الأربعاء، 29 يوليو 2015

مستقبل الحركات السودانية المسلحة المقيمة بدولة الجنوب!

تبدو الحركات السودانية المسلحة التي تنشط ضد الحكومة السودانية غير عابئة بما يمكن أن تتطور إليه الأمور في المستقبل القريب بدولة جنوب السودان جراء الصراع الدامي الدائر هنا والذي لا يعرف أحد كيف يمكن أن يوضع له حد على المدى القريب.
الحركات السودانية المسلحة التي طاب لها المقام في دولة الجنوب حيث تجد الدعم بشتى أنواعه والتسليح، ومعسكرات التدريب، لا تولي أدنى اهتمام بمآلات الأمور في دولة تتزايد فرص انهيارها الكامل في أية لحظة.
والمؤسف في الأمر أن حركة جبريل إبراهيم وحركة مناوي على وجه الخصوص، أجريتا ترتيبات أدارية مؤخراً بحيث تصبح مقارها على ارض دولة جنوب السودان في ظل الصعوبات الجمة التي تواجهها داخل الأراضي السودانية جراء الضربات والهزائم الموجعة التي ظل تتلقاها من قبل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
إن طبيعة الأوضاع في دولة الجنوب تشكل خطراً ومأزقاً غير مسبوق لهذه الحركات المسلحة التي من المؤكد أنها لم تحسب أية حسابات حين انخرطت في الصراع الجنوبي الجنوبي بل واعتبرته فيما يبدو نزهة لن تدوم لأسابيع قلائل، وهو الآن دخل عامه الثاني.
وبنظرة فاحصة إلى المعطيات الموجودة حالياً فإن بالإمكان رؤية بعض ملامح مستقبل هذه الحركات تبعاً للأوضاع المرشحة للتردي للأسوأ في دولة جنوب السودان: أولاً، من المؤكد إن المجتمع الدولي قد بدأ يفكر جدياً في التدخل في النزاع الجنوبي الجنوبي في ظل تردي الأوضاع الإنسانية على نحو مريع وإرتفاع أعداد القتلى والفارين بما يلقي بظلال سالبة على مجمل الأوضاع في المنطقة.
ومع أن فرص تدخل المجتمع الدولي ما تزال رغم كل الصمت الملاحظ إلا أن سيناريو التدخل وتفاصيله لا تبدو واضحة، ولكن من المفروغ منه أن المجتمع الدولي ربما يدفع بقوات تحت الفصل السابع بالتعاون مع بعض الدول الكبرى للسيطرة على المدن الرئيسية الكبرى وعواصم الولايات على الأقل كمرحلة أولى، وهذا إن حدث فسيكون أسوأ كابوس يجثم على صدر الحركات السودانية المسلحة حيث تزداد فرص تحركاتها صعوبة وتجد نفسها عاجزة عن القيام بأي دور وربما يطلب منها مجلس الأمن الخروج من هنا، لتصبح فيما بعد لقمة سائغة للقوات السودانية وقوت الدعم السريع على وجه الخصوص. هذا السيناريو قائم و يصعب استيعابه.
ثانياً، من الممكن أيضاً -كما قِيل مراراً وتكرراً- أن يتم وضع دولة جنوب السودان تحت الوصاية الدولية، فالنزاع تطاول أمده والبنى التحتية للدولة الجنوبية على وشك الانهيار الكامل، والدولة الجنوبية نفسها دولة وليدة ما تزال في مهدها، كما أن الصراع ما يزال يجتذب مليشيات ولوردات حرب جدد وإذا ما اتخذ الصراع منحى قبلي واسع النطاق -وهو أمر وشيك الحدوث أيضاً- فإن الأمر سيصبح غير محتمل على الإطلاق.
وعلى ذلك فإن وضع دولة الجنوب تحت الوصاية الدولية باعتبارها دولة باتت تفقد في كل لحظة مقومات الدولة أمر قائم أيضاً وهذا إذا حدث، فإن الحركات السودانية المسلحة لن تكون لها أدنى فرص للبقاء هناك.
ثالثاً، على فرض أن الأوضاع عادت إلى السيطرة في دولة جنوب السودان لصالح أي طرف من طرفيّ الصراع رغم استحالة هذا الأمر على المدى القريب فإن أي طرف منتصر لن يحتمل وجود هذه الحركات المسلحة على أرض الدولة الجنوبية لأن الطرف المنتصر في هذه الحالة إذا كان هو الطرف الحكومي فإنه سوف يظل يدفع فاتورة باهظة مستديمة لهذه الحركات وهو ما لا يحتمله وضع دولة الجنوب.
وأما إذا  كان طرفاً من الجانب الآخر فإن من البديهي أن يطارد هذه الحركات خارج حدوده. وهكذا، فإن فرص البقاء والحياة لهذه الحركات -غير المدركة لهذه الجوانب الخطيرة- تبدو في كل الأحوال منعدمة تماماً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق