الأحد، 23 أغسطس 2015

«الجنوب» الانفصال أمريكي وإلغاءه أمريكي (1)

«هل حان الوقت لإعادة الوحدة بين جنوب السودان والسودان؟!».
بين القوسين سؤال كعنوان لمقال بقلم الكاتب «سفيان بن أوزاير» نشرته مجلة «فرن بوليسي» الأمريكية ومعناها «السياسة الخارجية».
> والفرق واضح بين «الشؤون الدولية» وبين «السياسة الخارجية».. فالعبارة الأولى تعني اهتمام الدولة صاحبة المجلة بأخبار وأحداث الدول الأخرى، لكن العبارة الثانية فمعناها واضح وهو ما يشكل خطط ومواقف ومصالح الدولة خارجها.
> ومجلة «فورن بوليسي».. أو «السياسة الخارجية» نشرت مقال «سفيان بن أوزاير» حول قضية «تقرير مصير» آخر جديد لجنوب السودان بعد أن جنى شعب جنوب السودان من تقرير المصير الأول الذي حققه بإرادة أمريكية ضد أمنه واستقراره واقتصاده ونسيجه الاجتماعي بعد أن جنى ثماراً مرة.. مرة للغاية، كالحنظل.
> ونعيد للمرة الثانية بمناسبة مقال «فورن بوليسي» هذا الحديث عن كتاب «خرب الموارد» لنقول ان شعب جنوب السودان كان سيتمتع بإنجازات كل المشاريع التي انطلقت خططها في أجواء اتفاقية فبراير مارس 2791م لو لا أن واشنطن سارعت إلى دعم تنفيذ المؤامرة التي يتضمنها هذا الكتاب.
> أيام الحرب شعب الجنوب كان يتجه شمالاً لأنه كان يجد الأمن والغذاء الذي افتقده في مناطقه هناك بسبب اعتداءات المتمردين بقيادة قرنق.
> وشعب الجنوب لم يخرج في مظاهرات في مدن الجنوب يطالب بتقرير المصير في الوقت الذي كان ينعم فيه بثمار اتفاقية أديس أبابا 2791م.
> لكن خرجت التظاهرات في جوبا قوامها أبناء الاقليم الاستوائي يطالبون باستقلال إقليمهم من بقية الجنوب استقلالاً ادارياً بحيث يبتعد عن أبناء الدينكا.
> بعد ذلك تهيأت الأجواء هناك لاستئناف التمرد والقضاء على ثمار اتفاقية أديس أبابا 2791م لتدور الحرب ربع القرنية وتتوقف باتفاقية نيفاشا بعد أن بسطت الحكومة هناك الأمن والاستقرار واستخرجت النفط.
> فكانت مؤامرة واشنطن أن تقف الحرب بخطة توقف معها الاستفادة من عائد النفط الذي تستخرجه الصين «مشروع القطب الآخر البديل للاتحاد السوفيتي».
> والآن يثار الحديث عن أوان إعادة الوحدة بين الدولتين بكل بساطة، وكأنما الأمر كان مشكلة بين زوجين وراءها سحر أو عين صائبة أو شيطان أو ظروف اقتصادية.
> فحينما كان الشمال والجنوب دولة واحدة ناعمة بالأمن والاستقرار في أجواء اتفاقية اديس أبابا لم يكن للحركة الشعبية وجود. والآن لا استحالة في أن يعود الجنوب الذي ألصقه الاحتلال البريطاني إلصاقاً بالشمال لكن بحل الحركة الشعبية وجيشها وإبعادهما من الساحة تماماً.
> فلا يمكن عودة الجنوب إلى عام 1102م، فهذا ليس من صالح السودان طبعاً لأن حرب الدينكا والنوير ستنتقل إلى الخرطوم طبعاً.
> ولا يمكن عودة الجنوب الى عام 5002م، لأن هذا يعني أن يعود وفيه نفوذ الحركة الشعبية والآن مصدر مشكلته المتأزمة هو هذه الحركة الشعبية. ثم إن اتفاقية نيفاشا بإدخالها حيّز التنفيذ فصلت الجنوب تلقائياً عن سيادة الخرطوم فأصبح لا سلطة هناك لكل المؤسسات القومية بما فيها الجهاز التنفيذي.
> إذن إذا كان لا بد من عودة جنوب السودان الى حضن سيادة الخرطوم فتكون الى عام 3891م.. والى اتفاقية أديس أبابا 2791م. أي أن يعود الجنوب «بلا حركة شعبية ولا جيش شعبي ولا قطاع شمال في الحركة الشعبية ولا جبهة ثورية للتحالف بين قطاع الشمال ومتمردي دارفور».
> يعود الجنوب بلا استثنائية ولا خصوصية ولا بصورة انفصالية غير معلنة مثلما كان في السنوات الست قبل إعلان الانفصال بعد فرز أصوات الاستفتاء حول تقرير المصير.
> ونتيجة الاستفتاء لو كانت صحيحة فإن عودة الجنوب لا داعي لها أصلاً، فلينضم الى يوغندا أو كينيا اذا عجز أن يستمر كدولة مستقلة.
> لكن كل الأمر هو أن واشنطن هكذا تخطط لسياساتها الخارجية وتخدمها في ذلك إعلامياً مجلة «السياسة الخارجية». وهي تنشر مقالاً عنوانه «هل حان الوقت لإعادة الوحدة بين جنوب السودان والسودان»؟!.
> وسؤالنا هنا: «إعادة الوحدة لماذا بعد الاستفتاء» هل لأن واشنطن لم تتدخل من البداية لحقن دماء الجنوبيين الذين سقطوا بالآلاف ضحايا صراع سلفا كير ومشار؟!.
> من حرض سلفا كير على إقالة مشار لإشعال فتيل الأزمة؟! أليست واشنطن نفسها؟! فهي إذن بتحريض ودعم قرنق فصلت الجنوب، وهي تريد الآن إعادة الوحدة للإضرار بالسودان. إنه انفصال أمريكي وعودة أمريكية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق