الأربعاء، 4 مارس 2015

نسائم الدبلوماسية تهب على أشرعة الاقتصاد

الخرطوم: عبد الوهاب جمعة
مطبخ الخارجية المطل على نهر النيل يقدم وصفة جديدة في عالم الدبلوماسية، رائحة الوصفة الجديدة تشير إلى منهج قائم على (الوسطية والعقلانية). فالدبلوماسي الأول علي كرتي طوى ورقة العلاقات الدولية القديمة وطفّق يبشر بأن فجراً جديداً في طريقه للانبثاق. المقاربة الجديدة تبدو وكأنها حلقة من ضمن سلسلة طويلة من الأنشطة الدبلوماسية والسياسية للبلاد. ويبدو أن الجائزة ستذهب إلى الاقتصاد.
الدبلوماسية والاقتصاد.. تناغم بعد تضاد
في عالم معقد ومتشابك ويتداخل ما هو سياسي بما هو اقتصادي فإن إستراتيجية وزارة الخارجية المقبلة والتي ترتكز على منهج وسطي وعقلاني تبدو كحلقة من ضمن سلسلة المتغيرات الأخيرة في مشهد العلاقات الخارجية بين السودان ودول الجوار والدولة العظمى الوحيدة في العالم، يقول الخبير الاقتصادي دكتور محمد الناير إن التطور التقني والتكنولوجي وتشعب التجارة جعلت من الصعب على دولة أن تنعزل من إطارها الدولي ويشير إلى أهمية المصالح الاقتصادية في عالم العلاقات الدبلوماسية. ويؤكد أن فجراً جديد بدأ في الظهور بضرورة إصلاح العلاقات مع دول الجوار والدولة العظمي والاتحاد الأوروبي ودول الخليج ذات الوزن في المستوى الدولي.
وتمضي في ذات الاتجاه رؤية أستاذ الاقتصاد بجامعة السودان الدكتور عبد العظيم المهل والتي تتلخص في أن مشكلة الاقتصاد السوداني ذات أبعاد سياسية ويشير إلى سلسلة من الوقائع في الفترة الأخيرة كانت ذات أثر إيجابي على الاقتصاد، ويؤكد أن الانفراج النسبي مع الولايات المتحدة وزيارة مساعد رئيس الجمهورية البروفسور إبراهيم غندور والانفراج في العلاقات بين السودان مع السعودية والأمارات أثراً إيجاباً على الاقتصاد، ويقول إن رفع الحظر الأميركي على المنتجات الرقمية يشير إلى بدء العد التنازلي لانتهاء الحصار.
الدبلوماسية.. العائد الداخلي
منهج وزارة الخارجية الجديد يأتي في إطار تغييرات دولية ومحلية متعاظمة، ويبدو أن المسؤول الأول في علاقات السودان الخارجية انتوى أن يضع القاطرة في الطرق الصحيح، فكلمة الدبلوماسية المشتقة من كلمة يونانية بمعنى (طوى) للدلالة على الوثائق المطوية والأوراق الرسمية تعني أن الخارجية بدأت في طي السياسات العرجاء التي جلبت عداءات أكثر من الصداقات، فقاطرة الخارجية الجديدة تسير في ذات مفهوم الدبلوماسية الحديث بـ(العمل على مصالح السودان الاقتصادية).
وبالرغم من أن الدبلوماسيين عُرفوا بلغتهم الناعمة وتحصنهم بالمقام العالي وبعدهم عن الأرقام والحسابات إلا أن المقاربة الجديدة التي وضعتها الخارجية يمكن أن تتماشى مع معضلة (الدين الخارجي) التي ظل الاقتصاديون زمناً يجتهدون في رفع ثقلها عن اقتصاد هش معرض للتقلبات.
الدين الخارجي والذي بدأ بسيطاً حوالى (17.7) مليار دولار سرعان ما تفاقم ليصل إلى أضعاف الدين الأصلي ليصل إلى (43.8) مليار دولار بنهاية عام 2013، إذن هل سيفتح المنهج الجديد أبواب الحل أمام ربقة الدين؟، يجيب الخبير الاقتصادي دكتور هيثم محمد فتحي أن ديون السودان منذ فترة دخلت معترك السياسة عبر ما يسميه الخبير الاقتصادي (سياسة العصا والجزرة)، مشيراً إلى الوعود بإعفاء الديون مقابل الدخول في التزامات سياسية، وأكد أن السودان نجح في استيفاء 98% من شروط مبادرة إعفاء الديون للدول الأكثر فقراً المعروفة باسم (الهيبك)، ويشير إلى النسبة الباقية تتعلق بالجانب السياسي ومستوى العلاقات الدولية.
الثمن.. ازدهار بعد انهيار
الاقتصاد السياسي لمنهج الخارجية الجديد يبدو واعداً ومثمراً، وحسب أولى مفاهيم الدبلوماسية فإن انتعاش الاقتصاد يتتبع تحسن العلاقات الخارجية، ترى ما هي الجائزة التي سيحصل عليها الاقتصاد؟، يجيب الخبير الاقتصادي دكتور محمد الناير أن ثمرات إصلاح العلاقات الخارجية ستكون زيادة حجم التبادل التجاري وسهولة التدفقات المالية بين السودان ودول الجوار، وتحسن سعر صرف الجنيه مقابل الدولار وانخفاض معدل التضخم ويشير إلى أنه في حال نجحت الدبلوماسية في رفع الحصار بعد فكه من ناحية جزئية سيؤدي في خاتمة المطاف إلى تحريك ملف الديون الخارجية
على أن الخبير الاقتصادي دكتور الناير يلفت إلى المقاربة الجديدة للخارجية في تحسين علاقاتها الدولية ستنمو في ظل البذور التي غرستها وزارة الاستثمار بفتح الباب أمام المستثمرين، ويشير إلى فكرة المناطق الحرة التي يمكن أن تجتذب وتستوعب استثمارات ضخمة مما يعود بالفائدة للصادرات السودانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق