الأحد، 20 سبتمبر 2015

مشار وموسفيني.. «أبيي» و«قولو»!!

لماذا يستعجل الدكتور رياك مشار نائب رئيس جنوب السودان السابق و«اللاحق» بإذن الله، عقد مصالحة بينه وبين الرئيس اليوغندي موسفيني إبان زيارته إلى السودان أخيراً، ومعلوم أن برنامج المفاوضات بين سلفا كير ومشار يمضي بقوة بواسطة الإرادة الأمريكية علناً وبالتخطيط اليهودي سراً للتوصل إلى مصالحة تعيد الأوضاع الدستورية في جوبا سيرتها الأولى مع اختلاف شكلي متوقع؟! > ومشار حينما يعود أو يُعاد بالأحرى إلى السلطة في جوبا سيجد نفسه تلقائياً قد عاد صديقاً للنظام اليوغندي، وعادت مع اتجاه نهر النيل الأبيض مياه الصداقة إلى مجاريها بعد مصادفة الالتقاء في الخرطوم كما قال بروفيسور غندور، حيث قال «وجود مشار أثناء زيارة موسفيني مصادفة». > والمشكلة الحقيقية والمؤلمة جداً ليست في أن يتصالح ويتسامح مشار وموسفيني هنا في الخرطوم قبل الفراغ من مفاوضات الحكومة والمعارضة الجنوبيين.. وإنما المشكلة في أن هذا التصالح والتسامح يأتي بعد أن تسبب موسفيني في دق أقوى أسفين في التعايش السلمي بين قبيلتي الدينكا والنوير. > الحرب بشكلها السياسي يمكن أن تتوقف هناك في جنوب السودان بعد التوصل إلى اتفاق بين سلفا كير ومشار في الوقت الذي أرادته القوى الأجنبية، وكان يمكن أن يكون هذا الوقت قبل عامين في فجر اندلاع التمرد وانشقاق جيش الحركة الشعبية المعتمد كجيش للدولة الجديدة للأسف. > ومشار يمكن أن يقوم بزيارات إلى يوغندا يخيم عليها الحذر والعظة من مصير قرنق.. فلا يطير إلى هناك ومن هناك بطائرة يوغندية حتى ولو كانت طائرة موسفيني فربما يستغني عنها. > وستجد حكومة جوبا أنها في عامين ثبت لها أنها ليست حكومة دولة بها شعب موحّد بقيم وطنية وتملك موارد يمكن استغلالها لرفاهيته، وإنما هي إدارة محلية لمنطقة نفوذ أجنبي إذا اقتضت المصلحة الأجنبية إشعال الحرب أشعلتها القوى الأجنبية بهز القيم العنصرية هناك، وإذا اقتضت إيقاف الحرب أجبرت الطرفين بعد القتل والجراح والخراب على الجلوس للتفاوض. > والصداقة مع أمريكا أو يوغندا أو إسرائيل لا تعني بالضرورة أن تفيد في حماية الأمن والاستقرار وإنعاش التنمية باستغلال الموارد الموجودة في باطن وسطح الأرض. فهذه الدولة المتآمرة التي تمثل محور الشر داخل إفريقيا خرج من رحم صداقتها مع جنوب السودان القتل والسحل والاغتصاب والدمار والخراب في فترة وجيزة.. في عامين. > ولذلك لو كانت زيارة مشار إلى الخرطوم لمعالجة تصريحات سبق أن أطلقها للكسب السياسي في بداية انفجار معركته مع سلفا كير مثل قوله إن «أبيي» جنوبية.. والتأسيس لعلاقات دبلوماسية مميزة يستفيد من خلالها مستقبلاً بعد عودته إلى السلطة في جوبا في إدارة شؤون بلاده، فهذا هو الأفضل له طبعاً. > لكن إذا كان يريد لقاء موسفيني بخلاف ما قال بروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية لشأن مستقبلي، فإنه إذن لم يستوعب الدروس. فالدول الإفريقية لا تستفيد إلا ممن يعاديها لأنه يكون عدواً واضحاً يسهل تجنبه. > أما إذا كان وجود مشار في مناخ زيارة موسفيني إلى الخرطوم مصادفة كما قال غندور، فكان من الأفضل أن يؤجل مشار مجيئه أو لا يسعى للقاء موسفيني هنا في الخرطوم، ليتأكد للناس أنها بالفعل مصادفة كما قال غندور. > ومشار بدلاً من أن يسعى للقاء عدو بلاده الخفي وعدو قبيلته الظاهر بدعم حكومة جوبا لضربهم وارتكاب الفظائع ضدهم وضد الشلك أيضاً، فكان عليه أن يفتح ملف احتلال منطقة «قولو» في جنوب السودان. > فهي تحتلها يوغندا. وهذا أفضل من أن يصمت عن احتلالها ويتحدث عن تبعية «أبيي» منطقة المسيرية إلى جنوب السودان رغم أنف التاريخ والجغرافيا وحدود عام 1956م وقبلها حدود ونجت باشا عام 1905م. > وبعد أن يسحب موسفيني مستقبلاً قواته من جنوب السودان فينبغي أن يكون سحبها أيضاً من «قولو»، فهي منطقة في جنوب السودان حسب حدوده المعتمدة.. حتى لا تدخرها القوى الأجنبية لإشعال فتيل حرب قادمة بين الدولتين مستقبلاً حسب ما تقتضي مشروعات التآمر الأجنبية المغطاة في تينك الدولتين بالصداقة الوهمية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق