الخميس، 5 مارس 2015

الخرطوم تنفض "سجاد" الدبلوماسية لترمي معارضيها

الخرطوم: محمد جادين
بالرغم مما صنع الحدّاد، يممت الخرطوم وجهها شطر عدوها الإقليمي لحين من الدهر "يوغندا"، ممتطية براق دبلوماسيتها النشطة هذه الأيام، متناسية دولة الجنوب الوليدة التي فصلت جغرافياً بين الخرطوم وكمبالا، وذلك لتلبية الدعوة التي قدمها الرئيس اليوغندي يوري يوسفيني.
الخرطوم لبت دعوة كمبالا بوفد رفيع المستوي من رئاسة الجمهورية والخارجية والدفاع والأمن، وهي خطوة غير مستغربة لجهة تسوية ملفات العداء المتبادل، فالبلدين يتبادلان الاتهامات منذ أن ساءت العلاقة بينهما بتبادل الايذاء والإيواء للمعارضات في البلدين.
مسببات الهجرة
ومن نقطة تبادل الأيواء، يكون مربط الفرس لنتساءل لمِّ تلجأ "المعارضة" المدنية والمسلحة السودانية إلى الخارج؟ وكيف تختار الأرض الخصبة لبذر نشاطاتها المعادية للحكومات القابعة في الخرطوم؟ ومتى تغادر البلد المستضيف؟ هل يتم ذلك بعد أن يبلغ الإحراج مداه حينما تلتقي عقارب التقارب بين أعداء الأمس أصدقاء اليوم؟
دعونا نبدأ الإجابات من السؤال الأخير، بالقول إن الخرطوم تحاول تطوير علاقاتها مع "يوغندا" الحاضنة الأكبر للجبهة الثورية والحركات الدارفورية المسلحة والناغمين عليها – أي الخرطوم - وتسعى عاصمة اللاءات الثلاثة بتحركاتها هذه إلى تضييق الخناق علي هذه الحركات بتحسين علاقاتها مع كمبالا مشترطة عليها طرد الجماعات المناوئة لها من أراضيها.
دبلوماسية إغلاق المنافذ
ونجحت الخرطوم بدبلوماسيتها هذه في اتجاه آخر وسدت باباً كان ينفث الجحيم في إقليم دارفور بتطبيع علاقاتها مع الجارة "تشاد" اللاعب الأول في أزمة دارفور حلاً وتعقيداً. وتعد العلاقات بين البلدين هذه الأيام في قمة صفوها، وأثمر التعاون بين الخرطوم وأنجمينا عن تنسيق مشترك بين الطرفين بإنشاء قوات مشتركة في الحدود امتدت تجربتها إلى دولة أفريقيا الوسطي، وبفضل هذه العلاقات تحول الرئيس التشادي إدريس ديبي إلى مساهم رئيس في حل أزمة إقليم دارفور باحتضان دولته لـ"مؤتمر أم جرس" لحل القضية الشائكة فضلاً عن دعمه لوثيقة الدوحة وجهود الحكومة في هذا الشأن.
لغة التخوين
وفي اتجاه آخر تتجلى أزمة الدبلوماسية بوضوح في علاقة الخرطوم وجوبا، إذْ ظلت الاتهامات المتبادلة سمة غالبة في علاقة البلدين باتهام كل طرف للآخر بدعم المعارضة المسلحة، وهو ما أزّم الحلول السياسية بين دولتيّ السودان بحسب مراقبين، أرجعوا عدم تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين ضمن تركة نيفاشا لتبادل المعارضة في البلدين واستخدامها كرتاً للضغط في طاولة المفاوضات، بل تعدى الأمر إلى أكثر من ذلك باتهامات صريحة باستخدام جوبا لحركة العدل والمساواة للمقاتلة ضمن صفوفها ضد قوات مشار كضريبة واجبة السداد نظير الدعم الذي تتلقاه من حكومة سلفاكير بحسب الاتهامات التي تسوقها الخرطوم، وهو ما أدى إلى مجزرة "بانتيو" الشهيرة التي راح ضحيتها التجار الشماليون وأغلبهم من أبناء دارفور بحسبان أنهم يقاتلون ويمولون القوات الحكومية في حربها ضد "الجيش الأبيض" التابع لمشار الذي احتل المدينة وقتها.
جهود ماكوكية
وذات الواقع امتد إلى الجارة ليبيا التي سبق أن اتهمت الخرطوم غير ما مرة بدعمها لأطراف مناوئة ما أدى إلى توتير العلاقات بين البلدين وصولاً إلى صدور منشور من وزارة الداخلية الليبية بمنع دخول السودانيين أراضيها، ومن ثم عادت المياه إلى مجاريها بعد تحركات "ماكوكية" بين قادة البلدين توجت قبل أيام بالسماح للسودانيين بالدخول إلى ليبيا.
إذن فالخرطوم بتحركاتها الأخيرة تحاول تحسين علاقاتها الإقليمية خاصة مع جيرانها وذلك لتضييق الخناق على معارضيها لا سيما الحركات المسلحة ومازلت تنتظر ثمرات جهودها مع يوغندا، لطرد الجبهة الثورية وحركات دارفور المسلحة من أراضيها، وامتدت أيادي دبلوماسيتها الناعمة إلى العواصم الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية متمثلة في زيارة وزير الخارجية الأخيرة علي كرتي، ومساعد رئيس الجمهورية إبراهيم غندور لواشنطون لتطبيع علاقاتها التي ستنعكس بصورة مباشرة على إضعاف المعارضة المدنية والمسلحة التي تتهمها الخرطوم بتلقي الدعم المادي والمعنوي من العواصم الغربية، فهل تراها تنجح الخرطوم في مساعيها لتحجيم المعارضة بشقيها، أم تضارب المصالح الإقليمية والدولية يعطل قطار تحركاتها الدبلوماسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق