الخميس، 13 أغسطس 2015

أسوأ ما ينتظر جوبا في الأيام المقبلة!

ربما كانت جوبا -بفعل التهديدات الامريكية الأخيرة- مجبرة لقبول أي حل للصراع الدائر بين الفرقاء الجنوبيين لإداركها ان عبارة (نفاذ الصبر) الواردة بوضوح على لسان المبعوث الامريكي  (دونالد بوث) مؤخراً ليست مجرد عبارة دبلوماسية معتادة، بقدر ما هي نقطة مفصلية يعصب المرور عليها مرور الكرام! إدراك جوبا لعمق هذه العبارة ومترتباتها الباهظة ربما يدفعها دفعاً الآن لقبول الحلول الحاسمة حتى ولو كانت لا تخلو من مرارة، غير أنها فى هذا الصدد سوف تجد مشقة بالغة في قبول أمرين:
الأمر الأول، في ظل فرضية وجود السودان كشريك اقليمي في عملية الحل المرتقبة فإن كل مزاعمها غير الصحيحة بشأن دعم السودان لفصائل مسلحة تقاتل الحكومة فى جوبا سوف تبدو للمجتمع  الدولي بأسره عارية تماماً من الصحة الامر الذي ينزع عنها أدنى حد من المصداقية ويقضي تماماً على اية إمكانية او حتى محاولة لتبرير دعمها للفصائل السودانية المسلحة المنطلقة منذ أكثر من 4 سنوات من عمق أراضيها.
لن يفوت السودان فرصته إقرار واشنطن بأنه شريك في السعيّ الجاد لحل الصراع لكي ينزع من جوبا هذه الورقة الصفراء تماماً. ولو كان صحيحاً ولو بدرجة 1% أن السودان يدعم فصائل جنوبية ضد الحكومة الجنوبية لما جلس الرئيس أوباما فى زيارته التاريخية الاخيرة الى أديس ابابا الى مسئولي دول الاقليم القريبين من دولة الجنوب بمن فيهم السودان والذي مثله البروفسير غندور، وزير الخارجية.
وجود السودان ضمن دول الاقليم مع غياب دولة الجنوب فيه تأكيد أمريكي ضمني ان السودان لا يفعل ما تفعله جوبا! هذا التطور الكبير يثير القلق الآن داخل طاقم الحكم في جوبا.
أما الأمر الثاني، فهو أن استعانة جوبا بالجيش اليوغندي لإدارة معاركها مع حملة السلاح ضدها، مع عجز هذا التحالف غير المشروع في إنهاء الصراع يفرض على جوبا -ضمن منطوق التسوية المرتقبة- إخراج الجيش اليوغندي من المعادلة، وهي نقطة على جانب كبير من الاهمية بالنسبة لكافة الاطراف لأنها تعني ان يوغندا -كما كانت تفعل سوريا فى لبنان فى السابق- تريد أن تجعل من دولة جنوب السودان منطقة نفوذ متقدمة للعب دور اقليمي لا يتناسب مع يوغندا مطلقاً ولا يحقق استقرار المنطقة.
هذين الأمرين بالطبع سوف يصبحان بمثابة (بعبع) مخيف للحكومة الجنوبية كونها سوف تضطر الى التخلي عن اوراق اللعبة بكاملها لصالح حل سياسي يستند الى تداول سلمي للسلطة مع إصلاحات داخلية عميقة. هذين الأمرين أيضاً -لمفارقات القدر- هما ما ظل السودان يرجوهما منذ سنوات من جوبا تمهيداً لتفعيل إتفاقيات التعاون المشترك وحلحلة القضايا العالقة المهمة بين الجانبين بمعالجة قضايا الحدود وكيفية تأمينها وكيفية استفادة البلدين من بعضهما.
خطأ جوبا المؤلم أنها أهدرت اكثر من 4 أعوام كانت كفيلة بأن تحقق انطلاقاً تاريخياً لكلا الدولتين، الخاسرة فيه هي وحدها دون شك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق