الاثنين، 11 يناير 2016

اليونيسفا في أبيي .. مهزلة عدم الحياد

تقرير:
عبد الله عبد الرحيم-

مضت ستة أعوام وأكثر على انفصال جنوب السودان، ولكن ماتزال القضية المرحلة دون علاج نهائي رغم المباحثات والمجهودات التي بذلتها حكومتا البلدين في أوقات سابقة. ومن أعظم هذه القضايا التي مازالت عقبة وحجر عثرة أمام أي تقدم في العلاقات الثنائية، تلك العقبة المتمثلة في قوات اليونيسفا، رغم أن وجودها بالمنطقة كان لأجل حماية السلام ومجهوداته عقب تفاقم الأوضاع هناك بين أطراف المشكلة (دينكا نوك والمسيرية)، بطريقة دراماتيكية محزنة أزهقت العديد من الأرواح والأنفس، إلا أن اليونيسفا وبحسب متابعين من المنطقة ولصيقين بالملف لم تكن على مسافة واحدة من أطراف القضية. وقال محمد عبدالله ود أبوك القيادي بمنطقة أبيي إن ممارسات القوات الأممية (اليونيسفا) في المنطقة لم تكن بالصورة المرضية لأبناء المسيرية، إذ أنها ظلت تبدو محاباة واضحة وغض طرف عن ممارسات الطرف الآخر في صورة بعيدة كل البعد عن الحياد، وقال إنها بذلك تكيل بمكيالين حيث أنها مازالت تمنع المسيرية من دخول أبيي فيما تعطي هذا الحق للدينكا بصورة مستمرة وطالب ودبوك الحكومة للتدخل لمراقبة الاوضاع على الارض والزام تلك القوات بالتفويض الممنوح لها وإيقاف التجاوزات، فيما وجه ودابوك رسالة شديدة اللهجة لحكومتي البلدين لأهمية دعم جهود أبناء المسيرية ودينكا نوك لتحقيق التعايش السلمي واستمرار تبادل المصالح، وأن الجانبين يعملان لإنفاذ ما فشلت فيه الحكومتين ومع ذلك يقول ودابوك أنهما يواجهان عراقيل من قبلهما لقيام مؤتمرات للتعايش في إطار مصالحهما المشتركة، غير إنه قال كل الابواب مشرعة أمامهم حال الاصرار على منعهم من تحقيق رغبات القبيلتين، مشيراً إلى أن أطراف محلية وإقليمية ودولية لها أجندات تتعارض مع استقرار المنطقة وإعادتها لطبيعتها، الشيء الذي يجعلها تقوم بخلق التوترات والفتن لاستمرار تلك المصالح، مبيناً أن المسيرية سيكون لهم رأي إذا تمسكت الأطراف برفضها لجهود تحقيق السلام.
شماليون وجنوبيون
قال د.السر محمد الاكاديمي والمحلل السياسي إن القوات الاممية الإقليمية (اليونيسفا)، العازلة بين مكونات المنطقة من القبائل والمواطنين في أبيي، جاءت وفقاً لقرارات الامن الافريقي لحفظ مسارات السلم في المنطقة بين مكوناتها من شماليين وجنوبيين، وفقاً للآلية الافريقية التي قضت بهذا الحكم لتجنيب البلدين عملية الانزلاق للحرب بفعل احتكاكات المواطنين من الطرفين، لجهة أن المنطقة حدودية وبها الكثير من الاحتكاك القانوني حول تبعيتها ووصلت قضيتها لمحكمة الفصل الدولي والتي عملت على أن تكون منطقة للتلاحم والتعايش الشعبي بين المكونات الشمالية والجنوبية، أي بين المسيرية ومن معهم من قبائل السودان القاطنين هناك وبين قبيلة دينكا نوك المتجاذب حول جنسيتها شمالية أم جنوبية؟!. وقد شهدت الآونة الأخيرة تصعيدات خطيرة في الملف الشائك الذي يقتضي التوقف عنده والعمل على فك تعقيداته وطلاسمه، بعد أن أعلنت قيادات القبيلتين الرغبة في عقد مؤتمرات للصلح بعيداً عن حكومتي البلدين اللذيْن مازالا لا يحركان ساكناً، فيما كلاهما أي (الطرفين) له ردة فعل عنيفة حيال ذلك وتجاه ما تقوم به بعثة الامم المتحدة «اليونيسفا» القوات الإثيوبية، التي ظلت تتخذ من الإجراءات المعيقة ما جعل قيادات دينكا نوك إعلان تزمرهم حيال تلك التصرفات التي منع بموجبها اختلاط الطرفين أوذهاب كل منهما للطرف الآخر، حيث منعت السكان الشماليين من عبور المنطقة للدخول لبلاد الطرف الآخر. فيما جدد أبناء دينكا نوك بالسودان دعواتهم للحكومة بالتدخل العاجل لإسعاف المواطنين بمنطقة أبيي باعتبارها جزء من الشمال. وحذر عبدالله دينق نيوال من مخططات ظلت تنفذها قوات اليونيسفا التي تتواجد داخل أبيي بمنع المواطين من أبناء دينكا نوك من التواصل مع الشمال وأضاف أن المواطن في أبيي إذا أراد الوصول الى الخرطوم لن يستطيع ذلك إلا بالعودة إلى واو وجوبا ثم منها للسودان في وقت تفصله الحدود فقط من الوصول للخرطوم وهي لا تربأ عن الكيلومترات من أقرب مدينة حدودية كالمجلد أو بابنوسة، وأبدى أعيان قبيلة نوك ترحيبهم -حسب أخبار اليوم- بالسيد أحمد الماحي لرئاسة القطاع خلفاً لـ (محمد بابكر بريمة) الذي تقلد منصب نائب والي كسلا، وقال نحن على استعداد للتعاون مع الادارة الجديدة لتنفيذ وإنجاح كل الخطط لانقاذ أبيي المفتقرة لأبسط الخدمات في التعليم والصحة إضافة لإيلاء قضية الانفلاتات الأمنية الجانب الأكبر من المجهودات عبر تشكيل جهاز تنفيذي لإدارة الخدمات وقوات للشرطة لحفظ الأمن والاستقرار هناك.
استنجاد وملاحقة
استنجد الأستاذ موسى حمدين القيادي المسيري بمنطقة أبيي عبر «الإنتباهة» بالمركز مندداً بدور قوات اليونيسفا السلبي وعملهم اللاأخلاقي بالسماح لقوات الجيش الشعبي استباحة المنطقة وأن أكثر من ثلاثة آلاف جندي يومياً دخلون أبيي في وضح النهار ويخرجون منها ليلاً في حين أنها تمنع المسيرية من التحرك داخل المدينة بحرية تامة، ما جعل المسيرية يلوذون فراراً من المنطقة خوفاً على سلامتهم من تربص الجنوبيين المدججين بالسلاح، وأشار موسى إلى أن قوات اليونيسفا صارت فصيل من فصائل الجيش الشعبي من واقع العلاقات الممتدة بين قياداتها وقوات الجنوب والجيش الشعبي. وطالب حمدين الحكومة عبر وزيري الدفاع والداخلية بضرورة تواجد قواتهما النظامية لحفظ حقوق مواطنيهم وهيبة الدولة، كما أشار للجهود التي تبذلها قيادات القبيلتين لطي ملف الأزمة، ودعا الحكومتين إلى دفع هذه الجهود وألا تقومان بعرقلتها. وحول جهود حكومة جوبا ومساعيها في عرقلة الجهود في المنطقة بالتقرب من قوات اليونيسفا وإفساد مهمتها عبر عدم الحياد، قال الخبير الأمني العميد (م) الأمين الحسن لـ«الإنتباهة» إن المسألة جدلية قانونية بحتة ولكنه أعاب على دولة الجنوب الجنوح لاستهداف الحدود بينه والسودان الذي يقوم بعمليات استطباب للأوضاع السيئة بجوبا ويبذل محاولات جبارة للم شمل فرقاء الدولة الحديثة مشيراً إلى أن هناك من يعمل حتماً داخل حكومة جوبا لتجنيب السودان عن هذه المساعي التي يبذلها بمعية الامم المتحدة والمجتمع الدولي. ويضيف الحسن أن استهدافاً كهذا لا ينبغي أن تسكت عنه الحكومة ولابد من تحريك ملف أبيي الآن لإظهار هذا التربص. ولكن الحسن أشار في زاوية أخرى من حديثه إلى أن قضية أبيي أضحت هاجساً ومأزقاً يدفع ثمنه مواطنو المنطقة الذين صاروا مكتفين بفعل المسكنات المدخلة لمعالجة الأزمة، مشيراً إلى إنه لابد من علاج ناجع لأن القضية حينها ستتفاقم بمرور الزمن وأنه سيأتي يوم لا تنفع فيه (المسكنات والروشتات) التي يفرضها السلم والأمن الافريقي، ولا شبيهة الدولي ولابد من جلوس الطرفين (الخرطوم وجوبا)- بمعزل عن كل المؤثرات الخارجية والقيام بوضع خارطة طريق تنهي الأزمة في المنطقة، بيد إن خيار أهل الشأن والمصلحة من القبيلتين مايزال قائماً. وبحسب من تحدثوا لـ«الإنتباهة»، فإن المصلحة العليا للدولتين هو العمل على تمكين سياسة السلام التي ابتدرتها قيادات المنطقة من الطرفين، ولم يكن فيها أية مجهودات قد تحسب لصالح طرف دون الآخر مؤكداً بأن الذين يطأون على الجمر هم السكان والمواطنين هناك ولا أحد سواهم مستعجلين البلدين بالتحرك السريع لإزالة بوادر الخلاف وطرح ممسكات الوحدة والتعايش السلمي هناك حتى ينخرط المواطنون في مشاريع الانتاج لدفع عجلة اقتصاد البلدين لأنهما الأحوج لهذا الدعم من هذه الفئات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق