الاثنين، 6 فبراير 2017

قطاع الشمال.. مضاعفات الصدمة!

الحركة الشعبية قطاع الشمال فى موقف لا يمكن لعاقل أن يحسدها عليه! فقد وضعت كل بيضها السياسي -منذ عقود- في السلة الامريكية وأخرجت كل ما في جيبها من أوراق سياسية وراهنت بها في أندية القمار الامريكية وهي مطمئنة على ان
واشنطن لا تخذلها أبداً!
ولهذا كان وقع المفاجأة الصاعقة عليها شديداً حين رفعت السيدة (سوزان رايس) سماعة الهاتف ونقلت لوزير الخارجية السوداني، البروفسير غندور قرار الرئيس أوباما برفع العقوبات الاقتصادية على السودان! السيدة رايس مستشارة الامن القومي، هي من كانت تتولى ملف الحركة، وهي من سعى لإدخال الملف الى منضدة مجلس الامن الدولي.
وهي من ضغط و ساوم وسهر الليل لكي يخرج قرار ساخن من مجلس الأمن يلزم الخرطوم بالتفاوض مع الحركة الشعبية. يومها كان الفرحة تملأ وجه عرمان وأساريره تنطلق ببهجة أكملها (بطريقته الخاصة) فى احد كافيتريات الفندق الشهير فى نيويورك حتى ساعات الفجر الاولى! كيف اذن عادت رايس -ببرود عجيب- لكي (ترفع الغطاء) عن حلفائها فى الحركة الشعبية فى هذا الفصل الشاتي والصقيع السياسي الرهيب؟
ولعل الأكثر إيلاماً لعرمان ورفاقه الذين ما يزال يسيطر عليهم الذهول – إن رايس وكل طاقم الرئيس أوباما ظلوا يحتفظون بسرية اللجان المشتركة العاملة بينهم وبين الخرطوم لرفع هذه العقوبات لأكثر من عام دون أن يخطروهم! لقد فاجئوهم تماماً والأنكى من كل ذلك -وتلك هي تصاريف السياسة والمصالح- ان هذا يعني بالضرورة ان الخرطوم وواشنطن ربما تأسست فيما بنيهم علاقات إستراتيجية ومصالح مشتركة قوية تتقاصر دونها أهمية حلفاء واشنطن القدامي في الحركة الشعبية! وربما يحمل المستقبل الكثير مما قد لا يسر عرمان ورفاقه!
مجمل المشهد يمكن ان يقودنا الى عدة أمور من الصعب لأي مراقب ان يتجاوزها. أولاً، إن الحركة الشعبية قطاع الشمال تراجع موقعها فى الأجندة السياسية الامريكية تراجعاً مريعاً. ربما كان الأمر يتصل بالنموذج المزري الذي قدمته الحركة الأم فى جوبا! أنهار وشلالات الدماء غير القابلة للتوقف. تعريض أمن الإقليم للخطر. إحباط أصدقائها فى العالم.
 أو ربما كان الأمر يتصل بموضوعية وصدقية موقف الخرطوم فى إدارة عملية سياسية توافقيه جادة تفضي إلى حل سياسي قليل الثمن سهل الحصول عليه بدلاً عن مشروع إسقاط الحكومة الذي تتبناه الحركة الشعبية ولا تملك له مقدرة ولا ضمانات ولا أفق سياسي.
ثانياً، إن الولايات المتحدة كدولة عظمى ولديها كامل القدرة على التحرك، لا تستطيع ان تتخذ طريقاً (باتجاه واحد) الى الأبد، و في أحيان كثيرة فهي ترعي مصالحها بالدرجة الأولى ومن خطل التفكير ان تعتقد حركة مسلحة ان لديها مزايا تفضيلية تجعل واشنطن تنحرف عن مصالحها العليا، وتسايرها (لسواد عيونها)! ثالثاً، الدرس الأبلغ ان واشنطن على اية حال أدركت نتيجة اتباع إستراتيجية ممالأة حركة مسلحة، وإيصالها الى السلطة، و فى السياسة الخارجية فإن من الجائز ان تستخدم قوة دولية عظمى في مناورة من المناورات ولكنك لا تستطيع قطعاً ان تستخدمها مرات ومرات!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق