الثلاثاء، 11 أكتوبر 2016

الوثيقة الاستراتيجية بين الخرطوم القاهرة ... المعني والهدف!

الوثيقة الاستراتيجية المتفردة في تفاصيلها ومحتوياتها- التى أجازتها الجنة العليا المشتركة بين السودان ومصر مؤخراً -الأربعاء الخامس من اكتوبر 2016م- يمكن اعتبارها بلا مغالاة، أضخم مشروع استراتيجي تاريخي يحتوي على أسس إستراتيجية
لترجمة علاقات الخرطوم والقاهرة ترجمة حقيقية ليست ترجمة مجازية يلوكها بعض الساسة أو يتغنى بها الإعلام.
 العلاقات السودانية المصرية -استناداً إلى هذه الوثيقة- وضعت بالفعل عرباتها على قضبان صلبة من المحتم أن فضي إلى محطة إستراتيجية ثابتة لن تتأثر بأي تغير في ظروف كل بلد. الوثيقة الاستراتيجية تحوي (إتفاقات موقعة بين البلدين بلغ عددها 31 إتفاقية، تشمل الجهات المختلفة في البلدين، في مجالات النقل، في مجالات الزارعة، الري، التجارة الصناعة العمالة الكهرباء التعليم بكل أقسامه وفروعه.
وتشير متابعتنا، إن هذه الاتفاقيات التى تم توقيعها بالأحرف الأولى قبل قمة الرئيسين شملت كافة القضايا الخدمية والتنموية والاقتصادية والفنية بين الدولتين بحث تتكامل الجهود -كلٌ بمعطياته وما لديه- في سبيل إيجاد معادلة إستراتيجية تمنح كل بدب ميزة الاستفادة القصوى من موارد البلد الآخر وفى كافة المجالات. ولهذا فإن المراقبين لا ينظرون إلى قمة الرئيسين البشير والسيسي في إطارها اللحظي الضيق المتعلق بالقضايا المتنازع عيها -كقضية حلايب مثلاً- و إنما ينظرون إلى الرؤية الاستراتيجية الهائلة التى توجه إليها البلدان على طريق استفادتهما من ما لديهما من موارد.
الوثيقة أيضاً ليست سوى ترجمة مباشرة وحية للمقولة السائدة أن كل بلد من البلدين بمثابة (عمق استراتيجي) للبلد الآخر، فقد ظلت هذه المقولة فى السابق تجري على الألسن من واقع كونها واحدة من مرتكزات علاقة البلدين، بحيث يستحيل أن يستغني احدهما عن الآخر وبحيث لا يمكن ان تنفصم عرى العلاقة بينها مهما تفاقمت خلافاتهما وليس أدل على ذلك من تجارب التكامل التى شهدتها علاقات البلدين في عهود سابقة، وحرص كل بلد على ألاّ يقحم نفسه في شئون البلد الآخر مهما كانت مصالحه وهو أمر حرص السودان على الالتزام به حتى في أحلك ظروف علاقات البلدين في عهد الرئيس السابق مبارك.
هي إذن نقطة إستراتيجية بكل ما تعنيه الكلمة لعلاقات البلدين من مجرد (أمنيات) و (أحلام) وروى نظرية إلى الواقع العملي، فالسودان غنيّ بالموارد والأرض والمياه، والطاقة ومصر ديها الجانب الفني و لديها العمالة المدربة وهناك معابر سهلة ميسورة بين ضفتيّ الوادي بإمكانها تسهيل حركة الناس والبضائع بأيسر مما هو ممكن وهذا ما يدفع حقاً بأن تتحول هذه الاتفاقات الـ(31) في مختلف المجالات التى واقع يغير المنطقة و يؤثر في اقتصاد كل دولة من الدولتين.
وهي في واقع الأمر شبيهة بتجربة الاتحاد الأوربي التى بدأت بين دول قليلة ثم تطورت وتمددت لتشمل كل بلدان أوربا. وإذ أردنا تعداد مزايا الوثيقة الاستراتيجية الموقعة حديثاً في قمة استثنائية بين البشير والسيسي في القاهرة وفي  خضم احتفالات نصر اكتوبر 1973 وقبالة انعقاد الجمعية العمومية للحوار الوطني في السودان فإننا نجد الآتي:
 أولاً الوثيقة بدت (كدستور) يؤسس لطبيعة علاقة دولة واحدة تحوي إقليمين لكل إقليم حقوق وواجبات، وهذه تحتوي مؤشرات على وحدة. وليس من الضروري فيما يتعلق بالوحدة بين الدولتين أن يحدث اندماج مادي كامل. مجرد وحدة الاهداف والتوجهات والرؤى هي في حد ذاتها عناصر وحدة لا جدلا فيها.
ثانياً، الوثيقة قابلة للتطبيق السهل الخالي من التعقيدات، فقد فرغ الخبراء منذ سنوات من طحن القضايا المهمة وخلصوا إلى نتائج سهلة التنفيذ. إذن هي سهلة التنفيذ.
ثالثاً، الوثيقة ضرورية هي نفسها بالنظر إلى الظروف الاقتصادية للبلدين، كل بمعطياته واحتياجاته- ولهذا فإن الدافع إلى تنفيذها يبدو أقوى من سواه. وعلى ذلك فإن الوثيقة الاستراتيجية بين الخرطوم والقاهرة –في واقع الأمر– نقلة تاريخية فريدة من نوعها من المؤكد أنها ستحدث أثرها البالغ في المنطقة في القريب العاجل!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق