الثلاثاء، 4 أغسطس 2015

المبعوث الأمريكي في الخرطوم.. الزيارة الغامضة

تقرير : محمد حمدان
في الوقت الذي تتثاءب فيه الخرطوم للنهوض صبيحة الأحد الماضي، لامست طائرة المبعوث الأمريكي لدولتي السودان وجنوب السودان دونالد بوث مدرجات مطار الخرطوم الدولي، الزيارة أتت بعد انقطاع دام لأكثر من عام بفعل عوامل مختلفة، زيارة بوث تحيط بها السرية التامة وفقاً للتعامل الغير مرئي بين الإدارة الأمريكية والحكومة السودانية في الفترة الأخيرة تحت شعار "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان" لكن المؤكد أن حواراً يمضي بين واشنطن والخرطوم تحت سياج من السرية.
تفيد متابعات (السوداني) أن المبعوث الأمريكي دونالد بوث وصل فجر الأحد للخرطوم ومن المتوقع أن تستغرق زيارته للبلاد أربعة أيام ويرجح أن يكون التقى وزير الخارجية البروفيسور إبراهيم غندور كأول مسؤول حكومي، ورغم التكتم الشديد على برنامج بوث إلا أن ما رشح من معلومات يؤكد على متابعة ما تم في اجتماع أوباما بأديس أبابا بحضور بوث مع رؤساء دول الإيقاد فيما يتعلق بملف الجنوب وهؤلاء من ضمنهم وزير الخارجية غندور، فضلاً عن مناقشة العلاقات بين الخرطوم وواشنطن والملفات الشائعة بين البلدين ويبدو أن زيارة بوث للخرطوم تأتي في سياق الجهود الرامية لمعالجة مشكلة الجنوب لا سيما وأن زيارته للسودان تأتي عقب لقاءات مكثفة في جوبا أبلغ فيها رسائله إلى بريد أطراف الصراع بما يشي بأن صبر بلاده قد نفد، كما أن الجولة القادمة لمجريات التفاوض بدولة الجنوب من المتوقع أن تبدأ بعد غد في السادس من أغسطس الجاري بأديس أبابا، وقال وزير الخارجية بروف غندور أمس للزميلة (اليوم التالي) إنهم وجدوا أذاناً صاغية من قبل أوباما مؤكداً على أنهم وجدوا فرصة لطرح وجهة نظرهم في القضايا الداخلية وعلاقات السودان مع أمريكا وأضاف غندور "اتفقنا على مواصلة الحوار في القضايا العالقة عبر الآليات المعلومة".
بعد غيبة
زيارة المبعوث الأمريكي الحالية جاءت بعد انقطاع لأكثر من عام، فالخرطوم علقت في خواتيم نوفمبر من العام 2013م تعاملها مع المبعوث الأمريكي دونالد بوث، ووقتها رفضت منحه تأشيرة دخول للبلاد، ورهنت أي دور لواشنطن بشأن السلام في السودان بتطبيع كامل للعلاقات بين البلدين، لكن يبدو أن إدارة الخارجية في عهد غندور تمضي في اتجاهات مختلفة عن سلفه علي كرتي، رغم أن كليهما منفتحان في التعامل لكن غندور يعد أكثر مرونة حيث تحرك عملياً تجاه تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة كدولة رقم في السياسة الدولية ومفتاح لحلحلة الكثير من القضايا مع البلدان الأخرى، ولا زالت الخرطوم تطالب واشنطن برفع الحظر الاقتصادي ورفعها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتلك هي قضايا جوهرية حال النجاح في حلها يمكن أن تقلب موازين المعادلات في علاقات البلدين ورغم تقديم الخرطوم لتنازلات في نيفاشا حتى انفصال الجنوب إلا أنها لم تكسب جزرة واشنطن، لكن في المقابل تشترط واشنطن وقف الحرب وتسوية سياسية للمنطقتين ودارفور وتحسين ملف حقوق الإنسان والحريات.
وتواجه واشنطن الرسمية ضغوط كبيرة من قبل لوبيات متعددة تعيق تحسين علاقاتها مع الخرطوم، بيد أنه ثمة معطيات واقعية تجبر الولايات المتحدة للتعامل مع الحكومة السودانية وتحقيق اختراق في علاقاتها مع الخرطوم، ولعل حالة السيولة الحادة التي تمر بها عدد من بلدان غرب إفريقيا خاصة جيران السودان من شمال مالي حتى تشاد مروراً بأفريقيا الوسطى وما صاحب ذلك من صعود لجماعات بوكو حرام وبعض عناصر القاعدة في ليبيا يجعل من التعويل على الخرطوم كلاعب أساسي لاستقرار المنطقة مهم لجهة أنها تتمتع باستقرار نسبي، ولذا ينظر إليها بأنها يمكن أن تساهم في الاستقرار لا سيما في أزمة دولة جنوب السودان، هذا الجانب ربما طغى على الجوانب الأخرى وما يفسر مجريات الحوار وتبادل الزيارات بعيداً عن عيون الإعلام ربما خوفاً من تأثيرات اللوبيات على التوصل إلى تطبيع علاقات الطرفين.
اشتراطات ومواقف
وتطالب الإدارة الأمريكية الخرطوم بوقف الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق إلى جانب دفع مسيرة الحوار الوطني لتفضي لتغيير حقيقي، وهو ما رأت بعض مواقع صنع القرار الأمريكية أنه يمكن حله إلى جانب أزمة دارفور في سياق تسوية شاملة بين المعارضين والحكومة، وقد كررت الإدارة الأمريكية اشتراطاتها تلك على لسان مبعوثيها الآخرين. لكن المهتم بالعلاقات السودانية الأمريكية د. بكري عثمان يلخص المشهد بقوله إن أمريكا تريد للنظام أن يكون موجوداً ويحافظ على الأمن في المنطقة، ويمنع التنظيمات المتطرفة، ويساعد على استقرار الجنوب على ألا يقوي للدرجة التي يهدد فيها مصالح أمريكا، ويزيد الحكومة الأمريكية تسعى لتحقيق مآربها في السودان والمنطقة وتحاول قدر الإمكان ألا تدفع أي ثمن سياسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق