الثلاثاء، 14 يوليو 2015

المخابرات الامريكية والمنظمات الطوعية.. إنتهى الدرس ولم تنتهِ اللعبة!

الاكتشاف المتأخر للاستخبارات العسكرية الباكستانية بأن منظمة "أنقذوا الطفولة" ما هي فى الواقع سوى (واجهة استخبارية) لوكالة المخابرات الامريكية (CIA) وأن المنظمة انجزت عدة مهام استخبارية في هذا الصدد؛ هذا الاكتشاف يعيد الى الأذهان الكيفية التى على أساسها أدار المجتمع الدولي نظرته الى الاوضاع في السودان بوجه عام وفى اقليم دارفور على وجه الخصوص طوال السنوات العشر الماضيات. إذ أن السودان في المرحلة المنصرمة عانى ما عاني من عنت وظلم و تجنّي من قبل المجتمع الدولي تارة بإسم حقوق الانسان وتارة باسم العدالة الجنائية الدولية وحيناً تحت تسمية حماية المدنيين فى دارفور.
ولا شك ان عشرات المنظمات غير الحكومية بما في ذلك منظمة انقذوا الاطفال عملت وبعضها ما يزال يعمل في السودان منذ اكثر من عشرة أعوام على الأقل فإذا كانت مثل هذه المنظمات غير الحكومية تعمل -سراً- وبميزانية سرية ضخمة لأهداف تخص وكالات المخابرات الأجنبية فإن هذا الوضع يثير تساؤلات حول مشروعية التقارير والقرارات التي تم بناؤها على هذه التقارير ذلك ان منظمة انقذوا الاطفال التي عملت في باكستان على سبيل المثال استخدمت طبيباً باكستانياً شهيراً للعمل لصالح وكالة المخابرات الامريكية بغرض الكشف عن مقر وجود اسامة بن لادن، ومن ثم  التخطيط لتصفيته، فإذا كان الامر كذلك في أمر خطير ومصيري كهذا فياترى ما هي الجهات ومن هم الافراد الذين عملوا فى منظمات غير حكومية عملت في السودان وتم تكليفهم بتلفيق أدلة وتقارير على وجود إبادة جماعية أو اغتصاب؟
ولماذا لا يكون مدعي عام محكمة الجنايات الدولية (لويس أوكامبو) الارجنتيني الجنسية والذي لا يعرف كيف تم تصعيده ليترشح لهذا المنصب القضائي الدولي المرموق لتولى ملاحقة الرؤساء الافارقة وهم في السلطة إمعاناً فى إذلالهم وإضعاف مواقفهم امام شعوبهم؟
الطبيب الباكستاني الذي يدعى (شكليل افريدي) تم تكليفه بالقيام بحملة تلقيح وهمية ضد مرض شلل الاطفال في مدينة (أبيت أبادكي) الباكستانية بحيث تتاح له -وهو بهذه الصفة- فرصة دخول مقر إقامة بن لادن دون ان يثير ذلك اية شكوك. الرجل قام بالمهمة خير قيام واستطاع بالفعل كشف الحمض النووي لأطفال بن لادن وتقاضى مقابل ذلك (1.3 مليون دولار) ولم يكن بمقدور أحد معرفة ذلك إلا بعد ان اخضع لاستجواب من قبل المخابرات الباكستانية وأعترف لها بتفاصيل القصة.
فإذا كانت وكالة المخابرات المركزية الامريكية لم تتوانى في استخدام شخص يعمل في مهمة انسانية نبيلة وهي الطب لتحقيق اهدافها، فما الذي يحول بينها بين استخدام رجل قانون له تاريخ مهني متأرجح ومثقل بعلامات الاستفهام مثل اوكامبو للقيام بمهمة قريبة أو أشد سوءاً من مهمة الطبيب الباكستاني؟
القاسم المشترك الاعظم فى الحالتين ان الولايات المتحدة تعمل لمصالحها والخاصة ولخدمة قضاياها الاستراتيجية وليس أدل على ذلك من الهجوم المثير للاستغراب الذي شنته مؤخراً مندوبة الولايات المتحدة الدائمة في مجلس الأمن (سامانتا باور) على السودان لمجرد ان الاخير طالب بدراسة استراتيجية خروج اليوناميد من دارفور!
من المؤكد ان بقاء اليوناميد في دارفور يخدم مصالح امريكية خاصة تماماً، كما ان ملاحقة الرئيس البشير -بسبب دارفور أيضاً- يخدم مصالحاً أمريكية خاصة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق