رياك مشار الرئيس اليوغندي يوري موسفيني بإفشال عملية السلام الجارية، وقال مشار في تصريحات لإذاعة المعارضة المسلحة بأن المقترحات التي قدمتها حكومة الرئيس سلفا كير قدمت من العاصمة اليوغندية كمبالا. في المقابل انتقد الرئيس الأوغندي يوري موسيفني مسودة الاتفاق التي قدمتها الوساطة، خلال القمة التي عقدت في عنتيبي، وضمت إلى جانبه الرئيس الكيني أوهورو كنياتا ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين، إضافة إلى وزير الخارجية إبراهيم غندور، نيابة عن الرئيس عمر البشير. ووصف موسيفني المسودة بأنها مسودة مقدمة من (الرجل الأبيض) وليس مقترحاً أفريقياً، في إشارة إلى الشركاء الدوليين من دول الترويكا (الولايات المتحدة، بريطانيا والنرويج والاتحاد الأوروبي). ويتطابق موقف موسفيني مع موقف رئيس دولة جنوب السودان الذي اتهم وساطة الايقاد بفرض الوصاية على بلاده.
منشقو مشار
طالبت المجموعة المنشقة عن المعارضة المسلحة في دولة جنوب السودان بتعليق مشاركتها في محادثات السلام لان رياك مشار فقد شرعيته ويجب على وساطة ايقاد أن تدرجها بدلاً عنه في المفاوضات ككيان مستقل، وقال القيادي المنشق غابرييل تشانجسون تشانج إنه مع مجموعته أعلنوا ولاءهم للقيادات العسكرية.
حكماء النوير يرفضون
كشف زعيم حكماء قبيلة النوير غابرييل دوك بأن زعيم المعارضة رياك مشار رفض التماسه بإعادة المنشقين الى المعارضة على رأسهم القائد بيتر قديت، وقال حكيم النوير بأن شيوخ النوير السياسيين أعلنوا رفضهم المسبق لأي اتفاق سيوقعه مشار مع الرئيس سلفا كير معتبرين بأنه اتفاق غير معترف به منهم ما لم يعيد مشار القيادات العسكرية الى المعارضة. وأضاف غابرييل بأنه سافر الى أديس أبابا واجتمع مع مشار لمدة عشر ساعات حتى يعيد التفكير في قرار عزل القادة العسكريين.
رفض ولائي بالإجماع
رفض حكام ولايات دولة جنوب السودان العشر، مقترح وساطة إيقاد، معتبرين أن المقترح لا يعكس حقيقة التنوع في البلاد. وقال حاكم ولاية شرق الإستوائية لويس لوبونق لوجوري، إن حكام ولايات جنوب السودان العشر، يقبلون بسلفا كير رئيساً لجنوب السودان، خلال الفترة الانتقالية، وبأن يكون لديه نواب متساوين في السلطة. وأضاف لوجوري، أن حكام الولايات، لا يقبلون بتقاسم السلطة على المستوى القومي وأن النسب التي قدمتها إيقاد، لا تعكس التنوع الحقيقي للبلاد، مشيرًا إلى أن مشاركة السلطة يجب تركها لطرفي الحوار بدلاً عن فرضها عليهم-وفق تعبيره. وفي سياق منفصل منعت عناصر الأمن في جوبا حاكم ولاية غرب الاستوائية جوزيف بنجاري باكوروسو من مغادرة العاصمة جوبا دون توضيح، لكن مصادر زعمت أن حظر الوالي كان بأسباب سياسية على خلفية الأحداث التي وقعت في يامبيو الفترة الماضية بين قبلتي الزاندي ورعاة الدينكا، حيث كانت حكومة الولاية قد اتهمت جوبا بزعزعة الولاية بواسطة رعاة الدينكا ليتسنى لها عزل الحاكم جوزيف.
دفع ديات
وافق حاكم ولاية شمال بحر الغزال المكلف، سلفا شول آيات، على دفع الديات لأسر خمسة أشخاص قتلوا برصاص شرطي في الأيام الماضية في مدينة أويل، وجاء قرار الحاكم على خلفية احتجاج أسر الضحايا، وقال قرنق ديين أحد ممثلي أسر الضحايا إنهم قابلوا الحاكم و وافق على دفع الديات لأسر الضحايا، معتبراً الخطوة بالموفقة من قبل الحاكم، وكان مدير شرطة ولاية شمال بحر الغزال قد زعم سابقاً أن الشرطي الذي قتل (5) من المواطنين بسبب ظنه أن زوجته أنجبت طفلاً غير شرعي، إلا أن ذوي الضحايا رفضوا زعمه.
مصرع شخصين
لقي شخصين مصرعهما في الطريق الرابط بين مدينة واو عاصمة ولاية غرب بحر الغزال ومدينة طُنبرة بغرب الاستوائية، إثر تعرض عربة تجارية للهجوم من قبل مسلحين في المنطقة الواقعة بين كبري البو ومنطقة بازية بغرب بحر الغزال، فيما اتهم أنجلو تعبان وزير الحكم المحلي بولاية غرب بحر الغزال، اتهم المعارضة بقيادة رياك مشار بتنفيذ الهجوم على العربة التجارية والذي أودى بحياة شخصين. وكشف تعبان عن تحركات من السلطات الأمنية لتأمين الطريق، واعداً بأن تكون المنطقة آمنة خلال اليومين القادمين، ويذكر أن قوات المعارضة بقيادة رياك مشار المتواجدة بغرب بحر الغزال قد استولت على منطقة بازية الواقعة جنوب واو لساعات ثم اخلتها وذلك في مطلع يونيو الماضي، واتهم الوزير أنجلو تعبان المعارضة بقتل 2 ولاستيلاء على البضائع التي كانت تقلها شاحنة قادمة من غرب الاستوائية، هذا ولم يتسنى الاتصال بالمعارضة المسلحة للتعليق على الخبر.
أزمة جازولين
قال وزير الإعلام بولاية شرق الاستوائية مارك أتيو أنه سوف يتم استئناف العمل في مشروع مطار توريت في القريب العاجل حال توفر الموازنة، وقال أتيو إن مشروع مطار توريت الذي دشن العمل فيه في مايو الماضي توقف بسبب نقص في الجازولين التي تمر به الولاية، مضيفاً أن الحكومة ستضع مشروع مطار توريت ضمن أولويات الموازنة المالية الجديدة.
«900» ألف بلاغ
كشف الناطق الرسمي باسم الشرطة العقيد جيمس ماندي، عن تسجيل الأجهزة الشرطية لنحو 900 ألف بلاغ جنائي بالإضافة الى 1700 حالة غير جنائية. وقال ماندي بأن قوات الشرطة استطاعت بأن تسجل هذه الحالات بسبب قيامها بأداء واجبها تجاه المواطنين. وأكد ماندي وقوف الشرطة جنباً الى جنب مع المواطنين من أجل حمايتهم، وناشد المواطنين بالمساهمة في تقديم المعلومات من أجل تسهيل القبض على المجرمين.
تقدم ملحوظ
أكدت منظمة الصحة العالمية إحراز تقدم ملحوظ ضد تفشي وباء الكوليرا في البلاد وسط انخفاض للحالات الجديدة منذ شهر يوليو الماضي. وقال رئيس وحدة إدارة منع الكوارث وتفشي الأمراض، الدكتور آلان مباروي إن هنالك تقدماً قد أحرز في ما يتعلق بتوفير فرص الحصول على المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي لجميع السكان، بجانب تحسين فرص الحصول على خدمات الرعاية الصحية للذين يعانون من المرض. وعزا انخفاض حالات الكوليرا إلى حملات التثقيف الصحي التي قال إنها شجعت على اعتماد الممارسات الصحية المناسبة مثل غسل اليدين بالماء والصابون، والإعداد الآمن وتخزين المواد الغذائية والرضاعة الطبيعية. ويشار إلى أنه تم تسجيل أكثر من 1500 حالة للكوليرا منذ ظهور الوباء في يونيو الماضي، وكان الأطفال دون سن الخامسة هم الأكثر تضرراً من الوباء في كل من جوبا ومقاطعة بور.
ارتفاع مستمر للأسعار
يرى بعض التجار بأن أسعار المواد الاستهلاكية بالسوق قد انخفضت نوعاً ما، مقارنةَ بأسعارها في السابق، والبعض الآخر يرى بأن هنالك ارتفاع بسعر المواد بصورة كبيرة مرجحين أسبابها لارتفاع سعر عملة الدولار مشيرين إلى عدم تفاؤلهم ما إن كانت هنالك حلول لمجابهة هذه الازمة وفي الاستطلاع التالي كان حصيلة شكاوى التجار بالأسواق ويقول صاحب مركز هافانا للمواد الاستهلاكية بسوق كونجو كونجو حسن ياسين بأن سعر المواد الاستهلاكية بالسوق قد اختلفت الآن وأصبح لا بأس بها رغم المعاناة التي يعيشها المواطنون جراء ارتفاع الأسعار حسب قوله ويضف: المواطنون يشكون ويتذمرون عندما يجدون سعر المواد قد ارتفع ولكننا بدورنا كتجار نقوم بتهدئتهم ونتحمل الخسائر لأنه في حال ارتفاع سعر المواد نبيعها نحن كما هي دون زيادة وإذا كان الفرق كبيراً نوقف عملية البيع، هذا مانحن عليه الآن، وتابع:وبالنسبة للحوم اليوم سعر لحم البقر 60 جنيهاً ونقوم ببيعه بـ50 جنيها ً، اللحم الضأن في السوق بـ80 جنيهاً ونبيعه بـ70 جنيهاً، الفراخ في السابق بـ45 جنيهاً وأصبح الآن بـ50 جنيهاً ونبيعه كما هو بنفس السعر دون اي استفادة منه، بالنسبة للأسماك فسعر سمك البلطي بـ60 جنيهاً وتأتي كرتونته بـ500 جنيه، والسمك الفرايد بـ90 جنيهاً ونبيع الكيلو منه بـ100 جنيه. وختم ياسين حديثه قائلاً إن ناتج كل هذه الزيادات هو ارتفاع سعر الدولار لأن أغلبية هذه المواد الاستهلاكية تصدر من الخارج كاللحوم حيث تأتي من دولة يوغندا، على حسب قوله. ويرى عبدالباقي صاحب محل تجاري، بأن سعر المواد الاستهلاكية قد ارتفع قليلاً وليس كالسابق موضحاً بأن جوال السكر أصبح اليوم بـ530 جنيهاً وفي السابق كان بـ470 - 490 جنيهاً، وعلبة اللبن بـ250 جنيهاً وكانت بـ230 جنيهاً، والزيت بـ310 وفي السابق كان بـ290، وتابع: بالنسبة للخضروات كيلو الطماطم بـ15 جنيهاً والبطاطس أيضا بـ 15 جنيهاً والبصل بـ25 جنيهاً والأسود بـ 15 أيضاً، ولكن في السابق كل هذه الخضروات كانت بسعر 10جنيهات، ويزيد ليس هنالك استقرار بالسوق نسبة لعدم استقرار سعر الدولار، فهذا يؤثر على استيرادنا للمواد الاستهلاكية كما نتحمل الخسائر أيضاً.أما بالنسبة لمواد البناء، فيقول أحد التجار صاحب محل يدعى محمد بأن سعر مواد البناء يختلف كل مرة ويزداد سعرها فوق المتوقع، موضحاً بأن سعر جوال الأسمنت في السابق كان بحوالي 70 جنيهاً فقط والآن وصل إلى 190 جنيهاً، وزاد قائلاً الآن القليل فقط من الزبائن يأتون لشراء مواد البناء لأنه إذا كان هنالك أحد لديه محل يريد بنائه لايستطيع شراء كمية من الأسمنت نسبة لارتفاع سعره وهذا سيكلفه كثيراً ، وختم بقوله هنالك تحدياً كبير يواجهه التجار والمواطنون بالأسواق والذي ترجع أسبابه لسعر عملة الدولار.بدت منزعجة عندما سألتها عن أسعار المواد الاستهلاكية بسوق كنجو كنجو حيث كانت جالسة وأمامها مجموعة من الخضروات كالكروفو والخضرة والبامية، كما رفضت البوح بسعر أي من تجارتها، وهي وتدعي كيجي؛ وقالت: يا ابنتي أتسأليني أنا أم تسألي الحكومة لماذا هذه الاسعار مرتفعة هكذا، فكل مرة نشاهد رجال كبار بالحكومة يأتون الى السوق لتفقد الأسعار ثم يسألوننا من سعر المواد ويقولون لنا لقد أتينا لنعرف ما يحدث بالسوق من ارتفاع الاسعار لكي نقوم بوضع الحلول العاجلة لكم؛ ولكن للأسف لم نشاهد أي تغيير، بل العكس يزداد الوضع أكثر تأزماً فنحن الآن نجلس بالسوق منذ الصباح الى وقت متأخر من المساء دون ربح، لذلك عليكِ بأن تسألي الحكومة لمعرفة ما اذا كان هنالك حل لهذا الوضع أم لا لأنني قد مللت من هذه الاسئلة لان الكثير من امثالكم يأتون ويسألوننا ولم نرَ جدوى في ذلك. وتقول المواطنة استيلا بأنها تعاني كثيراً عندما تجد سعر المواد الاستهلاكية قد ارتفع بالسوق نسبة لمحدودية دخلها حسب قولها، موضحة بأن البطاطس الآن 4 حبات فقط بـ 30 جنيهاً وكذلك البامية 4 حبات بـ2 جنيه واللحم الكيلو بـ60 جنيهاً والبصل 4 قطع بـ5 جنيهات، متابعة: بالنسبة لجردل الدكوة فقد اصبحت بـ100 جنيه لان بائعيه يقولون بأن سعر جوال الفول قد ارتفع كثيراً، أيضاً جوال الدقيق أصبح بـ420 جنيه، اذا كيف ستلبي احتياجات أسرتك وبالأخص إن كانت لديك أسرة كبيرة.

هل حان الوقت لإعادة الوحدة بين جنوب السودان والسودان؟

بقلم: سفيان بن أوزاير
مضت خمس سنوات منذ أن انفصل  جنوب السودان عن السودان، والشئ الوحيد الذي كسبه جنوب السودان هو العنف والأزمة الداخلية والتي لا يبدو أن نهاية لها في الأفق، لقد وقف المجتمع الدولي بجانب جنوب السودان إلا أن الدولة الوليدة خذلت الجميع وجعلت عاليها أسفلها.
إن  العنف والحرب الدائرة في جنوب السودان قد أدت إلي مقتل وتشريد الملايين من المدنيين الأبرياء، بل إن الدولة الوليدة والتي أتت من رحم أكبر أمة أفريقية (السودان قبل الانفصال) تعد مثالاً حياً للدولة الفاشلة.
وليس هذا كل شئ ففي الآونة الأخيرة قررت حكومة جنوب السودان طرد مسؤولي الأمم المتحدة من أراضيها خوفاً من أن تصل أخبار حالات انتهاك حقوق الإنسان إلي بقية أنحاء العالم، أما الدعوات لإعادة النظر في هذا القرار فقد قوبلت بآذان صماء الأمر الذي اضطر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رد فعل لهذا القرار أن يفرض عقوبات بالإضافة ألي حظر السفر.
والقضية المطروحة الآن: يتساءل المرء  لماذا فشل جنوب السودان في إنجاز مهمة إدارة دولة مستقلة؟.
الإجابة بسيطة وهي أنه من المؤكد أن جنوب السودان لم يكن مهيأ ليكون دولة مستقلة وكان من المفترض أن يكون السودان الموحد (غير المنقسم)، حيث إن الانفصال القسري قاد إلي أن تصبح الأمور في درك سحيق.
إن جنوب السودان لم يعد قادراً علي العمل وحده متماسكة؛ لأنه ببساطة يفتقر إلي المكونات الأساسية المطلوبة لبناء الأمة.
ومهما يكن من أمر ورغم أن دولة جنوب السودان أًبحت حقيقة ماثلة فلماذا لا تعيش الدولة الوليدة في سلام.
حسناً نبدأ بالقول إن الحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان ليسا منظمة للتحرير كما يبدو من اسمها بل علي النقيض هي مؤسسة إقليمية إرهابية تعمل بجد لتدمير السودان وتشكيل الحدود التي يمكن أن تحكمها بمساعدة الطغمة العسكرية.
ومساعدة الغرب، ونجحب الحركة الشعبية/ الجيش الشعبي وبقية القصة معروفة .
يضاف إلي ذلك أن الحركة الشعبية/ الجيش الشعبي لتحرير السودان تفتقد لأية رؤية في مسألة بناء الأمة وليس لديها ثمة خارطة طريق المستقبل جنوب السودان، فكل ما يمكن أن تعرضه هو الآلية التي تسحق المدنيين بمساعدة القوة العسكرية والمساعدات التي تتلقاها  من حفنة من أمراء الحرب الرأسماليين في إطار مساعيهم لاستغلال الموارد الطبيعية لجنوب السودان، وهذا باختصار ما جعل جنوب السودان ينحدر نحو الأسواء حيث إن أعداد المصابين في ازدياد مستمر.
المأزق..
وبطبيعة الحال فإن هنالك محاولات قد جرت لتبني مصالحة ومساعدة جنوب السودان للبقاء علي قيد الحياة باعتبار أنه لا يوجد خيار سوي ذلك، إلا أن الداعمين لخط الانفصال كانوا يعتقدون أن جنوب السودان سيصبح مهداً للديمقراطية إلا أن أحلامهم قد ذهبت أدراج الرياح رغم بذل كل المحاولات بطريقة أو أخري للإبقاء علي دولة تسمي جنوب السودان.
إلا أن تلك الاتفاقيات لم تشفع حيث إن الاتفاقيات توقع ثم يتم نسيانها، فالرئيس كير وقائد التمرد مشار رفضا الإذعان وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، حتي نكون أكثر وضوحاً فإنه لا يمكن إلقاء اللوم علي أيا منهما فالاثنان عبارة عن دمي ويرغب كلا منهما في أن يصبح دمية علي رأس الدولة، فمشار يتهم كير بأن لديه طموحات كبيرة لا يمكن "ازدرادها" بينما يدعي كير أن مشار يرغب في قلب نظام الحكم.
الخاتمة..
وتأسيساً علي ذلك نتساءل هل ثمة سبيل لجنوب السودان ليستمر – دولة؟..
ولنكن أمناء مع أنفسنا، فإن أفضل السبل المتاحة هو أن يتم تخليص  جنوب السودان من تلك الدمي ويتجه نحو الاندماج مع السودان فجنوب السودان أصبح لا شئ سوي تخبط وخطأ فادح ولا مجال لاستمرار هذه الأضحوكة أكثر من ذلك والتي لا يجنب منها سوي الأسواء بالنسبة للسكان، وفي نهاية الأمر فإن أية حرب أهلية أو اضطرابات اجتماعية فإن المدنيين هم من يعانون أكثر من غيرهم – حالة جنوب السودان ليست استثناء – وعليه فإن جهوداً يجب أن تبذل للتسوية ودمج جنوب السودان في السودان.
وفي حالة التعنت حول فكرة الاندماج مع السودان وعدم وجود قبول لها فإن السبيل الأمثل التالي هو ابتدار عملية سلمية مع جعل السودان وسيطا في تلك المبادرة، شئنا أم أبينا فأن السودان يعرف أكثر من أية جهة أخري سواء كان بريطانيا أو أمريكا أو روسيا أو الصين أو حتي دول الجوار الأفريقي، ومن ثم فإن أية جهة ترغب في حل أزمة جنوب السودان يجب أن تستصحب السودان في عضويتها.
وهكذا فإن الوقت قد حان الآن للعمل؛ ففي أربع السنوات الماضية لم يشهد جنوب السودان سوي العنف؛ لذا فإن أي تأخير قد يعزز من فرص دمار هذه الدولة الفاشلة.

الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

مباحثات بين السودان وجنوب السودان في روسيا ونيويورك

اتفق السودان وجنوب السودان، على عقد اجتماع بين البلدين على مستوى وزيري الخارجية، في الثامن والتاسع من سبتمبر المقبل في روسيا، بدعوة من وزير الخارجية الروسي، وعلى عقد اجتماع آخر على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
وعاد الرئيس السوداني، عمر البشير، إلى الخرطوم مساء الإثنين، بعد مشاركته في قمتي دول الجوار الأربع لدولة جنوب السودان والإيقاد، بشأن السلام بالجنوب في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا.
ووقّعت الأطراف بدولة الجنوب –بحسب وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور- على وثيقة الإيقاد للسلام في دولة الجنوب، حيث وقّعت المعارضة والشباب والطلاب ومجموعة العشرة، بينما وقعت الحكومة بالأحرف الأولى على أن تعطي رأيها النهائي خلال أيام
ومجموعة العشرة هي مجموعة من الحركة الشعبية بقيادة باقان أموم، تم اعتقالهم وإطلاق سراحهم لاحقاً وفقاً لاتفاق أروشا بعد إسقاط تهمة الاشتراك في المحاولة الانقلابية ضد سلفاكير .

المعدنون السودانيون بمصر

بقلم: صلاح عمر الشيخ
أسود: مهما كانت المبررات التي تسوقها السلطات المصرية بخصوص تأخير إطلاق سراح المعدنين السودانيين فهي غير مقبولة لدينا، لأن التأخير قرابة الشهر منذ أن أطلق سراح الصيادين المصريين، في ذات الوقت الذي أعلن فيه قرار رئيس الجمهورية بإطلاق سراحهم وإن كان قرار الرئيس المصري قد أعلن بعد قرار الرئيس السوداني.
كنا نظن أنه قد تم الإعداد له بمثلما فعلنا، أرسلت طائرة مصرية لنقلهم فوراً لم تتلكأ ويبدو أن أوراقهم أكملت بسرعة فائقة، إذ لم يكن هناك فارق كبير بين القرار وإطلاق سراحهم فلماذا لا نعامل بالمثل...وهذا الأمر كان يمكن  أن يكون ليس غريباً في ظروف عادية..
لكن الدول العميقة كما تعرف في مصر هي التي تضع العراقيل أمام تنفيذ القرار.. وفعلاًَ كما ذكر الزملاء لو كان هذا التأخير يتعلق بالصيادين المصريين لأقام الإعلام المصري الدنيا ولم يقعدها.. ماذا يعني هذا المبرر أنهم مقسمون علي سجون مختلفة في مصر ولذلك يتم جمعهم.. هل يستغرق هذا الأمر كل هذه المدة.
الإخوة في مصر لا يعلمون حساسية السودانيين في مثل هذه المسائل.. أحد المواطنين الغاضبين قال لي "دي حقارة".. لماذا نسرع نحن في إطلاق سراح المصريين ويتلكأون هم في إطلاق سراح إخوتنا.
في أي حال نحن نأمل أن لا يفسد هذا التلكؤ العلاقات المتميزة بين البلدين ويخلق أزمة صامتة بين الشعبين .
الإسراع في إطلاق المعدنين السودانيين أمر لا يحتمل التأخير، ولن يكون مفيداً للإخوة في مصر أن يكون انطباع الشارع السوداني أنكم تعاملوننا بدونية.

تعثر مفاوضات الجنوب..التلويح بعصا العقوبات!

منى النور-
يبدو أن صبر الولايات المتحدة الأمريكية أوشك على النفاد بعد استمرار فرقاء دولة جنوب السودان في مسلسل تعثر المفاوضات لأكثر من عام ونصف، حيث وصلت جولات التفاوض الى ثمانية جولات كتب لمعظمها أن لم يكن لجلها الفشل وكان المبعوث الأمريكي إلى جنوب السودان دونالد بوث، قد حذر أطراف النزاع في جنوب السودان من نفاد صبر بلاده بسبب فشلهم في التوصل إلى اتفاق سلام. وقال إن المحادثات بين هذه الأطراف تهدف إلى إنهاء أكثر من «20» شهرًا من القتال، وإنه لا يمكن أن تستمر هذه المفاوضات إلى ما لانهاية، في ظل تفاقم النزاع وتعنت الطرفان حيث أسفر النزاع عن مقتل «50» ألف شخص على الأقل، بحسب مجموعة الأزمات الدولية غير الحكومية في ظل عدم توافر أية حصيلة رسمية. وتقدر الأمم المتحدة عدد الأشخاص الذين يعيشون في حالة من البؤس الغذائي في المنطقة بأربعة ملايين شخص. وكانت أطراف الوساطة الدولية بشأن أزمة جنوب السودان بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، دعت طرفي الصراع إلى وقف فوري وشامل للحرب في موعد أقصاه 17 أغسطس الحالي، بينما هدد ممثل الترويكا بفرض عقوبات عليهما إذا لم يلتزما بذلك. وهدد دونالد بوث ممثل الترويكا -لجنة ثلاثية مكونة من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والنرويج- بفرض عقوبات على طرفي الصراع بجنوب السودان إذا فشلا في التوصل إلى اتفاق نهائي وشامل. فبات من المؤكد تخييم شبح العقوبات على الدولة الوليدة خاصة بعد التهديدات التي لوَّح بها أوباما في زيارته الأخيرة الى أفريقيا، وتحفظ الرئيس سلفا كير على مسودة وساطة الإيقاد والتي أطلق عليها مسودة الاتفاق النهائي، وكان وسطاء الإيقاد قد وزعوا الوثيقة على طرفي النزاع في جنوب السودان للتوقيع عليها في 17 من أغسطس والتي شملت تقاسم السلطة بينهما خلال الفترة الانتقالية، وأعطت الحكومة نسبة 53 في المائة في الحكومة المركزية، وللمعارضة المسلحة بقيادة رياك مشار نسبة 33 في المائة، فيما نالت مجموعة المعتقلين السابقين والقوى السياسية الأخرى نسبة 14 في المائة، وتم تقسيم الولايات على طرفي النزاع، حيث كان نصيب المعارضة المسلحة 53 في المائة في حكم ولايات أعالي النيل، ونسبة 33 في المائة للحكومة، ونسبة 14 في المائة للمعتقلين السابقين والقوى السياسية الأخرى، بينما منحت الوثيقة الولايات السبع الأخرى شمال وغرب بحر الغزال، واراب، والبحيرات وولايات الاستوائية الثلاث للحكومة، دون مشاركة المعارضة المسلحة، أو أي قوى سياسية أخرى، ولم تتعرض الوثيقة لأية تفاصيل حول تقاسم عائدات النفط. وبحسب مصادر فإن الوفد التابع لمشار تمسك بمطلب طرد القوات الأجنبية من الجنوب قبل التوقيع على الاتفاقية، إضافة إلى تطبيق النظام الفيدرالي إبان فترة الحكومة الانتقالية المتوقع قيامها، وأشار إلى أن المتمردون طالبوا بوجود جيشين وقيادتين مختلفتين على أن يتم الإدماج تدريجياً خلال عامين ونصف، وهو الأمر الذي رفضته جوبا خاصة تقاسم الثروة. وجاء مبرر دولة الجنوب رفض مقترح تقاسم السلطة مع المتمردين بأنه يعرض اتفاق السلام للخطر، باعتبار أن هذه المقترحات أعطت الوساطة سلطة أكبر. ومن المقرر أن يلتئم بالعاصمة الإثيوبية قمة ثلاثية تجمع الرئيس عمر البشير والرئيس الأوغندي يوري موسفيني ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين، لبحث الأوضاع في المنطقة وخاصة الوضع الأمني إضافة الى البحث عن حلول مرضية للأطراف لتجاوز تعثر المفاوضات التي وصلت طريقاً مسدودًا. وتأتي الخطوة قبيل انعقاد قمة الإيقاد المقرر لها الـ 17 من أغسطس الجاري ومن المنتظر أن يتم خلالها التوقيع على اتفاق بين فرقاء دولة الجنوب إذا نجحت مساعي الإيقاد، بمعنى أن أمام الفرقاء في الدولة الوليدة الذين يتصارعون قرابة العام في نزاع دموي، مهلة تنتهي في17 أغسطس للتوصل إلى اتفاق حول تقاسم السلطة داخل حكومة انتقالية وإعادة إحلال السلام في بلدهم. وبحسب مراقبين فإن هناك تشابه بين مسودة الإيقاد واتفاقية نيفاشا الشهيرة التي قادت الى فصل الجنوب عن الشمال، حيث أن اتفاقية نيفاشا لم تكن محل ثقة عند الجنوبيين وإمكانية تنفيذها كما نصت بنودها، مؤكدين أن نجاح تطبيق اتفاقية نيفاشا خلق عند الإيقاد بأن الاتفاقية الوحيدة التي يمكن أن تصمد أثناء التنفيذ هي تلك التي دائماً على هيئة اتفاقية نيفاشا للسلام. مشيرين الى أن تخوف الأطراف نابع من رؤيتهم لعواقب اتفاقية نيفاشا في مسودة وساطة إيقاد للسلام في إشارة الى وجود جيشين وطريقة تقسيم السلطة بيد أن مشار يرى بأن التجربة الوحيدة الناجحة هي التي تكون على شاكلة اتفاقية نيفاشا وهو الأمر الذي يفسر إصراره منذ بداية هذه المفاوضات في السير على درب نيفاشا 2005م. ويري د.الفاتح محجوب المحلل السياسي في حديثه لـ«الإنتباهة»، أن سلفا وحكومته يعتقدون أن الاتفاق يمكن أن يكون محل خلاف لتفاصيل فنية أهمها صلاحية الرئيس ونائبه، وهل يكونا نائبان أم نائب واحد، مؤكداً أن الحرب الأهلية التي دارت في جنوب السودان استطاع سلفا من خلالها تكوين حلف قوي واسع يضم معظم قبائل الجنوب، مشيراً الى أن انشقاق المعارضة على نفسها في الوقت الراهن يجعل من الوصول الى سلام من الأمور المستحيلة، إضافة الى أن إخلاء جوبا من الجيوش مع بقاء حرس بعدد محدد لسلفا يراه سلفا غير كافٍ كما أن بقاء جوبا خالية من الجيش أمر غير سليم، مؤكداً وجود عدد من النقاط التي تجعل الوصول الى سلام من المستحيلات كون أن الصراع أخذ منحى عرقي في ظل قتل الدينكا للنوير والعكس، وسعت كل القبائل الى الثار، وقال الفاتح في حال عدم حدوث تسوية فعلية وقيام حكم أشبه بالكنفدرالي في ولايات أعالي النيل يصبح من الصعب الوصول الى سلام حقيقي، ولكنه عاد وقال إن الحكم الكنفدرالي عملياً مستحيل، ولكن نظرياً يمكن تطبيقه لأسباب تتعلق بالظروف الاقتصادية لدولة الجنوب والتي يقوم اقتصادها على البترول  والذي يوجد في مناطق أعالي النيل، إضافة الى وجود بعض الجيوش في مناطق شمال أعالي النيل وفي مناطق أخرى من بور، وتوقع الفاتح استمرار الدولة الوليدة في حرب أهلية طويلة الأمد لغياب أسس السلام على الأرض وسيادة روح الانتقام بين القبائل، مؤكداً أن 17 أغسطس توقيت يستحيل فيه الوصول الى اتفاق حقيقي، ورجح الفاتح إمكانية إعطاء الأطراف فرصة للوصول الى اتفاق لعدم توفر وسائل ضغط لديها ووجود جماعات ضغط لصالح جوبا في البيت الأبيض.

الجنوب وإسرائيل.. المصالح المشتركة

هنادي عبد اللطيف-
الحديث عن العلاقة بين جوبا وإسرائيل وإن اعتبرت علاقة خاصة بدولتين ذواتا سيادة ولا يمكن لأية دولة الاعتراض عليها باعتبارها أمر يخص الدولة لوحدها، وكما يحدث بين علاقة جوبا بإسرائيل التي امتدت علاقتها منذ خمسينيات القرن الماضي ربما ستكون ذات تأثير على ما يحدث في السودان وإن اعتبر محللون ألا علاقة للسودان بأية علاقات خارجية لأية دولة أخرى. وما كشفته الصحيفة البريطانية أول أمس عن تلقي جوبا أسلحة متطورة من إسرائيل، ربما يؤكد أن إسرائيل تسعى لوضع يدها بشكل نهائي على الدول الأفريقية، وبأنها بذلك أصبح لها نفوذ واضح في تلك المناطق الأفريقية. وإن كان في السابق مجرد اتهامات إلا أن ما خرجت به الصحيفة ينفى الاتهام ويجعل الأمر مؤكداً عليها. اتهام إسرائيل بدعم جوبا جاء من أوساط إسرائيلية بأن حكومة بنيامين نتنياهو قامت بمساعدة حكومة جنوب السودان على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من خلال مواصلة مدّها بالسلاح الذي تستخدمه في الحرب التي تشنّها ضد المناطق التي استولت عليها حركة المتمردين بقيادة رياك مشار. وطالبت الأوساط الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن تزويد جنوب السودان بالسلاح، بعد اتهام قيادات بارزة فيها بارتكاب جرائم حرب ممنهجة بحق السكان في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون لأسلحة مثل بنادق «تافور وجليل»، إلى القوات الحكومية بجنوب السودان رغم الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على بيع الأسلحة للدولة، وتوقف المساعدات الأمريكية العسكرية لدولة جنوب السودان. وأشار المحامي إيتي ماك، المهتم بمراقبة صادرات السلاح الإسرائيلية إلى الخارج، وأنها تشرف على معسكرات تدريبية للقوات الحكومية بشكل سري داخل جنوب السودان، مشيراً إلى أن دعمها العسكري للرئيس سيلفا كير يجعله يتجنب أية حلول دبلوماسية، مفضلاً استئصال تهديد خصومه عن طريق القوة العسكرية التي توفرها له إسرائيل. ونقلت صحيفة «معاريف» في عددها الصادر في 5 يوليو الماضي، عن ماك قوله، إن عمليات الاغتصاب التي ينفذها جنود جيش جنوب السودان ضد نساء وقاصرات، تتم عبر تهديدهن بالسلاح الذي تصدره إسرائيل إلى هذه الدولة.
البروفيسور الطيب زين العابدين يرى خلال حديثه للصحيفة إن العلاقة بين إسرائيل وجنوب السودان علاقة قديمة منذ عهد جوزيف لاقو الذي اعترف بها في الآخر حتى الحركة الشعبية بقيادة الراحل قون قرنق كان له علاقة مع إسرائيل والرئيس سلفا كير أول دولة زارها هي إسرائيل وبالتالي كون إسرائيل تعترف بها كدولة فهو شيء طبيعي. وتزويدها بأسلحة متطور من حقها لأنها أصبحت دولة ذات سيادة على الرغم من أن حكومة الخرطوم لن ترضى هذا الدعم، إلا أن الخرطوم لا تملك شئياً ولن تستطيع عمل شيء. فجنوب السودان دولة مستقلة بذاتها وكغيرها من دول أفريقيا لها علاقات مع إسرائيل كإرتيريا وإثيويبا. مشكلة إسرائيل تكون مع الجهة التي أعطتها التكنولوجيا التي تدير الصواريخ المتقدمة عادة، ولا يفترض يديرو هذه الأسلحة إلا بموافقة الطرف الذي أعطاهم إياها، وقد تكون تصنيعاً إسرائيلياً وأمريكية الصنع. أمريكا لن تستطيع عمل شيء ضد إسرائيل، والسودان كذلك. فعلاقة الدول العربية بإسرائيل أصبحت كبيرة وواضحة سواء في الخفاء، أم مصر هي التي لها تعاون أمني مع إسرائيل في سيناء. ويضيف بروفيسور زين العابدين إن على الجنوب أن يلتزم بمطالب الخرطوم المحلية التي فيها حجة بشأن دعمها للحركات المسلحة ضد الحكم في السودان. ويضيف زين العابدين أن الصواريخ التي اشترتها دولة الجنوب ليس هناك احتمال أن تدعم بها الحركات المسلحة، وذلك للثمن الباهظ الذي اشترت بها الصواريخ.
حكومة الجنوب تريدها لحمايتها.
الجنوب دولة مستقلة لذلك لها الحق في أن تحسن وتطور علاقتها مع إسرئيل او غيرها. ذلك ما ذهب إليه الخبير الأمني العميد(م) حسن بيومي الذي يرى خلال حديثه لـ«الإنتباهة» إن هذا التعاون يمثل خطورة على السودان، خاصة بأن الأسلحة متطورة. ويمضي بيومي في الحديث، إن الجنوب أصبح دولة مستقلة.
وبحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية التي ذكرت في عددها الصادر في 5 يوليو الماضي، أنّ إسرائيل ترفض الكشف عن حجم صادراتها من السلاح إلى جنوب السودان، إذ أن وزارة الأمن تقدّم معطيات إجمالية حول تصدير السلاح لأفريقيا بشكل عام. ونوهت الصحيفة إلى أنه، بحسب معطيات الوزارة، فإنّ قيمة صفقات السلاح مع الدول الأفريقية، قفزت من 107 ملايين دولار عام 2010 إلى 318 مليون دولار، خلال عام 2014م وبحسب الصحيفة، فإن عناصر جيش جنوب السودان يستخدمون حصرياً بندقيتي «جاليلي وتفور»، اللتين تنتجهما الصناعات العسكرية الإسرائيلية. وقد زار وفد من جنوب السودان إسرائيل في يونيو الماضي، للمشاركة في معرض السلاح الإسرائيلي «آي اس دي إي أف»، إذ رأس الوفد وزير المواصلات في جنوب السودان، مع العلم أن وفداً من هذه الدولة حضر معرضاً نُظِّم قبل ستة أشهر، يتعلق بالوسائل التي تضمن الحفاظ على الأمن الداخلي. وتعود جذور التحالف بين جنوب السودان وإسرائيل إلى ستينيات القرن الماضي، عندما وقفت إسرائيل إلى جانب الحركة الشعبية لتحرير السودان الانفصالية بقيادة جون قرنق والتي كانت تحارب الحكومة السودانية.
وتعتبر إسرائيل من أوائل الدول التي أعلنت اعترافها بدولة جنوب السودان، إذ جاء الاعتراف في اليوم التالي لإعلان الدولة. كما كانت إسرائيل أول دولة يقوم الرئيس سلفا كير ميارديت بزيارتها، إذ تمت الزيارة في ديسمبر 2011م وأعلن كير لدى هبوطه في مطار «بن غوريون»، إنه يشعر بالتأثر بعد أن وطأت أقدامه «الأرض المقدسة». وأضاف رئيس جنوب السودان «لقد دافعت إسرائيل عن شعبنا ومن دونها لم نكن لنتمكن من تأسيس هذه الدولة. لقد قاتلتم إلى جانبنا من أجل تحقيق هذا الإنجاز، وسنواصل العمل سوياً من أجل تعزيز العلاقات الإستراتيجية بيننا».

الاثنين، 17 أغسطس 2015

مشروع الحوار الوطني ما بين التمويل الوطني والقرض الأجنبي!

ما من شك أن الدعوة الهادفة إلى نقل الحوار الوطني من الداخل إلى الخارج بوجود أطراف دولية و إقليمية هي في الواقع بمثابة إفراغ لمشروع الحوار الوطني من مضمونه، ليس ذلك فحسب ولكن من المؤكد أن الذين ينادون بهذه الدعوة -وفي مقدمتهم السيد الصادق المهدي- زعيم حزب الأمة القومي – هم يسعون بمثابرة عجيبة لإجهاض عملية الحوار و القضاء عليها ذلك إن من المهم هنا أن نشير إلى بوضح وصراحة إلى أن هنالك - من بين القوى المعارضة- من يتخوف غاية الخوف من نجاح عملية الحوار! كيف ذلك؟
إن إنعقاد الحوار الوطني وخروجه بأية مخرجات مهما كانت سهلة أو شاقة منعاه تخطي كافة عناصر الأزمة السودانية، وهذا الوضع بالنسبة لبعض القوى المعارضة لا يحقق لها أهدافها، فحتى لو تم حل الحكومة القائمة استناداً على مخرجات الحوار أو تمت الدعوة لعقد انتخابات عامة مبكرة ولو بعد 5 أعوام فإن هناك قوى معارضة لن تحقق شيئاً ولن تحرز أي نجاح في اية انتخابات قادمة ما لم يتم القضاء نهائياً على خصومهم في السلطة! تعلم العديد من القوى السياسية المعارضة أنها بلا قواعد و أن المؤتمر الوطني هو صاحب الصيت الأعلى سياسياً ويملك خبرة طويلة ومؤثرة وان هذا واحد من أكبر المتغيرات المهولة التي طالت الساحة السياسية السودانية مؤخراً، وأنه وضع غير قابل للمعالجة على المدى القريب بفعل عدم قيام القوى المعارضة بواجباتها الوطنية والمحافظة على قواعدها طوال مدة تتجاوز الربع قرن من الزمان.
هذه القوى لن يكون لديها خيار إلا بإسقاط نظام الحكم وإقامة نظام على انقاضه ولهذا فهي مدركة غاية الإدراك أن مائدة الحوار الوطني بالداخل لن تحقق لها ولو مثقال ذرة من أهدافها. سبيلها الوحيد إلى النجاح هو أن يتم نقل الحوار الى الخارج و إضفاء مسحة دولية عليه على غرار اتفاقية نيفاشا 2005 وجعل المجتمع الدولي ضامناً للاتفاق ولكن السؤال الذي يبرز بقوة هنا، ما هي المبررات هذه القوى لنقل الحوار إلى الخارج؟
أولاً، الرغبة الشديدة في الاستقواء بالأطراف الوسيطة للحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية للاستفادة منها في المرحلة المقبلة، ففي ظل وجود وسطاء -كما يظن هؤلاء- بالإمكان الضغط على الطرف الحاكم لإجباره على تقديم تنازلات لا تستطيع القوى المعارضة الحصول عليها في حوار داخلي عادي بوجود أطراف سودانية خالصة. والمؤسف هنا أن القوى المطالبة بهذا الأمر تقر وتعترف علمياً بضعفهاوعجزها البائن عن أن تمثل قواعدها -إن وجدت- وأن تدفع برؤاها بقوة .
ثانياً، تود القوى المعارضة نتيجة لضعفها وقلة حيلتها نقل الحوار إلى الخارج واستجداء المجتمع الدولي لكي يدفع معه عملية الحوار لتحويلها من عملية حوار إلى تفاوض، و لا شك أن المجتمع الدولي سواء كان مدفوعاً بأهدافه الخاصة أو لأي إستراتيجية تخصه، مستعد لهذا الوضع لأنه يتيح له التدخل الصريح في الشأن السوداني ويتيح له تحقيق أجنداته الخاصة.
ثالثاً، بعض القوى المعارضة تريد -عبر عملية نقل الحوار إلى الخارج- إضعاف المؤتمر الوطني واستغلال القضايا العالقة بين الحكومة والمجتمع الدولية خاصة فيما يتعلق بالمحكمة الجنائية، أن تستثمر في  العلاقة المعقدة بين السودان والمجتمع الدولي للاستفادة من مآخذ المجتمع الدولي على الحكومة السودانية لاجترار عملية (مساومة تاريخية) كما يصفها ياسر عرمان. بمعنى أوضح فإن القوى المعارضة تراهن على أن يتحول منبر التفاوض مع قطاع الشمال في أديس أبابا إلى منبر المعارضة لمناقشة كل أزمات السودان وإجراء مساومة تاريخية.
بعض القوى المعارضة ربما تريد تكرار نموذج نيفاشا، وبعضها الآخر يريد أن يتم تكثيف الضغط على الحكومة السودانية لأقصى مدى. وهكذا، فإن نقل الحوار من الداخل إلى الخارج إنما هي محاولة (تكتيكية) تقوم بها بعض القوى السياسية والقوى المسلحة المغلوبة على أمرها لكي تجعل من أزماتها هي كقوى معارضة أزمة دولية تلفت نظر المجتمع الدولي، وهي محاولة بلا شك محكوم عليها بالفشل، إذ أن الموعد المحدد حالياً في العاشر من أكتوبر 2015 لانعقاد فعليات الحوار أصبح موعداً متاحاً للكافة ممن يودون المشاركة في الحوار ومعالجة أزمات هذا البلد ومن المؤكد أن الحوار الوطني في جوهره (كحوار وطني) قامت فكرته على تحاور السودانيين بأنفسهم بين بعضهم بضعاً، وهي قيمة وطنية خالصة ومطلوبة لذاتها لأنها على الأقل تضع أساساً متيناً للتفاهم الوطني بين الفرقاء السودانيين ومقدرتهم على حل مشاكلهم لوحدهم.

مــاراثـــون غــنــــدور!!

بقلم: الصادق الرزيقي
> في الجولة الأخيرة للسيد وزير الخارجية البروفيسور إبراهيم غندور، في عدد من الدول الإفريقية بوسط وشرق وجنوب إفريقيا خلال الأسبوع الفائت وقبلها جولته في غرب إفريقيا، يلحظ المراقب والمتابع أمرين مهمين للغاية، أولهما أن الدول التي زارها السيد غندور قبل أسابيع في الغرب الإفريقي ثم جولته الأخيرة في جنوب وشرق القارة تمت لدول أعضاء في مجلس السلم والأمن الإفريقي، وهذا يعني مباشرة أن موضوع الزيارتين يتعلق بالموقف الإفريقي من قضايا السودان سواء أكانت أزمة دارفور أو التفاوض حول المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق وملف المحكمة الجنائية الدولية، ولدى الاتحاد الافريقي مواقف واضحة في هذا الشأن منها الموقف القوي والمعلن من المحكمة الجنائية، والسعي لمعالجة قضيتي التفاوض حول المنطقتين ودارفور داخل البيت الإفريقي، وتنشط الآلية رفيعة المستوى الممسكة بمقود الوساطة في هذا الجانب.
> لكن هل ثمة مستجدات وتطورات مقلقة جعلت وزير الخارجية يقوم بهاتين الجولتين الطويلتين؟ وهل هناك شجر يسير وخلفها ما يدفعنا لنقول.. إن ما وراء الأكمة ما وراءها؟
> من الواضح أن نجاح الجولتين ومقابلة الوزير غندور للقادة والرؤساء في البلدان التي زارها ستكشف عنه الأيام القليلة القادمة، خاصة أن جهات دولية تضغط بشدة هذه الأيام لتسخين ملف السودان داخل مجلس الأمن الدولي خاصة ما يتعلق بدارفور والمنطقتين، وتحاول هذه الجهات في محاولة يائسة اللعب بآخر أوراقها والدفع بكل أسلحتها لمحاصرة الحكومة وإجبارها على فتح ممرات الإغاثة بغير شروط في المنطقتين، مع التلويح بمنطقة حظر جوي والضغط في اتجاه تحقيق تسوية تضمن وجود قطاع الشمال في الحركة الشعبية وما تسمى الجبهة الثورية في التركيبة السياسية القادمة، مع الاحتفاظ لقطاع الشمال بقواته لفترة انتقالية على غرار ما جرى في اتفاقية نيفاشا.
> من المهم بالطبع أن تسرع وتسعى الدبلوماسية السودانية في احتواء هذه التطورات المتوقعة والتعاطي معها بجدية ويقظة وكسب الموقف الإفريقي الموحد قبل أي شيء آخر، لأن ما يقرره مجلس السلم والأمن الإفريقي هو الذي يقره مجلس الأمن الدولي في أغلب الأحيان، وتضع دول كبرى لها عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي اعتباراً خاصاً للموقف الإفريقي، فإن كان لصالح السودان ستكون له نتائجه الإيجابية وإن كان ضده ستكون له أيضاً نتائج وعواقب ليست محمودة على الإطلاق.
> فالقضية إذن تمر عبر عدة عواصم قبل أن تصل إلى رئاسة الاتحاد الإفريقي في أديس ابابا وإلى مجلس الأمن الدولي في نيويورك، فأينما وضع السيد غندور أقدامه فهناك ورقة رابحة لا بد أن يضعها في جيبه ويضمن بها دعماً وسنداً لما يستجد في المرحلة المقبلة.
> والموضوع الأكثر أهمية ويقتضي بحثه وحسمه في جولات وزير الخارجية، هو ملف المحكمة الجنائية الدولية، فقد اتفقت الدول الإفريقية في القمة الأخيرة بجوهانسبيرج في جنوب إفريقيا على إرسال وفد يضم السودان وكينيا وبعض الدول الأعضاء في مجلس السلم والأمن الإفريقي ورئيسة المفوضية الإفريقية إلى نيويورك للطلب من مجلس الأمن الدولي سحب ملف المحكمة الجنائية الدولية المتعلق بالسودان وكينيا وطي ملفه.. ولربما كانت هناك بعض العثرات والعراقيل تقف أمام تنفيذ قرار القمة الإفريقية، فمن الضروري الوصول الى موقف واضح وتحقيق خطوات عملية بشأنه خاصة مع وجود تسريبات هنا وهناك بأن رئيسة المفوضية بالاتحاد الإفريقي السيدة زوما أشارت الى أن مفوضيتها قد لا تستطيع توفير المال الكافي لهذه الزيارة المهمة التي سيقوم بها وزراء الخارجية وهم يمثلون الاتحاد الإفريقي الى نيويورك وملاقاة الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس وأعضاء مجلس الأمن الدولي.. وربما تكون هذه الزيارة متزامنة مع اجتماعات الدورة «70» للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل.. للمحكمة الجنائية الدولية خلال سبتمبر.
> فبالرغم من أن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية لن تقدم تقريراً لمجلس الامن الدولي خلال سبتمبر القادم حول ملف السودان، إلا أن وضع الترتيبات والتدابير وتكثيف الاتصالات والتنسيق بين الدول الإفريقية يجب أن يتم بسرعة وبقوة حتى نحقق نتائج إيجابية تنهي بشكل قاطع هذه القضية.
> الخلاصة أن هناك أكثر من جهة إقليمية ودولية تجري لقطع الطريق أمام وزير الخارجية السيد غندور، وهو من جانبه يطلق ساقيه للريح في ماراثون دبلوماسي وسياسي من الدرجة الأولى.. نتمنى له التوفيق وكسب السباق.

قرار السيسي المعلق "العترة بتصلح المشي"

بقلم: جمال علي حسن
لاشك أن هناك انتعاشاً إيجابياً في العلاقة بين السودان ومصر من خلال انسجام المواقف واكتمال التفاهم وتبادل الزيارات بين الرئيسين البشير والسيسي.
لكن وبنفس القدر لا يوجد شك في أن هذه العلاقات الإيجابية المنطلقة بأقل درجة من التحفظات والمحاذير الأمنية والسياسية مؤخراً تزعج الكثير من الدوائر الأمنية والاستخبارية النافذة وتلك المرتبطة بأجندات خارجية في الدولة المصرية.. هذه الدوائر المصرية التي يعمل بعضها لحساب أجندات أخري يزعجها ميل السياسي وتحول نظره استراتيجياً في اتجاه الجنوب ويزعجها أن يمضي هذا التطور الإيجابي بالسيسي إلي الاندياح الكامل مع النظام السوداني، وإلا فكيف يمكننا أن نفسر انتظار السودان لأكثر من عشرة أيام تنفيذ قرار صادر من الرئيس المصري بالإفراج عن المعدنين السودانيين الذين يتم احتجازهم في السجون المصرية..!
وحتي لو تم الإفراج عنهم اليوم أو غداً فإن التأخير الذي حدث ليس مبرراً بأي حال من الأحوال وحتي لو افترضنا أن هناك تبريرات وأسباباً محددة واعتمدنا نظرية الغائب )عذره معه) فإن السؤال المطروح: لماذا هو غائب أصلاً؟ لماذا يغيب التفسير ويغيب التصريح الإعلامي الرسمي من الجانب المصري لتوضيح أسباب التأخير.
لماذا وبعد أن ننتظر عشرة أيام لا ينطق خلالها أي مسؤول مصري بكلمة اعتذار أو تطمين حول تأخير تنفيذ قرار السياسي نقبل أن يخرج علينا سعادة السفير السوداني في القاهرة بتصريح يحدثنا فيها عن استمرار اتصالاته من السلطات المصرية كل هذا الوقت بشأن تنفيذ العفو عن المعدنين السودانيين ويحاول السفير عبد المحمود التماس العذر للسلطات المصرية و(الطبطبة) علي هذا التأخير المريب وغير المبرر.
إما أن تكون هناك بالفعل رسائل مصرية خبيثة تريد دوائر محددة إبلاغها للسودان وللسودانيين وفي هذه الحالة نرجو أن تتعلم الحكومة من الدرس وتراجع سياسة التعامل بصفاء النوايا مع المصريين، وإما أن تقبل السلطات المصرية ملاحظاتنا الناقدة لها بضعف قوة القرارات والتوجيهات الرئاسية وجود دوائر فلتره ومراجعة وتنقيح لقرارات السياسي بعد صدورها مما يعني وجود خلل أساسي في نظام السلطة الحاكمة لمصر.
لست مع الاتجاه الذي يلوم السودان في سرعة تنفيذه لتوجيه الرئيس البشير بإخلاء سبيل الصيادين المصريين بلا أدني تلكؤ أو تأخير، لأن سرعة تنفيذ مثل هذا القرار تحسب للحكومة السودانية ولهيبة قرارات الرئيس ووفاء السودان بالتزاماته ولا تسحب عليه.
الرجل (بمسكوه من لسانو) كما يقول المثل وحين يصدر قرار من رأس الدولة للتنفيذ ثم تحدث مماطلات ويتعطل التنفيذ فإن علي هذا الرئيس وعلي وقراراته وعلي سلطته التي يقودها السلام.
علينا أن نتعلم  من هذا الدرس ما هو الأسلوب الأمثل في التعامل مع السلطة الحاكمة في شمال الوادي مع الإبقاء علي الابتسامة والكلمة الطيبة وكل شئ بلا انفعال زائد أو تفاعل متجاوز لحدود الحذر المطلوب و(العترة بتصلح المشي).

الأحد، 16 أغسطس 2015

الوجود الاسرائيلي يطيل أمد حرب الجنوب

من جديد يعود الوجود الإسرائلي بدولة جنوب السودان عبر صفقات الاسلحلة بين تل أبيب وجوبا وأمس الأول كشفت مصادر إسرائيلية ان صفقات عسكرية سرّية بين إسرائيل والحكومة في جنوب السودان زادت من تأجيج الحرب الأهلية في الجنوب السوداني في حربه المستعرة منذ أواخر 2013.
وحسب ما ذكرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية بأن إسرائيل دأبت لسنوات على تصدير أسلحة بشكل سرّي إلى دول تخوض حروبا أهلية ودول اخرى.ونقلت الصحيفة عن مصادرها بأن إسرائيل تسعى إلى إطالة أمد الحرب في جنوب السودان بشتى الوسائل من أجل إبرام صفقات جديدة مع حكومة سلفا كير بهدف بيعها مزيدا من السلاح لقتال "المتمردين".وكانت تقارير منسوبة للاتحاد الأفريقي أكدت في وقت سابق بأن الحكومة في جنوب السودان تلقت أسلحة من دول أجنبية وذلك حينما عثر المتمردون على مخزنين للأسلحة في ولاية أعالي النيل قبل أشهر بعد فرار القوات الحكومية منها حيث حملت تلك الأسلحة أختاما وكتابات باللغة العبرية.

ويقول المصدر الإسرائيلي إنه علم عن طريق مصادر لا يستطيع الكشف عنها، تصدير إسرائيل لأسلحة مثل بنادق "تافور" و"جليل" إلى القوات الحكومية بجنوب السودان رغم الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على بيع الأسلحة لأحدث دولة في العالم وتوقف المساعدات الأمريكية العسكرية لها منذ أشهر.

وكان المحامي والناشط الإسرائيلي إيتاى ماك قد كشف عبر رسالة وجهها الاسبوع المنصرم الى رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت عن إستخدام إسلحة إسرائيلية قاتلة ساعدت فى إرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإنتهاكات مروعة لحقوق الإنسان فى الصراع الدائر حاليا هناك.وقال إيتاى الذى ينشط فى مجال المناهضة فى رسالته المفتوحة أن بلاده "من البلدان القليلة التى لا تزال تستمر فى تزويد جنوب السودان بالأسلحة رغم جرائم الحرب التى أقترفت بحق المدنيين" واصفا العلاقة بين إسرائيل وجنوب السودان بانها تعبر عن "فراغ أخلاقى"، وأن هناك عدم شفافية فى مشاركة إسرائيل فى النزاع بجنوب السودان.وأشار الناشط الإسرائيلى الى أن إحباط الطرفين المتقاتلين فى جنوب السودان وعجزهما عن تحقيق إنتصار عسكرى فى ميدان القتال قد قادهما لتبنى إستراتيجية بديلة بإقتراف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد المدنيين الذين حددوا كأعداء من الطرفين"كما قال ماك ان جنوب السودان "على حافة الوصول لنقطة اللاعودة وأنزلق فى دولة فاشلة" محذرا سلفاكير"من أن حكومته ستصبح لا قيمة لها إذا أستمرت فى الإعتماد على صادرات الأسلحة من إسرائيل"، مشيرا الى أن"غالبية المواطنين الإسرائيليين يعارضون تصدير الأسلحة للحكومات التى تقترف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية خلال الحروب الأهلية".وختم الناشط الإسرائيلى رسالته بقوله" إن أى حل سياسى يجب أن يتضمن محاكمة وتطبيق القانون بحزم ضد اؤلئك الذين أرتكبوا الجرائم فى الطرفين المتقاتلين وكذلك الدول والفاعلين الذين حرضوا عليها من خلال الإمداد بصادرات الأسلحة لحكومتكم، ولقوات المعارضة".

وقد زار وفد من جنوب السودان إسرائيل في يونيو الماضي، للمشاركة في معرض السلاح الإسرائيلي "آي اس دي إي أف"، إذ رأس الوفد وزير المواصلات في جنوب السودان، مع العلم أن وفداً من هذه الدولة حضر معرضاً نُظّم قبل ستة أشهر، يتعلق بالوسائل التي تضمن الحفاظ على الأمن الداخلي..

وكانت إسرائيل من أوائل الدول التي أعلنت اعترافها بدولة جنوب السودان، إذ جاء الاعتراف في اليوم التالي لإعلان انطلاق هذه الدولة. كما كانت إسرائيل أول دولة يقوم الرئيس سلفا كير ميارديت بزيارتها، إذ تمت الزيارة في ديسمبر 2011. وأعلن كير لدى هبوطه في مطار "بن غوريون"، أنه يشعر بالتأثر بعد أن وطأت أقدامه "الأرض المقدسة". وأضاف رئيس جنوب السودان "لقد دافعت إسرائيل عن شعبنا ومن دونها لم نكن لنتمكن من تأسيس هذه الدولة. لقد قاتلتم إلى جانبنا من أجل تحقيق هذا الإنجاز، وسنواصل العمل سوية من أجل تعزيز العلاقات الاستراتيجية بيننا".