الثلاثاء، 31 يناير 2017

السودان.. خطوات متسارعة لمعالجة الديون الخارجية

شهدت ديون السودان الخارجية إرتفاعاً مستمراً بسبب ارتفاع أرباح الدين السنوية جراء الحصار الإقتصادي الذي كان مفروضاً على السودان ، إذ يبلغ أصل الدين الخارجي على السودان ومنذ الاستقلال وحتى العام 2015م (17,2) مليار دولار والفوائد (27,8) مليار دولار، بينما تمثل أصل المديونية 38% من الإجمالي والفوائد التعاقدية 62% من أصل المديونية.
ويرى إقتصاديون أن رفع العقوبات يمثل خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح للمساهمة في إعفاء الديون الخارجية للسودان، كما يتيح الفرصة لاستعادة التبادل التجاري والاقتصادي بين السودان وبقية العالم الغربي، عن طريق تسهيل العمليات والإجراءات المصرفية لحركة الصادر والوراد، وتوفير السلع ومدخلات الإنتاج الأساسية، والخدمات الصحية والتعليمية، بالإضافة للاستفادة من كافة التسهيلات البنكية والمصرفية الموجودة في العالم، والتقنية الأميركية والغربية المتطورة، وفتح مجالات التعاون مع مؤسسات التمويل والاستثمار الدولية، خاصة بالنسبة للقطاع الخاص السوداني.
إجمالي الديون
وكانت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، قد أوضحت مؤخراً إن اجمالي الديون الخارجية للسودان تبلغ 45 مليار دولار، وأشارت الى الجهود التي بذلتها الحكومة للاستفادة من مبادرة إعفاء الدول المثقلة بالديون بعد استيفاء كافة المتطلبات الفنية. وقال بدرالدين محمود وزير المالية إن الفوائد التعاقدية والتأخيرية لإجمالي الديون الخارجية بلغت 27.8 مليار دولار ويمثل أصل المديونية 38 % من إجمالي المديونية، فيما تمثل الفوائد التعاقدية والتأخيرية 62% من إجمالي المديونية، مستعرضا أصل المديونية للمؤسسات المالية الدولية والإقليمية والتي بلغت 4.2 مليار دولار، بينما بلغت الفوائد التعاقدية 500 مليون دولار والفوائد التأخيرية 1.2 مليار دولار، وأن حجم التسهيلات الأجنبية والتجارية من المؤسسات المالية الدولية والإقليمية التي استفاد منها السودان منذ الاستقلال وحتى العام الماضي 2015، تبلغ 17.2 مليار وهي موزعة على كل القطاعات الاقتصادية بالبلاد.
وأبان الوزير أن أصل الدين للدول الأعضاء في نادى باريس بلغ 6 مليارات دولار والفوائد التعاقدية بلغت2.2 مليار دولار والفوائد التأخيرية 9.4 مليار دولار، فيما بلغ أصل الدين للدول غير الأعضاء في نادى باريس 2.5 مليار دولار وبلغت الفوائد التعاقدية 1.6 مليار دولار والفوائد التأخيرية 9.9 مليار دولار، مشيرا إلى أن تسهيلات الموردين الأجانب بلغت 2.2 مليار دولار.
إستراتيجية ومطلوبات
وواصلت وزارة المالية المناقشات حول ديون السودان الخارجية والتي استمرت طوال السنوات الماضية مع المؤسسات الدولية، وأكدت منى أبو حراز، وكيل وزارة المالية الوفاء باستراتيجية إزالة الديون مع مؤسسات التمويل وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بعد أن أوفى السودان بتنفيذ جميع المطلوب منه، وأشارت إلى أن العقوبات كانت تقف عائقاً أمام هذا الأمر. وأضافت أن “السودان كان محروم من كل حقوقه في مؤسسات التمويل الدولية”، حتى فيما يتعلق بمعالجة الديون. وأبانت أن كل الدول الناشئة كانت قادرة على معالجة ديونها باستثناء السودان.
وفى السياق قال المحلل الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي إن حجم خسائر البلاد من العقوبات بلغ (500) مليار دولار وإستمرارها بمعدل (4) مليار دولار سنوياً، وأشار إلى أن رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن البلاد سيسهم فى التحرك والتكامل مع مؤسسات التمويل الدولية لحشد التمويل من المانحين لبرامج البلاد الإنمائية والاستفادة من مبادرة إعفاء الدول المثقلة بالديون “الهيبك” التي أدرجت 36 دولة ضمنها السودان الذي لم يستفد  من إعفاء الديون، وأكد أن السودان ستكون له فرصة الحصول على القروض والمنح القادمة من الصناديق المانحة والبالغ عددها 16 صندوقاً ومنظمة، والتي حالت العقوبات دون وصولها على الرغم من أنها حق من حقوقه، مضيفا أن هناك اتجاهاً لبنوك عربية استثمارية لأن تعمل في السودان.
وأكد فتحي أن الأجواء الآن أكثر ملاءمة لإعفاء ديون السودان الخارجية بعد الانفتاح الذي تم في علاقاته الخارجية خاصة مع دولمجلس التعاون الخليجي ومحاولات السودان الجادة لمكافحة الإرهاب العالمي والانفراج الداخلي بين الحكومة والمعارضة في الحوار الوطني.
حملة قوية
ودعت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بالمجلس الوطني، إلى ضرورة أن يقود السودان حملة قوية للإستفادة من الدعم الإقليمي والدول الصديقة والشقيقة والمنظمات الإقليمية لإلغاء الديون الخارجية.وقال د. احمد المجذوب رئيس اللجنة إن البرلمان سيركز خلال الفترة القادمة في كيفية تفعيل كافة الأجهزة التنفيذية لتهيئة البيئة اللازمة للإستفادة من القرار الأمريكي برفع العقوبات، مبيناً أن هذا القرار أزال الكثير من الحواجز الإجرائية والقانونية والنفسية تجاه تدفقات الإستثمار إلى السودان، داعياً إلى الإستفادة من التعاملات مع المنظمات الإقتصادية والإقليمية من أجل إلغاء الديون.
وأشار المجذوب إلى ضرورة الإستفادة من المبادرة الخاصة بإلغاء الديون للدول المثقلة بالديون، مبيناً أن السودان إستوفى كل الشروط الخاصة بهذه المبادرة، موضحاً أن هذه المبادرة طبقت على جميع الدول وتبقى فقط دولتان والسودان هو واحد منهما ، آملاً إحتشاد الجهود للإستفادة منها .
ويرى د. أمين حسن عمرأنه يجب إبتدار حملة قوية لإعفاء ديون السودان ، وقال إن السودان هو البلد الوحيد من مجموعة الدول المثقلة بالديون (الهيبك) الذي لم يستفد من المبادرة العالمية لإعفاء ديونه ، وكان ذلك لأسباب سياسية لا علاقة لها بتأهله وإستحقاقه للأستفادة من المبادره، وأشار إلى أن بريطانيا أبدت في وقت من الأوقات إستعدادا طيباً للتحرك من أجل إعفاء الديون، كما أن الدول الضامنة لاتفاقيات السودان مع جنوب السودان تعهدت هي الأخرى بالعمل على إعفاء الديون.
ودعا إلى ضرورة التحرك السريع من بنك السودان المركزى لبناء علاقات جديدة ، واسترجاع العلاقات السابقة مع المراسلين والمتعاملين الذين أخافتهم للغاية الغرامات الباهظة التي فرضت على مصرف فرنسي ، وآخر ألماني لتعاملهما مع السودان رغم الحصار المصرفي الأمريكي.
تحركات دولية
ووعدت الحكومة البريطانية بمساعدة السودان لمعالجة ديونه الخارجية ومساندة الجهود الحكومية الرامية لإعفائها ، فيما أكدت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي إهتمامها بإعادة بناء العلاقات الاقتصادية بين المؤسسات السودانية والبريطانية في مختلف المجالات ، ووعد سفير بريطانيا في السودان مايكل آرون بتقديم المساعدات والعون الفني المطلوب لدعم جهود السودان لإعفاء ديونه الخارجية ، كما وعد برفع دراسات إحتياجات المؤسسات السودانية المختلفة لجهات الإختصاص ببلاده للنظر في كيفية تقديم المساعدات .
فيما أكد البنك الأفريقي للتنمية إهتمام البنك بإستكمال الوثيقة الكلية لخفض الفقرووصفها بالعنصر المهم في معالجة الديون الخارجية مؤكداً أهمية إستمرار جهود تأهيل السودان لمعالجة ديونه.
وكشف د. عبدو لكمارا ممثل البنك المقيم في السودان عن إستعداد البنك لتقديم إستراتيجيته للتدخل في السودان خلال الفترة 2017- 2019م حيث يتم فيها إعتماد موارد إضافية لزيادة الموارد المخصصة للسودان التي بلغت حتى الآن 200 مليون دولار ، ووعد كمارا بمواصلة الجهود لتخصيص موارد إضافية  للسودان من البنك وإجازتها من مجلس المدراء التنفيذيين  ومن ثم التفاكر مع حكومة السودان حول تخصيصها للقطاعات المختلفة بما فيها قطاع الطاقة ، وأكد إستمرار دعم البنك للسودان ، وأشار إلى أن قرار رفع العقوبات يمكّن البنك من زيادة الموارد لمساعدة القطاع الخاص.
وبالرغم من إيفاء السودان لكل المطلوبات الفنية للاستفادة من المبادرات الدولية لإعفاء الديون وموافقة السودان للخيارالصفري لقسمة الديون مع جنوب السودان بعد الانفصال فإن الدول الدائنة المؤثرة لم تقدم المرونة الكافية للتعامل مع المشكلة حتى الآن ولم تفِ بوعودها وظلت الاشتراطات السياسية تقف عائقاً أمام الاستفادة من مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون وإزالة العقوبات الاقتصادية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق