الاثنين، 13 فبراير 2017

السودان وقضايا الإرهاب.. خطوات في استراتيجية المكافحة

تقرير:رانيا الأمين
  ظل اهتمام السودان منصباً بمكافحة الإرهاب إنطلاقاً من الخلفية الثقافية والتراثية والحضارية والدينية لعامة أهله ، وتناغماً مع المباديء الراسخة داخلياً وخارجياً، فقد عمل السودان على إصدار قوانين على المستوى القطري لمكافحة الإرهاب وأسهم إسهاماً كبيراً في التشريعات والإتفاقات التي صدرت من المنظمات الإقليمية التي ينتمي إليها ، كجامعة الدول العربية والإتحاد الإفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، وفي سبيل مكافحة الظاهرة استضاف السودان في اكثر من مرة مؤتمرات دولية حول مكافحة الإرهاب. بالإضافة على المصادقة على كل الإتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحتة.
وكانت الهيئة التشريعية في السودان قد أصدرت في العام 2001م تشريعاً جديداً تضمن تعريفاً للجريمة الإرهابية وفصّل العقوبات على مرتكبيها ، تتراوح بين الحبس والسجن المؤبد والإعدام، كما أن الجريمة الإرهابية في هذا القانون تشمل تلك الجرائم الواردة في الإتفافيات الإقليمية والدولية التي صادق عليها السودان أو انضم لها.
وحدد قانون (مكافحة الإرهاب) لسنة 2001م الجرائم والأفعال الإرهابية (الجرائم الإرهابية ، منظمات الإجرام الإرهابية ، الإستيلاء أو السيطرة على الطائرات، الأفعال غير المشروعة ضد سلامة الطيران، الإستيلاء أو السيطرة على السفن ووسائل النقل البحرية والنهرية، الإستيلاء على وسائل النقل البرية، حجز الأشخاص أو إلحاق الضرر بهم، جرائم البيئة) وقرر هذا القانون تشكيل محكمة أو أكثر تُسمى (محكمة مكافحة الإرهاب) وكذلك قرر إنشاء محكمة استئناف لقضايا مكافحة الإرهاب.
وحرم القانون الجنائي السوداني الجرائم التي يُطلق عليها إسم (الجرائم الإرهابية) وتعامل معها بحزم وحسم شديدين، وقد قامت الجهات التنفيذية والتشريعية المختصة بمراجعة كافة التشريعات السودانية للتأكيد من مواءمتها مع المعايير الدولية على ضوء مصادقة السودان على الإتفاقيات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب.
عمل السودان على محاربة الإرهاب على المستوى الإقليمي عن طريق المصادقة على عدد من الإتفاقيات الإقليمية لمكافحة الإرهاب على رأسها الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب 1999م وإتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الأفريقي حالياً) لمكافحة الإرهاب 2003م وإتفاقية منظمة المؤتمر الإسلامي لمنع الإرهاب ومكافحته 2003م ، وشارك بفاعلية في وضع خطة الإيقاد لمكافحة الإرهاب التي تبنتها قمة الإيقاد التي عقدت بالعاصمة اليوغندية كمبالا في عام 2003م.
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتماشياً مع التطورات التي شهدها المسرح الدولي ، صادق السودان على كافة الإتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وعددها اثنا عشر (الإتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب للعام 1999م، اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية 2000م ، إتفاقية تمييز المتفجرات البلاستيكية بغرض كشفه 2000م ، بروتوكول قمع أعمال العنف غير المشروع في المطارات التي تخدم الطيران المدني الدولي  2000م ، إتفاقية مكافحة الأفعال غير المشروعة ضد سلامة الملاحة البحرية2000م ، اتفاقية الجرائم والأفعال الأخرى المحددة المرتكبة على متن الطائرات 2000م ، اتفاقية منع ومكافحة الجرائم المُرتكبة ضد الأشخاص المسؤولين بالحماية الدولية بما فيهم الدبلوماسيين 1994م ، الإتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن 1999م ، إتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة ضد سلامة الطيران المدني 1997م ، إتفاقية قمع الإستيلاء غير المشروع على الطائرات 1979، الإتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل 2000م، بروتوكول قمع الأفعال غير المشروعة ضد سلامة المنصات الثابتة المقاومة على الجرف القاري 2000م.
ولم يكن جهد السودان في مكافحة الإرهاب مقتصراً فقط بالمصادقة على هذه الإتفاقيات التي تشكل النظام القانوني الدولي لمكافحة الإرهاب ولكنه شارك في الجهود الدولية لصياغة إتفاقيات متخصصة لمحاربة أوجه الإرهاب المختلفة.
ابتدرت  الدولة نهج الحوار الفكري وإيجاد معالجات لقضايا الفقر والبطالة والفساد ، كمدخل لمحاربة الإرهاب وأكدت دعمها لجهود منعة وسد ثغراته في وقت دعا فيه بعض الأئمة إلى إقامة مشروع للأمن الفكري وسط الشباب يحصن من الإختراق الديني والتكفيري والتفجيري مع التشديد على ضرورة استيعاب متغيرات الظاهرة ومواجهتها بالحكمة والعقلانية ، وأخذ في الاعتبار أن الدين الإسلامي أنكر على الديانات الأخرى مسلك الإرهاب وأنه لابد من محاربة الظاهرة باتباع القيم الإسلامية.
وأوضح أمين أمانة الفكر بالمؤتمر الشعبي أبوبكر عبد الرازق أن إشاعة الحرية وفتح قنوات الحوار حول القضايا العامة وعدم اعتقال الشباب وابتدار حوار معهم حول جميع الموضوعات التى تقود إلى الإرهاب جميعها أسباب ساعدت شباب السودان في الإبتعاد عن الإرهاب فضلاً عن فتح جميع القنوات الإعلامية بالفكر الواعي من أجل الثقافة ، مشيراً إلى أن السودان نجح في عدم وجود ظواهر إرهابية لوجود مساحة كافية من الحرية بجانب عدم التدخل الأجنبي في السودان ، لجهة أن الإرهاب ينبع في كثير من الدول لمناهضة الإستبداد العالمي ومقاومته وينتج كردة فعل طبيعية من الشباب لمناهضة العدوان العالمي على بلدانهم ، وأضاف عدم وجود ظاهرة الإرهاب في السودان مؤشر إيجابي ، داعياً إلى استمرار منهج الحوار بين العلماء والشباب في الهواء الطلق لجهة أن الحوار يجلب استجابة فورية للشباب من العلماء وأن يستمر منهج التعاون بينهم.
ارتكز موقف السودان حيال مكافحة الإرهاب على جملة من المباديء العامة أهمها أن الإرهاب مهما كانت دوافعه وأسبابه لا يمكن تبريرها ، وأنه لا يقود إلا إلي دائرة من القتل والتدمير يصعب الخروج منها ، لذلك لابد من الشفافية والتعاون الكامل بين الأجهزة الأمنية والعدلية وأجهزة إنفاذ القانون في الدول الأخرى لملاحقة المتهمين بإرتكاب أعمال إرهابية وتفكيك تنظيماتهم وتجفيف مصادر تمويلهم ، فضلاً عن تأييد قرار منظمة الوحدة الأفريقية في قمتها الخامسة والثلاثين لعقد مؤتمر دولي على مستوى القمة لوضع إستراتيجية لمحاربة الإرهاب، وبعد استضافتة لمؤتمر مكافحة الإرهاب في العام الماضي اضحي مما لايدع مجالاً للشك الرغبة قوية من حكومة وشعب السودان على مكافحة الظاهرة ونبذها ، خاصة وان السودان يعتبر اكثر دول العالم استقراراً وخلواً من الإرهاب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق