الأحد، 23 أغسطس 2015

السودان والشركة الروسية.. حقائق من ذهب!

خطأ فادح وقعت فيه بعض وسائل الإعلام السودانية حين استوقفتها بعض المزاعم الاسفيرية -مع أنها باتت معروفة ومألوفة- عن ما أثير عن تعاقد وزارة المعادن السودانية مؤخراً مع شركة (سيبيرين) الروسية لإنتاج معدن الذهب في مربعين بالسودان.
يتجلى خطأ بعض الصحف السودانية في أنها أصغت لما أورده المدعو (صابون) وإتهاماته وتشكيكاته واستقالته! واعتبرت أن ما قاله (صابون) مغسولاً بالصواب وأن على الحكومة السودانية إثبات عكسه!
ليس من الحصافة في شيء أياً كانت الظروف والمبررات تصديق الآخرين والترويج لدعاواهم قبل مراجعة الجهة الحكومية المختصة حتى ولو استغرق الأمر وقتاً كثيراً. ففي ظل واقع إعلام اليوم فإن الانحياز للوطن وافتراض صحة ما تقوم به الدولة أفضل وأوجب من تبني (رأي فردي)، يتم وضعه في كفة ومصداقية دولة بكاملها في كفة أخرى.
لسنا هنا بصدد إعطاء الدروس الوطنية، فالإعلاميين والمنشغلين بحقل الصحافة والإعلام عموماً في السودان لا تنقصهم قط هذه الخصلة الثمينة والأثمن من الماس والذهب. ولكن إن شئنا الصراحة والوضوح فإن عجلة البعض في ترجيح كفة المستشار السوداني (صابون) كانت واضحة.
صحيح ربما كان نقص المعلومات الكافية من قبل الوزارة المعنية سبباً أو ربما كان حرص وزارة المعادن على مجمل العملية وضرورة وضعها في قالب مغلق لأسباب قدرتها، هو أيضاً سبب آخر ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هنا -موضوعياً ومنطقياً- عقدت الحكومة السودانية عشرات وربما مئات الاتفاقيات المماثلة مع عشرات الشركات الأجنبية في مجالات المعادن والنفط والنحاس والعديد من المجالات الاقتصادية المهمة الأخرى، هل كانت في كل تلك الحالات تنشر -بالتفصيل- كل المعلومات الدقيقة عن تلك الشركات؟
ربما يقول قائل إن ذلك ضروري لأغراض الشفافية، ولكن بالمقابل -وهذا ما فات تماماً على البعض- أن الاتفاقيات المبرمة مع شركات أجنبية هذه عادة يتم عرضها على البرلمان، وفى أحيان كثيرة يطلع عليها قبل التوقيع (خبراء محللين) لا علاقة لهم بالسياسة، فما المشكلة إذن إذا كانت الاتفاقات يقف عليها ممثلي الشعب بدقائقها وتفاصيلها؟
وقد يقول قائل آخر أيضاً إن الاتفاقية الخاصة بالذهب مع الشركة الروسية (سيبيرين) ضخمة ومهولة ويتطلب توضح كامل للرأي العام، وهذا صحيح، ولكن بالمقابل فإن من المستحيل تماماً -نظرياً وعملياً- إيضاح كافة التفاصيل حول أمر كهذا ربما يسبب للشركة المعينة تعقيدات في الخارج، أو يجعل الحكومة السودانية حيال تعقيدات مع أطراف خارجية أخرى، ولهذا فحتى الآن ورغم كل الضجة المثارة فإن وزارة المعادن لم تكشف كافة التفاصيل بكاملها وإنما كشفت عن ما هو ضروري فقط لإحاطة الرأي العام بالحقيقة منعاً للتشكيك والضجيج المثار.
ولو راجع العديد من المراقبين صحف ووسائل إعلام الدول على مستوى العالم لن يجدوا تفصيلات كثيرة عن الاتفاقات التي يتم عقدتها مع الشركات الأجنبية إلا بالقدر المناسب ولعل اكبر دليل قاطع على صحة الاتفاقية ومصداقيتها حضور الرئيس البشير -شخصياً- لمراسم التوقيع وحضور ممثلي السفارة الروسية بالخرطوم وتوثيق الحدث وبثه على القناة الفضائية السودانية.
وكيف يمكن أن يتطرق الشك -مجرد الشك- لاتفاقية بهذه الدرجة وبحضور الرئاسة السودانية وبعد اتصالات وتفاهمات على أعلى مستوى مع موسكو؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق