الأحد، 15 مارس 2015

«المحكمة الجنائية» وقمع انتفاضة دارفور!

ترى هل لتفاهة «الموضوع».. أو ما يحمله من تناقضات ومغالطات أصلاً كان تسفيه قرارات الدائرة التمهيدية الثانية بالمحكمة الجنائية الدولية مؤخراً؟! هي المحكمة التي قامت على معايير مزدوجة وانتقائية، فلم تعترف بها واشنطن التي حرّضت مواطنيها على عدم المثول أمامها رغم أنها تعتمد على قوة الولايات المتحدة في تنفيذ «القبض» لمن لم يسلّم نفسه.. وذلك حينما يحرك لها مجلس الأمن كما تريد فاعلية البند السابع في ميثاق الأمم المتحدة. أو قل لي.. بأي قوة دولة يمكن أن تنفذ المحكمة عملية القبض؟!. هل بقوات ليس ضمنها قوة أمريكية؟!. طبعاً لا. وهل واشنطن مستعدة للتبرع بالقوة لتنفيذ قرار محكمة حقيرة متناقضة تعتبر ضمن أدوات الصلف ضد الدول المستضعفة وهي نفسها لا تعترف بها وتمنع في نفس الوقت المواطنين الأمريكيين من المثول أمامها؟!. إن من ذهبوا إلى لاهاي بعد استدعائهم لماذا احتقروا أنفسهم بهذه الصورة؟! هل لا يعلمون أن الحكومة الأمريكية تمنع مواطنيها من المثول أمام هذه المحكمة؟!. أم أن افريقيا تبقى في دائرة «التهميش الدولي» لو جاز التعبير؟!!! وكان الرئيس الأمريكي السابق جورج دبلو بوش.. بوش الابن.. قد أصدر قراراً رئاسياً بمنع مثول أي أمريكي أمام المحكمة الجنائية الدولية. وإذا كان هذا القرار الرئاسي الأمريكي ليس هو مشكلة هذه المحكمة، فإن مشكلتها هي أنها لن تجد «قوة» لتنفيذ القبض على الذين تتهمهم غير «القوة الأمريكية». فكيف إذن نستطيع فهم هذه المسألة المعقدة جداً. دولة تمنع مواطنيها من المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، حتى الذين ارتكبوا الجرائم الفظيعة في العراق ضد النساء بالاغتصاب داخل السجون مثل سجن «ابو غريب» وضد الرجال بالقتل والأساليب الاستفزازية البشعة. ثم الآن تتحدث المحكمة الجنائية عن تطبيق البند السابع ضد السودان وضد كرامة السودانيين، وهي تعلم أن القوة البشرية الوحيدة لتنفيذ البند السابع هي واشنطن. فهل ستستأجر المحكمة هذه القوة الأمريكية؟!. أم أن واشنطن ستتبرع رغم رفضها لهذه المحكمة؟!
والأغرب من ذلك هو أن المحكمة الجنائية الدولية من خلال المدعية فاتو بنسودا ــ وهي من أصل أفريقي نيجيري والعبرة في الغرب بالمؤسسات التآمرية وليس الأشخاص ــ تقول بأن الحكومة السودانية لم تتعاون معها في تسليم المتهمين. وهي تعلم أن من ضمن المتهمين رئيس هذه الحكومة. وقد جاء الخبر على الموقع الإلكتروني للمحكمة الجنائية يقول بأن «أصدرت الدائرة التمهيدية الثانية في المحكمة الجنائية الدولية قراراً اعتبرت فيه أن السودان فشل في التعاون مع المحكمة خلال الأعوام الماضية في مسألة القبض على عمر البشير وتسليمه إليها».. انتهى.
والقرار مؤرخ بيوم 9 مارس 2015م. ترى هل تقصد المحكمة بالسودان تحالف المعارضة أم الانتفاضة المسلحة التي يقودها المتمردون؟ والعجيب أن المحكمة الجنائية تقول بأنها بنت اتهاماتها التي تعتقد أنها معقولة على القمع الحكومي للانتفاضة في دارفور التي اندلعت في 2003م. هكذا تسمي المحكمة الجنائية الدولية التمرد في دارفور «انتفاضة».. وليس «انتفاضة مسلحة على الأقل».. وتسحب كلمة «مسلحة» طبعاً لكي تجد كلمة «القمع» موطئ كلمة في سياق عبارات التضليل ولي عنق الحقيقة، وهي تعلم أن المجتمع الدولي غير مستوعب لعملية نقل الحرب من جنوب السودان إلى دارفور حتى لا ينعم بثمار اتفاقية نيفاشا «اتفاقية السلام الشامل» بين حركة قرنق والخرطوم. فكيف يمكن أن تتعامل الحكومة مع انتفاضة «مسلحة» بغير القمع حتى لا تتمدد آثارها إلى كل البلاد وتحولها إلى صومال أخرى أو «جنوب سودان» أخرى، فلماذا نذهب بعيداً؟!. لكن القوى الأجنبية تريد بالفعل لدارفور أن تصبح بفعل نزاعات قبلية «جنوب سودان» أخرى. نقول إن التعامل مع مثل هذه المحكمة المتناقضة السفيهة ينبغي أن يكون من منطلق اعتبارها واحدة من آليات التآمر الأجنبي على كثير من الدول وليس السودان وحده. فقط دعونا ندهش المحكمة والعالم بالرد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق