الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

الجنوب وإسرائيل.. المصالح المشتركة

هنادي عبد اللطيف-
الحديث عن العلاقة بين جوبا وإسرائيل وإن اعتبرت علاقة خاصة بدولتين ذواتا سيادة ولا يمكن لأية دولة الاعتراض عليها باعتبارها أمر يخص الدولة لوحدها، وكما يحدث بين علاقة جوبا بإسرائيل التي امتدت علاقتها منذ خمسينيات القرن الماضي ربما ستكون ذات تأثير على ما يحدث في السودان وإن اعتبر محللون ألا علاقة للسودان بأية علاقات خارجية لأية دولة أخرى. وما كشفته الصحيفة البريطانية أول أمس عن تلقي جوبا أسلحة متطورة من إسرائيل، ربما يؤكد أن إسرائيل تسعى لوضع يدها بشكل نهائي على الدول الأفريقية، وبأنها بذلك أصبح لها نفوذ واضح في تلك المناطق الأفريقية. وإن كان في السابق مجرد اتهامات إلا أن ما خرجت به الصحيفة ينفى الاتهام ويجعل الأمر مؤكداً عليها. اتهام إسرائيل بدعم جوبا جاء من أوساط إسرائيلية بأن حكومة بنيامين نتنياهو قامت بمساعدة حكومة جنوب السودان على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من خلال مواصلة مدّها بالسلاح الذي تستخدمه في الحرب التي تشنّها ضد المناطق التي استولت عليها حركة المتمردين بقيادة رياك مشار. وطالبت الأوساط الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن تزويد جنوب السودان بالسلاح، بعد اتهام قيادات بارزة فيها بارتكاب جرائم حرب ممنهجة بحق السكان في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون لأسلحة مثل بنادق «تافور وجليل»، إلى القوات الحكومية بجنوب السودان رغم الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على بيع الأسلحة للدولة، وتوقف المساعدات الأمريكية العسكرية لدولة جنوب السودان. وأشار المحامي إيتي ماك، المهتم بمراقبة صادرات السلاح الإسرائيلية إلى الخارج، وأنها تشرف على معسكرات تدريبية للقوات الحكومية بشكل سري داخل جنوب السودان، مشيراً إلى أن دعمها العسكري للرئيس سيلفا كير يجعله يتجنب أية حلول دبلوماسية، مفضلاً استئصال تهديد خصومه عن طريق القوة العسكرية التي توفرها له إسرائيل. ونقلت صحيفة «معاريف» في عددها الصادر في 5 يوليو الماضي، عن ماك قوله، إن عمليات الاغتصاب التي ينفذها جنود جيش جنوب السودان ضد نساء وقاصرات، تتم عبر تهديدهن بالسلاح الذي تصدره إسرائيل إلى هذه الدولة.
البروفيسور الطيب زين العابدين يرى خلال حديثه للصحيفة إن العلاقة بين إسرائيل وجنوب السودان علاقة قديمة منذ عهد جوزيف لاقو الذي اعترف بها في الآخر حتى الحركة الشعبية بقيادة الراحل قون قرنق كان له علاقة مع إسرائيل والرئيس سلفا كير أول دولة زارها هي إسرائيل وبالتالي كون إسرائيل تعترف بها كدولة فهو شيء طبيعي. وتزويدها بأسلحة متطور من حقها لأنها أصبحت دولة ذات سيادة على الرغم من أن حكومة الخرطوم لن ترضى هذا الدعم، إلا أن الخرطوم لا تملك شئياً ولن تستطيع عمل شيء. فجنوب السودان دولة مستقلة بذاتها وكغيرها من دول أفريقيا لها علاقات مع إسرائيل كإرتيريا وإثيويبا. مشكلة إسرائيل تكون مع الجهة التي أعطتها التكنولوجيا التي تدير الصواريخ المتقدمة عادة، ولا يفترض يديرو هذه الأسلحة إلا بموافقة الطرف الذي أعطاهم إياها، وقد تكون تصنيعاً إسرائيلياً وأمريكية الصنع. أمريكا لن تستطيع عمل شيء ضد إسرائيل، والسودان كذلك. فعلاقة الدول العربية بإسرائيل أصبحت كبيرة وواضحة سواء في الخفاء، أم مصر هي التي لها تعاون أمني مع إسرائيل في سيناء. ويضيف بروفيسور زين العابدين إن على الجنوب أن يلتزم بمطالب الخرطوم المحلية التي فيها حجة بشأن دعمها للحركات المسلحة ضد الحكم في السودان. ويضيف زين العابدين أن الصواريخ التي اشترتها دولة الجنوب ليس هناك احتمال أن تدعم بها الحركات المسلحة، وذلك للثمن الباهظ الذي اشترت بها الصواريخ.
حكومة الجنوب تريدها لحمايتها.
الجنوب دولة مستقلة لذلك لها الحق في أن تحسن وتطور علاقتها مع إسرئيل او غيرها. ذلك ما ذهب إليه الخبير الأمني العميد(م) حسن بيومي الذي يرى خلال حديثه لـ«الإنتباهة» إن هذا التعاون يمثل خطورة على السودان، خاصة بأن الأسلحة متطورة. ويمضي بيومي في الحديث، إن الجنوب أصبح دولة مستقلة.
وبحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية التي ذكرت في عددها الصادر في 5 يوليو الماضي، أنّ إسرائيل ترفض الكشف عن حجم صادراتها من السلاح إلى جنوب السودان، إذ أن وزارة الأمن تقدّم معطيات إجمالية حول تصدير السلاح لأفريقيا بشكل عام. ونوهت الصحيفة إلى أنه، بحسب معطيات الوزارة، فإنّ قيمة صفقات السلاح مع الدول الأفريقية، قفزت من 107 ملايين دولار عام 2010 إلى 318 مليون دولار، خلال عام 2014م وبحسب الصحيفة، فإن عناصر جيش جنوب السودان يستخدمون حصرياً بندقيتي «جاليلي وتفور»، اللتين تنتجهما الصناعات العسكرية الإسرائيلية. وقد زار وفد من جنوب السودان إسرائيل في يونيو الماضي، للمشاركة في معرض السلاح الإسرائيلي «آي اس دي إي أف»، إذ رأس الوفد وزير المواصلات في جنوب السودان، مع العلم أن وفداً من هذه الدولة حضر معرضاً نُظِّم قبل ستة أشهر، يتعلق بالوسائل التي تضمن الحفاظ على الأمن الداخلي. وتعود جذور التحالف بين جنوب السودان وإسرائيل إلى ستينيات القرن الماضي، عندما وقفت إسرائيل إلى جانب الحركة الشعبية لتحرير السودان الانفصالية بقيادة جون قرنق والتي كانت تحارب الحكومة السودانية.
وتعتبر إسرائيل من أوائل الدول التي أعلنت اعترافها بدولة جنوب السودان، إذ جاء الاعتراف في اليوم التالي لإعلان الدولة. كما كانت إسرائيل أول دولة يقوم الرئيس سلفا كير ميارديت بزيارتها، إذ تمت الزيارة في ديسمبر 2011م وأعلن كير لدى هبوطه في مطار «بن غوريون»، إنه يشعر بالتأثر بعد أن وطأت أقدامه «الأرض المقدسة». وأضاف رئيس جنوب السودان «لقد دافعت إسرائيل عن شعبنا ومن دونها لم نكن لنتمكن من تأسيس هذه الدولة. لقد قاتلتم إلى جانبنا من أجل تحقيق هذا الإنجاز، وسنواصل العمل سوياً من أجل تعزيز العلاقات الإستراتيجية بيننا».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق