الثلاثاء، 28 يوليو 2015

أمريكا تدين قطاع الشمال بجرائم حرب ضد الإنسانية «1»

 وقيع الله حمودة شطة
في حالة نادرة وتطور جديد أدانت الإدارة الأمريكية قطاع الشمال ببيان رسمي صدر عن سفارتها في الخرطوم، جاء فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية قلقة من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وضد المدنيين ارتكبها قطاع الشمال ضد أهالي ولاية جنوب كردفان في منطقة تلودي، وأعتقد أن هذه الإدانة الواضحة خطوة يمكن أن توصف بالجديدة والنادرة في منظور العقلية الأمريكية التي ظلت تغض الطرف عن الأعمال الإرهابية والوحشية والإجرامية التي ظل قطاع الشمال بالحركة الشعبية يرتكبها ضد المدنيين العزل في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ انفصال جنوب السودان وظهور ما سمى قطاع الشمال، الذي زعزع الأوضاع الأمنية والإنسانية والتنموية في تلك المناطق المذكورة.
 إن الإدارة الأمريكية ممثلة في سفارتها في الخرطوم وجدت نفسها أمام تقارير وشواهد عملية دامغة تؤكد بوضوح وجلاء تورط قطاع الشمال في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والمدنيين العزل، وهم يمارسون أعمالهم في مناطق نائية بعيدة عن أية قوة عسكرية أو شرطية، ورغم ذلك هاجمت قوات قطاع الشمال هؤلاء العمال والمعدنين الأهليين في محلية «قدير» ومنطقة «تلودي» في الصباح الباكر وقتلت ما لا يقل عن «43» مواطناً مدنياً معظمهم كانوا في المسجد، وجرحت أكثر من مائة شخص منهم أطفال ونساء وشيوخ كبار، وقد شاهد العالم بأسره الصور والفظائع على جثث القتلى والتشوهات والحرق على صور الجرحى وبعض الناجين من هذه المجزرة البشعة التي ارتكبتها قوات قطاع الشمال ضد المدنيين في مناطق التعدين الأهلي للذهب في جنوب كردفان.
إن أمريكا التي ظلت تقدم الدعم المادي والمعنوي واللوجستي لقطاع الشمال، وهو منظمة عسكرية إرهابية تدير حرباً بالوكالة لصالح دولة جنوب السودان المنفصلة بإرادة الجنوبيين أنفسهم، عليها أن تفيق من ازدواجيتها هذه وتخبطها في حكمها على الأشياء، ونأمل أن تفيق وتضع مليشيا قطاع الشمال في عداد المنظمات الإرهابية الدولية، وإلاّ فلا ينبغي للإدارة الأمريكية أن تتشدق زوراً بحماية حقوق الإنسان وحماية حقوق المدنيين، وهي تحتضن داخل أراضيها أكبر المؤسسات الدولية التي قامت لأجل حماية حقوق الإنسان وحفظ الأمن والسلام في العالم!! فكيف لأمريكا من حيث المبدأ الأخلاقي، وهي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة وحقوق الإنسان ودولة كبرى مرجو منها أن تلعب دوراً إيجابياً في رتق النسيج الإقليمي والدولي تركب مراكب الهوى والطيش، وهي تتستر على جرائم قطاع الشمال ضد الإنسانية منذ فترة طويلة؟!
أن تأتي أمريكا اليوم متأخرة وتسجل إدانة رسمية في وجه قطاع الشمال، فإننا نأمل أن تحدث تحولاً جديداً في سياسة أمريكا تجاه السودان في ما يتصل بقضيتي دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وندعوها إلى أن تنزع النظارة السوداء وهي تحدق في ملف السودان حتى تحكم حكم العاقلين بعيداً عن الهوى والطيش والعجلة وازدواجية المواقف التي ظلت سمة دنيئة تسير عليها الإدارات الأمريكية المتعاقبة في سياساتها الخارجية نحو دول كثيرة ذات سيادة في إفريقيا وآسيا وأمريكيا الجنوبية!! وهنا أولى أن نتوجه بهذا الخطاب العقلي نحو العقلاء في أمريكا من إعلاميين وصحافيين وأكاديميين ومنظمات حقوق إنسان وقانونيين وحقوقيين ومستقلين وساسة منصفين وعامة المواطنين الأمريكيين المؤمنين بحق العيش الكريم لكل شعوب العالم، أن يأخذوا بيد الحمقى من صناع القرار داخل البيت الأبيض ومجلس الشيوخ والكونغرس نحو سياسة خارجية متزنة تحترم حقوق الإنسان احتراماً فعلياً وليس تنظيرياً، وفي ذلك سلامة لأمريكا نفسها أولاً، والسلامة للشعوب الأخرى ثانياً.
 إن على أمريكا أن تدرك بحق أن أي حديث عن الحرب على «داعش» و «جبهة النصرة» وأي مكوّن آخر تراه أمريكا أنه يمثل إرهاباً دولياً، يبقى حديثاً غير ذي قيمة لا يحقق تحريضاً عاماً للرأي العالمي، طالما أمريكا نفسها تدعم وترعى وترسخ أقدام هذه الحركات الإرهابية، ومنها قطاع الشمال الذي ظل يقتل المدنيين باستمرار في جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ وقت بعيد تحت سمع وبصر وضوء أخضر مباشر أو غير مباشر من أمريكا نفسها!! إن هذه النزاعات الإقليمية سوف تحمل ردات فعلها وتفاعلاتها تهديد الأمن والسلام داخل الأرض الأمريكية طالما عوامل الغبن والغضب تتولد هنا بسرعة داخل أبناء هذه الشعوب، وهذه حقيقة ينبغي على عقلاء الشعب الأمريكي أن يدركوها، ولا يغرنكم التقدم التقني والتكنولوجيا التي لديكم، فإن الله تعالى قد قال في القرآن «إن الإنسان على نفسه بصيراً».. أي إنسان.. في أي مكان من وجه البسيطة.
 نحن أبناء جنوب كردفان والنيل الأزرق الأكثر تضرراً من جرائم قطاع الشمال ضد أهلينا ومناطقنا.. وعليه أنشأنا آلية جديدة أطلقنا عليها «آلية أهل الشأن» وتكون مكتبها التمهيدي، وهنا «أنا» أتحدث رسمياً باسمها، فقد وجدنا دعماً قوياً من الفعاليات كافة من أبناء المنطقتين وهدفنا تكوين تيار عريض رافض للحرب وداعية إلى السلام عبر ضمانات شعبية من القواعد، ولذلك أودعنا مبادرتنا بطرف حكومتي الولايتين.. جنوب كردفان والنيل الأزرق.. وخاطبنا الحكومة والدولة بذلك، ونأمل من إخواننا في أجهزة الإعلام المختلفة أن يسلطوا الأضواء الكاشفة على بنود هذه المبادرة الجديدة حتى نصل إلى هدفنا، وهو أننا وصلنا لقناعة أن سير المفاوضات الجارية بين الحكومة وقطاع الشمال وقد بلغت تسع جولات لم تحقق شيئاً يذكر، بل لم تثبت حتى جدولاً يتضمن نقاط التفاوض، وظل الحال فضفاضاً يقبل كل زيادة ومناورة جديدة، وكل ذلك يتم على حساب أشلاء أبناء المنطقتين، لذلك نرفض وصاية قطاع الشمال على قضايانا، ونرفض تمثيل الحكومة بمفاوضين في الوفد الحكومي لا يعرفون عن قضايا المنطقتين شيئاً، ولا يملكون جرأة ورؤية مستقلة لإيضاح التفاصيل وإبداء المواقف الشجاعة المنسجمة مع أشواق مواطني الولايتين المتضررتين.
 إن من الضرورة الملحة أن تصطحب أية خطوة جديدة للتفاوض بين الحكومة وقطاع الشمال رؤية ومبادرة أهل الشأن في المنطقتين، وهي آلية شقت الآن طريقها بقوة نحو الجماهير هدفها السلام الشامل العادل الذي يحقن الدماء ويحقق الاستقرار والعودة الطوعية لمناطق الإنتاج، والتنمية المستدامة، وحماية المشروعات الوطنية، وصون وحدة السودان، وهنا بالأحرى ندعو أبناء المنطقتين داخل مليشيا قطاع الشمال أن يقدموا مصالح أهليهم على مصالح عرمان وعقار والحلو الذاتية، وقد ملك كل واحد من هذا الثالوث الشرير شركة للطيران وعقارات في يوغندا وڤلل في الولايات المتحدة الأمريكية، وهم ينعمون بسكنى الفنادق الفاخرة، ويستمتعون بالسفر في جولات التفاوض العبثية العجفاء، بينما يستخدمون الأفراد والجنود وصغار الضباط وحتى كبار الضباط من أبناء المنطقتين وقوداً مشتعلاً ضد أهليهم، وهم لا علاقة لهم بالمنطقتين عدا عقار.. على كل حال تظل إدانة أمريكا لقطاع الشمال بارتكاب جرائم ضد المدنيين نقطة فارقة ومهمة ندعو المنظمات الحقوقية العالمية إلى دعمها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق