الخميس، 3 ديسمبر 2015

معوقات التفاوض في أديس أبابا!

العلة الأساسية التي عادة ما تصيب المفاوضات التي تجري في أديس أبابا أن الوساطة المتمثلة في الآلية الإفريقية رفيعة المستوى تخلط الأوراق! ومع عملية خلط الأوراق تدهشك الآلية دهشة بالغة حين تطلق ورقة من عندها، ثم تسعى لاجتذاب الأطراف نحوها، وتظل الأمور تراوح مكانها حتى تتباعد المواقف بين الأطراف، ثم ينفضّ السامر.
إن أسلوب طرح الأوراق التوفيقية والسعي لجلب رضاء الأطراف، أسلوب متكرر واثبت عدم جدواه. المفاوضات الحالية هي أصلاً مفاوضات ذات مسارين؛ مسار خاص بالمنطقين، جنوب كردفان والنيل الأزرق، ومسار خاص بإقليم دارفور. المسار الخاص بالمنطقتين وكما هو معروف مسنود بقرار صادر من مجلس الأمن، العام الماضي.
وأما مسار دارفور فهو في إطار وقف العدائيات فتح الطريق نحو مفاوضات من المفروغ منه أن منبرها بالعاصمة القطرية الدوحة. ومن المؤكد أن  حسن إنجاح المفاوضات يقتضي احترام مقتضيات كل طل طرف والتركيز بصفة أساسية وصارمة -في هذه المرحلة-  على وقف الحرب وفتح مسارات للعمل الإنساني.
الآلية الإفريقية يبدو تصورها للأمر مختلفاً، فبنظرة واحدة عابرة للمشهد في أديس أبابا كان بوسع أي مراقب أن يرى أرتالاً من القادة السياسيين خارج سياق أطراف التفاوض. بعض القادمين إلى أديس أبابا جاءوا في سياق محاولة الإيحاء بوجود سياسي لما يسمى بالجهة الثورية أو ما بات يعرف بقوة نداء السودان!
الآلية الإفريقية كثيراً ما تمنح الموقف خلطاً وتداخلاً في المسميات والرؤى والمواقف ويخيل للآلية أن الفرقاء السودانيين المتواجدون هم وحدهم المعنيين بالأزمة ومن ثم يبدو لكل المراقبين وكأن الآلية تبدأ -للمرة المائة- من الصفر!
العلة الأخرى التي يمكن ملاحظتها هي الأخرى بسهولة أن قطاع الشمال يدخل قاعة التفاوض، بنية مسبقة ومبيتة على ألاّ يتوصل إلى حل! فالتكتيك الذي بات محفوظاً عن ظهر قلب بالنسبة لعرمان ورفاقه هو أن يجعلوا (الأمر صعباً) وأن يتحول الأمر إلى قرارات افريقية تليها قرارات دولية، والسبب في ذلك أن قطاع الشمال مضافاً إليه حركات دارفور –من حيث الوزن السياسي العام– اقل بكثير من أن يحصلوا على أية مكاسب، كما كان الحال في نيفاشا، بالنسبة للحركة الشعبية الجنوبية.
قطاع الشمال أيضاً يخشى كل الخشية أن ينفرد بحلول تخصه بمعزل عن حركات دارفور فيزداد الأمر سوءاً في علاقتهما المتأرجحة أصلاً!
إجمالاً يمكن القول إن الأطراف المعينة بالتفاوض في أديس تحتاج لاختراق حقيقي على صعيد مفاهيم وأسلوب الآلية الإفريقية من جهة؛ وعلى صعيد الحركات المسلحة من جهة أخرى. وما لم يتم هذا الاختراق، فإن أحداً ليس بوسعه توقع نجاح العملية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق