الاثنين، 2 مارس 2015

السودان ونجاحاته الخارجية!

على امتداد أسابيع فقط نجح السودان فى مد جسور علاقاته الخارجية وإعادة ترميها وتقويها أكثر بعد أن كانت -إلى عهد قريب- مثار للجدل والشائعات. فعلى صعيد علاقاته المتأرجحة مع الولايات المتحدة فإن زيارة مساعد الرئيس غندور إلى واشنطن بكل ما حوته من لقاءات مباشرة مع صانعي القرار وبكل ما تعني من تشكل مرحلة دبلوماسية جديدة بين الدولتين وبكل ما جرى من نقاشات وتفاهمات أسفرت بطريقة أو أخرى عن (رفع جزئي) للحظر الاقتصاد الأمريكي الأحادي الجانب المفروض على السودان منذ عقد يمكن اعتبارها (فتحاً تاريخياً) فى ملف العلاقات الشائكة بين البلدين.
من المؤكد أن العجلة الدبلوماسية المباشرة التى دارت بين البلدين من الصعب أن تتوقف إن لم تسرع فى دورانها خاصة و أن (رد الزيارة) الذي جاء متسارعاً من قبل واشنطن متمثلاً في نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للديمقراطية وحقوق الإنسان شكّل علامة فارقة هو الآخر بحيث بدا واضحاً، أن القدر اللازم من الإرادة السياسية لدى الطرفين لإصلاح وإعمار العلاقة قد توفر تماماً.
نحن إذن حيال تطور نوعي ملحوظ في العلاقة بين القوة العظمى والسودان، بذل السودان جهوداً حثيثة طوال عقود فقط لوضعها في إطارها العادي الصحيح، لكن كان التعنت غير المبرر من جانب واشنطن هو العقبة الكئود أمام إمكانية هذا الإصلاح. ولا شك أن انصلاح العلاقة بين الخرطوم وواشنطن أياً كانت نسبة هذا الانصلاح تتيح للسودان هذا البلد المظلوم المتقلب على نيران مشتعلة من الاحتراب والعمل المسلح إعادة ترتيب بيته من الداخل فإن لم يكن لشيء فعلى الأقل لأن حملة السلاح بلا استثناء إنما ينطلقون من عملهم المسلح هذا من منطق أن واشنطن هي الطرف الداعم الأكبر لهم وأنها هي الإسناد السياسي الأكيد لهم فإذا ما توازنت علاقة واشنطن مع الطرفين، فإن من المؤكد ان هذا سوف يسهم فى انصلاح الأوضاع لصالح الاستقرار.
على صعيد آخر فإن زيارة نائب الرئيس السوداني، حسبو محمد عبد الرحمن الى كمبالا كانت هي الأخرى اختراقاً في هذا الصدد حينما أعلن موسيفيني -بصرف النظر عن مدى صدقيته وجديته- عن عزمه طرد الحركات المسلحة التى تقاتل السودان من بلاده. بل وحتى ولو كان الرئيس موسيفيني يقوم بمناورة تكتيكية فإن من المؤكد أن التطور الذي تشهده العلاقات السودانية الأمريكية سوف يعزز من موقف موسيفيني الايجابي، إذ المعروف أن الرجل لا يعصي أمراً للدولة العظمى! ومن المفروغ منه ان تحسن العلاقة بين الخرطوم وواشنطن ومن ثم تحسنها مع كمبالا لا يعني ببساطة أن حملة السلاح السودانيين قد ضاقت مساحة مناورتهم وأنهم لم يعودوا يتمتعون بالمزايا السابقة الأمر الذي قد يفضي إلى انقلاب الموازين في هذا الصدد لصالح الأمن والاستقرار والعملية السياسية السلمية في السودان.
على الصعيد العربي فإن الزيارة البالغة الأهمية التى قام بها الرئيس البشير الى دولة الإمارات العربية المتحدة بدعوة رسمية من رئيس الدولة، يمكن اعتبارها هي الأخرى مساراً سياسياً استراتجي داخل العمق الخليجي بعد أن تكاثرت وتكاثفت الشائعات حول تذبذب ترمومتر العلاقة، ولا شك ان المصالح الإستراتيجية بين الدولتين بالغة الأهمية سواء فى المجالات السياسة الخاصة بالمنطقة بكل ما في المنطقة من زخم، أو حتى على الصعيد الاقتصادي المتمثل في الاستثمار.
وهكذا يمكن القول إن السودان -وهو مقبل على استحقاقه الديمقراطي الأكبر المتمثل في الانتخابات العامة المقرر لها ابريل المقبل- أتاحت له الظروف تهيئة محيطه الإقليمي ومحيطه الدولي بظروف ومعطيات إستراتيجية مهمة إن دلت إنما تدل على الأهمية التى يتمتع بها هذا البلد، كما أن بها دلالة أخرى على ان الحكومة السودانية القائمة على اية حال تحظى باهتمام اقليمي ودولي رغم كل ما يتم إلصاقه وإتهامه به وهذا بلا شك يوفر مناخ سياسي مواتي لتأسيس لعلاقات إقليمية ودولية راسخة بغض النظر عن مستقبل العملية السياسية في السودان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق