الأحد، 19 فبراير 2017

الذهب الأسود.. السودان مسرح للتنافس الصيني الأمريكي

تقرير: رانيا الأمين
تقوم سياسية الصين الخارجية على مبدأ المصالح المشتركة والتحالفات الإستراتيجية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والحفاظ على سيادتها وهو ماجذب، الحكومة السودانية على فتح أبواب السودان أمام الإستثمارات الصينية طوال السنوات السابقة بما يحقق المصالح المشتركة للجانبين.
ركزت الصين من خلال إستثماراتها في السودان على النفط ، وحرصت على إتباع اسلوب عقد الإتفاقيات الإقتصادية الندية التي تحفظ للبلاد كرامتها وسيادتها عبر إتفاقات منصفة الأمر الذي جعل السودان يتخذها حليفاً إستراتيجياً ، بل اصبحت الحليف الأكبر للقارة الأفريقية بصفة عامة والسودان بصفة خاصة، باعتبارها أكبر مستورد للنفط السوداني.
مثل الصُعود الصيني في السودان دافعاً للولايات المتحدة للمسارعة برفع العقوبات الإقتصادية  في إطار التنافس الأمريكي الصيني على النفط السوداني ، فقد ذكرت مجلة “Foreign Affairs” أن السودان تحول نحو الشرق لمواجهة تداعيات العقوبات الأمريكية التي فرضت عليه في التسعينات ، حيث قام ببناء علاقات وروابط اقتصادية مع الصين ، ومع دول في آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، وقد وفرت هذه الشراكات السياسة الخارجية البدائل والحلول السياسية والاقتصادية للسودان.
ويري المراقبون أن الولايات المتحدة ازدادت هواجسها تجاه النفوذ الصيني في السودان خاصة بعد أن رشحت معلومات حول توقعات صندوق النقد الدولي بأن يتجاوز حجم اقتصاد الصين بحلول العام 2016م حجم الإقتصاد الأميركي من حيث تعادل القوة الشرائية ، فضلاً ان عدداً اشارت عدد من المؤسسات البحثية الدولية اشارات الي ان لإقتصاد الصيني أصبح منذ العام 2010 م الأول في العالم متوقعين أن تسحب الصين خلال السنوات القليلة القادمة الزعامة الإقتصادية العالمية من الولايات المتحدة.
معلوم أن الصين تعتبر أكبر مستثمر أجنبي في السودان، كما أن استثماراتها تعد الأكبر على صعيد أفريقيا، حيث تعتمد على السودان كسادس أكبر مصدر للنفط ، كما أن السودان يحتل المركز الثالث على صعيد القارة الأفريقية كأكبر شريك تجاري للصين بعد أنجولا وجنوب أفريقيا، جميع هذه العوامل دعت الولايات المتحدة الي اخذ الصعُود الصيني في القارة الأفريقية موضع إهتمام إنصب بدوره على التعجيل برفع العقوبات الإقتصادية عن السودان .
خلال الآونة الأخيرة باتت الكثير من دول العام تنظر الي الصين بأنها القوة الإقتصادية المتعاظمة لجهة أنها اكبر دولة اقتصادية داعمة لاقتصاد دول القارة في ظل الأمل بأن يحقق التفوق الاقتصادي الصيني نهاية الهيمنة الأميركية التي تقوم على إستراتيجية فرض السيطرة ولم يكن خروج شركة شيفرون من السودان دون مبررات مقنعة ببعيد ، وكانت شيفرون قد بدأت أولى عمليات التنقيب عن النفط بالسودان عام 1975م وتبعتها خروج عدد من الشركات العالمية العاملة في مجال النفط من السودان بسبب ضغوط من الإدارة الأمريكية مثل شركة “شلمبرجير” وشركة “تليسمان” الكندية.
وارجع المحللون خروج اكبر شركات البترول الأمريكية لحاسابات الولايات المتحدة أنذاك بعدم حاجتها لإستغلال النفط السوداني ، بينما تظهر حاجتها الفعلية بحلول العام 2020م بحسب تقديرات الولايات المتحدة التي لم تتوقع بروز نجم الصين في سماء السودان الأمر الذي دعاها إعادة النظر في عقوباتها الإقتصادية المفروضة على السودان ومحاولة استعادة مكانتها.
ويوضح الخبير الإقتصادي ياسر عثمان أن الاستثمارات الصينية في السودان لم تختصر على مجال النفط بل تعدتها الي مجالات الصناعة والخدمات والزراعة وغيرها ، كما أن السودان استفاد من التقارب الصيني الي رفع مستوي العلاقات بين البلدين الي مرحلة إستراتيجية وظهر ذلك جلياً من خلال دعم الصين للسودان في المحافل الدولية ، فقد سبق أن امتنعت في كثير من المرات عن التصويت في مجلس الأمن لمنع قرارات بشأن دارفور.
استبشر المراقبون بتوقيع الرئيس السابق باراك اوباما على قرار رفع العقوبات عن السودان بأنه سيكون فاتحة خير على البلاد في مجال النفط بإعتبار أن ما كان يصعب استخراجه في الثمانينيات أصبح متيسراً الأن كما أن السودان من شأنه أن يستفيد من الثروة التقنية في صناعة النفط ، غير أن هذا يتطلب وضع خطة عاجلة من قبل اصحاب الخبرات في السودان لتحقيق  الانفتاح على السوق العالمية في مجال الإستثمارات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق