الثلاثاء، 2 يونيو 2015

أبيي .. ملف لن يكون إلا افريقياً

التقارير الواردة من ابيي والتي تشير إلى قيام قوات الجيش الشعبي التابعة لدولة جنوب السودان، ومتمردو الجبهة الثورية، باختطاف عدد من الأطفال بمنطقة “أنيت” بأبيي، لتجنيدهم قسراً بجانب إحراق الأسواق والاعتداء على أهالي المنطقة. تؤكد إصرار جوبا على جعل المنطقة منطقة إستقطاب وتحاول تأكيد تبعيتها المزعومة إليها وهي محاولة فاشلة منها إلى إبراز الملف دوليا مرة أخرى بهدف الذهاب به إلى مجلس الامن الدولي رغم قرار مجلس السلم الأفريقي السابق بابقاء ملف أبيي في افريقيا واتاحة فرصة اكبر للحوار حول المقترحات التى تقدم بها القادة الافارقة.

فملف أبيي كما ترى الخرطوم بأن حل هذا الملف لن يكون إلا افريقياً ، فالخرطوم لازالت تؤكد عبر المنابر المختلفة أن افريقيا هى الحضن الدافى للسودان تقدره وتحترمه لذا لابد من التعامل معها بحصافة وبحكمة وهذا التقدير الافريقى للسودان لانه احتضن القادة السابقين والقادمين من الزعامات الافريقية والتى تعلمت فى الجامعات السودانية ووجدت العناية والاحترام .وكل الشواهد كانت تؤكد مسبقا أن مقترح الوساطة الأفريقية بقيادة ثابو أمبيكي بشأن أبيي لن يرى النور على الإطلاق ولن يرفع لمجلس الأمن على حين غرة كما تشتهي أميركا. فالقادة الأفارقة أكدوا عدم رفع قضية بها خلاف لمجلس الأمن الدولي قبل التوصل لاتفاق حولها» لذا فإن الضرورة تقتضى من الخرطوم فتح الباب واسعا للحوار حتى ولو اختلف حول مخرجات الافكار واللقاءات التى جرت مع القادة الافارقة .والشهر الماضي نعت حكومة جنوب السودان الحل التفاوضي لمنطقة أبيي المتنازع عليها مع السودان، وذلك بعد انقضاء مهلة الوساطة الأفريقية الممنوحة لهما بشأن تحديد موقفها من مقترحها بإجراء الاستفتاء في أكتوبر 2013.وبدا أن جوبا متمسكة بنقل القضية برمتها إلى مجلس الأمن الدولي، بعد تبني مجلس الأمن والسلم الأفريقي لمقترح الاستفتاء رغم اعتراض الحكومة السودانية عليه.وقال كبير مفاوضي جنوب السودان باقان أموم إن جوبا قبلت بمقترح الآلية رفيعة المستوى ليكون الحل النهائي لقضية أبيي، مشيرا إلى وجود اتفاق بين الدولتين للقبول بمقترح الوسيط الأفريقي. وأكد أن حكومته تتوقع اعتماد مقترح الوساطة الأفريقية "بما يضمن حق دينكا نقوك وقبائل المسيرية في المنطقة"، مراهنا في الوقت ذاته على المجتمع الدولي في معالجة القضية التي وصفها بالمتعثرة.

لكن الخرطوم تراهن من جانبها على بقاء القضية في إطار المعالجة الأفريقية بالاستناد إلى ما تحمله من وثائق واتفاقيات سابقة وتأييد أفريقي محتمل، حسب وزير خارجيتها علي أحمد كرتي الذي أنهى جولة أفريقية لذات الغرض الثلاثاء الماضي.ورغم الاعتقاد بأن المهلة الممنوحة تبدو نهائية في نظر كثير من المراقبين، فإن مواقف الطرفين حول القضية أكثر تباعدا من ذي قبل، فالخرطوم استبقت نهاية المهلة بتجديد موقفها الرافض للمقترح، بينما تؤكد جوبا تأييدها له، بما يعني أن الطرفين يسيران في خطين متوازيين. ووقتها تحفظ الرئيس عمر البشير على المقترح الذي تقدم به الاتحاد الأفريقي، لأن ذلك يعتبر عدم تجسيد لسيادة السودان في منطقة أبيي، فمنطقة أبيي حتى الآن تتبع لرئاسة الجمهورية ومحددة بحدود 1956م، إلى أن ينشأ وضع آخر، والرفض جاء نتيجة لتمسك االرئيس بسيادة السودان، لكي لا يتدخل شخص في السيادة الوطنية، ويطالب بوضع معين وفق قانون من دولة أجنبية.وقبلها شكلت الخرطوم لجنة خرجت بدراسة وتوصيات قبلتها رئاسة الجمهورية، ومن ثم عرضت وجهة النظر السودانية حول أبيي في ورقة موحدة مع المفاوضين وباستشارة شركة قانونية بريطانية. وشرعت اللجنة بإجراء اتصالات مع السفارات المقيمة وغير المقيمة في الخرطوم. وخلصت دراستها إلى موقف قانوني يتمثل في هل يمكن لمجلس السلم الأفريقي وضع قرارات تؤثر في تحديد الحدود بين الدول وتحريك أراضي دولة إلى أخرى وهل الوثائق الأفريقية تؤيد ذلك؟»

عموما ومع بعض التفاوت والاختلافات بين وجهات النظر لما يمكن أن تؤول إليه منطقة أبيي ووضعها المستقبلي المتأرجح بين الشمال والجنوب ، أو جعلها منطقة محايدة كتلك التي بين السعودية والكويت أو "كشمرتها" بإعلان تبعيتها للشمال إداريا مع الاحتفاظ بالحقوق القانونية لتبعيتها المستقبلية للجنوب! أو جعلها "منطقة مقفولة" كتلك التي كانت في الماضي ، فانه يكاد يكون هنالك اتفاق الآن بين المراقبين والمحللين على أن هذه المنطقة ستكون مركز جذب واستقطاب استراتيجي للمصالح الدولية وبالتحديد المصالح الأمريكية التي تستهدف نفط إفريقيا في المستقبل القريب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق