الخميس، 4 يونيو 2015

مناوي في دبي .. تجارة أم لهو؟

على الرغم من أن قادة الحركات الدارفورية المسلحة تفرقت بهم سبل العمل المسلح وتوزعوا ما بين مرتزقة يحترفون المقاولات الحربية في دولة جنوب السودان كما هو الحال بالنسبة لحركة جبريل وحركة مناوي، وما بين مرتبطين إرتباطاً وثيقاً بالموساد والمخابرات الفرنسية كما هو الحال بالنسبة لعبد الواحد محمد نور، وما بين آخرين تجاوزهم التاريخ وأصبحوا (لاجئين) بجوازات أجنبية في دول أوربية باردة وهادئة يحتفظون فيها بالإعانات الشهرية ونثريات الإقامة كما هو الحال لعدد من قادة هذه الحركات الذين تعبوا من رهق الحرب في ميادين القتال وعانوا الأمرّين من رمضاء الأودية و الوهاد في دارفور، فهربوا من السلاح إلى السلامة الشخصية وحياة السكينة والدعة.
على الرغم من كل ذلك؛ إلا أن بعض قادة هذه الحركات المسلحة يثير الاستغراب بتصرفاته ويثير علامات استفهام بشأن تطلعاته وواقع حياته! مني أركو مناوي واحد من هؤلاء الذين يثيرون الاستغراب وعلامات الاستفهام. فبعد أن أعيته الصراعات الجنوبية الجنوبية التي شارك فيها بهمة ونشاط وبعد أن رأى مصير حركة جبريل إبراهيم مؤخراً في (قوز دنقو) يبدو أن الرجل -مدفوعاً بهواجسه ومخاوفه الخاصة- يبحث له عن مهرب!
فقد أكدت الأنباء قبل أيام وصول مناوي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في زيارة قيل إنها ذات طبيعة (تجارية) . الأنباء أكدت أيضاً أن مناوي (شوهد عند الدخول) في مطار دبي ولكن المفارقة أكدت أن الرجل كان يحمل جواز سفر يوغندي!
ربما لا يرى البعض إن في ذلك ما سيتوقف أو يثير الاستغراب ولكن لا شك أن الرجل كان يعبر عن أكذوبة كبيرة للغاية! فقد ثبت أن إذن الدخول الذي بموجبه دخل إلى دبي كان إذناً خاصاً! أما كيف حصل على هذا الإذن الخاص -ولك أن تستغرب عزيزي القارئ- فقد حصل عليه عبر إبن خالة زوجته!
الأمر هنا يثير تساؤلات شتى، فهل مناوي بكل عمله وخدماته الجليلة التي قدمها للنظام الحاكم في جوبا وفى كمبالا لم جد طريقة (مناسبة) للسفر إلى دبي إلا (بتدبير خاص) من إبن خالة زوجته؟ أين الحكومة الجنوبية التي قدم لها مناوي خدماته العسكرية وأين هو نفوذ الرئيس موسيفيني في ترتيب تحركات (أحد جنوده)؟ لا شك أن الأمر بدا مثيراً للسخرية.
وليت الدهشة انقضت إلى هذا الحد، فقد كانت في انتظار مناوي بدبي زوجته وهي حاصلة على إقامة هناك بموجب جواز سفر جنوبي! ولأن وجودها في دبي هو وجود من أجل إدارة أعمال تجارية حيث تتم إدارة مكاتب التحويلات المالية!
الصورة في مجملها تعطيك توصيفاً لطبيعة حياة هؤلاء المناضلين من طراز فريد؛ فمن جهة أولى تلمس المفارقة المضحكة في الجمع بين النضال المزعوم والعمل التجاري الناعم المتعلق بتحويلات الأموال! ومن جهة ثانية، تلاحظ المفارقة الكبرى في التلاعب بالجوازات الأجنبية والطرق المتلوية للحصول على أذونات سفر (خاصة)! الأمر هنا لا يمكن أن يكون عملاً بريئاً، من المؤكد أن الأمر فيه طابع مخابراتي واضح.
ومن جهة ثالثة فإن توقيت الزيارة وملابساتها تشي بأن مناوي يحاول إيجاد بدائل للمستقبل حيث لم تعد حياة الحرب والميدان تروق له؛ فقد سبقته عائلته الصغيرة إلى دبي بإقامة دائمة تمهيداً للهروب الكبير! وربما لهذا السبب طرح الرجل -وهو بنصف وعي- أطروحة تقرير مصير دارفور! فقد كان واضحاً أن اليأس والقنوط والخوف من المجهول يحيطان بالرجل ويحبطانه إحباطاً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق