الأربعاء، 18 أكتوبر 2017

جرثومة القبلية تنتقل من”الحركة الأم” إلى قطاع الشمال

باتت الولاءات القبلية أحد أدوات الصراع المستعر داخل الحركة الشعبية قطاع الشمال، الأمر الذي ينبئ بحدوث المزيد من الإنقسامات والخلافات المتوالية في هياكل الحركة سواء بمجموعة عبدالعزيز الحلو، أو مجموعة مالك عقار، وخير مثال لذلك ماحدث مؤخراً من إشتباكات في مناطق الحركة بالنيل الأزرق ومعسكرات اللاجئين بدولة جنوب السودان.
ويرى مراقبون أن العنف القبلي أصبح طابعاً يهدد وجود الحركة الشعبية لوجودها، معتبرين إن مصير الحركة أصبح شبيها بخلافات الجيش الشعبي بدولة جنوب السودان والذي بات عبارة عن مجموعات قبلية كل تريد السيطرة على مقاليد السلطة والحكم، مؤكدين أن قيادات الشعبية أصبحت تفتقد للمؤسسية وتعتمد على القوة القبلية كبديل تستقوى به على المخالفين لسياساتها.
ومؤخراً إتهمت قيادات بارزة بجبال النوبة المتمرد عبدالعزيز آدم الحلو بالسعي إلى تقسيم النوبة قبلياً، وقالت أن مناطق جبال النوبة الآن تواجه ظروف صعبة وخطيرة، الأمر سيضر بمستقبل المنطقة.
وذكر القيادي بالمنطقة كوكو كومي تركاش، إن الحلو أصبح يتحالف مع ثلاث قبائل ويقوم بتهميش بقية النوبة على أساس الولاء لشخصه، وأضاف أن الحلو قام بتقسيم الحركة بالنيل الأزرق، كما قام خلال مؤتمره الإستثنائي بتمثيل مكاتب الخارج ب20 مندوب إختارهم عبر اتباعه بجانب تمثيل 122 مندوب لجبال النوبة بوصفهم قبائل موالية له، مشيراً إلى ان الحلو فقد الإتجاه واضر بالنوبة قبل الآخرين وعمل على استبعاد المتعلمين والمثقفين من جبال النوبة.
وكشف كوكو عن تسليم الحلو لجان المؤتمر لتلك القبائل الثلاث وهمش قيادات قديمة وكبيرة في الجيش الشعبي وإعتقل عدد من الضباط ، مبيناً أنه يأخذ قيادات النوبة إلى هاوية طموحاته في السيطرة على الآخرين بتقسيمهم قبلياً.
ويشير كوكو إلى أن الحلو لم يكتف بتقسيم الحركة قبلياً، بل أصدر أوامر بطرد عدد من كوادر الحركة الشعبية من غير أبناء النوبة من المنطقة إلى دولة جنوب السودان.
وقال إن الحلو أمر بطرد القيادي آدم كرشوم نائب الرئيس السابق لولاية جنوب كردفان، والنقيب إبراهيم خاطر الأستاذ بمعهد التدريب الأساسي، وهما من أبناء المسيرية، والمحامي بدرالدين موسى والذي قام بطرده ومنعه من أخذ ممتلكاته بما فيها ملابسه وهاتفه الشخصي وهو من أبناء الزغاوة ، والدكتور أحمد يعقوب الأستاذ بمعهد التدريب السياسي المختص في المعامل والمختبرات الطبية وهو من أبناء التاما.
وكشف كومي عن أسباب فشل عقد المؤتمر الإستثنائى للحركة في 6 أكتوبر ، مبيناً أن الحلو حاول تمرير مخطط لعقد مؤتمر جبال النوبة الأمر الذي تصدى له عدد كبير من المؤتمرين بما فيهم قدامى الضباط، وأشار إلى تهديد الحلو لكبار ضباط الحركة بفضحهم امام المدعويين للمؤتمر حال تمسكهم برفض مؤتمر جبال النوبة.
ويبدو أن القبلية أصبحت أساس لولاء قيادات الحركة الشعبية قطاع الشمال، ففي الجانب الآخر إشتعلت مواجهات قبلية جديدة داخل مجموعة المتمرد مالك عقار خلال الفترة الماضية بمواقع الحركة بالنيل الأزرق عقب اتهام أبناء القبائل، رئيس الحركة مالك عقار ومجموعته بتصفية قائد عسكري بارز.
كما اتهمت قيادات بالحركة الشعبية بالنيل الأزرق يترأسها سيلا موسي كنجي بإنفراد عقار بقيادة الحركة الشعبية والجيش الشعبي دون الرجوع الى المؤسسات التنظيمية، والسعي إلى شق الحركة بالتركيز على اثنية (القبلية) الواحدة”.
وذكرت أن عقار قام بتكوين حكومة طوارئ برئاسة ابن أخته احمد العمدة بادى الوريث والمنفذ للوصايا والمخططات الاثنية واتهمت العمدة بإصدار أمر باعتقال بعض أعضاء مجلس التحرير والإدارة الأهلية وتمت مواجهته برفض شعبي بالاقليم.
وقالت أن العمدة هو من قام بتنفيذ الهجوم الشنيع على معسكر دورو للاجئين بقصد القضاء علي اثنيات النيل الازرق دون قبيلته .وأوضحت في بيان أن ذات المجموعة قامت بمهاجمة بعض المواقع للجيش الشعبي بالنيل الازرق.
وأعلنت القيادات عن أقالة مالك عقار من منصبه كرئيس للحركة الشعبية، واحمد العمدة بادى من قيادة الجبهة الثانية مشاة  بالاقليم النيل الازرق، وتعيين اللواء جوزيف توكا علي قائدا للجيش وحاكم لإقليم النيل الازرق المكلف، كما قامت بتعيين سيلا موسي كنجي سكرتيرا عاما بالاقليم المكلف.
فيما إتهمت مجموعة عقار مجموعة جوزيف تكا بتنفيذ إنقلاب سياسي وعسكري على تراث ورؤية الحركة، ومهاجمتها حاميات عسكرية في مناطق سيطرتها بتحريض جزء من الجيش الشعبي على أساس قبلي، وأكد بيان صادر من مكتب عقار حينها، أن بعض أعضاء الحركة بدأوا في تحريض قبائل بعينها ضد قبائل آخرى في معسكرات اللأجئين، وزاد (لم يتوقف الأمر عند ذلك بل أمتد إلى الإعتداء المسلح على الرعاة من قبائل بعينها داخل مناطق الحركة، والعمل على تحريض الجيش الشعبي)، وطبقاً للبيان فإن المجموعة المتهمة هم بعض أعضاء الحركة الذين أيدوا من قبل قرارات مجلس التحرير في جبال النوبة .
ومما سبق يؤكد مراقبون أن الصراع داخل الحركة الشعبية قطاع الشمال أصبح واضحا وأن عوامله أيضا لم تخرج عن الدعوات للقبلية سواء كان ذلك في مجموعة الحلو أو عقار، وهذه التطورات أصبحت شبيهة بالتطورات التي تحدث في الحركة الشعبية في دولة جنوب السودان، وهذا مايدل على أن الشعبية عندما تكونت بنيت على أساس قبلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق