الأربعاء، 5 أغسطس 2015

التمديد لليوناميد.. البعد الآخر للمؤامرة!!

عبدالله عبدالرحيم-
بالرغم من أن دعوات كثيرة خرجت من هيئات وجماعات في دارفور غير الحكومة بضرورة مغادرة بعثة اليوناميد التي لم تجد ما يشفع لها لتبقى وفقاً لمهمتها في الإقليم، ورغم تصعيدات الحكومة الكثيفة وتصديها لحملة بقاء يوناميد في دارفور، إلا أن الأمم المتحدة التي تقف في الطرف الآخر مدافعة عن قواتها ومنافحة لقرارات الحكومة السودانية الداعية لطرد اليوناميد من دارفور، صممت بالأمس على ضرورة بقاء قواتها في دارفور وقامت بالتجديد والتمديد لها لعام جديد، رغم كل المطالبات والمناشدات التي ولأول مرة تتساوى فيها الحكومة والحركات المسلحة كحركة العدل والمساواة جناح جبريل إبراهيم حينما أكدت أن قوات البعثة في دارفور بلا مهمة يستفيد منا مواطن الولاية.
وأدى خبر التمديد لليوناميد من قبل قرار إجماعي لمجلس الأمن الدولي والذي جاء فيه أن آليات جديدة أدخلت لتمكن القوات الدولية من القيام بدور أكبر من الحماية للمدنيين في الاقليم، أدى إلى إزعاج الحكومة رغم أنها لم تتعامل معه بردة الفعل المعتاد كأن تصدر بيان للتنديد أو للتصعيد ضد المنظمة الأممية. ولكن الخرطوم التزمت الصمت والمراقبة لحين. وبحسب متابعين، فإن اليومين القادمين سيشهدان ثورة بيانات وتصعيدات للموقف من قبل الحكومة التي وجدت في وقت سابق تأييد من الأمم المتحدة التي اتفقت معها على خروج البعثة، ولكن وفق برمجة محددة الشيء الذي اعتبرته الحكومة انتصاراً في وقت سابق قبل أن تعود الامم المتحدة في موقفها وتعلن الجانب المخفي من القرار الذي لم يعلن. وجاء في حيثيات قرار التمديد، إن أي تفكير في سحب أو تقليص عدد قوات حفظ السلام، يعتبر أمراً من السابق لأوانه كما وإنه مرهون بتحقق اشتراطات معينة منها حدوث تحسن في الوضع الأمني وتحقيق تقدم في مباحثات السلام. ويصل حجم القوة الى «15» ألف جندي كأكبر قوة لحفظ السلام في العالم تديرها الامم المتحدة.
وكان متابعون عن قرب للملف أكدوا أن بعثة اليوناميد في دارفور لم تعد تطاردها عدم رغبة الحكومة السودانية فقط، في عدم بقائها واستمرارها في الإقليم، ولكن تمددت ذات الرغبة في أوساط مختلفة هناك، ومما يضع اليوناميد أمام المواجهة بالفشل في أداء واجباتها ومسؤولياتها برغم صعوبة المهام التي تواجهها.
وحول الدور الذي تلعبه اليوناميد في الإقليم وما إن كان دافعاً للاستقرار في الإقليم أو خلافه، يرى الخبير الأمني العميد متقاعد الأمين الحسن في حديثه لـ«الإنتباهة» أن طبيعة القوات التي جلبت لإقليم دارفور تحت غطاء القبعة الزرقاء، أغلبها من دول أفريقية وتحديداً نيجريا، مشيراً إلى أن مثل هذه القوات لا تدرك طبيعة الصراع الدائر هنا ولا طبيعة المنطقة مما ساهم هذا التداعي لإفشال مهمة البعثة منذ دخولها في العام 2004 تحديداً وقال إن الفترة التي قضتها قوات اليوناميد بدارفور لهي كافية لتحقيق الاستقرار والسلام، بل وأنها كان ينبغي أن تساهم في عودة الحياة لماضيها بين مكونات الاقليم البشرية. ولكن -والحديث للحسن- إن سوء التخطيط بجانب الأجندة غير الواضحة يصاحبه عدم اعتراف الحكومة والحركات المسلحة بدورها في المنطقة، كلها عوامل مشتركة أدت إلى إجهاض مهمتها الراهنة. وحول التمديد لها بعام جديد رغم إصرار الحكومة على خروجها من الإقليم، يرى الامين إن المهمة نفس المهمة السابقة والجنود هم الجنود ولا شيء تغير. فهل سنطمح في تحقيق نجاحات لم تحقق من قبل؟.
وحول جهود اليوناميد في دفع عجلة السلام في السودان وتحديداً في إقليم دارفور، يقول الأكاديمي والمحلل السياسي د. السر محمد لـ«الإنتباهة» إن دارفور لازالت تعاني ويلات الحروب بالرغم من عودة الكثير من الاطمئنان لسكان الإقليم عقب اندثار الحركات المسلحة وحركة في الإقليم. ويرى السر إن القوات المسلحة لوحدها إذا ما وجدت دعماً متواصلاً من قبل المجتمع الدولي لوجستي وغيره باستطاعتها تحقيق ما عجزت عن تحقيقه قوات اليوناميد. وأكد السر أن واحدة من الأسباب التي أدت لتفاقم الأوضاع أزمة (تابت) بشمال دارفور. وقال إنها هي التي ألقت بظلال سالبة على مسيرة اليوناميد في الإقليم وهي التي دفعت الحكومة لتصعيد ملف إستراتيجية الخروج التي دفعت بها للامم المتحدة ووافقت عليها على مضض قبل أن تنفض يدها عنها وتجدد للبعثة، وذلك بعدما تخاذلت اليوناميد في الدفاع عن الحكومة بعد الاتهامات التي واجهتها من قبل بعض المنظمات الأجنبية والتي ادعت فيها أن القوات النظامية ارتكبت اغتصابات جماعية في تابت.
ولكن متابعون للاوضاع يرون أن ما حدث في أيام الاقتراع خلال الانتخابات الأخيرة، بتفجر الأوضاع في جامعة الفاشر أثناء خروج طلاب الجامعة في احتجاجات، دفع حكومة الولاية لتوجيه أصابع الاتهام صراحةً إلى قوات اليوناميد بأنها كانت سبباً مباشراً في تأجيج الاحتجاجات عبر تدخلها في الأوضاع الداخلية.
وبالرغم من أن لجنة شكلت لمدارسة كيفية خروج البعثة الاممية وما دار من حديث حول ضرورة الخروج وموقف الحكومة الثابت والذي تدعمه فقرة في اتفاقية دخول اليوناميد يرى د. السر أن هذا كله «كوم» ورغبة الامم المتحدة المدعومة مسبقاً والمدفوعة لاتخاذ قرارات تأديبية ضد الخرطوم (كوم)آخر. وأكد أن الأمن والسلام والاستقرار في دارفور لا يمكن أن يأتيا من خلال وجود قوات ناقصة لا تملك حق الدفاع عن نفسها وإن كانت تملكه فهي غير قادرة على حماية نفسها في الوقت الذي يطلب منها فيه عم الآخرين وتشجيعهم على الاستمرار قدماً بحثاً عن الاستقرار والسلام.
من جانبه دعا الخبير الامني الامين الحسن المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات أكثر جدية لحسم أمر بقاء القوات المشكوك في مقدرتها عن طريق تقديم الدعم للمكونات القبلية ولمواطني الاقليم الذين يحتاجون إلى من يمد لهم يد العون والمساعدة في ظل وجود قوات مسلحة قادرة ومقتدرة كالقوات المسلحة السودانية. وقال إن تجربة القوات المشتركة التي لازمها السودان بمعية دول الجوار، في إشارة لتجربة السودان (تشاد والسودان، إثيوبيا، وليبيا، ومصر)، بقادرة على تجنيب المنطقة كلها وليس السودان وحده مآلات التدخل الاممي وأن هذه القوات بحسب قوله أكثر قدرة ومتابعة للامر وذلك لأن كل دول الجوار ستتأثر بمآلات الاوضاع في المنطقة المعنية إذا ما تأمت أكثر. وطالب الحسن بضرورة تفعيل مثل هذه القوات في كل الاتجاهات المأزومة وعدم اللجؤ للأمم المتحدة حتى لا تسوء الحالة أكثر من سابقاتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق