الأحد، 15 نوفمبر 2015

الاتفاقيات السودانية السعودية الاقتصادية الأربع.. الواقع يتحدث!

التطور الاستراتيجي النوعي الذي بلغته مؤخراً العلاقات السودانية السعودية والذي جرى تتويجه قبل أيام بالتوقيع على 4 اتفاقيات اقتصادية وتنموية وخدمية ذات أبعاد تاريخية وإستراتيجية، وهو في واقع الأمر بمثابة تطوير حقيقي وجاد للعلاقات العربية العربية. ويمكن اعتباره نقلة نموذجية للعلاقات بين الدول العربية وتمتين لأواصر التعاون فيما بينها لصالح العمل العربي المشترك.
وبحسب متابعات (سودان سفاري) من العاصمة السعودية الرياض فإن الاتفاقيات الأربعة الموقعة تأتي في مقدمتها:
1- إتفاق إطاري لتمويل سدود (كجبار) و (الشريك) و (دال) وهي مشروعات مائية وزراعية تنموية مهمة للغاية بمناطق شمال السودان إذ يتوقع أن يرتفع توليد الطاقة الكهربائية بموجب هذا الاتفاق الإطاري إلى 8000 ميقاواط بحلول العام 2030م. وبما يغطي احتياجات حوالي 84% من سكان جمهورية السودان، الأمر الذي يعتبر بمثابة تطور نوعي ملحوظ في شأن خدمات الكهرباء، كما أن من المؤمل أن تفيد هذه السدود في ريّ الأراضي الواقعة فيما يعرف بـ(الحوض الرسوبي) باعتبارها من الأراضي الخصبة المهمة الصالحة لزراعة القمح.
2- اتفاقية زراعية ضخمة تهدف لزراعة (مليون فدان) المنتظر أن يوفرها سد نهر عطبرة وستيت وذلك عبر تولي شركتين، سعودية وسودانية عملية إدارة هذه المشروع لإنتاج وتسويق منتجات زراعية مهمة تحقق الأمن الغذائي العربي، ولا شك أن قضية الأمن الغذائي العربي واحدة من أهم القضايا الإستراتيجية العربية التي تجد اهتماماً واسع النطاق من قبل دول المنطقة والدول العربية نظراً للإمكانات المهولة المتوفرة في السودان من أراضي خصبة مسطحة ومياه ومناخ مواتي.
3- اتفاقية بشأن السقيا وإزالة العطش ومكافحة الفقر وهي كما هو واضح تستهدف تنمية العديد من المناطق في السودان التي تعاني مشاكل خاصة بالمياه وكيفية توفيرها.
4- اتفاقية للاستثمار الزراعي، بين وزارة الزراعة السودانية ونظيرتها السودانية. ولا شك أن هذه الاتفاقيات إستراتيجية وبعيدة المدى، وفي العادة فإن مثل هذه الاتفاقيات ذات نفع مشترك ليس للبلدين فقط، ولكن للمنطقة بأسرها وللعالم لأنها تتعلق بأمور تتصل بالغذاء والمياه، وفي ظل لهث العالم وراء الماء والغذاء، ولهذا فإن توفر الإرادة السياسية لدى السودان وشقيقته المملكة العربية السعودية للدخول في مشروعات من هذا النوع يكشف لنا عن عدة أمور:
أولاً، بدا واضحاً أن البلدين يؤسسان لعلاقة طويلة الأمد، ذات أبعاد قوية تتجاوز مقتضيات السياسة وتقلباتها إلى مضمار التعاون المشترك الرحب وفي ذلك دلالة واضحة على فهم عميق لكل بلد لضرورات مثل هذا التعاون كما تضمن الاتفاق إدراكاً بحتمية التكامل ما بين الدول العربية، حيث يقدم كل بلد ما لديه ليتكامل مع ما لدى الآخر. السودان لديه المياه والخبرة، والمملكة العربية لديها المال والتمويل.
ثانياً، إن تمتين العلاقات الحقيقية بين دول المنطقة وفضلاً عن العلاقات السياسية والأخوية إنما تعززه الرغبة الأكيدة المشتركة فيما بينهما لخلق واقع اقتصادي حقيقي ومؤثر، فقد رأينا على مستوى العالم السوق الأوروبية المشركة في سبعينات وثمانيات القرن الماضي والتي تطورت مؤخراً إلى الاتحاد الأوربي. والخرطوم والرياض يؤسسان الآن لنموذج أقوى مماثل.
ثالثاً، من الممكن حال نجاح هذه الاتفاقيات وترجمتها على أرض الواقع أن تتطور إلى اتفاقيات أخرى أوسع مجالاً وأكثر فائدة كما من الممكن أن يتسع نطاقها مع كل دول الخليج. وعلى كلٍ فإن أي مراقب موضوعي يتابع تطورات العلاقات السودانية السعودية يمكنه أن يتنبأ دون تردد بأن الخرطوم والرياض يضعان نموذجاً لما يجب أن تكون عليه العلاقة العربية العربية، وهذه في حد ذاتها بمثابة كسب سياسياً واقتصادي إستراتيجية يصب في مصلحة المنطقة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق