الأربعاء، 25 مارس 2015

سد النهضة.. الخرطوم رائدة المبادرات

بقلم: د. سامية علي
حدث تاريخي شهدته الخرطوم أمس الأول،  هو تجمع رؤساء دول  السودان ومصر وإثيوبيا في ثلاثية (فريدة) تم خلالها التوقيع علي سد النهضة الذي واجه عقبات ومطبات كادت تشعل فتيل الأزمة بين مصر وأثيوبيا، إلا أن السودان لعب دوراً محورياً ساعد في إذابة جليد الخلافات بين الطرفين وأفضي إلي التوقيع علي وثيقة الخرطوم.
الاهتمام الكبير  الذي وجده هذا الحدث يعبر عن قيمة عظيمة للاتفاق السياسي  الذي توصلت إليه دول السودان ومصر وأثيوبيا بشأن السد، وقد مثل التوافق  حوله خلال العامين الماضيين عقبة كبيرة في مسار العلاقات التعاونية  خاصة بين مصر وأثيوبيا.
فالاتفاق الذي تم توقيعه وسط  اهتمام عالمي وإعلامي كثيف هو نتاج دور  تاريخي لعبته الخرطوم لتقريب وجهات النظر  بين أديس أبابا والقاهرة، استطاعت أن تنجح في ردم هوة  عدم  الثقة بين الطرفين، حيث ظلت الخرطوم تجري  اتصالات مكثفة بين مصر وأثيوبيا لإنهاء الخلافات بينهما، وإقناع الطرفين بالتوقيع علي الوثيقة المقترحة في موعدها والبدء في فصل جديد في العلاقات بين البلدين، يقوم علي التعاون المشترك المثمر بين السودان ومصر وأثيوبيا.
حدث عظيم استعادت فيه الخرطوم لقبها السابق، فخرطوم اللاءات الثلاث لها شرف احتضان  التوقيع علي اتفاقية إعلان مبادئ، في عمل تاريخي غير مسبوق في إطار مصالح شعوب الدول الثلاث، وتوقيع اتفاقية تقوم علي الثقة المتبادلة للوصول إلي أرضية ثابتة وتحقيق الأمن والاستقرار في دول حوض النيل بأسرها.
فالمشهد بحق أعاد الأذهان احتضان للقمة العربية الرابعة التي عقدت في أغسطس من العام 1967، وشاركت فيها الدول العربية والتي التأمت علي خلفية الهزيمة  المعروفة بعام النكسة، فكانت لاءات الخرطوم الشهيرة لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع إسرائيل، ومن بعدها عاد الحق إلي أصحابه، إرجاع إسرائيل كل الأراضي التي سيطرت عليها في تلك الحرب، وتراجعت إلي حدود 1967.
فالتاريخ أعاد نفسه بالأمس، إذ أفلحت الخرطوم في جمع الفرقاء واستطاعت أن تلين مواقف كل من مصر وأثيوبيا المتشدد ليوافقا علي التوقيع علي هذا الاتفاق.
وهو اعتراف بالدور المحوري الذي تقوم به الخرطوم في قضايا أفريقيا والشرق الأوسط، وهو دور غير مستغرب أن يلعبه السودان، من المؤكد سيكون مدخلاً لتغيير كبير في علاقات الدول الثلاث.
فالسودان قد استطاع أن يكون له قصب السبق في بناء علاقات طيبة  مع مصر وأثيوبيا علي أساس الاحترام  المتبادل، سيكون لها ما بعدها ولم يكن هذا الفعل هو الأول من نوعه، فقد لعبت الخرطوم دوراً محورياً في المنطقة، علي أيام النزاع المتصاعد بين أثيوبيا واريتريا، كما بذلت الخرطوم جهوداً كبيرة ولعبت دور  الوسيط (الناجح) لجمع الفرقاء بدولة جنوب السودان خلال أزمته  الأخيرة، وله دور استراتيجي لحلحلة كثير من القضايا الإقليمية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق