الخميس، 3 ديسمبر 2015

المساعدات الإنسانية للمنطقتين.. عوائق ومفارقات!

بحسب مفوض العون الإنساني السوداني (أحمد محمد آدم) فإن الحركة الشعبية قطاع شمال ظلت تعرقل الاتفاق الثلاثي الموقع منذ ثلاثة سنوات لفتح المجال للإغاثة والعون الإنساني في المنطقتين (جنوب كردفان النيل الأزرق). ويضيف آدم، إن التقديرات الدقيقة لمن هم في حاجة ماسة العون الإنساني يمكن تقديرها بما لا يقل عن 180 ألف شخص في الوقت الذي يحتاج فيه 160 ألف طفل لحملات تحصين وتطعيم ضد العديد من أمراض الطفولة.
مفوض العون الإنساني وضع هذه الحقائق أمام الرأي العام الدولي عشية انعقاد المفاوضات في العاصمة الإثيوبية أديس، حيث تتجه الأنظار إلى هناك أملاً في أن يفضي التفاوض إلى اتفاق حول وقف العدائيات من جهة، وفتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات من جهة أخرى. وعلى الرغم من هذه الحقائق المفجعة والتي من المفترض أن تلفت الانتباه المجتمع الدولي والذي يفترض أنه دفع الطرفين إلى هذه المفاوضات -بقرار دولي صادر عن مجلس الأمن- لوضع حد لمعاناة مئات الآلاف جراء الحرب الدائرة في المنطقتين منذ 5 سنوات!
ولا شك أن مقتضى ما أورده مفوض العون الإنساني أنَّ الحركة الشعبية قطاع الشمال ليست غير جادة في التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب ويعيد الاستقرار إلى المنطقتين فحسب؛ ولكنها غير جادة أيضاً حتى في فتح ممرات للعون الإنساني. وبدوره يعني ذلك أن الحركة الشعبية قطاع الشمال سبب رئيسي من أسباب استمرار معاناة المتضررين من الحرب في المنطقتين، ومع كل ذلك فإن المجتمع الدولي لا يحرك ساكناً!
ولعل الأكثر الغرابة في الأمر أن لآلية الإفريقية التي أدهشت الكثير من المراقبين بطريقة إدارة التفاوض، لم تولي هذه النقطة الإنسانية البالغة الحساسية القدر الكافي من الاهتمام. وقد يقول قائل إن الحركة الشعبية قطاع الشمال قلت أنشطتها العسكرية عما كانت عليه قبل أشهر، سواء بسبب ترجيح الجيش السوداني كفة الميزان وقدرته على إلحاق الهزائم تلو الهزائم بها، أو حتى لأسباب تعاني منها الحركة جراء حركة الانسلاخات المتوالية التي شهدتها في الآونة الأخيرة، وهذا صحيح بدرجة كبيرة؛ ولكن ذات هذا الأمر يفسر تفسيراً واضحاً إصرار الحركة على ألاّ تسمح بمرور الإغاثة فهي تخشى من أن تفقد المعاقل القليلة التي تبقت لها والتي تستخدمها الآن كورقة على مائدة التفاوض!
ويُستشف من هذا الأمر -بالضرورة- أن المجتمع الدولي وبعض القوى الدولية المنحازة للحركة الشعبية يلتزمون الصمت حيال موقف الحركة الشعبية لأسباب تعود إلى حرص هؤلاء على ألاّ تلحق الهزيمة نهائياً بالحركة وتخرج من ميدان الصراع، الأمر الذي يؤكد بدوره أن القضايا الإنسانية في عرف العديد من القوى الدولية لا تعدو كونها (أوراقاً) ذات صبغة سياسية ترتبط بمصالحها، وتستخدمها استناداً إلى هذه المصالح فقط!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق