الخميس، 11 يونيو 2015

المشاركة الدولية في حفل تنصيب البشير جدلية الحضور والغياب!

من المهم للغاية ونحن نمعن النظر في أجواء الاحتفال الكبير بتنصيب الرئيس البشير رئيساً منتخباً للسودان لدورة رئاسية تمتد حتى العام 2020 أن نقرر حقيقة مبدئية وقاطعة، وهي أن قضية حضور بعض الزعماء والرؤساء الأجانب لحفل التنصيب وغياب البعض غير مرتبط بحسن أو سوء علاقات السودان بهذا البلد أو ذاك، وذلك لسبب في غاية البساطة، إن السودان في سنواته الأخيرة المنصرمة استطاع عبر دبلوماسية مثابرة أن يمد جسور علاقاته الدولية باتجاه كل دول العالم، بحيث لم يعد يعاني من عزلة أو اضطراب في علاقاته الدولية كما كان الأمر في سنوات خلت.
ولهذا فإن البعض الذين لا يكفون عن الزعم عن إنَّ في عدم حضور بعض الزعماء انتقاص أو في غياب البعض (شيء ما) إنما يقرؤون الأمور من خلال منظار محدود. فمن جانب أول فكما هو معروف فإن من الممكن أن يقرر زعيم من الزعماء الحضور والمشاركة ويتم إخطار الحكومة السودانية -رسمياً- بتلبية الدعوة، ولكن وعلى نحو غير متوقع تستجد أمور في تلك الدولة تعيق الحضور، إذ أن الشئون الدولية من التعقيد بمكان والقضايا تتلاحق وهذه أمور متعارف عليها دبلوماسياً وتحدث باستمرار.
ومن جانب ثاني فإن الرئيس البشير نفسه -وقد حدث هذا عشرات المرات- لم تمكنه ظروف مسئولياته في فترات سابقة وقريبة من حضور حفلات تنصيب عديدة عربية وافريقية وأناب عنه مسئولين آخرين، ومع ذلك فإن هذا لم يؤثر لا من قريب ولا من بعيد على علاقات السودان بتلك الدول. ومن جانب ثالث فإن المهم والأكثر أهمية في مناسبات كهذه هو حجم المشاركة وليس قياس عدد الزعماء الذين يحضرون، إذ أن الأمر هنا يتعلق بـ(الحضور الدولي) سواء عبر البعثات الدبلوماسية المتعمدة أو عبر مبعوثين خاصين أو عبر تمثيل دبلوماسي أياً كانت درجته.
وعلى ذلك فإن السودان بدا في أروع وأفضل حالاته وهو يستقبل رؤساء أجانب ومبعوثين خاصين (لأغراض الاحتفال) ومبعوثين دبلوماسيين معتمدين بالخرطوم شاركوا في حفل التنصيب، إذ على اقل تقدير نجح هذا البلد رغم كل أزماته وجراحه النازفة في المحافظة على نواته المركزية وهي صلبة وقوية وقابلة للاستمرار.
ذلك أن الانتخابات العامة التي أفرزت هذه النتيجة هي بلا شك صمام أمان استمرار عملية التداول السلمي للسلطة وهي كما هو معروف الوسيلة الأنجع لاستدامة الأمن والاستقرار.
من جانب آخر فإن حجم المعاناة التي كابدها هذا البلد في العقدين الماضيين والعداءات غير المبررة التي واجهته بها بعض القوى الدولية وإن بدت في طريقها للتلاشي، إلا أنها في واقع الأمر من المستحيل أن تتلاشى بين يوم وليلة وهذا ما يجعل من حفل التنصيب هذا -مظهراً وجوهراً- مناسبة وطنية مهمة ليضع السودان أولى قديمه على أعتاب مرحلة جديدة، فالعبرة هنا ليست بما أمكن تحقيقه وانجازه وإنما بما يمكن أن ينجز ويتحقق في ظل حرص السودان على قضية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق