الأحد، 9 أغسطس 2015

شهادة براءة أمريكية مهمة للسودان!

يثير الموقف الاخير لإدارة الرئيس أوباما بشأن الشعور بالحسرة والندم على الاوضاع المزرية فى دولة جنوب السودان جراء الاقتتال الاهلي الطاحن الجاري بين الفرقاء منذ حوالي عامين، يثير التساؤل بشأن طبيعة الاستراتيجية التى اختطها واشنطن حين عملت بجد ومثابرة على تحقيق انفصال الدولة الجنوبية.
هل يصح الاعتقاد هنا أن الدولة العظمى مضت باتجاه فصل جنوب السودان دون ان تكون لها استراتيجية واضحة؟ هل كانت تراهن على قدرة الحركة الشعبية -مع أنها لم تختبرها في أيّ محك عملي- على ادارة الدولة الوليدة دون مشاكل وتعقيدات؟
من المؤكد ان هذه الاسئلة اجاب عنها الرئيس أوباما -ضمناً طبعاً- في ثنيات جهوده الشاقة في العاصمة الاثيوبية أديس إبان زيارته الاخيرة لها أواخر يوليو الماضي. إذ ان الرئيس الامريكي بدا كمن كان يبحث لتوّه  عن (مخرج) مما يجري في دولة الجنوب من صراع طاحن فاق كل التوقعات ولم تجدي معه كافة التدابير والمعالجات وينذر بكارثة اقليمية ماحقة.
ويقول خبراء فى الشأن الامريكي إن الدبلوماسية الامريكية فى العادة لا تخوض فى شأن يهمها من الشئون قبل ان تجري قياساً دقيقاً لمدى امكانية نجاحها نجاحاً تاماً في هذا الصدد ولهذا يبدي هؤلاء الخبراء دهشة عارمة من أن يجلس الرئيس الامريكي الى مسئولين من دول الاقليم للتباحث معهم حول كيفية معالجة الازمة الجنوبية، دون أن يكون للرئيس أوباما -مسبقاً- رؤى محددة يريد ان يضعها كإستراتيجية لحل الازمة!
غير أن الامر الملفت بهذا الصدد ان الادارة الامريكية أدركت -متأخرة جداً- ان المفتاح والشفرة الاكثر أهمية للحل إنما تبدأ من السودان. صحيح ان وزير الخارجية السوداني البروفسير غندور الذي كان احد أهم شهود لقاء الرئيس أوباما، لم يشأ حتى هذه اللحظة ان يخوض لا إجمالاً ولا تفصيلاً فيما نُوقش وقيل، وهذه من خصائص الدبلوماسية المعروفة التي تتوخى الجد في الامور المتعلقة بقضايا بالغة الاهمية والحساسية كهذي، ولكن بالمقابل فإن وصول المبعوث الامريكي الخاص ( دونالد بوث) الى الخرطوم منتصف الاسبوع الماضي قادماً من جوبا ودخوله فى لقاءات ومباحثات مع المسئولين السودانيين، يعطي مؤشراً واضحاً على ان السودان يلعب دوراً مفصلياً فى إمكانية حل الازمة المتطاولة في دولة جنوب السودان خاصة وان وزير الخارجية الجنوبي برنابا بنجامين، الذي كان مقرراً ان يصل الخرطوم في ذات التوقيت أرجئت زيارته لوقت آخر.
واللافت أيضاً للنظر في هذا المنحى ان المبعوث الامريكي بوث، وقبل وصوله الى الخرطوم أرسل تحذيراً حاداً بدت فيه كل معالم الصرامة والحسم للفرقاء الجنوبيين بأن الفرصة القادمة هي الفرصة الاخيرة وأن صبر واشنطن والمجتمع الدولي أخذ في النفاذ!
إذن نحن أمام مؤشرات واضحة على إمكانية حل الازمة في دولة الجنوب، ولكن الامر الاستراتيجي البالغ الاهمية في هذا الصدد والأكثر اهمية من حل الازمة ومشاركة السودان في الحل؛ إن لجوء الادارة الامريكية الى إشراك السودان في الحل وجلوس الرئيس أوباما للأطراف المهمة في الاقليم –ومن بينها السودان– يعني ببساطة شديدة ان السودان ليس طرفاً بحال من الاحوال في الصراع الجنوبي الجنوبي، وألاّ صِحة البتة لمزاعم وإتهامات جوبا بدعم السودان للمتمردين الجنوبيين، ولو كان الامر غير ذلك لما جلست واشنطن الى السودان في غياب تام لجوبا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق