الأربعاء، 18 أكتوبر 2017

هل يطوي رفع العقوبات ملف الديون؟

تقرير: الطاف حسن الجيلي
اتاح قرار  واشنطن رفع العقوبات المجال لطي ملف الديون الخارجية ، وهو يتطلب من حكومة استغلال الفرصة بما يفضي في صالح إعفاء هذه الديون وهو الأمر الذي بدأت فية الإجهزة المختصة بالفعل قيام بالخطوات ملموسة من خلال مشاركة وفد السودان في الاجتماعات السنوية لمؤسسات بريتون وودز (البنك وصندوق النقد الدوليين) التي تنعقد بواشنطن والتي تستمر حتى مطلع الاسبوع المقبل.
ويعتبر ملف الديون الخارجية من الملفات الاقتصادية الشائكة  لتراكمها منذ سنوات طويلة نسبة للضائقة التي مر بها الاقتصاد الوطني بسبب الحصار الأمريكي، وعلى الرغم من ذلك تقدمت حكومة السودان كثيرا في الايفاء بمتطلبات مبادرة إعفاء الديون للدول الاقل نموءاً (هيبك)، بجانب أن عدد من الدول الدائنة بادرت بتقديم منح جديدة وإعفاء جزء من ديونها لصالح السودان تزامنا مع قرار رفع العقوبات.
ويوضح الفريق محمد عثمان الركابي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي أن وفد السودان سيناقش على هامش الاجتماعات مع مسئولي الصندوق  والبنك الدولي والدول الداعمة والدول الدائنة للسودان معالجة الديون الخارجية، فضلا عن أن الاجتماعات تكتسب أهميتها بالنسبة للسودان لانعقادها بعد عقب رفع الحظر العقوبات الاقتصادية مباشرة، مؤكداً أن أجندة السودان في الاجتماعات تتضمن لقاءات مع المديريين الاقليميين بالمؤسسات الذين يقع السودان تحت دائرتهم لمناقشة مستقبل علاقاته وآفاق تطويرها عقب رفع العقوبات.
ومن المتوقع ان تعود هذه الإجتماعات بالفائدة العظمى لمعالجة ديون السودان الخارجية، إذ تعتبر تلك الخطوة الاولى وفاتحة لإعفاء الديون أو بداية لطئ الملف نهائيا خلال فترة وجيزة، خاصة وأن وزير المالية سيبحث مع نظرائه من الاعضاء للتفاكر حول دورهم في اعفاء الديون وتقديم المساعدات والعون الفني وبناء القدرات وتمويل التنمية في السودان.
ويقول دكتور أحمد دولة الخبير المصرفي أن السودان قارب مرحلة معالجة الديون سواء كان على مستوي الحظر الأمريكي الذي يعتبر عامل رئيس في تراكم الديون، أو من ناحية استيفائه لشروط ومتطلبات (هيبك)، التي تتيح للدول الاعضاء المقرضة إعفاء أو جدولة ديونها للمقرضين، ويضيف في حديثه أن عدد من الدول الدائنة لديها الرغبة في معالجة الأمر سواء كان بالاعفاء أو الجدولة الميسرة بعد أن أزاح قرار رفع الحظر هاجس التوجس من التعامل المصرفي مع السودان ، مستشهدا بتجربة الصين الأخيرة التي سبقت قرار رفع العقوبات والتي كانت ابرز ملامحها اعفاء جزء من ديونها لصالح السودان.
ويقول عبد الله هجو الخبير الاقتصادي أن عدم تلقي حكومة السودان لقروض ميسرة وتسهيلات خلال فترة الحظر أدى إلى تأخر عملية التنمية والإعمار وإلحاق آثار سلبية بالمواطنين، حيث ظلت الحكومة تصرف على التنمية من خلال القروض غير الميسرة ذات العمولات الأعلى، والصكوك والمرابحات العالية التي تصل نسبتها إلى 15% فيما كانت تبلغ نسبة الفائدة في القروض الميسرة (1%) فقط، ولكنه توقع أن تقدم عدد من الدول دعماً للسودان في إعفائه من الديون الخارجية خلال اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين التي تجري حالياً بواشنطن.
وبالنظر إلي حجم الديون الخارجية البالغ قدرها حوالي (47) مليار دولار نجد أن الأصل فيها (15) مليار دولار وبقية المبلغ عبارة عن أرباح تتراكم بطريقة مركبة ، والدائنين للسودان البنك الدولى ونادي باريس وهو الوحيد الذي يملك الحق في إعفاء الديون جزئياً أو كلياً، والبنك الإسلامي للتنمية، بالإضافة إلي ديون الدول وصناديق لإقليمية وعربية أخري.
ويبدو أن مساندة الدول والهيئات والمنظمات الدولية للسودان في ملف الديون جاءت بصورة أكثر جدية مما يمكن حكومة السودان من ربح المعركة هذه المرة خاصة وان السودان مصنف من أكثر الدول ديونا تجاوزت سقف الهيبك بحوالي (200)% مما يمكنه من منح بطاقة استيفاء الشروط الفنية الخاصة بالمعالجة على المستوى الدولي، إذ تبع قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان خطوات عملية قامت بها الادارة الامريكية لصالح حكومة السودان تتعلق بانسياب التحويلات المالية على المستوي الخارجي دون قيود، الامر الذى أعتبره خبراء الاقتصاد بداية الانفراج الكلي لازمات الاقتصاد الوطني وفي مقدمتها معالجة ملف الديون الخارجية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق