الأحد، 26 يوليو 2015

تطور مهم ولافت في المجال الاقتصادي بين واشنطن والخرطوم!

أقرت الولايات المتحدة الأمريكية بتمتع السودان بما وصفتها بإمكانات زراعية ضخمة تدعو للتعاون معه في المجالات الفنية والزراعية بين البلدين.
القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم (جيري لاينر) وعقب لقائه مؤخراً بوزير الزارعة السوداني (إبراهيم الدخيري) وبمعيته مسئول الزراعة بالسفارة قال للصحفيين إن بلاده لا تمانع من التعاون مع السودان في المجال التقني المتعلق بالآلات والمعدات الزراعية وتقانات الاستشعار، مشير إلى الروابط الجيدة التي تربط الشعب الأمريكي بشعب السودان ومشيداً بالإمكانات الزراعية الضخمة للسودان.
ولا شك أن هذا التطور ذي الطبيعة الاقتصادية المهمة في مسار علاقات الخرطوم وواشنطن، وإن بدا في خصم العلاقات المتأرجحة بين الدولتين، تطوراً محدوداً نظراً لما هو منتظر من معالجات لهذا الملف الشائك، إلا انه فى الواقع يشير إلى عدة مؤشرات ايجابية يصعب المرور عليها مرور الكرام.
فمن جهة أولى، فإن إيلاء واشنطن اهتماماً ملحوظاً بهذا القدر لما يمكن أن نطلق عليه (الاقتصاد الزراعي) في السودان وحديث القائم بالأعمال الأمريكي عن إمكانات السودان الزراعية الضخمة يؤشر إلى أن واشنطن في واقع الأمر بدأت بالدخول في صميم العلاقات بين الدولتين ليس من باب السياسة ومجالاتها المتواصلة، ولكن من باب الاقتصاد والمصالح الاقتصادية الأكثر فائدة للجانبين بدلاً من مماحكات السياسة وتعرجاتها التي لا تنتهي.
ولعل مما يعزز هذه الفرضية أن واشنطن سبق وأن أقرت رفعاً جزئياً للعقوبات الاقتصادية المفروضة من جانب الولايات المتحدة على الخرطوم وخصّت بهذا الصدد قطاع الاتصالات، إذ أن المهم هنا أن تراجع واشنطن عن العقوبات الاقتصادية وبدلاً من أن يتخذ مساراً تشريعياً وقانونياً ويمر بملف السياسة ربما فضل الولوج مباشرة إلى صميم وجوهر القضية حتى ولو كان ذلك بتدرج وبطء شديدين، إذ أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة كما يقولون.
ومن جهة ثانية فإن السودان نفسه ولا سيما في السنوات الـ5 الماضية، بل لنقُل عقب الانفصال (يوليو 2011) نجح في إعطاء واشنطن صورة مغايرة تماماً لما كان راسخاً في ذهنها، وبدا لواشنطن إن هذا البلد من الممكن التعامل معه في مجالات شتى مفيدة للطرفين، دون الحاجة لمعاداته أو التقليل المتعمد من شأنه ومحاولة احتوائه.
ولا نغالي إن قلنا إن المفارقة بدت لواشنطن واضحة، ففي حين راهنت الدولة الوليدة في جنوب السودان أو أنفقت الوقت والجهد في إقامة دولة الجنوب على أمل أن تتفوق الدولة الوليدة على الدولة الأم؛ فإن الحقيقة الواضحة الآن تكفي لأخذ الدرس والعظة! السودان داوى غالب جراحه النازفة، وأصلح قدراً كبيراً من شئونه وينظر إلى المستقبل بثقة في حين أن دولة الجنوب دخلت لتوها للمضمار المحزن القديم.
ومن جهة ثالثة فإن الخيار الزراعي في مجال الاقتصاد في ظل الأوضاع الاقتصادية الدولية الراهنة يمكن القول انه هو بالفعل خيار المستقبل، وهو البديل الأمثل للتغلب على كافة صعوبات الاقتصاد العالمي، وربما لم تنس واشنطن أن السودان يماثل في هذا الصدد بعضاً من إمكانات موارد الولايات المتحدة وأن عليها ألا تفوّت الفرصة كما فوتتها من قبل بقدر من المكابرة وسوء التقدير في مجال النفط وموارد الطاقة السودانية.
وعلى أية حال فإن مجرد إلتفات واشنطن إلى الاقتصاد الزراعي ولو في نطاق محدود في هذا المنحى فإن في ذلك إشارة واضحة إلى أن واشنطن بدأت تغيّر من اتجاه مساقط الضوء في نظرتها إلى السودان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق