الاثنين، 2 نوفمبر 2015

الجيش السوداني خارج الحدود.. ضرورات وسوابق إستراتيجية

يشارك الجيش السوداني في هذه الأثناء بوحدات قتالية برية منه في تعزيز أمن واستقرار مدينة عدن اليمنية إلى جانب القوات الموالية للحكومة الشرعية في دولة اليمن.
مشاركة الجيش السوداني في النزاع الدائر في اليمن بطبيعة الحال لم تكن وليدة هذه اللحظة وبالطبع لم تبدأ بوصول طلائع القوات البرية السودانية مؤخراً إلى هناك، إذ المعروف أن الجيش السوداني و منذ أكثر من 7 أشهر يشارك في العمليات القتالية الجوية لقوات التحالف في العمليات المعروفة بعاصفة الحزم التي تعمل على الحد من أنشطة مجموعات الحوثيين والمتحالفين معهم الساعين إلى نسف استقر اليمن. بل حتى إن مشاركة الجيش السوداني في عمليات قتالية خارج أرضه هي نفسها ليست بدعة ولا هي قضية تستوقف أي مراقب وذلك لعدة اعتبارات إستراتيجية بالغة الأهمية نفصلها فيما يلي على الوجه الآتي:
أولاً، مشاركة الجيش السوداني في العمليات القتالية في اليمن تأتي ضمن إطار (عمل عربي مشترك) وفي سياق التزامات السودان الإقليمية وعلاقاته الطبيعية مع أشقائه العرب، وهي بهذه المنظور بمثابة دفاع مشترك لصالح الأمن القومي العربي.
ثانياً، المشاركة تعززها سوابق مماثلة جرت في السنوات الماضية في بلدان عربية مختلفة ولأسباب ودوافع مختلفة:
1-    حرب أكتوبر 1973م، وهي الحرب التي جرت ضد إسرائيل جراء احتلالها غير المشروع لأراضي عربية في حزب حزيران 1967م، ومن المعروف هنا، أن كل الدول العربية -كل حسب قدراته- شارك في حرب 1973 سواء عبر قوات عسكرية في ميادين القاتل، أو حتى عبر حرب البترول الشهيرة التي أثارت الذعر في نفوس الدول الغربية والأوربية.
2-    الحرب اللبنانية 1976 – 1978م، أو ما عُرف وقتها بقوة الردع العربية حيث شارك السودان في تلك القوات بقرار من الجامعة العربية وضمن أطار العمل العربي المشترك.
3-    في الكويت 1961 – 1963م حيث تم نشر ما عرف بمجاميع القوة العربية حينما هدد وقتها الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم بغزو الكويت وفوق كل ذلك فقد شارك الجيش السوداني في الحربين العالميتين كما هو معروف وحرب المكسيك وحرب القرم وغيرها.
ثالثاً، من الناحية الإستراتيجية المحضة، فإن أحداً لا يمكنه أن يتجاهل مطلقاً التهديد الجدي للحوثيين (ومن يقفون وراءهم) للأمن القومي للمنطقة عموماً ومنطقة البحر الأحمر على وجه الخصوص. ولهذا فإن اختيار السودان -بقرار استراتيجي- المشاركة في دفع هذا التهديد الأمني للمنطقة، هو أمر استراتيجي طبيعي، إذ أن القانون الدولي يمنح السودان حقه المطلق في التعامل مع مثل هذه المهددات الأمنية الخطيرة وفق مبدأ (الدفاع الشرعي) المقرر في القانون الدولي.
ولهذا فإن وجود قوات سودانية على ارض اليمن، هو في المحصلة النهائية وجود في ميدان معركة تمس صميم الأمن القومي السوداني.
رابعاً، سوابق دول المنطقة نفسها سواء في اليمن أو في غيره فيها دلالة على أن الجيوش في العادة لا تعمل فقط ضمن إطار حدودها وأرضها، ففي أحيان كثيرة فإن مقتضيات الأمن القومي لأي بلد قد تفرض عليه القتال خارج حدوده بآلاف الأميال تحسباً من أن يتأثر أمنه القومي بطريقة أو أخرى، ومع أننا لسنا هنا بصدد إيراد أمثلة -على كثرتها- فإن المبدأ الراسخ حالياً لدى القوات الأمريكية، أن تقاتل بإستمرار بعيداً عن حدودها حماية لحدود وحماية مصالحها، فما بالك ببلد كالسودان تربطه علاقة مصيرية قوية للغاية بالمملكة العربية السعودية والتي تمثل للدول العربية والإسلامية موطناً رئيساً ورمزية لمقدسات المسلمين، تتعرض لتهديدات جدية على حدودها مع اليمن، وبطبيعة الحال إذا ما تعرضت المملكة العربية السعودية لأيّ أذى فإن من المفروغ منه إن دول المنطقة -والسودان في مقدمتهم- يكون الأوان بالنسبة لهم قد فات تماماً للدفاع عن أنفسهم!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق