الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

اليوناميد والكاتب السينمائي الفاشل!


بالنسبة للكثير من المراقبين القريبين من ملف أزمة إقليم دارفور غربيّ السودان، فإن تورط مسئولي منظمات طوعية أو موظفين أممين، أو مسئولين في البعثة المشتركة العاملة في مهمة حفظ السلام، في أي مخالفة أو مؤامرة دولية لصالح قوى دولية، ليس أمراً مثيرا للدهشة، ففي خاتمة المطاف ومما هو معلوم في مثل هذه الأمور فإن كل قوة دولية تعمل على تحقيق مصالحها وأهدافها من وراء أي عمل تقوم به المنظمات الدولية.
في الغالب تتحجج بعض القوى الكبرى بالجوانب الإنسانية، وتتظاهر بتقطُّع نياط قلبها جراء المأساة، وتبالغ في ذرف الدموع، ثم ما تلبث حين يتحقق المطلوب أن تعمل على تحويل الحدث برمته لصالح إستراتيجيتها الخاصة، ومصالحها التي لا تجامل فيها! وما كشفه أحد الضباط السابقين بالبعثة المشتركة العاملة في مهمة حفظ السلام في دارفور المعروفة بيوناميد مؤخراً من أن (مسئولاً حقوقياً) -لاحظ مسئولاً حقوقياً- في البعثة كان وراء فبركة مزاعم اغتصابات (تابت) الشهيرة التي ذاع صيتها الإعلامي قبل أشهر في كل أنحاء العالم حين جرى إتهام القوات الحكومية السودانية يومها بإرتكاب جرائم اغتصاب جماعي في منطقة (تابت) الواقعة بشمال دارفور!
الضابط السابق قال إن المسئول الحقوقي بالبعثة (كريستيان ميكالا) هو الذي تولى مهمة الترويج لهذه المزاعم وأنه أجرى اتصالات مع منظمات دولية أقامها الخبر ولم يقعدها! هذا الأسلوب ألاستخباري المتعارف عليه ذائع ومشهور في كل بعثات حفظ السلام التي يتم الدفع بها إلى مناطق النزاعات، وكذلك في العمل الإنساني الذي تتولاه بعض المنظمات الطوعية الأجنبية.
هناك دائماً مساحة للعبث واللعب لصالح (جهة ما) تعتمد على ذكاء وبراعة الشخص المعني وفي كثير جداً من الأحيان فإن اللعبة سرعان ما تنكشف لأن الأمر المضحك فيها أنها في الغالب لا تكون منطقية!
في السودان على سبيل المثال ضبطت الحكومة السودانية على مدى السنوات العشر الماضية (عشرات) الحالات ذات الطابع ألاستخباري والتجسسي المماثلة، ولم يكن المهم هو طبيعة ما يقوم به الشخص المضبوط وكونه يستخدم مهارة تبعد عنه كل شبهة؛ ولكن كان الأمر الأكثر أهمية أن الحكومة السودانية أحبطت احباطاً كاملاً بنسبة 100% خططاً خطيرة للغاية لقوى دولية معروفة كانت تسعى لاستغلال الأزمة في دارفور لأقصى مدى بغية إحكام سيطرتها على السودان!
هناك أيضاً (عشرات) الحالات التي ثبت فيها للحكومة السودانية أن موظفي وجنود البعثة المشتركة (يوناميد) يرتكبون جرائم تخالف القانون الجنائي السوداني والقوانين الإقليمية والدولية. ومن السذاجة بمكان الاعتقاد أن الحكومة السودانية (غافلة) عما يقوم به عناصر البعثة المشتركة قبل أشهر مضت فإن الحكومة السودانية وبسرعة فائقة استطاعت أن توقف ماكينة الإعلام والدعاية الدولية التي كانت قد أعدت إعداداً جيداً للقيام بدور حاسم في القضية.
نجحت الحكومة السودانية في تعطيل عجلة هذه الماكينة بمسارعتها بالدفع بوفود إعلامية محلية وإقليمية ودولية زارت منطقة (تابت) وسلّطت الكاميرا على وجوه أهلها تباعاً بحثاً عن الحقيقة لتأتي الحقيقة ساطعة تلجم ألسن الكل فى نيويورك وواشنطن وغيرها.
كان واضحاً أن الذي وضع سيناريو (تابت) لم يكن يتمتع بأي قدرات، كما أن اختياره للقرية بمكوناتها المعروفة كان اختياراً غير موقف! الآن وضع الضابط السابق (الألماني الجنسية) مشهد النهاية حين إحتكم إلى ضميره وقرر أن يقول الحقيقة ليبقى السؤال ماذا بوسع الأمانة العامة في نيويورك أن تفعل؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق