الأربعاء، 30 سبتمبر 2015

درس جديد .. في جنيف

بقلم/ جمال علي حسن
رهان المنظمات المعارضة على المواقف الدولية ضد السودان في جنيف مثله مثل رهان القوى الحزبية السياسية على بندقية حاملي السلاح في إسقاط النظام، ووجه التشابه هو ان بندقية حامل السلاح حين تحصل على المكسب المغري بالنسبة لها أو تعقد صفقتها مع الحكومة هنا أو هناك، اليوم أو غداً، تقوم مباشرة بإنزال ركاب حافلتها العسكرية من قادة الأحزاب المرافقين لها في الرحلة .. تطلب منهم النزول فوراً وقبل الوصول حتى الى أية محطة ظليلة، تتركهم في الخلاء تحت الهجير وتنصرف.
وكذلك حال المنظمات الحقوقية والنشطاء السياسيين المعارضين من حامل اللافتات الحقوقية والذين كانوا بالأمس يعولون كثيراً على تحركات الولايات المتحدة الاخيرة في جنيف لإعادة السودان الى البند الرابع وهو بند الوصاية والرقابة وحشدوا أو جندوا لهذا الهدف بتقاريرهم حوالي 16 منظمة دولية حقوقية كانت قد سلمت رسالة الى مجلس حقوق الإنسان طالبت فيها المجلس باستصدار قرار قوى وفوري يقضي بإعادة الخرطوم الى البند الرابع، بند الوصاية الدولية.
لكن الوفد الأمريكي صاحب بضاعة البند الرابع في جنيف لم يقم باستشارة أحد أو حتى الاعتذار لأولئك الذين يهتفون خلفه قبل أن يتركهم وينخرط مع الوفد السوداني في مشاورات أفضت لاتفاق على تخليه تماماً وتخلي أمريكا عن موقفها وعن طلبها بإعادة السودان الى البند الرابع واستبدال الطلب بمشروع مشترك بينها وبين الوفد السوداني لإبقاء السودان في بنده العاشر القديم مع استخدام لغة غير مشددة تجاه السودان حسب نص المشروع الجديد والذي ينتظر إجازته اليوم.
لكن مجرد التوصل لهذه التسوية بين السودان وأمريكا حول وضعية السودان الحقوقية الدولية هزيمة كبيرة وخذلان أمريكي كامل الدسم لوفد المنظمات السودانية التي كانت تطالب بوضع السودان تحت البند الرابع المتعلق بالانتهاكات والمراقبة والتفتيش والوصاية.
وهذا هو الفرق بين قوة الموقف حين يكون بالأصالة وبين ضعف الموقف حين يكون بالوكالة.. وهذا هو الفرق بين المبدئي والموقف الطفيلي والمتطفل.
وهذا هو الفرق بين من يبحث عن الحلول المباشرة للقضايا وبين الآخر الذي يعول على معالجة قضاياه بتوظيف مواقف الآخرين وبواسطتهم.

قضايا السودان في الأجندة الأممية.. كيف التجاوز؟

لم تكن شعوب العالم تحتاج لأكثر من سبعين عاماً، وهي عمر ميثاق الامم المتحدة الذي أقر في مدينة سان فرانسيسكو في الساحل الغربي للولايات المتحدة عام 1945م، لتجلس مرة أخرى وفودها أمس في الثاني والعشرين من سبتمبر 2015م، لتندب حظها وآمالها، في المنظمة الدولية وهي تضع المشهد العالمي امامها ليتبارى قادة الدول ورؤساء الحكومات لرسم معالم وملامح جديدة لعالم قد تغير بالفعل، ولم يعد ذلك الميثاق الذي تواثقت عليه الشعوب يلبي لها رغباتها وتطلعاتها ويحفظ لها الأمن والسلم المنشودين ويدفع التنمية المستدامة والنهضة.
ولم تكن الأمم المتحدة في دورتها السبعين التي انطلقت أمس في نيويورك، بحاجة لمن يذكرها بأن العالم الذي تعمل على جعله أكثر سلاماً وافضل ظروفاً، هو العالم الذي خربته التناقضات والتباينات والصراعات والحروب والأطماع للهيمنة والسيطرة على الموارد ومد مظلة النفوذ للقوى الكبرى لتغطي إزاء وساعة من العالم بحثاً عن مجد مفقوء العينين.
على غير بعيد من مقر المنظمة الدولية الذي اكتظ بالرؤساء وقادة العالم ووزراء الوفود، وامتلاء المبنى الضخم بمئات المشاركين، كانت تصل إلى أسماع الرؤساء وقادة العالم صيحات بلا جدوى، لعشرات التظاهرات المستميتة والقابعة خارج المقر في ميدان «همرشولد» تقاطع شارع «2» مع شارع «47» حيث يقع مقر بعثة السودان، عشرات اللافتات والهتافات لدول وحركات ومجموعات سياسية منسية في اواسط آسيا ومن إفريقيا وجزر خاملة الذكر في المحيط الهادي والبحر الكاريبي، وكانت هناك تظاهرة غريبة لمؤيدي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قوامها بعض وعشرين شخصاً زينوا المكان بالصور والأعلام والغناء وفرقة رقص مصرية مقيمة في نيويورك.. وتتزاحم وجوه لمتظاهرين من كل العالم ضد كل شيء وليست مع أي شيء، وبالطبع اختفت من سنوات المظاهرات الصغيرة التي كانت تنظمها حركات دارفور وبعض الناشطين الامريكيين ضد السودان، ولم يعد هناك ما يذكر بأن السودان توجد به معارضة سياسية فاعلة.
أسئلة الدورة السبعين
في الذكرى السبعين للأمم المتحدة حفلت كلمات الرؤساء في الجلسة الافتتاحية وما تلاها من كلمات خاصة الرئيس الامريكي باراك أوباما ورئيس البرازيل والرئيس الروسي بوتين والرئيس الصيني والعاهل الاردني والرئيس الكوري والرئيس الايراني والرئيس الفرنسي والرؤساء اليوغندي والشيلي والكوبي والجنوب إفريقي والمصري والزيمبابوي والأرجنتيني والنيجيري والغابوني والاثيوبي والكيني والسنغالي والمالي ورؤساء من امريكا اللاتيني والامير القطري، حفلت بالتطلعات الكبيرة والآمال في صناعة عالم جديد.
رئيسة البرازيل كانت كلمتها كالعادة هي الاولى، باعتبارات خاصة بالمنظمة الدولية التي تعطي الفرصة الاولى في افتتاح اجتماعات الجمعية العامة لرئيس البرازيل تخليداً لذكرى المهندس البرازيلي الذي صمم ونفذ مبنى الامم المتحدة على ضفة النهر الشرقي في مانهاتن، فكل الخطابات التي قدمت حيت الذكرى السبعين لميثاق الامم المتحدة، وكان من اللافت الخطبة التي تشبه العظة الكنسية التي القاها الرئيس الأمريكي باراك اوباما وهو يتحدث عن العالم وتغيراته وكيفية النهضة به ومحاربة التطرف والارهاب وبناء الثقة بين الشعوب وصناعة السلم العالمي وتعزيز التعاون وفرص العمل المشترك، وهنا لا بد من الوقوف عند هذه النقاط، فكثير من القادة الذي تحدثوا ركزوا على طرح الأسئلة الصعبة التي تواجه الامم المتحدة.
ماذا تحقق .. منذ نشأتها ..؟ ولماذا أنشئت من الاساس..؟ كيف تنظر إليها شعوب الكرة الارضية؟ وما هي فرص نجاح الإصلاحات التي تنادي بها دول العالم؟ وهل هذه الإصلاحات ستشمل كل هياكلها ومنظماتها ومؤسساتها وميثاقها ونظام إدارتها وميزانياتها؟ وهل ستكون هناك فرص أوسع في هيكلة مجلس الأمن الدولي وإعطاء قارات مثل إفريقيا وأمريكا الجنوبية عضوية دائمة؟
الواضح أن هناك حقائق جيوسياسية وجيوستراتيجية حدثت في العالم، تتطلب مراجعات، خاصة أن شكوكاً كبيرة تحوم حول الأمم المتحدة وأجهزتها ومنظماتها تتعلق بديمقراطيتها ونزاهتها وعدالة تمثيلها لكل شعوب الأرض، كما أن الحديث عن فشل المنظمة الدولية في صناعة وتثبيت السلم والأمن الدوليين يظل هو السؤال الأكبر والأبرز في ظل الظروف الراهنة في العالم، فإدارة حفظ السلام بالأمم المتحدة مثلاً التي تسيطر عليها الولايات المتحدة دائماً «منذ تأسيس هذه الإدارة كانت في يد مسؤول أمريكي لم يتغير لأية جنسية أخري» هذه الإدارة تواجه على الدوام شكوكاً في أن عمليات حفظ السلام التي يتحكم فيها الاعتبار والبعد السياسي وهيمنة القوى الكبرى، بلغت ميزانيتها هذا العام أكثر من «14» مليار دولار، وتتهم مجموعة الدول المكونة لقوات حفظ السلام (TTCs) (Troops contributing countries) والدول الممولة، بأنها حولت هذه العمليات إلى مصالح تجارية تتعلق بتمويل العمليات خاصة الجوانب اللوجستية والمعدات وخدمات القوات التي تشارك في عمليات حفظ السلام في مناطق العالم الملتهبة.
وتواجه الأمم المتحدة في هذه الدورة أسئلة صعبة، فإذا كان الرئيس الأمريكي أوباما قد قدم خطابه الأخير أمامها «العام المقبل لن يكون موجوداً كرئيس للولايات المتحدة»، ورسم صورة قاتمة للعالم الذي أسهمت فيه بلاده بصورة كبيرة في جعله أكثر عنفاً وظلاماً وكراهية وظلماً، قد طالب بهذه المراجعات والاصلاحات بعدسبعين عاماً من الميثاق، فإن العالم يواجه اليوم مصيراً بالغ التعقيد في ازماته ومحنه وظروفه وتناقص فرص العيش بسلام في كوكبنا.
مشاركة فاعلة للسودان
قبل انطلاق هذه الدورة الـ «70» للجميعة العامة للأمم المتحدة، وصل إلى نيويورك وفد كبير من حكومة السودان بقيادة البرفيسور إبراهيم غندور الذي يقود الوفد الرسمي، وشارك الوفد في قمة التنمية المستدامة لأهداف الألفية لخمس عشرة سنة قادمة، التي سبقت انعقاد الجمعية العامة خلال الفترة 25 ــ 28 /9/2015، وضم والوفد الاستاذة مشاعر الدولب وزير الرعاية والضمان الاجتماعي، والسيد السفير عبد الغني النعيم وكيل وزارة الخارجية، والسفير صديق عبد العزيز مدير إدارة المنظمات بالخارجية، والسفير علي الصادق مدير ادارة السلام والشؤون الانسانية، والسفير الطيب ابو القاسم مدير الادارة الاقتصادية بالخارجية، والسفير فضل عبد الله فضل مدير مكتب وزير الخارجية، والسفير مبارك رحمة الله مستشار وزير الرعاية الاجتماعية.
وبعد المشاركة في القمة عن اهداف الالفية، انخرط الوزير في اجتماعات ولقاءات ثنائية عديدة مع زراء خارجية عدد من دول العالم، وحدد السودان مطلوباته وأهدافه في هذه الدورة للجمعية العامة وهي:
1ــ ملف المحكمة الجنائية الدولية.
2 ــ إعفاء الديون.
3 ــ رفع الحصار الاقتصادي والعقوبات.
4 ــ خروج بعثة اليوناميد وقواتها.
5 ــ تطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي.
6 ــ شرح وتوضيح الأوضاع في السودان وخاصة السلام والحوار الوطني وآفاقه.
على ضوء هذه المطلوبات والاهداف شارك وزير الخارجية بفاعلية في اجتماع الاتحاد الافريقي، واللجنة الوزارية تكونت بعد قمة جوهانسبيرج لمقابلة مجلس الامن الدولي لتجميد ملف المحكمة الجنائية الدولية وقراراتها ضد القادة الافارقة، كما شارك في اجتماعات المجموعة الإفريقية والعربية، بالاضافة لعدد من الاجتماعات مع وزراء خارجية ضمن اكثر من «53» لقاءً تم ترتيبه خلال وجوده في نيويورك.
وسيقدم الوزير خطاب السودان خلال اليومين القادمين، ويحصد بعدها نتائج هذه المشاركة الفاعلة.
ملاحظات
كلمة الرئيس الروسي فلادمير بوتين انتقدت بشدة التدخل الامريكي في الشرق الاوسط، وقال إن أمريكا هي السبب في ظهور داعش، وكشف عن ان مقاتلي داعش هم قوات الجيش العراقي الذي فككته امريكا بعد احتلالها للعراق وعناصر الجيش الليبي بعد سقوط القذافي، وهؤلاء هم مقاتلو داعش، وتساءل من اين يأتي السلاح لداعش؟
لم يرد اسم السودان في كلمة الرئيس الامريكي وهو يحدد مناطق الأزمات والصراعات في العالم، ولم يشر اليه، وكذلك كلمة الامين العام للامم المتحدة ورئيس الجمعية العامة.
رئيس البرازيل تحدثت بشكل عاطفي ومؤثر للغاية عن ازمة اللاجئين السوريين ولاجئي الشرق الاوسط، وقالت ان بلادها تمد يدها وتفتح قلبها لهم.
وحظيت كلمة العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني باهتمام كبير خاصة حديثه عن الارهاب، وعن مسؤولية الاسرة الهاشمية عن حماية المسجد الاقصى.
وتشهد هذه الدورة وجوداً مكثفاً للرؤساء والقادة، وقد كثفت السلطات الأمريكية الإجراءات الأمنية بشكل لم يسبق له مثيل من قبل، وتحولت الشوارع والمداخل حول مبنى الامم المتحدة إلى شبه ثكنة عسكرية، ويجري تدقيق وتنظيم وضبط عالٍ لتنظيم حركة السير ومرور الوفود والمارة.
الرئيس الأمريكي باراك أوباما على غير العادة تم تغيير مكان اقامته المعتاد من فندق «ولد اوف ستوريا هوتيل» إلى فندق آخر في نيويورك بسبب شراء شركة صينية الفندق الفخم العريق، وحسب ما تتناقله وسائل إعلامية امريكية هنا أن الفريق الأمني للرئيس أوباما قرر عدم نزوله في فندقه السابق لأسباب تتعلق بالتنصت .

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

السودان في مجلس حقوق الإنسان.. معركة جديدة

تقرير : فاطمة أحمدون
ربما تكذب جلسة جنيف بالغد توقعات المعارضة الغاضبة من الأمريكان بأن يوضع السودان تحت البند العاشر، وذلك من خلال رد وزير العدل مولانا عوض الحسن النور اليوم على تقرير الخبير المستقل أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف، خطوة أقرب ما تكون للمعركة، وربما أيضاً نجحت مرافعة مولانا النور ووفده في انتزاع قرار إيجابي.. ولكن بين الحديث عن رفع المعارضة لتقارير حول حقوق الإنسان في السودان بشكل دوري وتصريحات الحكومة المطمئنة بأنها قادرة على دحض تقرير الخبير المستقل، وأنها تتوقع تقدماً بالملف يظل باب التكهنات مفتوحاً اليوم الثلاثاء، حيث يصدر القرار، إما بوضع السودان تحت البند العاشر، الأمر الذي يقضي بتقديم العون الفني للحكومة السودانية فيما يتعلق بملف حقوق الانسان، أو وضعه تحت البند الرابع الذي يقضي بتعيين مقرر خاص لحقوق الإنسان في السودان والذي يمنحه البند حرية التقصي الميداني ورفع التقارير للمجلس.
الوضع الأخير تتمناه المعارضة ولطالما حلمت به وظلت تعمل لانتزاعه وترفضه الحكومة وتخشاه كونه سيجعل الباب مفتوحاً أمام تمرير الأجندة المعادية للسودان، وقد اتخذت الحكومة هذا الموقف الحساس بعد أن رفعت منظمات أجنبية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش تقارير وإحصائيات تتحدث عن انتهاك لحقوق الإنسان بالسودان، الأمر الذي وصفه البعض بالتهويل ومحاولة التجريم مقارنة مع دول أخرى.
سبق السيف :   
يرى القيادي بالشعبي أبوبكر عبد الرازق أنه ليس بإمكان وفد الحكومة الدحض الكامل لتقرير الخبير المستقل السابق، وأن الوقائع قد نفذت على حد تعبيره، وقال إن موقف السودان بمجلس حقوق الإنسان يتوقف على تقارير الواقعية، والتي يرى أبوبكر أنه لابد أن تشمل على المصداقية، وأرجع أهمية الشفافية لكون التقارير الحكومية تخضع للمقارنة مع تلك التقارير التي ترفع من المنظمات الدولية والخبير المستقل، وقلل أبوبكر من الحديث عن انتهاكات لحقوق الإنسان بمناطق الحرب، وأن المعارك في جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور قد خبأت نيرانها، ولا توجد عمليات تذكر..ويرى أن وقوع السودان تحت البند العاشر لن يضير الحكومة بإطلاق سراح المعتقلين وتعديل المواد المقيدة للحريات في الدستور وإعادة صياغة قانون الجرائم الموجهة ضد الدولة وكل ما يشير إلى مناخ حريات وتحول ديمقراطي.
غير مطمئن
وأبدى تحالف أحزاب الوحدة الوطنية قلقة من ما أسماها القرارات المجحفة تجاه السودان، وقال رئيس التحالف عبد القادر إبراهيم لـ"آخر لحظة" القرارات تجاه السودان لن تأتي نتاج تقارير من أرض الواقع على حد تعبيره، وإن التقارير دائماً تحمل الأجندة السياسية الخارجية التي تلبي رغبات الدول الغربية التي تحاول أن تنال من السودان تحت غطاء ملف حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن مؤشرات عديدة تؤكد نه لن يكتب النجاح للوفد السوداني في انتزاع قرار عادل، واتهم عبد القادر جناحاً من المعارضة بتمليك معلومات ورفع تقارير للجهات الأجنبية تتحدث عن حقوق الإنسان بشكل سالب خاصة في مناطق الحرب بدارفور والنيل الأزرق وهناك دول أخرى تناولت ملف حقوق الإنسان في السودان بصورة سالبة.
"زعل" المعارضة:
وتحدث للصحيفة بصورة غاضبة ومنفعلة القيادي الشيوعي صديق يوسف، وقال إن الوفد الحكومي بفعل الامريكان سينجح في مهمته، وأمريكا ستضع السودان تحت البند العاشر، وزاد القرار صدر خلاص من الامريكان، مشدداً على رفضهم للبند العاشر ومطالبتهم بالبند الرابع، وعزا ذلك لكون انتهاك حقوق الانسان من مصادرة للصحف واعتقال للناشطين واحداث سبتمبر التي لم يجر فيها تحقيق حتى الآن على حد زعمه، وأبدى استغرابه لتحقيق أمريكا لرغبة الحكومة التي لا ترغب في مراقبة ميدانية لما ترتكبه من فظائع في حقوق الانسان، وقال إن امريكا بوضعها السودان تحت البند العاشر تكون قد وقفت مع الحكومة ضد الشعب السوداني.
الصين وروسيا:
مجموعة من المراقبين والسياسيين توقعوا نتائج إيجابية لجلسة جنيف، وأصحاب هذا الاتجاه يعولون على وقوف دولتي الصين وروسيا إلى جانب السودان والاستفادة من حق الفيتو.. كما اشار الاستاذ عبد القادر ابراهيم رئيس تحالف الاحزاب الوطنية الى أنه يتوقع أن تكون هناك دول عربية لم يسمها قد لعبت دوراً كبيراً خلف الستار فيما يتعلق بالملف السوداني لحقوق الانسان.
النقد الذاتي :
وترى الصحافة السودانية ومحللوها أن كل الدبلوماسيين لن ينجحوا في المهمة المتعسرة وأن ما يحتاج ملف حقوق الإنسان في السودان هو ممارسة النقد الذاتي، بينما رهن آخرون نجاح السودان في تحقيق تقدم في الملف مستقبلاً على نجاح الحوار الوطني وتحقيق التحول الديمقراطي الحقيقي، ويرى فريق ثالث أن دولاً قد دخلت الملعب لتعزز موقف السودان الصديق الذي تربطه بها المصالح.

اليوناميد والكاتب السينمائي الفاشل!


بالنسبة للكثير من المراقبين القريبين من ملف أزمة إقليم دارفور غربيّ السودان، فإن تورط مسئولي منظمات طوعية أو موظفين أممين، أو مسئولين في البعثة المشتركة العاملة في مهمة حفظ السلام، في أي مخالفة أو مؤامرة دولية لصالح قوى دولية، ليس أمراً مثيرا للدهشة، ففي خاتمة المطاف ومما هو معلوم في مثل هذه الأمور فإن كل قوة دولية تعمل على تحقيق مصالحها وأهدافها من وراء أي عمل تقوم به المنظمات الدولية.
في الغالب تتحجج بعض القوى الكبرى بالجوانب الإنسانية، وتتظاهر بتقطُّع نياط قلبها جراء المأساة، وتبالغ في ذرف الدموع، ثم ما تلبث حين يتحقق المطلوب أن تعمل على تحويل الحدث برمته لصالح إستراتيجيتها الخاصة، ومصالحها التي لا تجامل فيها! وما كشفه أحد الضباط السابقين بالبعثة المشتركة العاملة في مهمة حفظ السلام في دارفور المعروفة بيوناميد مؤخراً من أن (مسئولاً حقوقياً) -لاحظ مسئولاً حقوقياً- في البعثة كان وراء فبركة مزاعم اغتصابات (تابت) الشهيرة التي ذاع صيتها الإعلامي قبل أشهر في كل أنحاء العالم حين جرى إتهام القوات الحكومية السودانية يومها بإرتكاب جرائم اغتصاب جماعي في منطقة (تابت) الواقعة بشمال دارفور!
الضابط السابق قال إن المسئول الحقوقي بالبعثة (كريستيان ميكالا) هو الذي تولى مهمة الترويج لهذه المزاعم وأنه أجرى اتصالات مع منظمات دولية أقامها الخبر ولم يقعدها! هذا الأسلوب ألاستخباري المتعارف عليه ذائع ومشهور في كل بعثات حفظ السلام التي يتم الدفع بها إلى مناطق النزاعات، وكذلك في العمل الإنساني الذي تتولاه بعض المنظمات الطوعية الأجنبية.
هناك دائماً مساحة للعبث واللعب لصالح (جهة ما) تعتمد على ذكاء وبراعة الشخص المعني وفي كثير جداً من الأحيان فإن اللعبة سرعان ما تنكشف لأن الأمر المضحك فيها أنها في الغالب لا تكون منطقية!
في السودان على سبيل المثال ضبطت الحكومة السودانية على مدى السنوات العشر الماضية (عشرات) الحالات ذات الطابع ألاستخباري والتجسسي المماثلة، ولم يكن المهم هو طبيعة ما يقوم به الشخص المضبوط وكونه يستخدم مهارة تبعد عنه كل شبهة؛ ولكن كان الأمر الأكثر أهمية أن الحكومة السودانية أحبطت احباطاً كاملاً بنسبة 100% خططاً خطيرة للغاية لقوى دولية معروفة كانت تسعى لاستغلال الأزمة في دارفور لأقصى مدى بغية إحكام سيطرتها على السودان!
هناك أيضاً (عشرات) الحالات التي ثبت فيها للحكومة السودانية أن موظفي وجنود البعثة المشتركة (يوناميد) يرتكبون جرائم تخالف القانون الجنائي السوداني والقوانين الإقليمية والدولية. ومن السذاجة بمكان الاعتقاد أن الحكومة السودانية (غافلة) عما يقوم به عناصر البعثة المشتركة قبل أشهر مضت فإن الحكومة السودانية وبسرعة فائقة استطاعت أن توقف ماكينة الإعلام والدعاية الدولية التي كانت قد أعدت إعداداً جيداً للقيام بدور حاسم في القضية.
نجحت الحكومة السودانية في تعطيل عجلة هذه الماكينة بمسارعتها بالدفع بوفود إعلامية محلية وإقليمية ودولية زارت منطقة (تابت) وسلّطت الكاميرا على وجوه أهلها تباعاً بحثاً عن الحقيقة لتأتي الحقيقة ساطعة تلجم ألسن الكل فى نيويورك وواشنطن وغيرها.
كان واضحاً أن الذي وضع سيناريو (تابت) لم يكن يتمتع بأي قدرات، كما أن اختياره للقرية بمكوناتها المعروفة كان اختياراً غير موقف! الآن وضع الضابط السابق (الألماني الجنسية) مشهد النهاية حين إحتكم إلى ضميره وقرر أن يقول الحقيقة ليبقى السؤال ماذا بوسع الأمانة العامة في نيويورك أن تفعل؟

وليد الدود .. محاولة لخلط التزوير بالسياسة


هكذا هم المعارضون يزايدون حتى في القضايا الجنائية ويسبقونها بالسياسة ، ليهربوا - وفق ظنهم من المساءلة القانونية ، لكن أنى لهم ذلك ؟ وقد تكشفت للعامة الاعيبهم ، ومن بين تلك اللاعيب مايروج له بعض صغار المدنونين والمراهقين ممن لا يفقهون في القانون شيئا ،فطفقوا يروجون لأحاديث الاعتقال السياسي لمدير ومؤسس موقع الراكوبة وليد الدود حيث قالوا ان اعتقاله تم بأيعاز من الأمن السوداني إلا أن ما خرج إلى الآن من المخابرات السعودية يؤكد أن موقِع الرّاكوبة المُعارِض والذي اشتهر بتزوير ونشر الوثائق وتضليل الرّأي العام واستخدام الإساءة والتّشهير منهاجاً في مُعارضته للحكومة ورموزها، قام بنشر وثيقة مُزوّرة منسوبة لإستخبارات المملكلة العربية السعودية عنوانها (السودان وعاصفة الحزم) وتهدف الوثيقة بشكل واضح لضرب وُحدة تحالف دُول عاصفة الحزم والعلاقات الثُّنائيّة بين السُّعودية والسُّودان برسم الشُّكوك حول نوايا السُّودان ومِصداقية مُشاركته في عاصفة الحزم واستمرار تعاونه مع إيران.وأوضحت أن السُّلطات السُّعودية رصدت الوثيقة وراجعتها وتأكّدت أنّها مفُبركة بعد أن تتبّعتها فنيّاً حتّى تأكّدت أنّها نُشِرت أوّل مرّة بموقع الرّاكوبة وتحتوي الوثيقة المُزوّرة على عبارات يتّضِح مِن خلالها أنّها مُزوّرة ويرد فيها مرّة (الإستخبارات السعودية) وفي ذات الوثيقة (المُخابرات السعودية) إضافة لكتابة التاريخ بعاليها بالتّقويم الهجري وفي مُتنها بالميلادي.ومماُذكره هنا هو أن القوانين السُّعودية واضِحة وصارِمة تِجاه أي نشاط يمس بالأمن الوطني السُّعودي ومصالِح المملكة وتحظر أي أنشطة أو أعمال تُخالِف القانون وشُروط الإقامة.

ومن فرط جهل هؤلاء أنهم ملأوا الاسافير بكذب القول عن حادثة الاعتقال وحيث لا زالوا يؤكدون أن وليد الدود اعتقل بسبب نشاطه في صحيفة الراكوبة المعارضة والمنتقدة لسياسة الحكومة السودانية، لذا هم يخشون من أن يتم ترحيله إلى السودان حيث يواجه خطر التعذيب والمحاكمة غير العادلة.ويقولون أنه يقبع حاليا بسجن الدمام المركزي دون أية إجراءات قانونية، محروما من حقوقه الأساسية. و لم توجه له السلطات السعودية اتهامات ولم يعرض على قاض أو يسمح له بمقابلة محاميه منتهكة بذلك نظام الإجراءات الجزائية السعودي والقانون الدولي وبالتالي يجب اعتبار اعتقاله تعسفيا.

إذا سبب إعتقال صاحب ومُدير موقِع الرّاكوبة (وليد الدود المكي الحسين) المُقيم بالمنطقة الشرقة بالمملكة العربية السعودية والذي جرى اعتقاله مِن قِبل سُلطات المملكة مُنذ يوم 23 يوليو 2015م، هو سبب جنائي حيث تتهمه المخابرات السعودية بالتزوير في مستنداتها ، ويؤكد ذلك مناشدة والد الناشط وليد - الدود مكي الحسين لرئيس الجمهورية المشير عمر البشير بالتدخل من أجل اطلاق سراح ابنه المعتقل منذ (23) يوليو الماضي دون أن توجه له تهمة.
ودعا الدود في تصريحات صحافية نشرت في الخرطوم الرئيس البشير للعفو عن ابنه إذا كانت الحكومة هي من طلب من المملكة العربية السعودية اعتقاله، وقال (الحكومة أعلنت انها ستعفو عن حملة السلاح، ووليد لم يحمل غير قلمه).وناشد الملك سلمان باطلاق سراح ابنه، وقال (إذا المملكة السعودية لا تريده على أراضيها عليها أن تطلق سراحه ليذهب إلى دولة أخرى).وذكر الدود إن السلطات السعودية سمحت لزوجته بزيارته قبل أيام قليلة.

عموما فإن الشواهد تقول أن موقِع الرّاكوبة المُعارِض ظل يعمل بكثافة على ضرب علاقات السُّودان مع دُول الجّوار والدّول الصّديقة والعالم الغربي بغرض فرض سياسة عُزلة دولية على النِّظام الحاكِم في السُّودان الذي ينشط الموقع مُنذ تأسيسه على مُعارضته بطُرق لا تُمت للعمل المُعارِض المُؤسّس والشّريف بصلة إذ يتّخذ الموقع مِن الأكاذيب والفِتن والتّضليل والتّزوير سلاحاً لتحقيق مآرب مِن يقف وراءه مِن بعض قُوى المُعارضة بغرض إسقاط النِّظام.

المجموعة الوطنية.. فضح العقوبات الأمريكية

وسط حضور كبير من الأجانب والمهتمين والسودانيين المعنيين بحقوق الإنسان، شهدت القاعة (23) مجلس حقوق الإنسان عصر أمس ندوة حقوقية محضورة اتخذت  من العقوبات الاقتصادية الأمريكية والحظر  التجاري المفروض علي السودان عنوناً لها، وتحدث في الندوة التي أحسنت المجموعة الوطنية الترتيب والحشد لها عدداً من الخبراء في هذا المجال أبرزهم جوزيف شلنقي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للإتحاد الأفريقي والخبير الاقتصادي د. بابكر محمد توم، ود. زيغموند أوستركسي الناشط الحقوق الفرنسي الذي ربطته علاقات وثيقة مع المتمردين السابقين في السودان من لدن جون قرنق ود. رياك مشار فضلاً عن جهات أخري مؤثرة في الشأن السوداني، حيث تناوب المتحدثون الثلاثة فضح تلك العقوبات القسرية وكشفوا التأثيرات الكارثية للحظر التجاري الأمريكي، ومع اختلاف زوايا النظر لذلك الحظر والخلفيات المختلفة للمتحدثين، إلا أنهم اتفقوا جميعاً  علي أن تلك العقوبات الأمريكية الأحادية تعد انتهاكاً صريحاً لحقوق الإنسان في السودان.
جوزيف شلنقي زامي، رئيس القطاع الاقتصادي والاجتماعي في مفوضية الاتحاد الأفريقي، الذي قدم الخطاب باسم الذي القطاع يرأسه أما الرئيس أوباما عندما زار أثيوبيا في الفترة الماضية، وخاطب أوباما أمس بوصفه مواطناً إفريقياً يتحدث نيابة عن السودان وذكراه بأن هذه العقوبات الأحادية مفروضة من أمريكا ولا تسندها قرارات أمم متحدة وليس عليها أي إجماع دولي، ومبنية علي افتراضات غير واقعية، واستمرت لفترة طويلة قرابة العقدين وقال إن فيها تدخلاً سافراً في شؤون السودان وحرماناً من حقوقه في التجارة والتعاون والتكامل في الاقتصاد العالمي، والاستفادة من عضويته في الأمم المتحدة والمؤسسات العالمية كمنظمة التجارة  العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وهي المؤسسات التي منع الاستفادة منها بسبب هيمنة أمريكا وتأثيرها الطاغي علي هذه المنظمات حتي لا تسمح بانضمام السودان لمنظمة التجارة رغم استيفائه لشروط الانضمام حيث انضمت دول لا تماثله في الاستيفاء للشروط.
وفي الندوة ذاتها تحدث د. زيغموند أوستركسي الناشط الحقوقي الفرنسي عن أن هذا الحصار الاقتصادي المفروض لم يعد أسلوباً للتعامل بين الدول، ويعني فشل الدبلوماسية الأمريكية في التعامل مع الدول.
وقال إن هذا الحصار شجع التمرد في السودان ومنحه الشعور بأن الحصار الأمريكي سيؤدي إلي ذهاب الحكومة مما جعلها تتشدد في التفاوض، ونوه إلي أن هناك أجيالاً ولدت بعد فرض العقوبات وتساءل: ما ذنبهم أن يعيشوا تحت الحصار؟.

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

مباحثات لغندور مع وزراء خارجية السعودية وإيطاليا بنيويورك

أجرى وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، يوم الإثنين، سلسلة مباحثات ثنائية مع رصفائه وزراء خارجية كل من الإمارات، هولندا، إيطاليا والسعودية، على هامش مشاركته في قمة أجندة التنمية بمقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وناقشت اللقاءات القضايا محل الاهتمام المشترك وسبل تعزيز التعاون وتوطيد العلاقات بين السودان وتلك البلدان، والتحديات التي يشهدها العالم بعدم الاستقرار لتزايد الهجرة غير الشرعية والحروب.
وأطلع وزير الخارجية السوداني، نظراءه على التطورات السياسية الراهنة في البلاد على صعيد الحوار الوطني، والجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار الداخلي، وبالمنطقة عموماً، بجانب إبراز وجهة نظر السودان حيال القضايا الإقليمية والدولية.
إلى ذلك، حضر وزير الخارجية اجتماع اللجنة المفتوحة العضوية لوزراء الشؤون الخارجية حول محكمة الجنايات الدولية التي ناقشت موضوع التعامل مع مجلس الأمن، بخصوص المحكمة الجنائية الدولية، وتوحيد الموقف الأفريقي على هدى القمة الأفريقية في أديس أبابا التي انعقدت في 2013، والقمة الأخيرة في جوهانسبرج هذا العام.
 كما شارك في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي ناقش قضية فلسطين والانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، ودعم الشرعية في اليمن ومسيرة السلام في ليبيا.

الدبلوماسية السودانية والمحكمة الجنائية الدولية

محجوب محمد صالح

أكد وزير خارجية السودان في تصريحات صحافية أن السودان لا يجري أي حوار مع محكمة الجنايات الدولية حول قضية دارفور التي تنظرها المحكمة والتي أصدرت بشأنها قرارات بتوقيف بعض قادة الحكومة والحركات المسلحة، وفي مقدمة المسؤولين المطلوبين بحسب قرار المحكمة رئيس الجمهورية، وأكد الوزير أنه لا علاقة لهم بالمحكمة، والسودان لم يصدق على ميثاق روما الذي نشأت المحكمة بموجبه، ولذلك ليس لتلك المحكمة أي ولاية عليه، وبالتالي فإن أي حديث عن قرار إيقاف رئيس الجمهورية يتم مباشرة وحصرياً مع الأمم المتحدة.

صحيح أن السودان لم يصدق على اتفاقية روما وهي غير ملزمة له ولا يحق للمحكمة أن تنظر في أي قضية تتعلق بالسودان إلا في حالة واحدة فقط وهي حالة أن يحيل مجلس الأمن الدولي القضية بموجب البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة فتصبح المحكمة ملزمة بنص القانون أن تنظر تلك القضية، لأن الأمم المتحدة أمرتها بذلك، وهذا هو ما حدث بالضبط، إذ إن مجلس الأمن أحال القضية للمحكمة وليس هناك أي طرف يحق له مجرد تأجيل نظر القضية سوى مجلس الأمن الدولي، وميثاق روما يمنح حق طلب التأجيل في هذه الحالة حصرياً لمجلس الأمن الدولي حسب منطق المادة (16) من الميثاق.

الفرصة كانت متاحة للسودان قبل سنوات عندما عرضت مسألة إحالة تقرير لجنة التحقيق في وقائع حرب دارفور إلى مجلس الأمن بموجب مشروع قرار ينص على إحالة التقرير للمحكمة لتشرع في محاكمة المتهمين سواء كانوا من الحكومة أو حملة السلاح في إقليم دارفور-كان متاحاً للحكومة أن تل/



الحراك الدبلوماسي الذي يتحدث عنه وزير خارجية السودان يتم في إطار الاتحاد الإفريقي، إذ إن هناك داخل القارة الإفريقية توجها مناهضا للمحكمة الدولية يتهمها بأنها باتت هيئة مكرسة لمحاكمة الأفارقة واستهدافهم، ولكن هذا التوجه لم يتصاعد لدرجة أن تعلن أي من الدول الإفريقية الموقعة والمصادقة على اتفاق روما انسحابها من المحكمة، وما زالت كلها تحافظ على عضويتها، ولا نحسب أنها ستتخذ موقفاً متشدداً ضد المحكمة في مجلس الأمن، وإنما ستحاول البحث عن حل وسط وربما يتم ربط أي مطلب بسحب أي قضية إفريقية من المحكمة بمشروع تشكيل محكمة جنايات إفريقية، وأن تتولى المحكمة الإفريقية هذه القضايا -أما إذا تعذر الوصول إلى اتفاق حول محكمة جنايات إفريقية فالسبيل الآخر المتاح هو البحث عن حل وسط عبر الاتفاق على إحالة بعض القضايا المعروضة على المحكمة الدولية على محكمة (هجين)– وفي كلا الحالين فإن ملف دارفور سيفتح إن لم يكن في الجنائية الدولية فأمام محكمة هجين أو محكمة إفريقية ومن الصعب، إن لم يكن من المستحيل، الحصول على قرار بإعادته إلى محكمة سودانية، فمثل هذا القرار لا يمكن أن يحظى بقبول جماعي في مجلس الأمن في أي مرحلة ما دامت الدول الغربية ترفض ذلك.
الواضح من تصريحات وزير الخارجية أن السودان يعول كثيراً على النشاط الدبلوماسي لبعض وزراء الخارجية الأفارقة خلال الجولة الحالية لاجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ولكننا على قناعة أن اللقاءات القادمة التي قد تفتح ملف الحوار حول هذا الأمر ولن تتوصل إلى قرار نهائي يضع حداً لمشكلة الجنائية الدولية، إذ المطلوب قبل الوصول لمرحلة البحث الجاد حول مآلات قضية الجنائية الدولية إحداث تقدم ملموس في ملفي السلام والتحول الديمقراطي في السودان، وكلا المطلبين في حالة جمود كامل الآن، إن لم يكونا في حالة تراجع واضح!!?

«الجامعة» تكثف تحركها لإنجاح الحوار الوطني بالسودان

أعلنت الجامعة العربية أمس أنها تقوم بتحركات واتصالات مكثفة لإنجاح الحوار الوطني الشامل بالسودان ومساعدته على تحقيق مراميه المنشودة بالسلام والاستقرار.
ودعا مبعوث الجامعة العربية لدى السودان السفير صلاح حليمة القوى السياسية والحركات المسلحة بالسودان للمشاركة في عملية الحوار الوطني من أجل إنجاحه.

وشدد على أهمية أن يكون الحوار سودانياً وشاملاً لكل أطراف المعادلة السودانية قائلاً «نأمل أن يتضمن الحوار القضايا والموضوعات السودانية كافة دون إقصاء أو استثناء لأي أحد ويجب على السودانيين حل قضاياهم». وأشار إلى أن القرارات التي أصدرها الرئيس السوداني عمر البشير بشأن العفو العام عن حاملي السلاح ووقف إطلاق النار خطوة إيجابية من شأنها خلق المناخ الملائم لإنجاح الحوار الوطني مؤكداً أن الجامعة ستطرح أجندة ستسهم في تهيئة المناخ لانعقاد الحوار الوطني من خلال طرح رؤى وأفكار تساعد على تحقيق ذلك.

وأعلن البشير الأسبوع الماضي وقف إطلاق النار في مسارح العمليات والعفو عن حاملي السلاح المشاركين في الحوار الوطني الشامل الذي سينطلق في 20 أكتوبر المقبل تنفيذاً لمبادرته للحوار التي أطلقها في يناير من عام 2014 لإنهاء أزمات البلاد.

السودان ومهارة ترويض الأعداء!

كان أمراً لافتاً للغاية ويحمل مغزى دبلوماسياً تاريخياً كبيراً أن يصل الرئيس اليوغندي (يوري موسيفيني) إلى العاصمة السودانية الخرطوم ويجري محادثات إستراتيجية مهمة مع نظيره السوداني استمرت ليومين كاملين. إذ المعروف أن الرئيس موسيفيني ظل على داء سافر ومستحكم مع الخرطوم لما يقارب الربع قرن، جرب خلالها كافة صنوف الكيد والعداء والعمل المعادي الصريح ضد السودان وأشهرت مشاركته البالغة اللؤم فيما عرف بـ(الأمطار الغزيرة) إبان الحرب التي كانت تخوضها الحركة الشعبية بقيادة الراحل قرنق منتصف تسعينات القرن الماضي.
وكما هو معروف فإن موسيفيني لم يكتف حينها بالدفع بقوات يوغندية بعتاد عسكري لمهاجمة السودان ولكنه حتى إلى عهد قريب بل ربما ما يزال يدعم ويستضيف قادة الحركات المسلحة (الجبهة الثورية) على أرض بلاده وهي الناشطة في حرب ضروس ضد الخرطوم، ومع أن الحدود بين يوغندا والسودان قد ذابت عملياً إثر انفصال جنوب السودان وابتعدت الدولتان عن بعضهما تماماً، إلا أن الرئيس موسيفيني ما يزال يناصب السودان العداء سواء عن طريق استمراره في دعم العمل المسلح ضد الخرطوم وتوفير الدعم والإيواء؛ أو بسبب تدخله السافر وغير المشروع في الصراع الجنوبي الجنوبي حتى أصبح جزءاً من المعادلة في دولة الجنوب وربما معوق أساسي لإمكانية حل الأزمة الجنوبية.
رجل بكل هذه المثالب، فتحت له الخرطوم أحضانها الدبلوماسية الواسعة ووفرت له البساط الأحمر ورسمت له على الوجوه ابتسامة سودانية ودودة، لا لشيء سوى لأن الرجل جار سابق، وجار لجار مهم بالنسبة للسودان. كما أن السودان على أية حال ليست له صفة الفجور في الخصومة ولا يعول على العداء الصارخ في علاقات الجوار، حيث سبق للسودان بذات الروح والمهارة أن عمل على ترويض أعداء سابقين في جواره الإقليمي مثل ارتريا وتشاد اللتين انتهى بهما المطاف بعلاقات حسن جوار نموذجية صارت مضرباً للمثل في المنطقة والإقليم.
السودان وهو يجلس إلى الرئيس موسيفيني كان قادراً على التعامل بواقعية مع مستجدات الأوضاع الجديدة، فهو يتطلع إلى علاقات جوار إقليمية تتسم بروح التعاون والود والإخاء والمحافظة على أمن واستقرار المنطقة ولهذا فإن حرص السودان على قبول المبادرة اليوغندية بإصلاح وترميم علاقات الدولتين، يأتي في سياق مؤشرات إستراتيجية عديدة:
أولاً، احتفاظ السودان بعلاقات عادية على الأقل خالية من التوتر والعداء المتبادل يوفر مناخاً ملائماً لدول الإقليم لمعالجة العديد من التعقيدات التي عرفها الإقليم منذ سنوات وهذه النقطة مهمة للغاية، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن يوغندا بطريقة أو أخرى يمكن اعتبارها (محطة مهمة) للعديد من القوى الكبرى.
ثانياً،  في ظل حرص السودان على تأسيس علاقات تعاون مثمرة بينه وبين الدولة الوليدة (جنوب السودان) يقتضي بالمقابل -إن لم يكن بالضرورة- أن تكون علاقاته بدول جوار دولة الجنوب وفى مقدمتها يوغندا طبيعية ومثمرة أيضاً، فقد ثبت أن كمبالا على أية حال (مهتمة) للغاية بدولة جنوب السودان بغض النظر عن دوافعها في ذلك، إذ على السودان أن يستصحب هذه الفرضية في تعامله مع الدولتين.
ثالثاً، ربما يفضي شعور كمبالا بأن الخرطوم ليست كما تظن بحق وبغير حق، إلى خلق انطباع جديدة أفضل فكمبالا لديها شعور (غير واقعي) بأن الخرطوم تضم متطرفين إسلاميين وتسعى لنشر أيدلوجية إسلامية في المنطقة! وهي فرضية أبعد ما تكون عن حقائق الواقع ويكفي أن واشنطن تأكدت من عدم صحتها!
رابعاً، حاجة كمبالا إلى الخرطوم وتعاونها الثنائي تتبدى أكثر وتزداد في ظل تنامي وتصاعد العلاقات الإستراتيجية المتطورة بين السودان واثيوبيا، إذ ليس سراً أن يوغندا (تضع ألف حساب) لإثيوبيا ذلكم المارد الإفريقي الضخم الصاعد إلى القمة بقوة وبسرعة ويتمتع بعلاقات قوية بالولايات المتحدة.
يوغندا تدرك أن قوة ومتانة العلاقة بين السودان واثيوبيا تشكل (خطراً) بدرجة ما على يوغندا ونفوذها الإقليمي، وهذا ربما كان أحد أهم دوافع كمبالا لمعاودة التعامل (بإحترام تام) مع السودان.
وعلى كل فإن يوغندا و طالما هي التي بادرت، فإن عليها أن تكون على مستوى المصداقية المطلوبة، كما أن السودان الذي أجاد من  قبل ترويض العديد من دول المنطقة ذات العداء السافر لن يعجزه الأمر نفسه مع يوغندا.

زيارة موسفيني.. تسونامي حطم أحلام قادة التمرد السودانيين

بقلم :عميد ركن حسن أحمد حسن
لعنة حاملي القرآن في صدورهم الذين هجروا عرصات الخلاوي وحرموا حلاوة التلاوة في المساجد وكتابة الشرافة في الألواح وعزة الكرم والترحاب بـ(جيتا جيتو) ومزاحمة قداحة عصيدة الماريق في الضرا، والتسابق إلى الصلاة عند سماع الآذان، وسكنوا في مجتمعات النازحين، ويقتاتون من فتات الغرب، ولعنة الأسلاف الصالحين الذاكرين الذين قادوا المحمل لكسوة الكعبة الشريفة، وسال العرق على جباههم الطاهرة النضرة، مختلطاً بتراب وسقاية البئر التي حفروها بمعدلهم وأظافرهم في المدينة المنورة وحملت اسم علي حتى يومنا هذا، ولعنة النساء الحريرات اللائي تشردن، ولعنة الأطفال الذين تشردوا وحرموا من لعبة شليل وينو أكلو الدودو وتجاوزتهم سنون التعليم، وصادقوا أعداء وطنهم الفرنجة الذين تسببوا في عنتهم من أجل كسب قطعة حلوى أو بسكويت، ولعنة الديار المهجورة الطاهرة التي كان يصدح في سمائها القرآن، وتشهد عليه أشجار الهشاب والهجليج والطلح واللعوت والسدر، وتسمعه الهوام بين شعاب الجبال وقمحها والطيور في أوكارها، لعنات كل هؤلاء حملت يوري موسيفيني إلى الخرطوم والجلوس بكل صدق وشفافية مع شقيقه المشير البشير رئيس الجمهورية لتفضي الزيارة بتسونامي حطم أحلام وبدد آمال قادة التمرد السودانيين، وعلى رأسهم مالك عقار إير رئيس الجبهة الثورية التي تنضوي تحتها فصائل متمردي جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ومتمردي فصائل دارفور، ولعب الفأر في عبهم من مصير مستقبلهم المظلم عندما يطردهم يوري موسيفيني من دولته يوغندا، ويجفف منابع شركاتهم الاستثمارية التي أسست بدماء أهلهم ويصادر أعداء وطنهم ويحذو حذوه سلفاكير ميارديت رئيس دولة الجنوب بالاستغناء عن مساعدات فصيل العدل والمساواة، ويقول لهم اتطلبوا الله، فإن ارض الله واسعة وأتركونا وحدنا نعالج جراحاتنا.
إن المشير البشير رئيس الجمهورية قد ناشد حاملي السلاح ضد الدولة مراراً وتكراراً حتى بح صوته ليضعوا السلاح ارضاً ويحكموا عقولهم والعودة إلى الداخل بضماناته الشخصية والجلوس للحوار لإنهاء الاقتتال وحقن الدماء والوصول لكلمة سواء لتدور عجلة التنمية والاعمار، فأبوا وتفتتوا واختاروا الانقياد لأعداء وطنهم لتدميره بأياديهم، وقتل مواطنيه الابرياء بوعود سراب للوصول إلى السلطة عبر فوهة البندقية، ولكن طال الزمان واتهدت صفوفهم وتبعثرت وخارت قواهم وسئمت قواتهم القتال وانشقت فصائل منهم ولحقت بقطار السلام، وذلك للضربات الموجعة التي تلقوها من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والقوات الامنية الاخرى، لقد سدت عليهم الدروب بمخرجات زيارة يوري موسيفيني ود. رياك مشار فأين المفر؟ وأحسب أن الحل يكمن في تلبية نداء المشير البشير رئيس الجمهورية الذي أعلن العفو العام عن كل حاملي السلاح، وأجزم أنه صادق في قوله وأفعاله، ولن يستغل فرصة ضعفهم ليستثمروها لتركيعهم واذلالهم، بل سيرحب بقدومهم معززين مكرمين لأنهم أبناء السودان، والجلوس معهم بكل صدق حتى تعود دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق لسيرتها الأولى، ليأخذ كل صاحب حق حقه وتتصافى النفوس ويلم الشمل، ويعود كل إلى دياره وحقله وعمله وتندمل الجراح وتزول المراراتن وتغادر بعث الأمم المتحدة المنظمات الأجنبية إلى دولها وتسكن زخات الذخيرة إلى الأبد، ويعيش الجميع في سلام ووئام والسودان حدادي مدادي، يسع الجميع.
والله من وراء القصد وهو المستعان

الأحد، 20 سبتمبر 2015

السودان وعلاقاته الدولية .. توسيع هامش المناورة!

لم يكن أمراً سهلاً أن يدير بلد كالسودان علاقاته الإقليمية في ظل الأوضاع الدولية الراهنة حيث تطارد الولايات المتحدة دون وازع أو حياء مصالحها الخاصة، والخاصة جداً غير عابئة بمقتضيات العلاقات الدولية وفرضية تبادل المصالح والاحترام المتبادل، وحيث تسود أورقة المنظمة الدولية قواعد دولية بالية تسحق الضعفاء وتساند الأقوياء، وحيث تعاني أمم وشعوب العالم التواقة للتقدم عقبات ومصدّات القوى الاستعمارية التي لا تدع أبداً من يود الصعود أن يصعد إلى الأعلى إذا لم تكن لها من وراء ذلك مصلحة عامة.
ولهذا فإن اتجاه السودان في الوقت الراهن باتجاه (البحث عن مصالحه) بكل ما يتطلبه ذلك من مناورة القوى الكبرى أو مسايرة بعضها وعدم اليأس من التحدث بنعومة مع دول أخرى، وهو بلا شك ما بات يتيح له حالياً هامشاً جدياً للغاية للحركة والمناورة.
صحيح إن العالم حالياً يكاد يسود فيه قطب واحد يتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية، وصحيح أيضاً إن تأثير القوى الكبرى الأخرى اقل منها ولكن من المؤكد أن بعض القوى الكبرى وإن لم تصل إلى درجة محاذاة الولايات المتحدة إلا أنها باتت تكتسب أهمية إستراتيجية متزايدة في المعادلة الدولية.
الصين على سبيل المثال قوة دولية صاعدة، وروسيا هي الأخرى قوة دولية صاعدة بقوة وعلى ذلك فإن توجه السودان مؤخراً نحو ترسيخ علاقاته بهاتين القوتين الدوليتين إنما هو بمثابة إستراتيجية إنشاء خطوط متوازية عديدة تفتح باباً واسعاً للخيارات السياسية المطلوبة وهو ما يمكن أن نلحظه بوضوح في النقاط الآتية:
أولاً، توجه السودان نحو توثيق علاقاته الاقتصادية والتجارية مع جمهورية الصين ورفع معدل التعاون بين البلدين يعطي، بل أعطى السودان بالفعل هامشاً جيداً للمناورة، إذ انه ومع إنهمار سيل العقوبات الأحادية الجانب من قبل الولايات المتحدة على السودان منذ قرابة العقدين من الزمان فإن في استعانة السودان بالصين والاتجاه شرقاً مداواة فعلية لهذه العقوبات ومن شأن هذا التوجه أن يجبر واشنطن عاجلاً أم آجلاً على (تدارك) موقفها ومحاولة تصحيحه بحكم الأمر الواقع.
ثانياً، توجه السودان أيضاً نحو موسكو بشأن إمكانية معالجة قضاياه العالقة مع دولة الجنوب (رحلة موسكو الأخيرة) هو كذلك يتيح للسودان إيجاد (بدائل سياسية) في ظل أسلوب واشنطن الأقرب إلى المماطلة والتسويف وسوء النية كلّما تعلق الأمر بعلاقات جوبا الخرطوم.
واشنطن رغم كل ما تقوله علناً وتطرحه صراحة إلا انها لا تبدو جادة وعازمة مطلقاً على ترجمة أقوالها إلى أفعال وحقائق واقع. واشنطن أيضاً ظلت تمارس خداعاً صريحاً مع الخرطوم بشأن التطبيع معه إذ هو أنجز عدداً من مطلوباتها، وظل السودان ينجز تباعاً هذه المطلوبات دون أن تفي هي بوعودها السرابية!
ثالثاً، شعور واشنطن بأن السودان قادر على الفعل السياسي والاقتصادي على المستوى الدولي دون الحاجة إلى الوقوف على بابها هي وحدها منتظراً الإذن له بالدخول هو في حد ذاته بمثابة (نجاح) في وضع حد للحصار الذي تحاول واشنطن فرضه عليها.
السودان في الوقت الراهن ورغم كل المخاطر والتحديات الجسام التي تحيط به بدا على غاية الاستعداد بشأن حلحلة قضاياه مع كافة الأطراف دون أن ينتظر متى وكيف سوف تتشارك معه واشنطن في ذلك.
وهكذا، فإن مجرد توجه هذا البلد لتنويع خطوطه وخياراته والبحث عن طرق حل مشاكله دون التقيد بأي قطب دولي بعينه، وفي الواقع (الترجمة العملية) للقواعد السياسية التي ارتكز عليها هذا  البلد منذ عقدين ونصف، والتي تقوم على عدم وضع البيض كله في سلة قوة دولية بعينها أو ما يسمى اصطلاحاً باستقلال القرار؛ إذ كلما تنوعت خيارات السودان وتعددت علاقاته وإرتباطاته بالعديد من الأقطاب الدولية كلما منحه ذلك مساحة أرحب في الاختيار!

موسفيني في الخرطوم ...زيارة تجب ما قبلها من خلاف ...!!

حققت زيارة الرئيس اليوغندي يوري موسفيني للبلاد جملة مكاسب سياسية وأمنية فقد أكد الرئيسان السوداني المشير عمر البشير، واليوغندي يوري موسفيني، حرصهما على بذل كل ما يمكن لمنع اشتعال الحرب في دولة جنوب السودان، واتفقا على استثمار زيارة الأخير للخرطوم في فتح صفحة جديدة وتجاوز كل الصعاب في علاقات البلدين.
ووقَّع وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، ووزير التعاون الإقليمي اليوغندي، فليمون ماتيكي، قبيل مغادرة موسفيني، يوم الأربعاء، على (البيان الختامي) للمباحثات السودانية اليوغندية التي استمرت ليومين في الخرطوم برئاسة رئيسي البلدين.
وركزت المباحثات على الأوضاع الأمنية في الإقليم، وما يمكن أن تحدثه الحرب في دولة جنوب السودان من زعزعة للاستقرار بالمنطقة، حيث رحَّب الرئيسان بالاتفاق الذي توصل إليه طرفا النزاع في دولة الجنوب، وأكدا حرصهما على بذل كل ما يمكن لمنع تجدُّد الحرب مرة أخرى.

ونوه البشير – بحسب البيان- إلى الآثار المدمرة لحرب دولة جنوب السودان على السودان ويوغندا، حيث يعاني البلدان من إفرازاتها.
واتفق البشير وموسفيني على العمل جنباً إلى جنب وتحت مظلة إيقاد والاتحاد الافريقي، للحفاظ على السلم والأمن والاستقرار في المنطقة، وفي دولة جنوب السودان .
وقال البيان إن الرئيسين اتفقا على الوسائل المناسبة لتخفيف عبء ديون السودان، وطالبا الدول الأفريقية والمجتمع الدولي بالعمل على إيجاد وسائل لتخفيف عبء الديون السودانية والأفريقية.
واتفق الرئيسان على تعزيز ومواصلة التعاون بينهما في المسائل الأمنية بما يحقق مصالحهما وتنشيط اللجنة الأمنية المشتركة، وتعزيز برامج التدريب والتعاون في المجال العسكري للبلدين.
ووجَّها رؤساء أجهزة الأمن والمخابرات في البلدين بالعمل لتعزيز التعاون وتنسيق الجهود في المجالات الأمنية، بما في ذلك استئناف عمل اللجنة الأمنية المشتركة، بهدف التغلب على الخلافات الأمنية بين الجانبين.
وتوصل الجانبان – بحسب البيان الختامي - إلى تفاهمات مهمة متعلقة بالجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والإتجار بالبشر، وتطرقا إلى الأخطار الناشئة من انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة في المنطقة ووسائل مكافحتها والقضاء عليها.
وشجع الرئيسان الوزراء المختصين على توقيع مذكرات تفاهم بين وزارتي الداخلية في البلدين، وأخرى بشأن التعاون في مجال التعليم العالي والشباب والرياضة، بجانب الاتفاق على آليات تنشيط وتحسين التجارة والاستثمار، وتأسيس مجلس مشترك لرجال الأعمال.
وأشاد الرئيس اليوغندي،بالإنجازات التي حققها السودان في مجالي التصنيع والتعليم العالي، وقال إنهما من الوسائل التي تقود إلى النمو الاقتصادي وإخراج دول القارة الأفريقية من وهدتها الراهنة .وقال موسفيني في محاضرة ألقاها بقاعة الصداقة، يوم الأربعاء، إن الموارد البشرية أهم موارد أفريقيا التي ينبغي الاهتمام بها، وأن التعليم أفضل وسائل لتنمية الموارد وهو طريق سلكه السودان ، وأشار إلى أن الموارد الطبيعية والأنشطة المختلفة ستؤدي إلى إنتاج يفوق حاجة البلاد، وأن عليها إن أرادت الخروج بإنتاجها أن تتجه للتصنيع، بحيث تتوفر فرص المنافسة والتسويق وبالتالي النماء والرفاهية متاحة .وقال موسفيني إنه قام ضمن زيارته للخرطوم بزيارة بعض مواقع التصنيع، وأضاف" خرجت بانطباع أن السودان قد أدرك كيفية تخطي ما أسماه أحد المعوقات التي حالت دون تطور البلدان الأفريقية"، واضاف" إن السودان قد أطلق على هذه المعوقات "عنق الزجاجة " الذي لن يحدث تطور لدول المنطقة إلا بتخطيه".وقال موسفيني إنه زار إحدى الجامعات السودانية، مشيراً إلى أن السودان قد أدرك أهمية التعليم العالي مثلما فعلت بلاده، وأشار إلى أن دولاً مثل اليابان وهولندا لا تمتلك موارد طبيعية ولكنها اتجهت إلى التعليم والتصنيع وقد تمكنت من النمو والتقدم اقتصادياً وحضارياً.

هل قرار مجلس السلم الإفريقي قابل للمراجعة؟

بعض الناقمين على الحكومة السودانية ومن بينهم العديد من قادة القوى المعارضة يحذرون الحكومة من ما يتعقدون أنها مواجهة خاسرة سوف تخوضها في مواجهة الاتحاد الإفريقي تلحق بالحكومة أضرار كثيرة على خلفية مساندة ودعم الاتحاد الإفريقي للسودان في قضايا دولية عديدة أبرزها  محكمة الجنايات الدولية.
الدكتور غازي صلاح الدين زعيم حركة الإصلاح الآن كان أول من تنبأ بأن الحكومة سوف تقبل لا محالة بقرار مجلس السلم الإفريقي عازياً ذلك لعدم قدرة السودان على الدخول في مواجهة مع الاتحاد الإفريقي وخسرانه لدعمه. ولا شك أن السودان وفقاً لخطوطه الدبلوماسية العامة لن يسعى لخسارة الاتحاد الإفريقي أو الدخول معه في مواجهة، بل أن علينا أن نصحح المفهوم الخاطئ الذي يعتبر إن أي موقف مخالف لأي قرار إقليمي أو دولي هو بمثابة (مواجهة مع الجهة الإقليمية أو الدولية مصدر  القرار)!
علينا أن نتذكر أن مجلس الأمن الدولية أصدر أكثر من 20 قراراً طوال السنوات الماضية ضد السودان ورفضها السودان، ومع ذلك فهو لم يدخل في مواجهة مع المجتمع الدولي وذلك ببساطة لأن قرارات المنظمات إقليمية كانت أو دولية هي في خاتمة المطاف -وفقاً للقانون الدولي نفسه- قابلة للقبول وقابلة للرفض ولا تحمل صفة إلزام تلقائية مهما كانت أهميتها، وعلى ذلك فإن من المهم أن نشير في هذا الصدد إلى عدة أمور بشأن قرار مجلس السلم الإفريقي الأخير.
أولاً، لا يعني صدور قرار من مجلس السلم الإفريقي أن القرار (محل إجماع) بين أعضاء المجلس ومن باب أولى لن يكون محل إجماع بين كل أعضاء دول الاتحاد الإفريقي. الذين يعرفون طبيعة تكوين وهياكل الاتحاد الإفريقي وطريقة عمل إصدار القرارات يدركون أن هناك دولاً ربما لديها تحفظات وأخرى تساند موقف السودان ودولاً أخرى لديها القابلية لتفهم موقف السودان. الأمر ليس على إطلاقه كما يتبادر إلى البعض.
ثانياً، السودان ليس في حاجة لرفض القرار الإفريقي بطريقة حادة بذات القدر الذي عليه ألا يقبل بالقرار على طريقة (السمع والطاعة) إذ لا تزال هناك (فسحة دبلوماسية) كافية لشرح وجهة نظره ومواقفه والخطوات السياسية التي يقوم بها لحل النزاع السوداني، إذ ليس من الصعب أو المستحيل مجاملة مجلس السلم الإفريقي بشأن قراره وإثبات خطأ تصوراته لأن قضية الحوار وعلى النقيض ما بدت لمجلس السلم الإفريقي ليست مساوية أو مماثلة للتفاوض. كما أن طبيعة الأزمة السودانية تتطلب استصحاب أمور بعينها غفل عنها القرار.
ثالثاً، مجلس السلم الإفريقي لديه صحيفة بيضاء جديدة لمواقف السودان بشأن أزماته وكيف أن السودان ابتكر قضية البعثة المشتركة المعروفة باليوناميد حرصاً منه على ضرورة الوجود الإفريقي في الأزمة، كما أن السودان نفذ كل التزاماته بشأن اتفاقية نيفاشا 2005 وسعى لحل أزمة دارفور عبر منبر الدوحة وما يزال.
هذه كلها مؤشرات على أن السودان لديه (أيادي نظيفة) تستلزم تفهم موقفه ومراجعة الخطوات التي يقوم لها حالياً ووضعها الاعتبار. وأخيراً فإن موقف الاتحاد الإفريقي من المحكمة الجنائية هو ليس موقفاً (مفصلاً ومخصوصاً) للسودان وحده، هو موقف يهم كل دول القارة وليس معنى اختلاف السودان مع مجلس السلم الإفريقي في شأن ما، هدم موقف دول الاتحاد من الموقف الجماعي العام، ولذلك ليس على السودان أن يقلق من هذه الناحية وليس على المعارضين أن يذكروه بضرورة أن يقلق!

مشار وموسفيني.. «أبيي» و«قولو»!!

لماذا يستعجل الدكتور رياك مشار نائب رئيس جنوب السودان السابق و«اللاحق» بإذن الله، عقد مصالحة بينه وبين الرئيس اليوغندي موسفيني إبان زيارته إلى السودان أخيراً، ومعلوم أن برنامج المفاوضات بين سلفا كير ومشار يمضي بقوة بواسطة الإرادة الأمريكية علناً وبالتخطيط اليهودي سراً للتوصل إلى مصالحة تعيد الأوضاع الدستورية في جوبا سيرتها الأولى مع اختلاف شكلي متوقع؟! > ومشار حينما يعود أو يُعاد بالأحرى إلى السلطة في جوبا سيجد نفسه تلقائياً قد عاد صديقاً للنظام اليوغندي، وعادت مع اتجاه نهر النيل الأبيض مياه الصداقة إلى مجاريها بعد مصادفة الالتقاء في الخرطوم كما قال بروفيسور غندور، حيث قال «وجود مشار أثناء زيارة موسفيني مصادفة». > والمشكلة الحقيقية والمؤلمة جداً ليست في أن يتصالح ويتسامح مشار وموسفيني هنا في الخرطوم قبل الفراغ من مفاوضات الحكومة والمعارضة الجنوبيين.. وإنما المشكلة في أن هذا التصالح والتسامح يأتي بعد أن تسبب موسفيني في دق أقوى أسفين في التعايش السلمي بين قبيلتي الدينكا والنوير. > الحرب بشكلها السياسي يمكن أن تتوقف هناك في جنوب السودان بعد التوصل إلى اتفاق بين سلفا كير ومشار في الوقت الذي أرادته القوى الأجنبية، وكان يمكن أن يكون هذا الوقت قبل عامين في فجر اندلاع التمرد وانشقاق جيش الحركة الشعبية المعتمد كجيش للدولة الجديدة للأسف. > ومشار يمكن أن يقوم بزيارات إلى يوغندا يخيم عليها الحذر والعظة من مصير قرنق.. فلا يطير إلى هناك ومن هناك بطائرة يوغندية حتى ولو كانت طائرة موسفيني فربما يستغني عنها. > وستجد حكومة جوبا أنها في عامين ثبت لها أنها ليست حكومة دولة بها شعب موحّد بقيم وطنية وتملك موارد يمكن استغلالها لرفاهيته، وإنما هي إدارة محلية لمنطقة نفوذ أجنبي إذا اقتضت المصلحة الأجنبية إشعال الحرب أشعلتها القوى الأجنبية بهز القيم العنصرية هناك، وإذا اقتضت إيقاف الحرب أجبرت الطرفين بعد القتل والجراح والخراب على الجلوس للتفاوض. > والصداقة مع أمريكا أو يوغندا أو إسرائيل لا تعني بالضرورة أن تفيد في حماية الأمن والاستقرار وإنعاش التنمية باستغلال الموارد الموجودة في باطن وسطح الأرض. فهذه الدولة المتآمرة التي تمثل محور الشر داخل إفريقيا خرج من رحم صداقتها مع جنوب السودان القتل والسحل والاغتصاب والدمار والخراب في فترة وجيزة.. في عامين. > ولذلك لو كانت زيارة مشار إلى الخرطوم لمعالجة تصريحات سبق أن أطلقها للكسب السياسي في بداية انفجار معركته مع سلفا كير مثل قوله إن «أبيي» جنوبية.. والتأسيس لعلاقات دبلوماسية مميزة يستفيد من خلالها مستقبلاً بعد عودته إلى السلطة في جوبا في إدارة شؤون بلاده، فهذا هو الأفضل له طبعاً. > لكن إذا كان يريد لقاء موسفيني بخلاف ما قال بروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية لشأن مستقبلي، فإنه إذن لم يستوعب الدروس. فالدول الإفريقية لا تستفيد إلا ممن يعاديها لأنه يكون عدواً واضحاً يسهل تجنبه. > أما إذا كان وجود مشار في مناخ زيارة موسفيني إلى الخرطوم مصادفة كما قال غندور، فكان من الأفضل أن يؤجل مشار مجيئه أو لا يسعى للقاء موسفيني هنا في الخرطوم، ليتأكد للناس أنها بالفعل مصادفة كما قال غندور. > ومشار بدلاً من أن يسعى للقاء عدو بلاده الخفي وعدو قبيلته الظاهر بدعم حكومة جوبا لضربهم وارتكاب الفظائع ضدهم وضد الشلك أيضاً، فكان عليه أن يفتح ملف احتلال منطقة «قولو» في جنوب السودان. > فهي تحتلها يوغندا. وهذا أفضل من أن يصمت عن احتلالها ويتحدث عن تبعية «أبيي» منطقة المسيرية إلى جنوب السودان رغم أنف التاريخ والجغرافيا وحدود عام 1956م وقبلها حدود ونجت باشا عام 1905م. > وبعد أن يسحب موسفيني مستقبلاً قواته من جنوب السودان فينبغي أن يكون سحبها أيضاً من «قولو»، فهي منطقة في جنوب السودان حسب حدوده المعتمدة.. حتى لا تدخرها القوى الأجنبية لإشعال فتيل حرب قادمة بين الدولتين مستقبلاً حسب ما تقتضي مشروعات التآمر الأجنبية المغطاة في تينك الدولتين بالصداقة الوهمية.

الأربعاء، 16 سبتمبر 2015

من مفارقات قرار مجلس السلم الإفريقي الأخير!

هنالك مفارقة بالغة الغرابة في قرار مجلس السلم الإفريقي الأخير المتعلق بحل الأزمة السودانية؛ فمن جانب أول فإن مجلس السلم الإفريقي وبحسب بنود ميثاق الاتحاد الإفريقي لا يملك الحق مطلقاً في التدخل في أزمة داخلية في أي دولة افريقية إلا إذا طلبت تلك الدولة ذلك، أو أن الأزمة كانت تشكل -عبر وقائع واضحة- تهديد جدي للسلم والأمن الإفريقي.
من البديهي أن الحكومة السودانية لم تطلب من مجلس السلم الإفريقي التدخل في الراهن السوداني وليس أدل على ذلك من  أن الحكومة السودانية وبمبادرة خاصة منها -طوعاً واختياراً- طرحت مشروع الحوار الوطني في يناير 2014م، واتخذت الأطروحة تفاعلات عدة حتى تبلورت في الموعد المضروب حالياً في العاشر من أكتوبر المقبل بعد عقد جمعية عمومية للقوى المشاركة عقت ثلاث مرات.
ليس من المألوف في مثل هذه الحالات أن تتدخل أي منظمة إقليمية أو دولية في عملية سياسية سلمية قائمة على إرادة وطنية داخلية، بل على العكس تماماً فإن المنظمات الإقليمية والدولية مطالبة بتشجيع الإرادة الوطنية داخل بلدان القارة لتأسيس إرادة داخلية قادرة على تجاوز الأزمات تقلل بصفة تدريجية من العبء الملقي على عاتق هذه المنظمات.
المنظمات الإقليمية والدولية وجدتا أصلاً لتدفع الجهود الداخلية الوطنية لأي بلد ولا تتدخل إلا في حالة استعصاء الحل وابتعاد المسافة بين الفرقاء. الغريب هنا أن ذات مجلس السلم الإفريقي لم يسع لاتخاذ قرار مماثل بشأن الصراع الجنوبي على الرغم من أن الأخير فاق كل التصورات وبات يتهدد جدياً ليس فقط بإنهيار وتلاشي الدولة الجنوبية ولكن بتعميق الأزمة في دول الإقليم لأنه صراع عبثي قائم على القبلية وحب السيطرة على السلطة والثروة.
مجلس السلم الإفريقي لم يلمس من الفرقاء الجنوبيين أدنى إرادة لحل أزمتهم المتفاقمة، ومع ذلك لم يتحرك على هذا النحو الجاري في السودان! ومن جانب ثاني فإن الاتحاد الإفريقي الذي يتبع له مجلس السلم الإفريقي لديه اعتراف قانوني قاطع بشرعية الحكومة السودانية الحالية وفقاً للانتخابات الأخيرة التي جرت في ابريل 2015م، وهو بهذا يدرك أن عليه أن يضع في اعتباره أصوات الذين صوتوا لصالح الحكومة الحالية باعتبارهم أناس سودانيون يدعمون مشروع الحوار الوطني الذي بادرت به الحكومة السودانية وربما صوتوا لها -خصيصاً- من أجل هذا المشروع كونه مشروعاً سودانياً خالصاً ينبغي أن يعطى الوقت الكافي لتحقيق النتائج المرجوة منه. فهل تحول موقف الاتحاد الإفريقي ليعمل ضد مصلحة أغلبية السودانيين؟ وما هي مصلحة الاتحاد في الوقوف ضد إرادة شعبية كاسحة؟
ومن جهة ثالثة فلنفترض أن هناك قوى سياسية معارضة بالداخل لا توافق على نقل الحوار إلى الخارج وإشراف أطراف إقليمية أو دولية عليه (البعث على سبيل المثال) هل في هذه الحالة يسقط مجلس السلم مواقف ورؤى هذه القوى ولا يضع لها اعتباراً؟ بل أليست هنا النتيجة واحدة، بنقصان الحاضرين للحوار ؟
إذا كان مجلس السلم الإفريقي يتحجج بحق بعض القوى المسلحة والقوى السياسية في حضور الحوار، بمعنى أكثر دقة ووضوحاً ماذا سيفعل مجلس السلم إذا ما وافقت الحكومة السودانية على قراره في حين عارضته قوى داخلية معارضة أخرى؟
وأخيراً فإن مجلس السلم الإفريقي بقراره هذا هل استخدم (معياراً معيناً) ليقيس به أوزان القوى التي تريد أن يجري الحوار في الخارج وبإشراف إقليمي ودولي وتلك التي تقف مع الحل الوطني الداخلي؟ إذا كان للمجلس معياراً بهذا الصدد فهو دون شك أخطأ في النتيجة وهذه مصيبة وإذا لم تكن له معايير، فإن المصيبة بالطبع أعظم وأجل!

فاتو بنسودة .. خدعة الأمم المتحدة لشعوب العالم

يبدو أن الغامبية فاتو بنسودة مدعية ما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية تسير على خطى سلفها أوكامبو، هذا ماتؤكده تصريحات وتحركات المرأة التي تعلن في كل وقت وفي كل حين إنها تدرس توجيه تهم جديدة إلى مسؤولين سودانيين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، أتي في وقت تتحدث فيه الشواهد والأرقام بحدوث تقدم ملاحظ على أرض دارفور في فيما يتعلق بالمسيرة السلمية هناك كما يعيد ذاك التلميح جدلية وشكل تعامل السودان مع هذه المحكمة الدولية رغم إغلاق الخرطوم لهذا الباب بـ(الشمع الأحمر) كما يقال، وقبلها يغري هذا التصريح المنقبون بالعودة مجدداً إلى خلفيات وحيثيات تعيين بنسودة مدعية عامة للجنائية الدولية.
ويبدو أن الغامبية فاتو بنسودة المدعية الجديدة للجنائية الدولية تسير على خطى خلفها الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو، فالمجيءقبل نحو عامين بفاتو مثل دون شك أكبر خدعة ترتكبها الأمم المتحدة في حق الأفارقة. ذلك أن بنسودة شغلت قبل تعينها مدعية عامة منصب مساعد المدعي العام السابق أوكابمو وهي تحذو الآن خطاه لملاحقة المسؤولين الأفارقة في كل من السودان ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا وغينيا، وأخيرا وليس بآخر، في كل من ساحل العاج وليبيا.
ولم يكن تعيين السمراء فاتو بنسودة سوى لذر الرماد في العيون حتى يتسنى للمحكمة الجنائية ضرب العرب والأفارقة بامرأة أفريقية.
فما يحدث في كواليس محكمة الجنايات الدولية يذكرنا بالقرون الحالكة التي شرّعت لتجارة الرقيق، و للتذكير هذا ما قاله الفرنسي فولتير، «الأب الروحي لحقوق الإنسان» لتبرير ممارسة العبودية في حق السود: (نحن لا نشتري العبيد سوى من عند التجار الزنوج... هناك من يلومنا على هذه التجارة لكن اعلموا أن القوم الذي يبيع أبناءه أجدر بالإدانة من المشتري)
...إذا هذا هو الدور المخول إلى فاتو بنسودا: تبيع الحق الإفريقي كما باع غيرها ككل الحق العربي للسماسرة الصهاينة والصليبيين.
ومع استعجال فاتو لمجلس الأمن بتحريك ملف دارفور فإن الواقع يذهب في اتجاه أن العلاقة بين مجلس الأمن والمحكمة الجنائية فيما يخص إنفاذ قواعد ميثاقها تظل محل خلاف قانوني وسياسي دولي، فمجلس الأمن يعدّ جهازا سياسيا مرجعيته ميثاق الأمم المتحدة بينما توصف المحكمة الجنائية بأنها جهاز قضائي مرجعيتها ميثاق روما.
وفي السنين الأخيرة اضطرت المحكمة الجنائيَّة الدولية إلى مواجهة انتقادات كثيرة ، وقد وُجِّه معظمها إلى مدعيها العام لويس مورينو أوكامبو، الذي وُصف بالمثير للشفقة والمتكبر. يأمل الباحثون القانونيون أن يتبدّل هذا الوضع مع خلفه فاتو بنسودة، التي انتخبت أخيراً. مقال من «شبيغل» حول أوكامبو وإخفاقاته...لعل المنصب الأكثر بروزاً وأهمية في هذه الهيئة مركز المدعي العام. تبوأ الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو هذا المنصب منذ شهر يونيو عام 2003. ثم خلفته نائبته، فاتو بنسودة (محامية من غامبيا)، في يونيو 2012. انتخبها الأعضاء المئة والعشرون في المحكمة الجنائية الدولية بالإجماع في 12 ديسمبر 2011م، واعتبرها المراقبون - حينها - خياراً جيداً، لا لأنها امرأة أفريقية فحسب، بل أيضاً لأنها تعلمت على الأرجح من أخطاء سلفها ( أوكامبو ) الذي لا يذكره ( أحد ) بخير أبدا فخبراء القانون لم ينظروا بعين الرضا إلى أداء مورينو أوكامبو. كتب ديفيد كاي، خبير في القانون الدولي، حكماً قاسياً بحقه في مجلة Foreign Affaires. حمل مقاله عنواناً معبراً: «مَن يخشى المحكمة الجنائية الدولية؟». تناول كاي أخطاء مورينو أوكامبو، بما فيها «أسلوبه في الإدارة واتخاذ القرارات، الذي أدى إلى تهميش أعوانه ومسؤولي المحكمة على حد سواء»، «صراعات تافهة حول الصلاحيات والموارد»، «اتخاذ قرارات عشوائية»، «سلوك متسرع»، و{تُهم بتسييس بعض القضايا». يتابع كاي موضحاً أن إخفاقات مورينو أوكامبو القضائية المتكررة شككت في مدى فاعلية منصبه. وللأسف يبدو أن فاتو لم تتعلم من أخطاء سلفها أوكامبو.

 

الرئيس كير واعترافات لصالح السودان بعد فوات الأوان!

في رسالة بعث بها مؤخراً عبر مبعوث خاص إلى الرئيس السوداني البشير قال الرئيس الجنوبي سلفا كير ميارديت انه يعتقد أن الرئيس البشير أفضل من بإمكانه التوسط لحل النزاع الجنوبي الجنوبي مبرراً ذلك بمعرفة البشير بالقادة موضوع النزاع وبطبيعة وأبعاد الصراع في الدولة الجنوبية الوليدة!
لو أن أحداً غير الرئيس الجنوبي كير أقرّ بهذه الحقيقة لما كان الأمر يستوقف أحداً، إذ المعروف للقاصي والداني انه وبالفعل لن يجد القادة المتصارعين في جوبا أفضل من الرئيس البشير -قائده السابق- لحسم صراعهم الدامي المرير. ولكن أن يقول ذلك ويعترف هذا الاعتراف الجهير، الرئيس كير نفسه، فإن من المؤكد إن الأمر يستوقف المراقبين ويثير تساؤلاتهم.
فمن جهة أولى فلو أن هذه هي عقيدة الرئيس كير بحكم معرفته بالرئيس البشير، خاصة وأنه عمل تحت إمرته بالقصر الرئاسي لست سنوات، فإن التساؤل هنا يثور بقوة بما إذا كان الرئيس كير ظل وما يزال يسعى للنيل من رئيسه السابق عبر دعم بلاده للحركات السودانية المسلحة غير آبه بمخاطر هذا الدعم، غير مكترث بمآلاته. فحين تضع ثقة كاملة في شخص ما على أنه قادرة على حل أزمة خاصة بك، فإن من غير الموضوعي -بحكم هذه الثقة- أن تسعى للنيل من الشخص نفسه وأن توجه له الاتهامات بأنه دعم المعارضة الجنوبية ضدك!
الرئيس كير بهذه المفارقة أدان موقفه بنفسه وحرر صك براءة للرئيس البشير. ومن جهة ثانية فإنه إذا كان الرئيس البشير هو الأقدر على حل النزاع الجنوبي الجنوبي والرئيس كير يعرف ذلك، لماذا إذن سعى الرئيس الجنوبي للاستعانة بالقوات اليوغندية المنتشرة بكثافة على نطاق واسع بدولة الجنوب ثم استعان بالحركات السودانية المسلحة؟
أما كان الأفضل منذ لحظة اندلاع الصراع، أن يسارع الرئيس كير بالاستعانة (برئيسه السابق) ويطلب من السودان رسمياً التوسط لدى الطرفين دون أن يستعين بقوات يوغندية وحركات مسلحة؟ إن الرئيس الجنوبي بهذا أقرَّ بأنه ظل يلف ويدور لحوالي عامين قتل خلالها الآلاف ولجأ الآلاف ليعود بعد كل هذه العناء ويقرر قدرة السودان -منذ البداية- على حل أزمة بلاده! هذا الدوران الشاق والطويل في علم السياسة يعتبر بمثابة تعميق للأزمة وتوسيع لمدى نطاقها دون طائل.
ومن جهة ثالثة فإن إقرار الرئيس كير بقدرة البشير على الحل يستلزم -بالتزامن مع هذا الإقرار- الاعتذار رسمياً عن مزاعم جوبا بدعم الخرطوم للمتمردين الجنوبيين، فلا يمكن لعاقل أن يصدق أن طرف ما في الصراع يستعين بوسيط يعتبر هو الداعم للطرف الآخر! وعلى كل فإن الرئيس الجنوبي في الواقع أعطى الدليل العملي على أن الدولة الوليدة هي بالفعل في حاجة ماسة جداً لنفض الغبار عن اتفاقية التعاون المشترك الموقعة بين الطرفين في سبتمبر 2012م، فالذي فات على الرئيس الجنوبي وقادته في ذلك الحين -قبل أكثر من 3 أعوام- أن السودان كان (قارئاً جيداً) لمآلات الأوضاع في دولة وليدة قائمة على أساس قبلي، قادتها ليسوا على توافق كامل، ولهذا كان حرص السودان من وراء اتفاقية التعاون المشترك ترسيم الحدود وتأمينها لمنع أي عمل مسلح من طرف ضد آخر، وتفعيل حركة التجارة بين البلدين لصالح التنمية، وتبادل الخبرات في المجالات كافة، ومعالجة اتفاقية التعاون المشترك تلك دون أن يعلم حينها أنها روشتة العلاج الشافية.

جوبا .. دعم قائم لمتمردي السودان

جوبا مدينة داعمة وتتحرى دعم متمردي السودان ، هذا ما أكدته وثيقة صادرة عن وزارة الدفاع بدولة جنوب السودان أشارت إلى استمرار دعم جوبا العسكري بالمؤن والعتاد الحربي للفرقتين التاسعة والعاشرة بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان رغم إعلان جوبا فك ارتباطها مع متمردي قطاع الشمال ، فالخطاب الصادر عن مكتب مدير الدعم والإسناد بوزارة الدفاع بجوبا كشف عن توفير دعم للفرقتين المتواجدتين داخل الحدود السودانية والتي ينطلق منهما العمل العسكري لمتمردي قطاع الشمال والجيش الشعبي ،إذا جوبا لا زالت على أرتباط بما يسمى بالحركة الشعبية – قطاع الشمال- رغم المطالبات المتكررة لحكومة دولة جنوب السودان باتخاذ قرارات قانونية وفورية لفك الارتباط السياسي والعسكري عن قطاع الشمال. لإغتفاق أديس الأخير يلزم الحركة الشعبية بتطبيق بنود اتفاق التعاون المشترك الثمانية كدفعة واحدة مع اعطاء الترتيبات الامنية اولوية، والتي من ضمنها فك الارتباط عن ما يسمى بقطاع الشمال، وهو أمر يراه مراقبون سيسهم في إيجاد مخارج وتسويات سياسية مرضية للطرفين
وبالعودة إلى الوثيقة الخطيرة التي نشرتها صحف الخرطوم من قبل فإن خطاب الوثيقة اشار إلى توجيه مدير إدارة الإمداد بوزارة الدفاع بالجنوب الجنرال جون نيانق بتوفير كميات من الذخائر والأسلحة إلي جانب عدد من مركبات الدفع الرباعي وكميات من الوقود والملبوسات العسكرية الخاصة بالجيش الشعبي بالإضافة إلى كميات من الدقيق والأرز والإمدادات الطبية هذا ويكذب تاريخ إصدار الوثيقة في أغسطس الماضي إعلان جوبا فك ارتباطها بالفرقتين التاسعة والعاشرة ومتمردي قطاع الشمال.
ومع ظهور هذه الوثيقة فإن أمر تبرؤ جوبا عن قطاع الشمال بالحركة المتكرر والمزعوم ، يشير إلى مواصلتها سياسة الهروب إلى الأمام وإمعانها في المناورة دون إدارك لصعوبة التعقيدات التي تمر بها إقتصادياً وأمنياً، وربما دولياً كذلك، فالوضع الأمني بالجنوب لا يسر فيما يبدو، أما الوضع الإقتصادي، فهو على شفير الإنهيار حسب تقارير البنك الدولي، كما أن التفاوض ليس في سقوف زمنية مفتوحة هذه المرة، إذا فليس من مصلحتها أن تواصل ذاك الدعم الذي لن يعود عليها بنفع سياسي أو غيره.
وإنكار جوبا لعلاقتها مع الحركة الشعبية بشمال السودان في الوقت الحالي - على الأقل -لا يمكن بحال أن ينطلي على العالمين ببواطن الأمور في الجنوب والشمال، وبالتالي فإن التبرؤ منها -إن صح- فهو مناورة جديدة بحثاً عن ثمن مجزٍ قد تدفعه الخرطوم في المفاوضات، ثمناً يوازي ذلك الإعتراف العسير من جوبا. كالوصول لصفقة مثلاً في موضوع أبيي أو شيئاً من هذا القبيل. وبعد ذلك فستدير ظهرها لهم دون أن تقول لهم شكراً على خدماتكم الجليلة.فللحركة الشعبية في الجنوب تجارب تراكمية في التخلي عن تحالفاتها السياسية في السودان وهي عديدة تجعل الحديث عن إمكانية تضحيتها بقطاع الشمال في الحركة، وإنتهاء (شهر عسلهما) ، ثم تركه ليواجه مشاكله مع الحكومة بمعرفته كما يقولون بعيداً عن الدعم القادم من الجنوب، أمر وارد الحدوث، وإن كان غير منظور الآن. فقد تخلت الحركة في السابق عن التجمع الوطني الديمقراطي عندما جلست بشكل ثنائي مع الحكومة في نيفاشا، وتخلت عن التجمع في نسخته المعدلة (قوى جوبا) في معركة القوانين ، وتخلت عن منسوبيها من أبناء النوبة عندما اختارت الانفصال ، إلى جانب تضحيتها بحلفاء آخرين، الأمر الذي يجعل من تضحيتها بقطاع الشمال في الحركة ، على وثوق علاقته بها ، هو محض تضحية بحليف آخر، ولن يكون الأخير على الأرجح.

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015

جوبا .. دعم قائم لمتمردي السودان

جوبا مدينة داعمة وتتحرى دعم متمردي السودان ، هذا ما أكدته وثيقة صادرة عن وزارة الدفاع بدولة جنوب السودان أشارت إلى استمرار دعم جوبا العسكري بالمؤن والعتاد الحربي للفرقتين التاسعة والعاشرة بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان رغم إعلان جوبا فك ارتباطها مع متمردي قطاع الشمال ، فالخطاب الصادر عن مكتب مدير الدعم والإسناد بوزارة الدفاع بجوبا كشف عن توفير دعم للفرقتين المتواجدتين داخل الحدود السودانية والتي ينطلق منهما العمل العسكري لمتمردي قطاع الشمال والجيش الشعبي ،إذا جوبا لا زالت على أرتباط بما يسمى بالحركة الشعبية – قطاع الشمال- رغم المطالبات المتكررة لحكومة دولة جنوب السودان باتخاذ قرارات قانونية وفورية لفك الارتباط السياسي والعسكري عن قطاع الشمال. لإغتفاق أديس الأخير يلزم الحركة الشعبية بتطبيق بنود اتفاق التعاون المشترك الثمانية كدفعة واحدة مع اعطاء الترتيبات الامنية اولوية، والتي من ضمنها فك الارتباط عن ما يسمى بقطاع الشمال، وهو أمر يراه مراقبون سيسهم في إيجاد مخارج وتسويات سياسية مرضية للطرفين

وبالعودة إلى الوثيقة الخطيرة التي نشرتها صحف الخرطوم من قبل فإن خطاب الوثيقة اشار إلى توجيه مدير إدارة الإمداد بوزارة الدفاع بالجنوب الجنرال جون نيانق بتوفير كميات من الذخائر والأسلحة إلي جانب عدد من مركبات الدفع الرباعي وكميات من الوقود والملبوسات العسكرية الخاصة بالجيش الشعبي بالإضافة إلى كميات من الدقيق والأرز والإمدادات الطبية هذا ويكذب تاريخ إصدار الوثيقة في أغسطس الماضي إعلان جوبا فك ارتباطها بالفرقتين التاسعة والعاشرة ومتمردي قطاع الشمال.

ومع ظهور هذه الوثيقة فإن أمر تبرؤ جوبا عن قطاع الشمال بالحركة المتكرر والمزعوم ، يشير إلى مواصلتها سياسة الهروب إلى الأمام وإمعانها في المناورة دون إدارك لصعوبة التعقيدات التي تمر بها إقتصادياً وأمنياً، وربما دولياً كذلك، فالوضع الأمني بالجنوب لا يسر فيما يبدو، أما الوضع الإقتصادي، فهو على شفير الإنهيار حسب تقارير البنك الدولي، كما أن التفاوض ليس في سقوف زمنية مفتوحة هذه المرة، إذا فليس من مصلحتها أن تواصل ذاك الدعم الذي لن يعود عليها بنفع سياسي أو غيره.

وإنكار جوبا لعلاقتها مع الحركة الشعبية بشمال السودان في الوقت الحالي - على الأقل -لا يمكن بحال أن ينطلي على العالمين ببواطن الأمور في الجنوب والشمال، وبالتالي فإن التبرؤ منها -إن صح- فهو مناورة جديدة بحثاً عن ثمن مجزٍ قد تدفعه الخرطوم في المفاوضات، ثمناً يوازي ذلك الإعتراف العسير من جوبا. كالوصول لصفقة مثلاً في موضوع أبيي أو شيئاً من هذا القبيل. وبعد ذلك فستدير ظهرها لهم دون أن تقول لهم شكراً على خدماتكم الجليلة.فللحركة الشعبية في الجنوب تجارب تراكمية في التخلي عن تحالفاتها السياسية في السودان وهي عديدة تجعل الحديث عن إمكانية تضحيتها بقطاع الشمال في الحركة، وإنتهاء (شهر عسلهما) ، ثم تركه ليواجه مشاكله مع الحكومة بمعرفته كما يقولون بعيداً عن الدعم القادم من الجنوب، أمر وارد الحدوث، وإن كان غير منظور الآن. فقد تخلت الحركة في السابق عن التجمع الوطني الديمقراطي عندما جلست بشكل ثنائي مع الحكومة في نيفاشا، وتخلت عن التجمع في نسخته المعدلة (قوى جوبا) في معركة القوانين ، وتخلت عن منسوبيها من أبناء النوبة عندما اختارت الانفصال ، إلى جانب تضحيتها بحلفاء آخرين، الأمر الذي يجعل من تضحيتها بقطاع الشمال في الحركة ، على وثوق علاقته بها ، هو محض تضحية بحليف آخر، ولن يكون الأخير على الأرجح.

موسيفيني في الخرطوم.. زيارة نوعية...!!

بقلم : عمر احمد الحاج
يبدأ الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني اليوم الثلاثاء زيارة نوعية للبلاد تشكل اختراقاً كبيراً في العلاقات الثنائية والسياسية والدبلوماسية بين البلدين يعقد خلالها مباحثات قمة مع المشير عمر حسن احمد البشير رئيس الجمهورية تتعلق بتطوير العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
أن يأتي موسفيني إلى الخرطوم وأن ترحب الخرطوم بمقدمه هذه بوادر طيبة من شأنها أن تلعب دوراً مهماً وفاعلاً في إعادة العلاقات بين البلدين سيرتها الأولى وأبدى السودان عدة مرات رغبته في علاقات طيبة مع أوغندا تقوم قواعدها على حسن النوايا والتعاون والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وطي الملفات السوداء ووقف الاتهامات المتبادلة بينهما عبر وسائل الإعلام.
ترمومتر العلاقات بين الخرطوم وكمبالا ظل متذبذباً لسنين عديدة كلما يحدث تقارب وتستبشر خيراً وتأمل في عودة العلاقات إلى مسارها الطبيعي يظهر الأعداء بأجندتهم الخاصة ويقفون حجر عثرة في تطور علاقات الخرطوم وكمبالا فتعود العلاقات بينهما إلى المربع الأول.. مربع التوتر والبغضاء و(الكتمة الدبلوماسية) وهو مربع لن يقود إلى علاقات ثنائية مستقيمة ومستقرة وبناءة بين البلدين.
زيارة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني إلى الخرطوم غداً لها وقعها ونكهتها السياسية والدبلوماسية الخاصة وتصب في صالح الشعبين السوداني والأوغندي مباحثات القمة بين البشير وموسيفيني بالخرطوم غداً ستطرح كل القضايا والملفات المهمة بين البلدين وابرز واهم هذه الملفات.. ملف قضية جنوب السودان، ملف العلاقات الثنائية، ملف الجنائية الدولية ومهددات الأمن الاقليمي بالمنطقة.
دبلوماسية القمة التي ظلت تحرص عليها وزارة الخارجية السودانية هي نهج دبلوماسي حديث عبره تطرح كل الملفات والقضايا بين قيادتي البلدين ويجري حولها نقاش مباشر مستفيض يفضي إلى معالجتها وطيها مباشرة بقرارات رئاسية حاسمة توضح ملامحها في بيان يصدر في ختام المباحثات.
يرى المراقبون أن لقاء البشير – موسيفيني بالخرطوم له ما بعده خيراً واستقراراً على صعيد العلاقات بين الخرطوم وكمبالا وأن الملفات السوداء ربما يتم طيها بصورة نهائية وأن صفحة جديدة في علاقات البلدين ستبدأ بعد عودة الرئيس موسيفيني الى كمبالا لأن الكاريزما التي يتمتع بها البشير وموسيفيني في ادارة دفة العلاقات بين البلدين تتسم بالحكمة والشجاعة في  اتخاذ القرار الذي من شأنه أن يعيد الأمور بينهما الى نصابها والمياه التي كان معكراً صفوها الى مجاريها الطبيعية.

قرار مجلس السلم الإفريقي الأخير.. لغز سياسي محير!

بغض النظر عن أهداف وغايات مجلس الأمن والسلم الإفريقي من وراء قراره الأخير الذي ألزم فيه الحكومة السودانية بانجاز عملية سلمية شاملة في غضون 90 يوماً، بصرف النظر عما إذا كان المجلس باستطاعته فرض قراراته هذي ووضعها موضع التنفيذ في خاتمة المطاف؛ فإن الملفت للنظر في هذا الصدد أن مجلس السلم الإفريقي -بقراره هذا- بدا مقلداً بل وتجاوز حتى حدود التقليد والمحاكاة لمجلس الأمن الدولي، ذلك على الرغم من أن قرارات مجلس الأمن الدولي رغماً عن كل شيء، في الغالب تسبقها مشاورات وصياغات وتحرص بعض القوى الدولية على أن تأتي متوازنة ومحققة لمصالح العديد من الأطراف.
وما يلاحظ على قرار مجلس السلم الإفريقي الأخير: أولاً، أنه لم يأخذ بعين الاعتبار تاريخ الخطوات العملية العديدة المتخذة بشأن حل الصراع في إقليم دارفور (إتفاقية الدوحة) وجنوب كردفان والنيل الأزرق (مفاوضات أديس أبابا)، بل إن مجلس السلم -للغرائب والمفارقات- كان ولا يزال لصيقاً باتفاقية الدوحة التي وضعت كأنموذج لا مطعن عليه لحل أزمة دارفور كما كان ولا يزال لصيقاً وطرفاً جوهرياً في مفاوضات المنطقتين بأديس أبابا وهي مفاوضات تأسست على قرار صادر من مجلس الأمن الدولي.
تعثر مفاوضات المنطقتين لا يحتاج مجلس السلم لمن يحدثه عن الطرف المتسبب فيها إلا إذا كان المجلس يعاني من حالة النسيان. أما اتفاقية الدوحة فهي أسست لعملية سلمية قابلة لاستيعاب بقية الحركات الدارفورية أللهم إلا إذا كان مجلس السلم (لا يعترف) باتفاقية الدوحة.
ثانياً، فيما يتعلق بالقوى السياسية المعارضة، فإن أطروحة الحوار الوطني مهما كانت المآخذ عليها ومهما كانت سلبياتها وايجابياتها فإن أحداً لا ينكر أنها أطروحة طرحتها الحكومة السودانية ورعتها بنفسها ودعت إليها الآخرين بل وتحدد العاشر من أكتوبر المقبل موعداً لقيام فعاليات الحوار؛ هل من المنطقي والموضوعي القفز فوق كل هذه الحقائق والوقائع وإصدار قرار أشبه بقرارات (القضاء المستعجل) وكأن السودان ظل غارقاً في أزماته دون أي حلول أو مقترحات!
ثالثاً، قرارات مجلس السلم كان واضحاً أنها تعبر عن وجهة نظر خاصة بقوى المعارضة! مجلس السلم لم يفعل سوى أن قام عملية (نسخ) لوجهة نظر كل القوى المسلحة واعتبرها هي الأصوب من جهة نظره هو، ومن ثم أسس عليها قراره.
ولا شك أنه بموقفه هذا ليس بوسعه أن يصبح طرفاً موضوعياً، فتجربة العملية السلمية في السودان واضحة، هناك قوى معارضة ليس لها أي وزن ولكنها ذا صوت عالي، وهناك قوى معارضة مسلحة غرقت في مقاولات حربية، تمارس العمل المسلح بمقابل مادي لصالح بعض دول الجوار.
قوى بهذه الصفات لن تكون حريصة على حلول سلمية حقيقية ولا يمكن أن تفوت أمور كهذه على فطنة قادة ومسئولي مجلس السلم الإفريقي.
رابعاً، يدرك الكل -بما في ذلك أعضاء مجلس السلم- أن الحكومة السودانية سبق لها وأن أنجزت اتفاقية السلام الشاملة في نيفاشا 2005 من أول سطر حتى آخر سطر بما في ذلك تسليم وتسلم دولة جنوب السودان كاملة غير منقوصة إلى الحركة الشعبية عقب عملية الاستفتاء. ألا تكفي هذه التجربة الفريدة وحدها دليلاً على رغبة الحكومة السودانية وقوة إرادتها في إنهاء الأزمة السودانية؟
على كل فإن مجلس السلم الإفريقي لا يملك أكثر من إصدار قرار كهذا طالما أنه قرر مسايرة قوى المعارضة لأسباب يعرفها، ولكنه بالمقابل وضع هيبته على المحك وهو يغامر بتجاهل خطوات الحكومة السودانية.

الرئيس كير واعترافات لصالح السودان بعد فوات الأوان!

في رسالة بعث بها مؤخراً عبر مبعوث خاص إلى الرئيس السوداني البشير قال الرئيس الجنوبي سلفا كير ميارديت انه يعتقد أن الرئيس البشير أفضل من بإمكانه التوسط لحل النزاع الجنوبي الجنوبي مبرراً ذلك بمعرفة البشير بالقادة موضوع النزاع وبطبيعة وأبعاد الصراع في الدولة الجنوبية الوليدة!
لو أن أحداً غير الرئيس الجنوبي كير أقرّ بهذه الحقيقة لما كان الأمر يستوقف أحداً، إذ المعروف للقاصي والداني انه وبالفعل لن يجد القادة المتصارعين في جوبا أفضل من الرئيس البشير -قائده السابق- لحسم صراعهم الدامي المرير. ولكن أن يقول ذلك ويعترف هذا الاعتراف الجهير، الرئيس كير نفسه، فإن من المؤكد إن الأمر يستوقف المراقبين ويثير تساؤلاتهم.
فمن جهة أولى فلو أن هذه هي عقيدة الرئيس كير بحكم معرفته بالرئيس البشير، خاصة وأنه عمل تحت إمرته بالقصر الرئاسي لست سنوات، فإن التساؤل هنا يثور بقوة بما إذا كان الرئيس كير ظل وما يزال يسعى للنيل من رئيسه السابق عبر دعم بلاده للحركات السودانية المسلحة غير آبه بمخاطر هذا الدعم، غير مكترث بمآلاته. فحين تضع ثقة كاملة في شخص ما على أنه قادرة على حل أزمة خاصة بك، فإن من غير الموضوعي -بحكم هذه الثقة- أن تسعى للنيل من الشخص نفسه وأن توجه له الاتهامات بأنه دعم المعارضة الجنوبية ضدك!
الرئيس كير بهذه المفارقة أدان موقفه بنفسه وحرر صك براءة للرئيس البشير. ومن جهة ثانية فإنه إذا كان الرئيس البشير هو الأقدر على حل النزاع الجنوبي الجنوبي والرئيس كير يعرف ذلك، لماذا إذن سعى الرئيس الجنوبي للاستعانة بالقوات اليوغندية المنتشرة بكثافة على نطاق واسع بدولة الجنوب ثم استعان بالحركات السودانية المسلحة؟
أما كان الأفضل منذ لحظة اندلاع الصراع، أن يسارع الرئيس كير بالاستعانة (برئيسه السابق) ويطلب من السودان رسمياً التوسط لدى الطرفين دون أن يستعين بقوات يوغندية وحركات مسلحة؟ إن الرئيس الجنوبي بهذا أقرَّ بأنه ظل يلف ويدور لحوالي عامين قتل خلالها الآلاف ولجأ الآلاف ليعود بعد كل هذه العناء ويقرر قدرة السودان -منذ البداية- على حل أزمة بلاده! هذا الدوران الشاق والطويل في علم السياسة يعتبر بمثابة تعميق للأزمة وتوسيع لمدى نطاقها دون طائل.
ومن جهة ثالثة فإن إقرار الرئيس كير بقدرة البشير على الحل يستلزم -بالتزامن مع هذا الإقرار- الاعتذار رسمياً عن مزاعم جوبا بدعم الخرطوم للمتمردين الجنوبيين، فلا يمكن لعاقل أن يصدق أن طرف ما في الصراع يستعين بوسيط يعتبر هو الداعم للطرف الآخر! وعلى كل فإن الرئيس الجنوبي في الواقع أعطى الدليل العملي على أن الدولة الوليدة هي بالفعل في حاجة ماسة جداً لنفض الغبار عن اتفاقية التعاون المشترك الموقعة بين الطرفين في سبتمبر 2012م، فالذي فات على الرئيس الجنوبي وقادته في ذلك الحين -قبل أكثر من 3 أعوام- أن السودان كان (قارئاً جيداً) لمآلات الأوضاع في دولة وليدة قائمة على أساس قبلي، قادتها ليسوا على توافق كامل، ولهذا كان حرص السودان من وراء اتفاقية التعاون المشترك ترسيم الحدود وتأمينها لمنع أي عمل مسلح من طرف ضد آخر، وتفعيل حركة التجارة بين البلدين لصالح التنمية، وتبادل الخبرات في المجالات كافة، ومعالجة اتفاقية التعاون المشترك تلك دون أن يعلم حينها أنها روشتة العلاج الشافية.

الأربعاء، 9 سبتمبر 2015

آل محمود: وثيقة الدوحة لسلام دارفور تمكنت من الصمود أمام التحديات والصعاب

أكد السيد أحمد بن عبدالله آل محمود نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بدولة قطر ، أن وثيقة الدوحة لسلام دارفور قد تمكنت بفضل الله وبمساندة أهل دارفور والأطراف والمجتمع الدولي من الصمود أمام التحديات والصعاب.
وعزا آل محمود في الكلمة التي افتتح بها أعمال الاجتماع العاشر للجنة متابعة تنفيذ وثيقة الدوحة للسلام في دارفور اليوم بالدوحة، صمود الوثيقة لقناعة الجميع بأنها كانت شاملة واعترفت بالحقوق ووضعت نهاية للحرب وعالجت القضايا الانسانية وقضايا التهميش بجانب بعض القضايا الوطنية الأخرى وأصبحت المرجعية والإطار الذي يؤسس للسلام المستدام في دارفور.
واضاف أن الوضع الإنساني والأمني في دارفور يشهد تحسنا ملحوظا في ظل انحسار العمليات العسكرية الكبيرة خلال الفترة الماضية، .
كما لفت إلى أن هناك تقدماً ملموسا في سير عمليات إعادة الإعمار والتنمية، وأهاب في هذا الصدد بأطراف الوثيقة للإسراع في جهودهم نحو مخاطبة القضايا العالقة، وذكّرهم بقرار مجلس الأمن الدولي الذي أكد دعمه للوثيقة ، باعتبارها إطارا متينا لعملية السلام في دارفور، ومناشدته الإسراع في تنفيذها.
وأشار سعادته إلى أن قرار الحكومة السودانية القاضي بتمديد أجل السلطة الاقليمية لدارفور لمدة عام ابتداءً من يوليو الماضي بعد انتهاء أجل السلطة، يؤكد العزم في المضي قدماً في تنفيذ اتفاق الدوحة، وإصرار الأطراف على الإيفاء بالالتزامات. وقال إن هذا القرار سينعكس إيجاباً على الاستقرار الداخلي في السودان ومحيطه الاقليمي والدفع نحو تسريع تنفيذ المتبقي من اتفاق سلام الدوحة، خاصة فيما يتعلق ببرامج السلطة المعلنة في مجالات إعادة الإعمار والتنمية، وتوطين السلام في جميع ولايات دارفور.
وأضاف أنه "في ظل هذه المستجدات لابد لنا أن نتحدث بلغة الأولويات في المرحلة المقبلة، وهي مرحلة تختلف عن سابقاتها من حيث التحديات والفرص".. موضحا في هذا الخصوص أن تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية يعد مسألة في غاية الأهمية.
واستطرد قائلا "من صميم أولوياتنا في المرحلة المقبلة الاستمرار في التركيز على ملف إعادة الإعمار والتنمية باعتبارها الوجه الآخر المكمّل لعملية السلام. وقد ناقشنا بالأمس هنا في اجتماع مجلس إعادة الإعمار المشروعات المقترحة وما تم تنفيذه والأسباب التي أدت إلى بطء التنفيذ في البعض الآخر".
وتابع "ونحن لا نقول بأننا راضون تماماً عن ما تم إنفاذه، وكان يمكن أن يكون الوضع أفضل لولا التحديات الكثيرة التي واجهت التنفيذ، وقد أكدنا على ضرورة المضي قدماً في عمليات التنفيذ، وإيفاء المانحين بالتزاماتهم حتى يتوفر التمويل اللازم للمشاريع وحتى نستطيع أن ننتقل بأهل دارفور من مرحلة الطوارئ والإعاشة إلى مضمار التنمية".
وقال إن من أولويات المرحلة المقبلة المضي قدماً في استكمال الحوار الدارفوري- الدارفوري، الذي انطلق في يناير الماضي باعتباره ركيزة أساسية في تنفيذ وثيقة الدوحة.. مؤكدا أن هذا الحوار يهدف إلى ترسيخ السلم في دارفور، وتعزيز بناء الثقة، والتشجيع على تحقيق المصالحة، والوحدة بين أهل دارفور والسودان بشكل عام.
ط . ف


السودان: أمريكا تريد حكومة في الخرطوم تأتمر بأمرها

يبدأ وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، الأربعاء، زيارة رسمية إلى روسيا تمتد لثلاثة أيام، يجري خلالها مباحثات ثنائية بين البلدين، وقال غندور قبيل مغادرته إلى موسكو إن الولايات المتحدة الأمريكية تريد حكومة في الخرطوم تأتمر بأمرها.
ومن المقرر أن ينعقد بموسكو اجتماع ثلاثي بين وزراء خارجية السودان وجنوب السودان وروسيا، لبحث العلاقات الثلاثية والنظر في العلاقات بين السودان ودولة جنوب السودان.
وقال غندور، إن الزيارة تأتي بدعوة من وزير الخارجية الروسي لبحث العلاقات الثنائية بين الخرطوم وموسكو، وبحث العلاقات بين السودان وجنوب السودان.
وأشار إلى أهمية الزيارة باعتبار أن روسيا دولة مهمة في المسرح السياسي و"هناك تشاور مستمر بين الخرطوم وموسكو وعلاقات اقتصادية قوية بينهما".
وقال غندور في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء، إن السودان يؤكد في كل سانحة حرصه على العلاقات مع دولة جنوب السودان، ومن هذا المنطلق يقبل السودان أية مبادرة أو وساطة لإصلاح العلاقات بين الخرطوم وجوبا، خاصة حينما يأتي ذلك من دولة مثل روسيا.
مساعي أمريكا
"
غندور قال إن الحكومة السودانية تعتقد أن أمريكا تريد حكومة في الخرطوم تأتمر بأمرها، ولا تكون لديها حرية اتخاذ قرار وأضاف يبدو أن الإدارة الأمريكية رهينة أفكار لم تتغير منذ ما قبل انفصال جنوب السودان
"
وحول زيارة المبعوث الأمريكي مؤخراً للسودان، مع مساعي واشنطن لإعادة السودان لبند الوصاية في مجلس حقوق الإنسان وماذا تريد أمريكا من السودان؟، رد وزير الخارجية قائلاً "هذا هو السؤال الأهم ماذا تريد أمريكا من السودان؟، لأنها لم تقل في يوم من الأيام ماذا تريد من السودان؟"
وتابع بالقول "ولكن الحكومة السودانية تعتقد أن أمريكا تريد حكومة في الخرطوم تأتمر بأمرها، ولا تكون لديها حرية اتخاذ قرار" وأضاف " يبدو أن الإدارة الأمريكية رهينة أفكار لم تتغير منذ ما قبل انفصال جنوب السودان، إضافة إلى أثر جماعات الضغط التي تناصب السودان العداء، مؤكداً أن الحوار هو الحل لمعالجة القضايا العالقةوقال غندور إن السودان لن يرضى بغير علاقات طبيعية مع أمريكا، تمتنع فيها واشنطن عن التدخل في قضايا السودان الداخلية، وأضاف أن أمريكا تطلب تعاون السودان لحل قضايا المنطقة قائلاً "وعلى من يريد تعاوننا أن يحترمنا ويتعامل معنا بجدية".

تسويف أمريكي..!!

بقلم: رمضان محجوب
لست متشائماً لكنها الشواهد والمعطيات التي تقول أن واشنطن ستظل تنال من الخرطوم دون عطاء، وستظل تشهر عصاها تجاهها كل حين دون  إعطائها جزرتها التي ظلت (تخفيها) عن العالمين وتبديها للخرطوم في الاجتماعات المغلقة.
إذا ما يقوم به الآن البروفسور إبراهيم أحمد عمر رئيس البرلمان في بلاد العم سام في اعتقادي لن يحرك ساكناً في ملف العلاقات السودانية الأمريكية، وهو محاولة فاشلة ستضاف إلي صويحباتها من لدن محاولات صلاح قوش ومصطفي عثمان وعلي كرتي، ومن ثم بروفسور غندور.
الآن أمريكا تعيد سيناريو ممجوجاً وذا قصة غبية تبدأ بوعود لرفع العقوبات وتنتهي بإبقاء الوضع علي ما هو عليه..!
تنشط الولايات المتحدة هذه الأيام وتضغط في اتجاه أن يكون للسودان دور في إيقاف نزيف الحرب بدولة الجنوب والذي أرهق واشنطن أكثر مما أرهق الجنوبيين أنفسهم.
وهذه الجهود الأمريكية كما قلت سابقاً تعد اعترافاً صريحاً بالدور المحوري والمؤثر للخرطوم في حل أزمة دولة الجنوب بحكم التأثير المباشر للشمال علي الجنوب.
المحاولات الأمريكية لاستغلال حكومة السودان لحل مشكلة جنوب السودان عند لقاء وزير الخارجية بروفسور إبراهيم غندور في زيارته الأخيرة لأمريكا بالمسؤولين الأمريكان الذين طرحوا خلال تلك اللقاءات وعود برفع العقوبات المفروضة علي السودان، إن أسهم في حل مشاكل الجنوب.
وها هي الحرب تضع أوزارها في دولة الجنوب، وكان للخرطوم سهم كبير بشهادة الرئيس سلفاكير في الوصول إلي اتفاق السلام الأخير بالجنوب.
لكن .. ماذا حدث؟
طبعاً.. عادت واشنطن إلي سيرتها الأولي  في تعاملها مع الخرطوم تسويفاً ووعيداً ووعوداً..!!!
والواقع يقول إن الخرطوم تدور في حلقة مفرغة جراء تعامل واشنطن معها فيما يتعلق بملف تطبيع العلاقة بينهما، فكلما أحست الخرطوم بقرب تحقيق ذاك الهدف وأنها أدت ما عليها من(مطلوبات) أمريكية وأنها تستحق الجائزة قالت لها الإدارة الأمريكية ذاك منك بعيد.. فتبتعد الشقة بينهما من جديد.
ملفات كثيرة أنجزتها الخرطوم لصالح واشنطن بدءاً من تعاونها في الحرب علي الإرهاب في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م مروراً بتوقيع اتفاقية السلام الشامل في نيفاشا عام 2005 ومن ثم إنجاح استفتاء الجنوب في يناير 2001، وتحقيق انفصال سلس للجنوبيين مع إعطائهم دولة كاملة الأركان، وأخيراً وليس أخيراً، الإسهام في إيقاف حرب الفرقاء الجنوبيين.
كل ذلك تحقق بتشجيع أمريكي تسبقه جزرة واشنطن للخرطوم ووعدها برفع العقوبات وإزالتها من القائمة الأمريكية إلا أن ذلك لم يتحقق، وكلما أنجزت الخرطوم ملفاً كان المزيد من التسويق الأمريكي.
وبلغ السخط السوداني علي واشنطن مداه بسبب تلك الاستطالة جعل علي كرتي، وزير الخارجية السابق، يصرح ذات مرة ويقول إن أميركا بلغت في التعو جداً لم نسمع معه حتي من مبعوثي رؤسائها الخاصين للسودان الذين اتفقوا علي استحقاقه للمكافأة نظير التزامه بكثير مما وعد به.
انظروا معي إلي مصير المبعوثين الذين جنحوا إلي التطبيع من السودان من لدن روبرت زوليك وأندرو ناستيوس وريتشارد ليمسون فقد أبعدوا تباعاً لمطلبهم بالإحسان للسودان.
الواقع يقول لن ترضي واشنطن عن الخرطوم ما دام الإسلاميون فيها..!!

سلام دارفور مستمر والاتحاد الأفريقي يعلن دعمه وثيقة الدوحة

الدوحة ــ أنور الخطيب
أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة القطري، رئيس لجنة متابعة تنفيذ وثيقة الدوحة للسلام في ‏دارفور، أحمد بن عبدالله آل ‏محمود، دعم مجلس السلم الأفريقي وثيقة الدوحة للسلام في دارفور، ‏ودعمه سيادة السودان واستقراره.‏
‏وقال آل محمود ردا على سؤال، لـ "العربي الجديد"، في اختتام اجتماعات لجنة متابعة تنفيذ وثيقة الدوحة ‏للسلام في دارفور، حول ‏موقف مجلس السلم الأفريقي وإمهاله الحكومة السودانية، والأطراف ‏السودانية الأخرى، ثلاثة شهور للتفاوض، "إن ممثل ‏الاتحاد الأفريقي الذي حضر الاجتماع أعلن أن ‏موقف مجلس السلم بشأن دارفور قد فهم بشكل خاطئ، وأن المجلس يحترم سيادة ‏السودان ويدعم ‏السلام في دارفور على أساس وثيقة الدوحة ".‏
ويمثل هذا الأمر تراجعا عن موقف سابق كان قد أعلنه ‏المجلس في شهر أغسطس/ آب الماضي، حيث أمهل مجلس السلم الأفريقي، ‏الأطراف السودانية، ثلاثة ‏أشهر، للانخراط في مفاوضات جادة، والوصول لاتفاق سلام ينهي الحرب الدائرة في إقليم دارفور ‏ومنطقتي ‏النيل الأزرق وجنوب كردفان، داعيا لعقد مؤتمر تحضيري بمقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، لوضع ‏خارطة ‏لانطلاقة الحوار الوطني.‏
‏ في المقابل، قال مسؤول ملف دارفور وممثل الحكومة السودانية في الاجتماع، أمين حسن عمر، لـ "العربي ‏الجديد"، "لا أحد ‏يعطينا أية مهلة. نحن دولة ذات سيادة، ولا نفهم هذا البيان، على أنه مهلة، فهو ‏يتحدث عن 3 شهور لكي تتم اجتماعات نحن ‏موجودون فيها. وبالنسبة لنا الاتحاد الأفريقي يقوم بدور ‏مهم لمساندة جهود السلام للبحث عن السلام ونعتقد أنه سيواصل هذا ‏الدور، كمشاركة أخوية، وليس من ‏باب الوصاية على السودان". وأضاف "ما صدر كان بيانا تقليديا، لا أدري لماذا فسر بهذه ‏الطريقة. ‏ونحن نرحب بالدور الأفريقي والدور العربي، لأن كلا الدورين بلا أجندة استعمارية وأجندتهما تحقيق ‏السلام في ‏السودان فقط".‏
‏وكان نائب رئيس مجلس الوزراء القطري قد ‏أكد في كلمة ألقاها في الاجتماع "أن وثيقة الدوحة لسلام دارفور قد تمكنت، بفضل ‏الله وبمساندة أهل ‏دارفور والأطراف والمجتمع الدولي، من الصمود أمام التحديات والصعاب". ‏
‏وقال إن "صمود الوثيقة لقناعة الجميع بأنها كانت شاملة واعترفت بالحقوق ووضعت نهاية للحرب ‏وعالجت القضايا الإنسانية ‏وقضايا التهميش بجانب بعض القضايا الوطنية الأخرى، وأصبحت المرجعية ‏والإطار الذي يؤسس للسلام المستدام في دارفور"، ‏مضيفا أنه "رغم وجود بعض المتغيرات، التي لا تزال ‏تعترض طريق إنفاذ الوثيقة، إلا أن الوضع الإنساني والأمني في دارفور ‏يشهد تحسنا ملحوظا في ظل ‏انحسار العمليات العسكرية الكبيرة خلال الفترة الماضية".‏
كما لفت إلى أن هناك تقدماً ملموسا في سير ‏عمليات إعادة الإعمار والتنمية، وأهاب في هذا الصدد بأطراف الوثيقة للإسراع في ‏جهودهم نحو مخاطبة ‏القضايا العالقة، وذكّرهم بقرار مجلس الأمن الدولي الذي أكد دعمه الوثيقة، باعتبارها إطارا متينا لعملية ‏‏السلام في دارفور، ومناشدته الإسراع في تنفيذها.
وأضاف المسؤول القطري "يظل شغلنا الشاغل في مسيرة تنفيذ هذه الوثيقة هو عرقلة بعض الحركات ‏المسلحة غير الموقعة ‏لعملية السلام، واستمرارها في اللجوء إلى العنف، ومعاناتها من الانشقاقات التي ‏تضرب صفوفها، مما يؤجل كثيراً من عملية ‏التحاقها بركب السلام".
واعتبر أن الجو بات مواتياً لالتحاق الحركات المسلحة بوثيقة الدوحة للسلام في دارفور، في ظل الإعلان ‏الذي صدر من الحكومة ‏السودانية بالتزامها بإعلان وقف إطلاق النار لمدة شهرين من طرف واحد في ‏مناطق الحرب المختلفة، لبناء الثقة وتمكين الجميع ‏من المشاركة في الحوار الوطني. ‏

وقال "إن من أهم أولوياتنا متابعة تنفيذ ملف العودة الطوعية للنازحين واللاجئين"، معربا عن عدم ‏الرضا على الوتيرة التي تسير ‏بها عمليات العودة الطوعية، ولافتا إلى الصراع القبلي العنيف الذي شهده ‏الإقليم، والذي راح ضحيته مئات القتلى والمصابين من ‏قبيلتي الرزيقات والمعاليا بسبب الصراع حول ‏الأراضي (الحواكير). ‏
وشدد على ضرورة البحث عن كافة السبل المتاحة لوقف هذه الصراعات الدامية، ‏والالتزام بمقررات الصلح وتسوية الخلافات ‏الصادرة عن مؤتمرات الصلح، وفرض هيبة الدولة، وتوفير ‏الخدمات الضرورية كافة. كما أكد على أهمية المضي قدماً في ‏استكمال الحوار الدارفوري- ‏الدارفوري، الذي انطلق في يناير /كانون الثاني الماضي باعتباره ركيزة أساسية في تنفيذ وثيقة ‏الدوحة ‏وقال "إن هذا الحوار يهدف إلى ترسيخ السلم في دارفور، وتعزيز بناء الثقة، والتشجيع على تحقيق ‏المصالحة، والوحدة ‏بين أهل دارفور والسودان بشكل عام." ‏
ولفت إلى تمديد مجلس الأمن ولاية (اليوناميد) لمدة عام تنتهي بنهاية يونيو 2016، في ظل حديث ‏يدور حول خروج البعثة من ‏دارفور. وفي هذا الصدد دعا الأطراف المعنية إلى الاستمرار في مشاورات ‏الفريق المشترك لتطوير استراتيجية ملائمة لخروج ‏البعثة، وأن يتم تقييم موضوعي للأوضاع الأمنية ‏والإنسانية، خصوصاً وأن هناك اتفاقا بين الجميع على الانسحاب التدريجي من ‏المناطق الآمنة.

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

"التحضيري" إلى أديس.. هل من جديد؟

الخرطوم : يحيى كشة
لفترة ليست بالقصيرة انشغلت الخرطوم بقضية المؤتمر التحضيري الذي دعت الآلية الأفريقية لانعقاده في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا بين أطراف الأزمة السودانية، والذي تمسك حزب المؤتمر الوطني الحاكم بلهجة رافضة وقاطعة لانعقاده على النحو الذي جاء من الآلية الأفريقية، ولاحقاً لقرار مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي قرر عقد لقاء تحضيري تمهيداً لبدء الحوار الوطني الشامل وإيقاف الحرب. وأمهل الوسيط ثابو أمبيكي ثلاثة أشهر لتقديم تقرير بشأن الأزمة في السودان.. "لماذا لا نتنازل قليلاً برغم محدودية الاتساع".. ربما هو التوصيف الأنسب لموقف آلية الحوار الوطني بعد العودة المشروطة إلى قبول المشاركة في المؤتمر التحضيري بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا بعد ما كان قد رفض المؤتمر الوطني الأمر، وعاد ضمن آلية الحوار لإعلان المشاركة شريطة أن يكون الطرف الآخر من حاملي السلاح "لا جهة سياسية".
آلية الحوار الوطني أعلنت أمس الأول موقفها الرسمي حول بيان مجلس السلم والأمن الافريقي الأخير، وذلك خلال اجتماع مع سفراء الدول الأفريقية بالخرطوم، ولخصت موقفها في قبول المؤتمر التحضيري مع الحركات المسلحة في أديس أبابا للاتفاق على "الإجراءات التي تمكنهم من المشاركة في الحوار المتمثلة في مسألة التأمين والحصانات وقضية وقف الحرب وفتح الممرات الإنسانية". ورفض الآلية لقاء القوى السياسية الرافضة للحوار في الخارج، وأكدت أنها " لن تقبل بحوار تحضيري يشارك فيها أكثر من (250) فصيلاً سياسياً متاح لها فرصة أن تعبر عن قضاياها بالداخل".. وحالة الممانعة التي أبدتها الخرطوم حكومة وأحزاب مشاركة في الحوار إزاء اقامة المؤتمر التحضيري بالخارج مثلت – بعد قبول تلك الجهات بالمشاركة – اعتبرها البعض تراجعاً عن سقوفات كانت قد وضعت من قبل في إزاء الضغط الإقليمي الصادر عن مجلس السلم والأمن الأفريقي والقاضي بمنح الاطراف تسعين يوماً للمشاركة في التحضيري.
آلية الحوار التي قبلت بالمشاركة اشترطت خلو اللقاء من الأحزاب السياسية والكيانات التي تشكلت على أساس حملها السلاح كـ"الجبهة الثورية"، ما يبدو حلاً جزئياً تقول الأطراف المعارضة إنه غير ممكن ولن يبدو وجيهاً في نظرها للجلوس على طرف الطاولة الآخر مع الآلية بوساطة الاتحاد الأفريقي.
حزب الأمة القومي بزعامة الإمام الصادق المهدي الذي تراهن عليه الخرطوم كأحد أركان عملية الحوار، قال إنه ليس من الضروري أن تحزم آلية الحوار حقائبها إلى المدينة الساحرة أديس أبابا لجهة أن قوى "نداء السودان" ملتزمة بأن حل مشكلة دارفور والمنطقتين يبحث ضمن الحل الشامل ولن تكون هنالك أية استجابة آلية الحوار من حملة السلاح – حسب محمد المهدي نائب الأمن السياسي لحزب الأمة الذي بدأ واثقاً من حديث قوى (نداء السودان) بلسان واحد كقوى معارضة وحاملي سلاح – وأضاف بأنه لن يكون من المقبول عرض الآلية بتجزئة الحلول، وقال المهدي في حديثه لـ(الرأي العام) أمس إن الحل كما ترى قوى الميثاق حضور الأطراف كافة مع وجود ضامنين دوليين. وانتقد توجهات الحكومة لجهة اهتمامها بحاملي السلاح دون القوى المدنية، واعتبر أن تلك الخطة لن تقود إلى عمل إيجابي لحلحلة مشكلة السودان.
قوى المعارضة الرافضة للحوار بوضعه الحالي وحملة السلاح يراهنون على المهلة الممنوحة من مجلس السلم والأمن الافريقي والمحددة بتسعين يوماً لإقامة المؤتمر التحضيري، ويقول نائب الأمين السياسي لحزب الأمة إن المجلس يعلم- كما نعلم – ماذا تعني مهلة التسعين يوماً، وأكد أن الأوضاع بعد انقضاء أجل المهلة لن تكون كما تريد الخرطوم، وأنه – أي المهدي – يتوقع أن يحمل المجلس العصا بدلا عن أوراق التأجيل ومنح مهلة أخرى، وقال إنه سيتحفظ على محاولة الآلية بتجزئة الحلول.
خيبة أمل الخرطوم جراء عدم قبول مشاركة القوى السياسية الممانعة للمشاركة في الحوار، عبر عنها حامد ممتاز الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني، عضو آلية الحوار، وقال إن الآلية التنسيقية العليا للحوار تشعر بخيبة أمل لاستمرار ممانعة بعض القوى السياسية والحركات المسلحة عن المشاركة في الحوار الوطني الشامل رغم تقديم الخرطوم للضمانات والقرارات الصادرة لتهيئة الأجواء المناسبة لانجاح العمليةز
بيان الآلية التنسيقية الذي تلاه ممتاز أمس، عبر عن التطلع لأجل أن تثمر الجهود الدولية من الاتحاد الأفريقي والآلية رفيعة المستوى لتسهيل التوصل لحل سلمي في مشاكل البلاد، وجدد البيان أن الحوار سوداني – سوداني وسيتم بالداخل، وحث الاتحاد الافريقي وآلياته لمواصلة جهوده الداعمة للاتجاه الايجابي لاستكمال العملية.
البيان ايضاً رحب باستعداد الآلية للمشاركة في اللقاء بحاملي السلاح خارج السودان لبحث تسهيل إجراءاتهم في الحوار الوطني الشامل بالداخل، وعبر عن أمله بأن تواصل الآلية الافريقية جهودها لإقناع وحث الممانعين عن المشاركة في الحوار بالموافقة على المشاركة.
إلا أن المحامي كمال عمر الناطق باسم آلية الحوار، الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي، يرى أن استعدادهم للقاء المتمردين خارج السودان هو لقاء إجرائي في الأساس لن يبحث المشكلات وإنما الضمانات التي يجب أن تتوافر بين الأطراف لأجل مشاركتهم وكيفية دخول منسوبي الحركات للبلاد طالما أن الحوار سيجري بالداخل.
لكن عمر قال إن الآلية ستجري اتصالات مع القوى السياسية كافة في الداخل بدون استثناء رغم رفضها، مشيراً إلى أن اجتماع الآلية مع الموفقين أكد ضرورة أن يكون الحوار شاملاً ولا يستثنى أحداً. وشدد على أن أية قضايا أخرى تخص الحوار سيكون محلها مؤتمر الحوار بالداخل، مؤكداً أن احزاب المعارضة المشاركة في الحوار متمسكة بأن يكون الحوار سودانياً بإرادة سودانية وآلية سودانية.
لكن الخبير في الشأن الافريقي د. إبراهيم دقش يرى أن التصعيد من جانب مجلس السلم والأمن الأفريقي بعد انقضاء مهلة الاطراف لتسعين يوماً أمر غير وارد لجهة أن ميثاق الاتحاد الافريقي يشترط لحل النزاعات رضاء الأطراف، وقال إن ما يحسم توقعات التصعيد من قبل المنظمة الأفريقية هو ميثاق المنظمة نفسه، لكنه اعتبر في حديثه لـ(الرأي العام) أن خطوة الآلية بالذهاب إلى أديس أبابا لأجل التحضير مع الحركات المسلحة خطوة تساعد في قبول مشاركة الممانعين للحوار في الداخل، وقال إن التخوف من إحالة الملف لمجلس الأمن الدولي ليس قبل تسعين يوماً.
ورأى دقش في تدويل القضية لهجة وصفها بالغريبة لجهة أن السودان دولة عضو في المنظمة، وقال "كأنك تشتكي دولة ضمن قائمة المنظمة لمجلس الآمن الدولي"، وأ:د أنه لا استحالة في الحل، وعد تباعد مواقف الاطراف لسوء فهم من الاطراف المعنية بالحوار.
ولم يجد دقش مبرراً كافياً للقاء الآلية بالاحزاب السياسية خارج السودان ومطالبتها بالمؤتمر التحضيري، وقال "الأحزاب في السودان موجودة تمشي تحاور بره ليه؟ وهل تحتاج الاحزاب لضامن اكثر من الاتحاد الافريقي؟"، لكنه يرى مبرراً كافياً للقاء الآلية بالحركات المسلحة بالخارج لأجل بعث تطمينات من التخوف الذي ينتابها إزاء المشاركة في الحوار بالداخل.
برغم خطوة الآلية التي تراها الأحزاب السياسية الممانعة حلاً جزئياً لن يمنح الحوار بريقاً يفتقده وتراهن على مهلة مجلس السلم والأمن الافريقي، يرى آخرون بأنها نصف خطوة في اتجاه الحلول فهل من جديد ينتظر في مقبل الأيام بشأن الحوار الذي يقترب عمره من العامين إلا قليلاً؟

البشير في الصين ... نجاحات ومكاسب غير مسبوقة ...!!

حققت زيارة الرئيس السوداني المشير عمر البشير الحالية للصين مكاسب عدة بجانب أنها وجدت اهتماماً غير مسبوق من أجهزة الإعلام الصينية الناطقة بكل اللغات لاسيما أنها تميزت عن سابقاتها بتوقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية للبلدين التي
ولدت من رحمها اتفاقيات في مجالات عدة.وجاءت زيارة البشير بهدف مشاركة الصين احتفالاتها بمناسبة ذكرى النصر في الحرب العالمية الثانية، لكن الاهتمام الإعلامي الصيني بالزيارة عكس التقدم الذي وصلت إليه علاقات الدولتين.ووقع البلدان
اتفاقيات في مجالات الاتصالات والفضاء والنقل، إلى جانب إعلان عدد من الشركات الصينية نيتها توسعة استثماراتها في السودان وخصوصاً الشركة الوطنية الصينية للنفط التي تقدمت بعرض رسمي للعمل في مجال استكشاف الغاز الطبيعي في (مربع 8) الواقع في مناطق الدندر بولاية سنار.
وأكد الرئيس السوداني، عمر البشير، أن بلاده ستوفّر للشركات والاستثمارات الصينية العناية والحماية اللازمة، وتعمل على تحقيق كل مطلوبات نجاحها، وقال إن إعلان إقامة الشراكة الاستراتيجية بين السودان والصين يعتبر نقلة كبيرة في العلاقات بين البلدين.والتقى الرئيس السوداني المشير عمر البشير، رجال أعمال سودانيين وصينيين، في العاصمة الصينية بكين، وتم خلال اللقاء توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين الشركات السودانية والصينية.وقال الرئيس البشير، إن الصين هي الشريك الأول للسودان في الاستثمار، واصفاً إياها بأنها صديق وشريك حقيقي، يعمل على تأمين المنفعة المتبادلة دون شروط قد تؤثرعلى المصالح الأفريقية، وأكد أن الحكومة السودانية ستوفّر للشركات والمستثمرين الصينيين الحماية اللازمة، وتعمل على تحقيق كل مطلوبات نجاحها، من أجل تحقيق المصالح المشتركة بين البلدين والشعبين، وقال إن إعلان العلاقات الاستراتيجية الذي وقعه مع الرئيس الصيني، شي جين بينغ، الثلاثاء، يعتبر نقلة كبيرة جداً لهذه العلاقات.
واوضح البشير أن العلاقات بين السودان والصين ظلت متطورة على الدوام في شتى المجالات، السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والعسكرية وغيرها، منذ تأسيسها قبل 65 عاماً، مضيفاً أن العلاقات بين الخرطوم وبكين تعد أنموذجاً ناجحاً وممتازاً
للتعاون بين الدول.
ووقعت الشركة السودانية للاتصالات "سوداتل"، عقد المشروع القومي للسعات العريضة للإنترنت في العاصمة الصينية بكين، في مستهل اللقاء الذي جمع الرئيس عمر البشير برجال أعمال سودانيين وصينيين، وسبق ذلك توقيع اتفاقيات للتعاون بمجال أبحاث وعلوم الفضاء.
واستهل البشير اللقاء مع رجال الأعمال في البلدين بالتأكيد على متانة العلاقات في المجالات كافة بين السودان والصين، وقال إن التوقيع على اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع الصين تعتبر نقلة كبرى في علاقات البلدين، معتبراً أن الاتفاق على إنشاء اللجنة
العليا مهم وسيؤدي إلى رعاية الاستثمارات القائمة بين البلدين.وشهد البشير توقيع اتفاقية السعات العريضة للإنترنت في حضور الوزراء المرافقين ورجال أعمال من البلدين، ويهدف مشروع الاتفاقية لتحسين جودة الاتصالات وتقديم خدمات الحكومة
الإلكترونية، بجانب تعزيز خدمات البنية التحتية بمد خطوط الألياف الضوئية لربط مدن وقرى جديدة.وسيؤدي مشروع الاتفاقية –أيضاً- إلى ربط دول ليصبح للسودان دور أساسي في تمرير الحركة العالمية للعمق الأفريقي ليكون بوابة أفريقيا للاتصالات.كما وقع السودان والصين ، عقداً على شراء طائرتي آيربص لصالح شركة الخطوط الجوية السودانية "سودانير"، وقطارين لنقل الركاب بين العاصمة الخرطوم ومدينة ودمدني حاضرة ولاية الجزيرة، وإنشاء خط جديد للسكة حديد، وعقداً لصيانة الوابورات.وشهد الرئيس عمر البشير التوقيع على العقودات ووقع البلدان أيضاً على اتفاقية إطارية بين الخطوط البحرية وشركة صينية، واتفاقية أخرى لإقامة مشروع المنطقة الحرة في مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، واتفاقية ثالثة لصالح شركة جياد تقوم على تجميع السيارات والشاحنان.

العقوبات الامريكية.. واشنطن تعد وتتحرى الكذب

لا زالت أمريكا تكذب وتتحرى الكذب فيما يتعلق برفع عقوباتها المفروضة على السودان ، ورغم التعاون الذي تبديه الخرطوم لواشنطن حول مكافحة الارهاب منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001م مرورا بإتفاقية السلام الشامل نيفاشا ومن ثم استفتاء وانفصال الجنوب , إلا ان الواقع يقول أن الادارة الامريكية لا زالت تمارس الزيف والوعود الكاذبة وكان آخرها تلك التي ابداها مسؤولون امريكان لوزير الخارجية بروفسيور ابراهيم غندور ابان زيارته الاخيرة للعاصمة واشنطن حين وعدوا برفع العقوبات عن الخرطوم مقابل قيامها بتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الجنوبيين وتوقيع اتفاق سلام ، وهاهي الخرطوم تنجز ما وعدت به وكان له دور في توقيع اتفا السلام الجنوبي الأخير اعترف به الرئيس الجنوبي سلفاكير نفسه، وبالرغم من ذلك كله هنالك الكثير من المظان والشكوك المبررة بشأن إيفاء واشنطن بأي من وعودها للخرطوم، فعندما يحين وقت تنفيذ تلك الوعود بالتطبيع أو رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب والعقوبات الأمريكية، تفاجأ الخرطوم بمطلوبات جديدة واشتراطات متجددة ومتحركة، الأمر الذي يشير إلى حديث المبعوث الأمريكي السابق (بريستون ليمان)، الذي وصف تعامل واشنطن مع الخرطوم بمن يرحل قوائم المرمى في كرة القدم، فكلما اقترب من إحراز هدف محقق، ضاعت تلك الفرصة منه.
ووجدت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية بروفسيور إبراهيم غندور للولايات المتحدة الأمريكية اهتماماً واسع النطاق في الأوساط السياسية والإعلامية، باعتبار أن هذه هى المرة الأولى التى تتفضل بها الولايات المتحدة لتقديم دعوة رسمية لمسؤول حزبىٍ رفيع وحكومى فى ذات الوقت، لزيارة حظيت بتكثيف شديد من قبل الوسائط الإعلامية، لجهة أن الولايات المتحدة ظلت متمترسة فى مواقفها المتشددة تجاه السودان، دون أسباب مقنعة، حيث لم تتطبع العلاقات، ولم يُرفع الحصار الاقتصادى والعقوبات المفروضة ضد السودان، كما بقى اسم السودان من ضمن الدول الراعية للإرهاب، بالرغم من وعود كانت كالسراب البقيعة إثر اعتراف السودان بدولة الجنوب. بجانب أن الولايات المتحدة الأمريكية تقف موقفاً عدائياً فى مجلس الأمن، وكانت هى المحرضة بل الدافعة نحو تحويل قضية دارفور للمحكمة الجنائية الدولية، وإصدار قرارات من ذات المحكمة بتوقيف مسؤولين سودانيين على رأسهم رئيس الجمهورية.
تكرار الوعود الأمريكية للخرطوم، جعل المسئولون بالحكومة السودانية لا يثقون فيها، بالرغم من أهمية العلاقة مع واشنطن، لكن دائماً ما تنتهي الوعود الصادر من بلاد العم سام إلى تطبيع ناقص النمو، فمنذ الوعد الصادرة من جون كيري وزير الخارجية الحالي الذي كان رئيساً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في 2011، بنزع اسم السودان عن لائحة الدول الراعية للإرهاب، ولم يحدث شيئاً من هذا القبيل، إلى أن جدد الوعد مرة آخري خلال لقائه بكرتي منذ عامين، وإن كان آخر ما خرج من الإدارة الأمريكية في هذا السياق، هو مطالبة أو اشتراط القائم بالأعمال الأمريكي معالجة الأزمة في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، إلى جانب معالجة مجمل القضايا الخلافية مع دولة الجنوب، قبل التطبيع حسب ما رشح من القائم بالأعمال الأمريكي عقب لقائه قبل سنوات خلت برئيس البرلمان السوداني أحمد إبراهيم الطاهر السابق، فهذه كانت آخر المطلوبات الأمريكية من الخرطوم حتى الآن، لكن هنالك قائمة طويلة من المطلوبات الأمريكية كما هو معلوم.
عموما الواقع يقول أن الخرطوم تدور في حلقة مفرغة جراء تعامل واشنطن معها فيما يتعلق بملف تطبيع العلاقة بينهما ، فكلما أحست الخرطوم بقرب تحقيق ذاك الهدف وأنها أدت ماعليها من (مطلوبات) أمريكية وأنها تستحق الجائزة قالت لها الإدارة الامريكية ذاك منك بعيد.فتبتعد الشقة بينهما من جديد...!!!

الاثنين، 7 سبتمبر 2015

السودان الملاذ والمأوى

بقلم: د. هاشم الجاز
تأتي المواقف والغاشيات فتنهار الكثير من المسلمات والقيم التي لا أصل لها ولا جذور راسخة.. خلال اليومين الماضيين وضعت القيم الحضارية الغربية على المحك من خلال تعاملها مع قضية اللاجئين السوريين، لتكشف زيف الكثير من المواثيق والإعلانات والمعاهدات والقوانين التي ظلت القوى العظمى تحتفي بها وتزدري من يقدح فيها وتعتبره خارجا على المجتمع الدولي هذه القيم التي تستند على إرث من النصوص التي قيل إنها تحفظ لبني البشر إنسانيتهم وكرامتهم منذ صدور ما يسمى بالماجنا كارتا في العام 1215 م مرورا بمواثيق عصر التنوير في أوروبا ثم المواثيق الدولية بعيد الحرب العالمية الثانية التي نشطت فيها هيئة الأمم المتحدة بإصدارها للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948 المفعم بالأمل لشعوب العالم كافة أن إنسانيتهم مصانة بموجب نصوص هذا الإعلان.

هذه المواثيق قائمة وسارية إلى يومنا هذا ولكن نراها لا ترفع كروتها الصفراء وليس الحمراء عند مخالفة القوى الكبرى من الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية لهذه المواثيق وعدم الالنزام بها وكان هذا ديدن هذه الدول منذ قيام دولة إسرائيل وعدوانها وعدائيتها في الاحتلال وقتل الأطفال وإرسال الصواريخ لتفجير الكهول والنساء والصبايا والصبيان. قضايا أركان جريمتها لا تحتاج شاهدا أو مشهودا ولكنها تحتاج عادلا ومنصفا.

السودان البلد الغني بقيمه التي تشكلت منذ ما قبل التاريخ الفقير بالدنانير لم يسمع الكثير من أهله بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان أو وثائق الحقوق ولكن يعرف أهله كافة أن يجيروا من استجار بهم وأن يأووا من لا مأوى لهم وذاك طبع فيهم لا يشيد أفقرهم دارا لإقامة أسرته إلا وكان قرينا له ديوانا للضيوف وما زرع شجرة مثمرة إلا ونذر عند زرعها جعلا للماشي والغاشي والفقير.

من أشار للسودان هذه الأيام بإيواء الأشقاء من السوريين وأشاد بالموقف السوداني مع شكره وتقدير موقفه قد لا يعلم أن هذا طبع أهل السودان. وحكوماته واجب عليها أن يكون سلوكها ومشيئتها تعبير عن شعبها. طبع أقوى من المادة 0 13 0 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تقرأ:

* لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة *

والمادة 14 من نفس الإعلان التي تقرأ:

* لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هربا من الاضطهاد *

منذ القدم دخل العرب والأعاجم إلى السودان تجارا وعابرين ولم يخرجوا منه وجعلوه وطنا وبعد ظهور الدول القطرية الحديثة وتحررها كان قدر السودان أن يحادد قرابة العشر جلها تتطاحن القوى السياسية والعسكرية فيها فكان السودان الملاذ والموطن إلى من فر من الموت ونبران الحروب وحتى من مات زرعهم وجف ضرعهم كان السودان مأوى لهم من موجات الجفاف والتصحر وقسوة الحياة.

آوى السودان سياسيين وعسكريين ومتمردين وشعوبا وقبائل لا ينظر إلى تصنيفهم في بلادهم وموقف الحكومات منهم ولكن ينظر إلى أنهم استجاروا به فآجرهم.
استقبل السودان الزعيم نيلسون مانديلا والإمبراطور هيلاسلاسي وأمان عندوم وملس زيناوي ومن تشاد الرئيس أحمد غلام الله والرئيس الأوغندي عيدي أمين وغيرهم مما لا يتسع المجال لذكرهم.

استقبل مئات الآلاف من زائير وإفريقيا الوسطى وتشاد والنيجر وأوغندا وإثيوبيا وأريتريا واستضاف من فلسطين وسوريا والعراق واليمن وحتى من البوسنة ومن يدخل السودان لا تجبره الحكومات التسجيل في سجلات وكالة غوث اللاجئين ولا تحدد حركته ولا محل إقامته ينخرط في العمل الحر مثله مثل أي سوداني.

وتوفر فرص التعليم في المدارس الحكومية لأبنائهم وكذلك الجامعات الحكومية ولاغرو فإن آخر قرار في هذا الصدد أصدره السيد رئيس الجمهورية معاملة السوريين واليمنيين معاملة السودانيين في القبول بالمدارس والجامعات.
قيم السودان الحضارية راسخة وكلما تختبر تزداد مضاء، قيم سداها ماض عريق وإرث تليد وشعب غير جزوع ولا هلوع.