الخميس، 2 فبراير 2017

(23) اجتماعاً غيرت مسار العلاقات بين الخرطوم واواشطن “1”

تقرير:رانيا الأمين(smc)
مقدمة:
لم يكن قرار رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان من قبيل المصادفة بل جاء نتاج محادثات ولقاءات ومبادرات من قيادات الدولة مع نظرائهم من الجانب الأمريكي ، وعلى الرغم من أن تلك المبادرات التي أستمرت زهاء السبعة عشر عاماً الا أنه لم يفصح عنها بصورة مفصلة لوسائل الإعلام  فقد ظلت تلك اللقاءات مستصحبة في ابرز عناوينها تطمينات الحكومة بشأن جهود إيجابية ستثمر عن رفع العقوبات خلال الفترة المقبلة . وكانت ردود فعل الشعب السوداني حينها مابين التفاؤل والتشاؤم لجهة أن الوعود الأمريكية تكررت في هذا الشأن. المركز السوداني للخدمات الصحفية أعد سلسلة تقارير حوت تفاصيل الحوار بين الخرطوم وواشطن منذ بدايته وحتي لحظات التوقيع.
كثف الجهاز التنفيذي للدولة خلال الفترة الماضية العمل على حل جميع المشاكل التي تواجه السودان والإستفادة من مشاركتة فى المنظمات والإتحادات والهيئات الدولية التي هو عضواً فيها سواء الإتحاد الأفريقى أو الجامعة العربية وغيرها للمطالبة برفع العقوبات وتبيان الأثر السالب على الشعب السوداني في المقام الأول.
وقامت الدبلوماسية السودانية بجولات ماكوكية خلال السنوات السابقة آتت أكلها بتحسين صورة السودان في الخارج وتواصلت هذه الجهود حتي توجت بقرار رفع العقوبات الإقتصادية.
ويبدو أن الرغبة في إجراء حوار سياسي بين السودان والولايات المتحدة لم تكن من جانب السودان فقط بل أن الجانبان كانا بحاجة لإدارة حوار صريح يجد الحل لكل المشكلات خاصة بعد الإضطرابات الأمنية التي مرت بها دول المنطقة بجانب حاجة الولايات المتحدة لدور السودان في مكافحة الإرهاب ، فالنبرة التصالحية حول ضرورة رفع العقوبات وتطوير العلاقات بين السودان وامريكا لم تكن من جانب السودان فقط فقد علت بعض الإصوات في الولايات المتحدة  تطالب برفع العقوبات عن السودان ،وكانت بعض التقارير الإعلامية الأمريكية قد أوردت أن جهود السودان في مكافحة الإرهاب من شأنها أن تشكل حافزاً للدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة لإعادة تقييم علاقتها بالسودان.
وسبق أن أورد تقرير نشره مركز (بوليتزر) بواشنطن أن ظهور تنظيم الدولة الإسلامية وإنتشاره قد يصبح محفزاً لإعادة تقييم العلاقة بين الولايات المتحدة والسودان ، وأورد التقرير أنه وفقاً لمسؤولين سودانيين وأمريكيين فإن السودان يتعاون في مجال مكافحة تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية وأن هناك رغبة متبادلة في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، حيث أشار بعض السياسيين في الولايات المتحدة إلى أن السودان يعتبر واحدة من الكيانات القليلة المستقرة في الأقليم. وفي ذات الإطار كانت صحيفة الكونغرس الأمريكي (ذي هيل) قد اقرت بأنه حان الوقت لإعادة النظر في العقوبات الأمريكية على السودان مطالبة بإلغاء العقوبات الشاملة التي لا يتضرر منها سوى الأبرياء، وطالبت الصحيفة بتوضيح الأسباب الإستراتيجية التي تبقي على هذه العقوبات .
صاحب قرار رفع العقوبات الإقتصادية عن السودان كثير من التكهنات وبدء الحديث حول صفقة بين الحكومة والولايات المتحدة لكن بعد تتبع خيوط الحوار بين الجانبين يتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن قرار رفع العقوبات كان ثمرة لجهود الحكومة علي المستوي الدبلوماسي والشعبي خاصة بعد التحركات الشعبية التي ظلت تنادي بضرورة رفع العقوبات وما كانت عريضة الشعبية التي دعت لجمع ) 100)  الف توقيع التي رفعتها جهات شعبية الا واحدة من تلك الجهود.
كما أن الحكومة اهتمت في الآونة الأخيرة بتفعيل الدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية وانتهاج سياسة متوازنة تراعي مصالح البلاد ورسمت خارطة طريق للتعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية تقود الى التطبيع معها، خاصة أنه لا توجد أسباب منطقية لاستمرار العقوبات، في ظل تغير الوضع في دارفور الى الأفضل ، وقد هدأت الأوضاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق ، فالسودان مثله مثل العديد من الدول الأفريقية التي تعاني من النزاعات الداخلية ولم تفرض عليها عقوبات اقتصادية.
وفتحت الحكومة الباب على مصرعيه امام الولايات المتحدة للتأكد من إيفاء السودان بمتطلبات رفع العقوبات وفي العام 2001 زار السودان وفد أمني امريكي وتحقق من عدم رعاية السودان للإرهاب ، وبعد أن تجوّل الوفد في عدد كبير من الولايات السودانية قدم تقريراً إيجابياً للإدارة الأمريكية وكانت هذه بمثابة اولي الإختراقات من قبل الحكومة فيما يختص برفع العقوبات.
يرجع بعض المراقبون الحوار بين الخرطوم وواشنطن بدأً بزيارة وزير الخارجية السابق علي كرتي ومساعد الرئيس السوداني وقتها ابراهيم غندور، بجانب زيارة وزير المالية الذي أجرى مقابلات مع مسؤولين في الخزانة الأمريكية ، بالاضافة الى زيارة وفد شعبي اهلي من زعماء القبائل السودانية والاعيان خلال الفترة الاخيرة بتنسيق من السفارة الامريكية في الخرطوم، وهدفت كل هذه التحركات الى تحريك ساكن الحوار المباشر بين الجانبين ، كما مثل لقاء وزير الخارجية ابراهيم غندور بالرئيس الأمريكي المنتهية ولايتة باراك اوباما في أديس أبابا مؤخراً نقطة مهمة في الحوار مع الولايات المتحدة ، حيث قدم غندور حينها وجهة نظر السودان ودوره حول حل الازمة كما ناقش الوضع السوداني الداخلي ، مما مثل بحسب المتابعين للساحة اضافة كبيرة لمسار العلاقة بين الطرفين.
بيد أن وزير الخارجية ابراهيم غندور اوضح أن مبادرات الحوار مع واشنطن بدات بمبادرة الدكتور غازي صلاح الدين مع المبعوث الامريكي غرايشون ثم مبادرة جهاز الامن والمخابرات الوطني بعد توقيع إتفاق السلام الشامل في العام 2011 م، ثم مبادرته كمساعد لرئيس الجمهورية وزيارته واشنطن في العام 2015م ولقاءاته مع المسئولين في وزارة الخارجية الامريكية موضحاً انه شكلت أنذاك لجنه للعلاقات السودانية الامريكية ضمت كل من (وزير الخارجية– وزير الدفاع – وزير الداخلية – مدير جهاز الامن ومدير الاستخبارات). ثم إنضم للجنة لاحقاً وزير المالية ورئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة ومحافظ بنك السودان. موضحاً أن الجانب الامريكي شكل أيضاً لجنة للعلاقات مع السودان تضم الرئيس – وزارة الخارجية–البنتاغون –مجلس الامن القومي– الاستخبارات الامريكية “سي آي أيه”).
وقال وزير الخارجية إن الجانب الامريكي قدم للجانب السوداني خطة من خمسة مسارات يقضي الالتزام بها برفع الحصار الاقتصادي الامريكي على السودان، سارداً تفاصيل المسارات الخمسة في  مكافحة الارهاب ومكافحة جيش الرب ، ودعم السلام في دولة جنوب السودان وعدم دعم التمرد في الجنوب، ووقف الحرب في منطقتي جبال النوبة والنيل الازرق وفي الشأن الانساني إيصال المساعدات الانسانية لمناطق النزاع ، وعدم طرد المنظمات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق