السبت، 7 نوفمبر 2015

نجاح سوداني باهر في باريس!

بكفاءة ومثابرة لا تخلو من مهارة وصبر أدارت الحكومة السودانية طوال السنوات الماضية الملف الخاص بقضايا مكافحة غسيل الأموال والإرهاب وهو ملف بلا أدنى شك لا يخلو من صعوبات وتعقيدات في ظل عالم اليوم الذي تحكمه قواعد مستحدثة وتلعب فيه مصالح الدول الكبرى دوراً محورياً وأساسياً في مناحي العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية.
فقد قررت مجموعة العمل المالي الدولي المعروفة اختصاراً بـ(فاتف) -الجمعة 23اكتوبر 2015م- بالعاصمة الفرنسية أن السودان (استوفى جميع مطلوبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وفقاً للمعاير الدولية). القرار جاء عقب مدارسات ومتابعات مطولة قامت بها المجموعة الدولية المسئولة عن الملف ومقرها باريس، راجعت خلالها جميع الإجراءات والقوانين التي يتبعها السودان لاستيفاء هذه المطلوبات. وكما هو معروف فإن قضية غسيل الأموال وتمويل الإرهاب من القضايا الحيوية ذات الطابع الدولي التي شغلت الرأي العام الدولي في السنوات الأخيرة نظراً لما باتت تسببه هذه القضايا من تعقيدات أمنية وخلق لبؤر إرهابية ظلت وما تزال تشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين.
وكما هو معروف أيضاً إن السودان ومنذ أن دخلت هذه القضية حيز التطبيق اتخذ عدة إجراءات للحيلولة دو اتساع نطاق عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب ولعل أهم إجراء اتخذه السودان في هذا الصدد –من بين إجراءات أخرى عددية ومهمة– إصداره لتشريع فيدرالي بالغ الأهمية في العام الماضي 2014  هو (قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب) لسنة 2014م.
وهو القانون الذي تم فيه -بنصوص واضحة وقاطعة- تجريم أي فعل يرتبط بعمليات غسل الأموال وتمويل أنشطة الإرهاب المختلفة بأي صورة من الصور وتصل فيه العقوبة إلى السجن المؤكد لمن يدان.
وبالطبع لم يكن تشريع هذا القانون بحد ذاته كافياً ولكن الحكومة السودانية مضت أكثر حين بدأت فعلياً في ملاحقة أي أموال مشبوهة لمجموعات أو لأشخاص وتم فتح العديد من البلاغات في هذا الصدد وأحيلت إلى المحاكمة. مجموعة العمل المالي من جانبها تتابعت عن كثب الإجراءات التي يقوم لها السودان وظلت تتابع سوءاً عبر التقارير الدورية أو من خلال المتابعة الإعلامية العالمية إن السودان لا يسمح قط بمثل هذه النشطة ولهذا قررت- بإطمئنان تام- استيفاء هذا البلد للمطلوبات المقررة دولياً، وعلى ذلك فإن النتائج الايجابية والعملية لهذا التطور الكبير تتمثل في:
أولاً، تسهل القرار لعمليات تحويل الأموال من الداخل إلى الخارج وبالعكس، بعد أن كانت في السابق تعاني من تعقيدات قبل صدور القرار الأخير، ومن المعروف أن انسياب عمليات التحويلات ينعش عمليات الصادر والوارد، ويمنح المصارف السودانية ثقة ضرورية ومهمة على النطاق الدولي.
ثانياً، القرار يفيد فائدة مباشرة ومؤثرة في احتمال رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وفق وجهة النظر الأمريكية إذ على الرغم من أن القرار غير ملزم قانوناً للولايات المتحدة التي تضع اسم السودان منذ سنوات على قائمة الدول الراعية للإرهاب، إلا انه يمثل (حجة قانونية كبيرة) لإثبات بطلان وضع السودان على هذه اللائحة.
ثالثاً، القرار يتيح للسودان على النطاق الدولي تحسين قدر كبير من سمعتها الاقتصادية والسياسية والتي تلطخت -على نحو دعائي ظالم- لأسباب سياسية تخص سياسيات ومصالح بعض القوى الدولية الكبرى. وعلى كلٍ فإن هذا النجاح الكبير للسودان بعد مثابرته وجهوده الحثيثة يمكن اعتباره تاجاً للفخار على رأسه ودليل دامغ على أن هذا البلد قادر على أن ينهض وأن يقوى ويصل إلى أهدافه المشروعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق