الأحد، 20 سبتمبر 2015

هل قرار مجلس السلم الإفريقي قابل للمراجعة؟

بعض الناقمين على الحكومة السودانية ومن بينهم العديد من قادة القوى المعارضة يحذرون الحكومة من ما يتعقدون أنها مواجهة خاسرة سوف تخوضها في مواجهة الاتحاد الإفريقي تلحق بالحكومة أضرار كثيرة على خلفية مساندة ودعم الاتحاد الإفريقي للسودان في قضايا دولية عديدة أبرزها  محكمة الجنايات الدولية.
الدكتور غازي صلاح الدين زعيم حركة الإصلاح الآن كان أول من تنبأ بأن الحكومة سوف تقبل لا محالة بقرار مجلس السلم الإفريقي عازياً ذلك لعدم قدرة السودان على الدخول في مواجهة مع الاتحاد الإفريقي وخسرانه لدعمه. ولا شك أن السودان وفقاً لخطوطه الدبلوماسية العامة لن يسعى لخسارة الاتحاد الإفريقي أو الدخول معه في مواجهة، بل أن علينا أن نصحح المفهوم الخاطئ الذي يعتبر إن أي موقف مخالف لأي قرار إقليمي أو دولي هو بمثابة (مواجهة مع الجهة الإقليمية أو الدولية مصدر  القرار)!
علينا أن نتذكر أن مجلس الأمن الدولية أصدر أكثر من 20 قراراً طوال السنوات الماضية ضد السودان ورفضها السودان، ومع ذلك فهو لم يدخل في مواجهة مع المجتمع الدولي وذلك ببساطة لأن قرارات المنظمات إقليمية كانت أو دولية هي في خاتمة المطاف -وفقاً للقانون الدولي نفسه- قابلة للقبول وقابلة للرفض ولا تحمل صفة إلزام تلقائية مهما كانت أهميتها، وعلى ذلك فإن من المهم أن نشير في هذا الصدد إلى عدة أمور بشأن قرار مجلس السلم الإفريقي الأخير.
أولاً، لا يعني صدور قرار من مجلس السلم الإفريقي أن القرار (محل إجماع) بين أعضاء المجلس ومن باب أولى لن يكون محل إجماع بين كل أعضاء دول الاتحاد الإفريقي. الذين يعرفون طبيعة تكوين وهياكل الاتحاد الإفريقي وطريقة عمل إصدار القرارات يدركون أن هناك دولاً ربما لديها تحفظات وأخرى تساند موقف السودان ودولاً أخرى لديها القابلية لتفهم موقف السودان. الأمر ليس على إطلاقه كما يتبادر إلى البعض.
ثانياً، السودان ليس في حاجة لرفض القرار الإفريقي بطريقة حادة بذات القدر الذي عليه ألا يقبل بالقرار على طريقة (السمع والطاعة) إذ لا تزال هناك (فسحة دبلوماسية) كافية لشرح وجهة نظره ومواقفه والخطوات السياسية التي يقوم بها لحل النزاع السوداني، إذ ليس من الصعب أو المستحيل مجاملة مجلس السلم الإفريقي بشأن قراره وإثبات خطأ تصوراته لأن قضية الحوار وعلى النقيض ما بدت لمجلس السلم الإفريقي ليست مساوية أو مماثلة للتفاوض. كما أن طبيعة الأزمة السودانية تتطلب استصحاب أمور بعينها غفل عنها القرار.
ثالثاً، مجلس السلم الإفريقي لديه صحيفة بيضاء جديدة لمواقف السودان بشأن أزماته وكيف أن السودان ابتكر قضية البعثة المشتركة المعروفة باليوناميد حرصاً منه على ضرورة الوجود الإفريقي في الأزمة، كما أن السودان نفذ كل التزاماته بشأن اتفاقية نيفاشا 2005 وسعى لحل أزمة دارفور عبر منبر الدوحة وما يزال.
هذه كلها مؤشرات على أن السودان لديه (أيادي نظيفة) تستلزم تفهم موقفه ومراجعة الخطوات التي يقوم لها حالياً ووضعها الاعتبار. وأخيراً فإن موقف الاتحاد الإفريقي من المحكمة الجنائية هو ليس موقفاً (مفصلاً ومخصوصاً) للسودان وحده، هو موقف يهم كل دول القارة وليس معنى اختلاف السودان مع مجلس السلم الإفريقي في شأن ما، هدم موقف دول الاتحاد من الموقف الجماعي العام، ولذلك ليس على السودان أن يقلق من هذه الناحية وليس على المعارضين أن يذكروه بضرورة أن يقلق!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق