الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

دستور جديد.. قراءة في تاريخ المتغيرات

بقلم: وليد العوضإعلان لجنة قضايا الحكم في الحوار الوطني عن الإجماع والاتفاق على صياغة دستور جديد للبلاد. وأضاف بركات الحواتي رئيس اللجنة في ندوة الاستقلال والحوار أنه إذا تم تنفيذ مخرجات الحوار فإن البلاد موعودة بالانتقال إلى مرحلة جديدة، وحديث رئيس لجنة قضايا الحكم حول الإجماع حول صياغة دستور جديد جعلتني أسترجع سريعا تاريخنا السياسي مع (الدستور الجديد) والمقارنة بين الدستور في الفقه القانوني والدستور في فقه (الزار) أن وجه الشبه الطقوس تجري في ظروف استثنائية، وهي ما بين الصراع والصداع والخزعبلات وبمجرد الدخول في مراسم الدستور الاحتفالية يخرج (الريح الأحمر)، وهو حالة اللاوعي تصيب المرأة والسياسة، وأن هذا الدستور لتجاوز حالة اللاوعي.
تاريخنا السياسي حافل بالمتغيرات والانقلابات والتحولات، كلما جاءت سيرة الدستور فإن البلاد تشهد وضعا جديدا ومختلفا عن الواقع السياسي القائم، ويمكن قراءة انقلاب النميري كأول فعل سياسي لمناقشات الدستور، حيث كانت الجمعية التأسيسية تتداول الدستور حتى مرحلة القراءة الثانية، وهو ما بين الدستور الإسلامي والليبرالي العلماني، حيث سبق هذا الجدل حادثة حل الحزب الشيوعي كأزمة دستورية، وفي حكم نميري جاء دستور 1973 الدائم، وفي الوقت الذي أقرت فيه حكومة نميري هذا الدستور كانت البلاد تعيش في صدمة ودوامة انقلاب هاشم العطا، ثم جاء التحول الدستوري الثالث هو دستور 1983 أو ما عرف بقوانين الشريعة الإسلامية، وبعده دخلت البلاد في متغير سياسي آخر (الانتفاضة) بداية للمشروع الديمقراطي الثالث، ولم تنفك حكومة ما بعد النميري من أزمة الدستور الدائم بسعيها لمحو آثار سدنة مايو وعقد اتفاقيات مع حركة التمرد في كاكودام واتفاق الميرغني قرنق والمؤتمر الدستوري الجامع، وفي ظل كل هذا جاء انقلاب الإنقاذ الذي بدأ بنظام المراسيم الدستورية المؤقتة والشرعية الثورية ثم إعلان الشريعة الإسلامية، وحينما حل الرئيس مجلس قيادة الثورة انتقلت البلاد إلى وضع دستوري يستوعب متطلبات الحوار مع الآخر الذي ابتدره الشريف زين العابدين الهندي في مبادرته. وفي 1998 أقرَّت الإنقاذ دستور التوالي السياسي الذي أثار جدلا واسعا، وقبل أن يجف مداد هذا الدستور دخلت الإنقاذ في متاهة الصراع الداخلي الذي قاد إلى تصحيح الأوضاع وحسم ازدواجية القيادة، ومن هنا بدأت الإنقاذ في عملية الانفتاح السياسي على الآخر ومابين 1998 إلى 2005 شهدت البلاد متغيرات جذرية داخل العملية السياسية من لقاءات سويسرا واتفاق جيبوتي والقاهرة وميشاكوس ونيفاشا التي أسست لدستور 2005 الانتقالي الذي استوعب تكوينات الأزمة السياسية والاجتماعية وحقق اختراقات في بناء الثقة في قضايا الحكم والمواطنة والدين، ورغم أن هذا الدستور أرضى تطلعات النخب الإسلامية والليبرالية والعلمانية، ورغم ذلك تقسمت البلاد وتم تعطيل مواده المتعلقة بجنوب السودان.
منذ انفصال جنوب السودان 2011 وحتى لحظة حديث رئيس لجنة قضايا الحكم حول الإجماع حول صياغة دستور جديد ينقل البلاد إلى مرحلة جديدة، فإن فقهاء القانون والدستور ربما ينطلقون من منصة دستور 2005 المشتهى لدى قطاعات كبيرة وسط المعارضة، وعلى أي حال، ومن خلالش القراءة التاريخية لسيرة الدساتير السودانية أنه بمجرد الحديث أو الإشارة إلى دستور جديد تأكد بأن هنالك تحولاً حقيقياً قادماً، والقادم أن الحوار الوطني هو تحول جذري لصالح بناء نظام سياسي جديد يستوعب الدين والهوية وقضايا الحكم والحديث عن مراجعات وإصلاحات قانونية، كما أن مؤشرات الجولة غير المباشرة. إن الحديث عن صياغة دستور جديد هو الطريق إلى متغيرات جديدة وإن النخب السياسية (دستورها نازلة).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق