الخميس، 12 مارس 2015

يوناميد.. تحفظات البقاء وإنعكاسات الرحيل

الخرطوم/ طارق عثمان

في العام 2007 قرر مجلس الأمن إرسال قوات لحفظ السلام فى دارفور بعد تدهور الاوضاع الامنية واشتعال الحرب بين القوات الحكومية وحركات التمرد فى العام 2003 على ان تتكون هذه القوات من الاتحاد الافريقي والامم المتحدة وعرفت اختصاراً بيوناميد لتتولى هذ القوات المختلطة حماية المدنيين والاسهام فى توفير الامن لعمليات المساعدة الانسانية، ورصد تنفيذ الاتفاقات والتحقق منها والمساعدة على اجراء عملية سياسية شاملة، والاسهام فى تعزيز حقوق الانسان وسيادة القانون وقوام هذه القوات حوالي 20 ألف تقلصت الى 15.754 في هذا العام، ورغم وجود هذه القوات حوالي ثماني اعوام الا ان هناك تحفظات على بقائها سواء كانت من قبل الحكومة او الحركات المسلحة، فالحكومة ترى بأن وجود يوناميد مثل لها عبئاً جديدا بحيث ان هذه القوت نفسها فى حاجة الى حماية بدلاً من حماية المدنيين من ضربات التمرد، والحركات المسلحة ترى بأن القوات المختلطة تتواطأ مع رغات الحكومة فى تنفيذ جرائم تزعم بأن الحكومة ارتكبتها ضد سكان الاقليم.
اما المراقبون فيتعبرون ان يوناميد فشلت فى القيام بمهمتها بل اصبحت مصدر تزويد للفصائل المتمردة بالاسلحة والمؤن من خلال ما يتم نهبه من أطوافها. وفى ظل ذلك جاء تقرير الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون امام جلس الامن الاسبوع الماضي بأن المنظمة الدولية ستضع خلال الاسابيع المقبلة خارطة طريق استعداداً لانسحاب تدريجي لقوات حفظ السلام التشتركة من اقليم دارفور وجاء ذلك بردا وسلاماً على الحكومة التى ظلت تطالب بخروج البعثة. وبدأ فريق ثلاثي من الامم المتحدة والحكومة والاتحاد الافريقي فعلياً فى الاعداد لاستراتجيية خروج رغم ان مراقبون يرون ان انسحاب لسيوناميد ستترتب عليه انعكاسات سالبة على الامن والاستقرار فى الاقليم الذي لا تزال الاوضاع الامنية فيه هشة.
الى جانب ان الانسحاب سيؤثر على عملية ايصال المساعدات الانسانية لكثير من المناطق التى تسيطر عليها الحركات المتمردة فى دارفور . فالحكومة اكدت اكثر من مرة بحيتمة خروج يوناميد سيما بعد تحسن الاوضاع الامنية فل الاقليم بحسب رؤيتها وظلت تؤكد على ان اعلى مستوياتها بأنه ما عاد لبعثة يوناميد دور في الاقليم، ويشدد وزير الاعلام بالسلطة الاقليمية لدارفور عبد الكريم موسي فى تصريح لـ(الخرطوم) بأ، هناك تحسناً أمنياً كبيرا يشهده الاقليم، وانه لا يوجد تمرد الا في جيوب صغيرة جداً، الى جانب ان المساعدات الانسانية والاطواف التجراية بدأت تنساب الى  مدن درافور دون ان يعترضها مهدد وفى ظل هذا التحسن الامني الكبير يقول موسي بأنه لم تعد هناك حجة بأن انسحاب اليوناميد قد يؤثر.
ويضيف: الدولة بسطت هيبتها على كل الاقليم والآن السلطة الاقليمية لدارفور قامت بتنفيذ عدد من مشروعات الاعمار وانتظمت التنمية ولايات الاقليم الخمس، هذه التنمية جعلت من دارفور وجهة حقيقة للعملية السلمية، وكل هذه العوامل جعلت من وجود اليوناميد غير منظور ولا تسند بقائها اي أسانيد.
ولم يخف موسى التحفظات على وجود بعثة يوناميد ويشير الى ان التحفظ على وجودها ليس من جانب الحكومة فحسب وإنما على حتى على مستوى المدنيين انفسهم، و اضاف بالقول إن يوناميد منذ قدومها الى الاقليم لم تفرض حماية على المدنيين بشكل مباشر وقد شهدت ولاية شمال دارفور قبل عام ونصف هجوم من قبل التمرد استهدف محليات بأكلمها ولم تحرك يوناميد ساكناً لحماية المدنيين فالحكومة هي التى قامت بهذا لدور.
ويؤكد موسى ان دور قوات اليوناميد من ناحية حفظ الامن وحماية المدنين كان ضعيفاً لأبعد الحدود و أكد ان هناك بعض الحركات المتمردة تعتمد فى عتادها على ما تنهبه من هذه القوات. واضاف أسهل ما تقوم به الحركات المتمردة هو الاعتداء على يوناميد حتي تتزود منها بالذخيرة والسلاح ونحن لا نعلم لماذا هذه القوات ضعيفة رغم الميزانية الكبيرة التى تفوق مليارات الدولارات.
اما الخبير الاستراتيجي السفير الرشيد ابو شامة فيقول في تصريح للخرطوم: بأن قوات يوناميد أثبتت فشلها في مهمتها الاساسية المتمثلة فى حفظ الامن بالاقليم بل ان هناك اتهمات لهذه القوات بمساعدة التمرد، هذا بالاضافة الى الدور الاستخباري التى تقوم به هذه القوات واصحبت لعبة في ايدي العصابات المتفتلة في الاقليم بالاضافة الى أن وجودها في الاصل يمثل انتقاصاً من السيادة الوطنية.
ويرى ابو شامة ان الميزة الوحيدة لقوت اليوناميد هي مساهمتها الفاعلة فى تقديم المساعدات الانسانية للمتضررين من الحرب فى الجوانب الاغاثية ويشير الى انه وفي هذه الحالة على الحكومة ان تضلع بدورها فى تعويض ما كانت تقدمه يوناميد للمدنيين في دارفور.
و من ناحية الحركات المتمردة فيرى المتحدث بإسم حركة العدل المتمردة جبريل آدم بلال ان الكثير من ألاحداث التى وقعت في الاقليم أكدت بما لا يدع مجالاً للشك  عدم قدرة اليوناميد على حماية المدنيين، بل تتواطئ اليوناميد مع رغبات الحكومة فى الكثير من الاحداث الامر الذي يجعلها عاجزة امام الكثير من الجرائم التى تقع فى حق المدنيين بالاقليم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق