الاثنين، 21 ديسمبر 2015

الخرطوم عبر جوبا

بقلم: النور أحمد النور
يبدو أن الولايات المتحدة التي رعت ميلاد دولة جنوب السودان تخطط لترتيبات جديدة تعبر عن يأسها من وقف انهيار الدولة واستمرار الفرقاء  في رحيق ما تبقي من بلادهم وتشريد أهلها وتصدير متاعبها لدول المنطقة مما يشكل تهديداً للأمن والسلام وفتح بؤر جديدة لتمدد الإرهاب والعنف.
عقدت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي برئاسة بوب كروكر جلسة استماع الأسبوع الماضي، تحدث فيها المبعوث الرئاسي الأمريكي إلي السودان وجنوب السودان دونالد أوباما، وبريستون ليمان مستشار الرئيس باراك أوباما، ومدير مشروع كفاية برندر قاست ومساعد مدير وكالة الغوث والتنمية الأمريكية بوب ليافنين.
أجمع من أدلوا بشهاداتهم في الجلسة أن الوضع في جنوب السودان أحد أعظم المآسي الدولية وأن الصراع فيه يقوض الأمن والاستقرار في منطقة هي من أشد مناطق العالم حساسية وأن قادة الجوب خانوا شعبهم وأضاعوا فرصة الاستقلال الذهبية لبناء دولتهم.
أبرز مقترح طرح خلال الجلسة من برينستون ليمان هو وضع جنوب السودان تحت إدارة دولية، تفادياً لانهيار أحدث دولة في العالم، ودعا لتحويل لجنة مراقبة تنفيذ اتفاقية السلام التي شكلها الاتحاد الإفريقي بقيادة رئيس دولة بوتسوانا السابق عيستوس موقي إلي سلطة انتقالية مؤقتة لجنوب السودان تدعمها الأمم المتحدة والولايات المتحدة.
وسيتولى موقي حسب المقترح إدارة الجنوب مستمداً سلطاته من الاتحاد الإفريقي باعتبار رئيس الحكومة مندوباً سامياً له حتي يستطيع أن يفرض سلطته كحاكم خلال فترة انتقالية.
وحدد مهام الإدارة الانتقالية في تحقيق الاستقرار وتسهيل عمل المحكمة المختلطة التي يشكلها الاتحاد الإفريقي لملاحقة كل من ارتكبوا جرائم حرب في جنوب السودان، وأن توضع تحت تصرفه قوة حفظ سلام من الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي.
الحرب الأهلية في جنوب السودان التي دخلت عامها الثالث، لا توجد مؤشرات علي قرب نهايتها، وتقف الدول الأفريقية التي رعت اتفاق السلام عاجزة أمام تعنت أطراف الاتفاق وغياب إرادة حقيقية لتنفيذه، ما يدفع الدولة الوليدة نحو الانهيار والتفكك.
واشنطن التي لم تفلح ضغوطها وتلويحها بالعقوبات في حمل سلفاكير ومشار علي السلام والمصالحة، ربما تجاوزت التفكر، وانتقلت إلي صوغ خطط عملية لوضع الجنوب تحت الوصاية الدولية وستكون لها بالطبع اليد الطولي في الوضع الجديد.
مستقبل جنوب السودان في ظل الوصاية سيؤثر بشكل كبير علي الترتيبات الأمنية والسياسية بالمنطقة وربما يكون السودان الأكثر تأثراً.
العقلية الأمريكية تعتقد أن الجنوب لن يستقر إلا بتعاون دول جواره وأولها السودان، وسيكون المطلوب منه تقديم خدمات للإدارة الدولية في جوبا أو دفعة للانكفاء علي مشاكله الداخلية وإشعال النيران في جلبابه وأطرافه بما يؤدي إلي تغيير في الخرطوم يتواءم مع إستراتيجيتها بالمنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق