الثلاثاء، 19 يناير 2016

ما مدى جدّية جوبا حيال طرد الحركات السودانية المسلحة؟

قال وزير الخارجية الجنوب سوداني (برنابا بنجامين) لدى زيارته العاصمة السودانية الخرطوم مؤخراً ان حكومته أخطرت قيادات الحركات السودانية المسلحة المقيمة بدولة جنوب السودان بالخروج من أرضيها, باعتبارات أن الأولوية -بحسب الوزير الجنوبي- للسلام.
البروفسير إبراهيم غندور –وزير الخارجية السوداني من جانبه قال فى حوار صحفى أجرى معه عقب الزيارة, إن الحكومة الجنوبية -بالفعل- رفعت رسمياً هذا الأمر عبر سفارتها بالخرطوم إلى الحكومة السودانية وأن الحكومة السودانية ردّت على الأمر الجنوبى بأن ذلك يجب أن يتم فعلياً وأن تجرى عمليات تجريد من السلاح .
ويشير البروفيسر غندور إلى أنه يعتقد بأن النية والإرادة لدى الحكومة الجنوبية موجودة ولكنه يستدرك ان هنالك من يعمل على عرقلة تحسّن العلاقه بين البلدين! ولا شك أن هذا الملف الأمني الشائك بين السودان وجنوب السودان واحد من أخطر وأعقد الملفات العالقة بين البلدين, ليس فقط لأنه الذى يحول دون بسط الاستقرار فى الدولتين,لكنه  يتسبب فى عدة تعقيدات أخرى أكثر خطورة وسوءاً:
أولاً، وجود الحركات المسلحة السودانية فى دولة جنوب السودان يستحيل معه تحسّن العلاقات بين البلدين بحال من الأحوال, مهما بذلت من جهود. ثانياً، الأخطر من تعكير صفو العلاقات بين البلدين -بسبب إستضافة جوبا لحملة السلاح  السودانيين- أن هؤلاء المسلحين تحولوا الى مرتزقة, على استعداد لخوض أي حرب فى المنطقة مقابل المال والسلاح. حدث ذلك فى افريقيا الوسطى, وفى تشاد, وفى ليبيا, ومجمل هذا الوضع أن جوبا بهذا الصنيع تعمل على خلق بؤرة أمنية سالبة تهدد أمن الاقليم والأمن والسلم الدوليين فى ذات الوقت.
ثالثاً، من المستحيل تماماً فى ظل استضافة جوبا لهذه الحركات السودانية المسلحة أن تنعم جوبا نفسها بالأمن والاستقرار لأن وجود هذه الحركات خلّف ضغائناً وثأرات داخل نفوس العديد من القبائل الجنوبية التي خاضت هذه الحركات حروباً ضدها فى إطار الصراع الجنوبي. ومع ذلك, فإن مجرد تفكير جوبا -بصوت مسموع- وإخطار السودان رسمياً عن طريق القنوات الدبلوماسية أنها عازمة التخلّص من هؤلاء المسلحين وطردهم من أراضيها تبقى خطوة إيجابية فى حدّ ذاتها وإن إحتاجت لخطوات عملية جادة, وبالطبع ليست مجرد عبارة دبلوماسية ناعمة أن يقول وزير الخارجية السوداني بروفسير غندور إنه يعتقد أن لدى جوبا النية والرغبة والإرادة السياسية لإنفاذ هذا الأمر.
من المؤكد أن للحكومة السودانية ما يحملها على الإعتقاد -ولو بنسبة ما- أن جوبا لم تعد قادرة الى احتمال استضافة الحركات السودانية المسلحة طالما أنها -هي نفسها- دخلت فعلياً فى مشروع سلام لا مناص منه!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق