الاثنين، 20 مارس 2017

ميزان العدل الافريقي في ضيافة الخرطوم

ربما لم يتوقف الكثيرون بالعمق والتمعن المطلوب حيال المبادرة الايجابية الرائعة للسلطة لقضائية السودانية بعقد مؤتمر لرؤساء القضاء والمحاكم العليا الافريقية في الخرطوم في الثاني من ابريل المقبل. فالتجربة  فريدة من نوعها، والمبادة أو فلنسمها
المبادأة ترتكز على فكرة قوية للغاية.
تجربة القضاء السوداني طويلة وزاخرة وراسخة. وقد بلغ من قوة هذا المرفق الحيوي الأمين ان الخليج العربي من اقصاه إلى أقصاه يزخر بالكفاءات القضائية السودانية التى قامت اعمدة العدل في تلك البلدان وما زالت تقويه وترسخه جيلاً بعد جيل. كما بلغ من قوة هذا المرفق الحيوي أنه نظر وما يزال ينظر باضطراد دعاوي عديدة اطرافها مسئولين كبار سواء كانوا في موقع الشاكي أو المتهم، المدعي أو المدعى عليه.
يستطيع أي زائر عابر لاورقة المحاكم السودانية ان يلاحظ وجود مسئولين حكوميين في درجات عليا أو وسيطة او دنيا يتحاكمون إلى القضاء، دون أن يصحب ذلك صخباً إعلامياً، او دهشة او تساؤل. جهاز الامن السوداني الذي يرميه البعض بما يرمونه به من اتهامهات، يزور المحاكم السوادنية –باعتيادية– شاكياً أو مشكو ضده، وتصدر المحاكم السودانية أحكاماً له او عليه، ويعرف المشتغلين في الصحافة السودانية هذه الحقيقة وربما يندهش بعض العاملين في الصحافة حين يجمعهم الانس مع منسوبي جهاز الامن في اروقة المحاكم انتظاراً للنداء على قضاياهم، وحين ينادى عليهم ويقفون امام القاضي، فإن المشهد يكون عادياً، لا تفضيل لشاكٍ على متهم ولا متهم على شاك، وربما تساءل القاضي وسأل الطرفين عما اذا كانواقد توصلوا إلى تسوية!
هذه الأمور روتينية ومعتادة في أورقة المحاكم السودانية حتى لم تعد تلفت نظر أحد. لهذا فحين واجه السودان في المرحلة الفائتة هجوماً دعائياً دولياً إثر احداث اقليم دارفور وتمت إحالة الحالة ما يسمى بمحكمة الجنايات الدولية، فإن المشتغلين في الحقل القانوني عموماً قضاء جالساً أو وافقاً كانوا أكثر الناس دهشة و استنكاراً لهذا الموقف السياسي الغريب.
قضاء نظيف الثياب يرفد دول الخليج العربي ودول الجوار بأفضل كفاءاته، يتهم بأنه عاجز وغير قادر على أداء دوره؟ كان واضحاً ان الأمر من ورءه من المغضرين ولهذا فحين تقدم السلطة القضائية السودانية مبادرة للسلطات القضائية الافريقية للتفاكر والتشاور في الهموم القضائية المشتركة –بحكم الارتباط الاقليمي والثقافي وبحكم التشابه في المعطيات والموروثات المشتركة، فإن هذه المبادرة يمكن اعتبارها بمثابة تأسيس لقضاء افريقي أكثر قوة وتأهيلاً، وقادراً على مواجهة التحديات.
مؤتمر رؤساء القضاء والمحاكم العليا الافريقية حجر أساس لمضمون الاتحاد الافريقي وماهية الوحدة الافريقية وكيفية تمتين الروابط بين دول القارة. ولا شك ان ريادة السلطة القضائية السودانية، الخبرة والممارسة، ورسوخ التجربة تعطي السودان دوراً محورياً متعاظماً على نطاقه الاقليمي لأداء واجبه الافريقي بأفضل ما يكون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق