الأربعاء، 19 أغسطس 2015

هل حان الوقت لإعادة الوحدة بين جنوب السودان والسودان؟

بقلم: سفيان بن أوزاير
مضت خمس سنوات منذ أن انفصل  جنوب السودان عن السودان، والشئ الوحيد الذي كسبه جنوب السودان هو العنف والأزمة الداخلية والتي لا يبدو أن نهاية لها في الأفق، لقد وقف المجتمع الدولي بجانب جنوب السودان إلا أن الدولة الوليدة خذلت الجميع وجعلت عاليها أسفلها.
إن  العنف والحرب الدائرة في جنوب السودان قد أدت إلي مقتل وتشريد الملايين من المدنيين الأبرياء، بل إن الدولة الوليدة والتي أتت من رحم أكبر أمة أفريقية (السودان قبل الانفصال) تعد مثالاً حياً للدولة الفاشلة.
وليس هذا كل شئ ففي الآونة الأخيرة قررت حكومة جنوب السودان طرد مسؤولي الأمم المتحدة من أراضيها خوفاً من أن تصل أخبار حالات انتهاك حقوق الإنسان إلي بقية أنحاء العالم، أما الدعوات لإعادة النظر في هذا القرار فقد قوبلت بآذان صماء الأمر الذي اضطر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رد فعل لهذا القرار أن يفرض عقوبات بالإضافة ألي حظر السفر.
والقضية المطروحة الآن: يتساءل المرء  لماذا فشل جنوب السودان في إنجاز مهمة إدارة دولة مستقلة؟.
الإجابة بسيطة وهي أنه من المؤكد أن جنوب السودان لم يكن مهيأ ليكون دولة مستقلة وكان من المفترض أن يكون السودان الموحد (غير المنقسم)، حيث إن الانفصال القسري قاد إلي أن تصبح الأمور في درك سحيق.
إن جنوب السودان لم يعد قادراً علي العمل وحده متماسكة؛ لأنه ببساطة يفتقر إلي المكونات الأساسية المطلوبة لبناء الأمة.
ومهما يكن من أمر ورغم أن دولة جنوب السودان أًبحت حقيقة ماثلة فلماذا لا تعيش الدولة الوليدة في سلام.
حسناً نبدأ بالقول إن الحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان ليسا منظمة للتحرير كما يبدو من اسمها بل علي النقيض هي مؤسسة إقليمية إرهابية تعمل بجد لتدمير السودان وتشكيل الحدود التي يمكن أن تحكمها بمساعدة الطغمة العسكرية.
ومساعدة الغرب، ونجحب الحركة الشعبية/ الجيش الشعبي وبقية القصة معروفة .
يضاف إلي ذلك أن الحركة الشعبية/ الجيش الشعبي لتحرير السودان تفتقد لأية رؤية في مسألة بناء الأمة وليس لديها ثمة خارطة طريق المستقبل جنوب السودان، فكل ما يمكن أن تعرضه هو الآلية التي تسحق المدنيين بمساعدة القوة العسكرية والمساعدات التي تتلقاها  من حفنة من أمراء الحرب الرأسماليين في إطار مساعيهم لاستغلال الموارد الطبيعية لجنوب السودان، وهذا باختصار ما جعل جنوب السودان ينحدر نحو الأسواء حيث إن أعداد المصابين في ازدياد مستمر.
المأزق..
وبطبيعة الحال فإن هنالك محاولات قد جرت لتبني مصالحة ومساعدة جنوب السودان للبقاء علي قيد الحياة باعتبار أنه لا يوجد خيار سوي ذلك، إلا أن الداعمين لخط الانفصال كانوا يعتقدون أن جنوب السودان سيصبح مهداً للديمقراطية إلا أن أحلامهم قد ذهبت أدراج الرياح رغم بذل كل المحاولات بطريقة أو أخري للإبقاء علي دولة تسمي جنوب السودان.
إلا أن تلك الاتفاقيات لم تشفع حيث إن الاتفاقيات توقع ثم يتم نسيانها، فالرئيس كير وقائد التمرد مشار رفضا الإذعان وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، حتي نكون أكثر وضوحاً فإنه لا يمكن إلقاء اللوم علي أيا منهما فالاثنان عبارة عن دمي ويرغب كلا منهما في أن يصبح دمية علي رأس الدولة، فمشار يتهم كير بأن لديه طموحات كبيرة لا يمكن "ازدرادها" بينما يدعي كير أن مشار يرغب في قلب نظام الحكم.
الخاتمة..
وتأسيساً علي ذلك نتساءل هل ثمة سبيل لجنوب السودان ليستمر – دولة؟..
ولنكن أمناء مع أنفسنا، فإن أفضل السبل المتاحة هو أن يتم تخليص  جنوب السودان من تلك الدمي ويتجه نحو الاندماج مع السودان فجنوب السودان أصبح لا شئ سوي تخبط وخطأ فادح ولا مجال لاستمرار هذه الأضحوكة أكثر من ذلك والتي لا يجنب منها سوي الأسواء بالنسبة للسكان، وفي نهاية الأمر فإن أية حرب أهلية أو اضطرابات اجتماعية فإن المدنيين هم من يعانون أكثر من غيرهم – حالة جنوب السودان ليست استثناء – وعليه فإن جهوداً يجب أن تبذل للتسوية ودمج جنوب السودان في السودان.
وفي حالة التعنت حول فكرة الاندماج مع السودان وعدم وجود قبول لها فإن السبيل الأمثل التالي هو ابتدار عملية سلمية مع جعل السودان وسيطا في تلك المبادرة، شئنا أم أبينا فأن السودان يعرف أكثر من أية جهة أخري سواء كان بريطانيا أو أمريكا أو روسيا أو الصين أو حتي دول الجوار الأفريقي، ومن ثم فإن أية جهة ترغب في حل أزمة جنوب السودان يجب أن تستصحب السودان في عضويتها.
وهكذا فإن الوقت قد حان الآن للعمل؛ ففي أربع السنوات الماضية لم يشهد جنوب السودان سوي العنف؛ لذا فإن أي تأخير قد يعزز من فرص دمار هذه الدولة الفاشلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق