السبت، 19 ديسمبر 2015

مثلث حلايب.. والحلم الأمريكي الجديد! "1"

بقلم: محمد لطيف
حين أعلن المواطن الأمريكي جيرمي هايتون.. من نواحي فرجينيا.. أنه عثر على (حتة فاضية) بين مصر والسودان وسيقيم عليها مملكة.. لتحقيق حلم ابنته ذات الأعوام السبعة في أن تصبح أميرة.. قلنا في دواخلنا هي الدنيا سايبة..؟ وهل تقوم مملكة بحالها في هذه المساحة الصغيرة..؟ ثم اكتفينا بالسخرية من الرجل وضحكنا على سذاجته.. وانصرفنا لأشغالنا.. هو نحن شغالين حاجة..؟؟!!
ولكن.. أرجو أن ننتبه للتالي.. أولا الحدث لم يكن كما تصورنا.. محض فاصل كوميدي أو فصل من جنون الغرب.. بل هو وحتى اليوم محل اهتمام الإعلام الدولي.. ولعلم من لا يعلم فالإعلام الدولي هو الذي يقود كل شيء الآن.. فوسائط ثقيلة الوزن بالغة التأثير.. مثل الواشنطن بوست.. وسي إن إن.. وبي بي سي.. وبيزنس إنسايدر.. ومجلة تايم والغارديان التي تناولت مؤخرا خبر إنتاج ديزني لفيلم أمريكي ضخم بعنوان أميرة السودان.. كما تناولت ذات الخبر النيوزويك.. كلها تداولت قصة الرجل.. الذي اعتبرناه مجنونا.. إذن كل هذه الوسائط تناولت قصة الرجل.. ضمن المئات من المواقع الإعلامية الكبرى.. أما الأمر الآخر الأهم فهو أن المساحة التي يتحدث عنها المستر جيرمي تبلغ نحو ألفي كيلومتر وقد رأينا فيها مساحة (تافهة) لا تقيم دويلة ناهيك عن مملكة.. غير أن المفاجأة.. أيضا.. أن نحو أربعين دولة على الأقل ومحمية وتابعية.. تقل مساحتها عن الألفي كيلومتر.. أو عن مساحة مملكة جيرمي.. ومنها دول معروفة مثل موريشوس.. وجزر القمر.. وهونغ كونغ.. وسنغافورة.. ومالطة.. وجزر المالديف.. وحتى مملكة البحرين.. والعديد من الدول الأخرى..!
ونأتي الآن إلى الجانب الأكثر خطورة في القصة.. وهي حقيقة أن منطقة بير طويل التي يستهدفها الرجل تقع في الواقع داخل الأراضي السودانية.. أي جنوب خط العرض 22.. فمن أين جاءت هذه المساحة أصلا..؟ المعروف أن الإدارة البريطانية قد قامت في العام 1899 باعتماد خط العرض 22 شمال حدا للحدود الدولية بين السودان ومصر.. ثم اكتشفت ذات الإدارة لاحقا أنها أخطأت باعتماد خط مستقيم لترسيم الحدود.. حين اتضح لها أن قبائل سودانية أصبحت داخل الحدود المصرية.. أي شمال خط عرض 22.. ومع احتجاج تلك القبائل ومطالبتها.. أعادت الإدارة البريطانية ترسيم الحدود فصعدت بخط الحدود إلى أعلى بإضافة حلايب وشلاتين إلى الأراضي السودانية.. ويبدو أنها وعلى سبيل التعويض قد نزلت بخط الحدود إلى جنوب خط العرض 22 في منطقة بير طويل هذه إلى الشرق من وادي حلفا.. فأضافت تلك المنطقة إلى الأراضي المصرية.. فما هو وضع هذه المنطقة الآن.. بالنسبة للسودان لا سبيل له لادعاء تبعية هذه الأرض لأنه في هذه الحالة يكون قد اعترف بخط الحدود المرسوم استنادا على خط العرض 22.. وعليه يكون قد اعترف بتبعية مثلث حلايب وشلاتين لمصر.. بالمقابل وبالنسبة لمصر لا سبيل لها لادعاء ملكية هذه الأرض.. أيضا.. لأنها في هذه الحالة تكون قد اعترفت بخط الحدود الذي تسميه خط التقسيم الإداري الذي يضع مثلث حلايب داخل الأراضي السودانية..!
إذن.. هل يعني هذا أن أحلام السيد جيرمي في السيطرة على هذه الأرض.. وتأسيس مملكة شمال السودان.. وأحلام ابنته في أن تصبح أميرة متوجة على هذه المملكة... باتت قريبة التحقق..؟ لنر..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق