الخميس، 11 مايو 2017

قطاع الشمال.. تأزم المشهد وانشقاقات الصفوف

ذكرت مصادر صحفية أن اشتباكات عنيفة نشبت بين مجموعتين بقطاع الشمال بالنيل الأزرق وأكدت قيادات بالنيل الأزرق أن مجموعة تتبع للمتمرد جوزيف تكا المنشق من عقار بقيادة النقيب أنور ادوك هاجمت مجموعة أخرى تتبع لصديق المنسي
بمنطقة يابوس وقتلت مجموعة من أتباعه مشيرة أن قوات المنسي هربت الى دولة جنوب السودان واحتمت بمنطقة البونج في أعالي النيل
ووصفت هذه القيادات المعارك بين المجموعتين بأنها الاعنف منذ نشوب الخلاف داخل قطاع الشمال. مشيرة الى ان قوات جوزيف كانت قد أصدرت بيانا رفضت فيه قيادة عقار للقطاع، واقالته من الحركة ، واعتبرت ما حدث تجسيدا فعليا للخلافات الداخلية بين القيادات العسكرية والسياسية. وكانت قد وقعت اشتباكات بمقر مجلس تحرير جبال النوبة بين بعض القيادات السياسية والعسكرية وصلت إلى درجة إطلاق الأعيرة النارية من الأسلحة الصغيرة ، تلك صورة المشهد فى الحركة الشعبية.
واقع مأزوم
لقد ظلت الحركة الشعبية قطاع الشمال تتبنى خطابا يستمد قوته الأساسية من الادعاء بالانحياز للهامش وإبراز الاهتمام بالممارسة الديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب، إلا أنها شعارات ترفع للفت انتباه المجتمع الدولي بقية اكتساب صبغة الدعم والايواء وهو ما كان سيما تلك الجهات التي تناصب حكومة الخرطوم العداء.
و نلاحظ ان هذا الخطاب السياسى ينطوي على كثير من مكونات ضعفه، خاصة ما يتعلق بالممارسة الديمقراطية الداخلية للسلطة بالحركة نفسها وما يرتبط بها من قضايا المحاسبة والشفافية بين القيادات، علاوة علي ذلك انه ـ أي الخطاب ـ لا يقدم عبر قيادات الحركة الأخرى وإنما هو حصري على ياسر عرمان في ظل سيطرته على كل مفاصل الحركة، لذلك فهو لا يعبر عن مؤسسات الحركة ليأخذ بعده المؤسسي وإنما يعبر فقط عن رؤية ومطامع عرمان وبعض القيادات وارتباطاتهم الخارجية التي تخدم في المقام الأول أجندة ذات طابع شخصي، وهذا يعكس بصورة جلية انفراد قيادات بعينها بزمام الأمور ما نتج عنه انشقاقات وتحالفات سياسية وعسكرية تشهدها الحركة الشعبية قطاع الشمال هذه الأيام.
انشقاقات وتصدعات داخلية
وقد ادى ذلك الى تدهور الأوضاع داخل قطاع الشمال نتيجه حتمية لتسلط بعض الشخصيات على صناعة القرار وانعدام الشفافية وغياب المؤسسية في العمل والاجندة التي تتسم بطابع الشخصية بعيدا عن القضايا المصيرية لأبناء المنطقتين «جبال النوبة ـ النيل الأزرق».
يرى مراقبون للوضع العسكري بقطاع الشمال أن ما برز للسطح من خلافات وانشقاقات أبرزها قرار مجلس التحرير بالاطاحة بعرمان واعفائه من منصب الأمين العام، قطعوا بأنها نتيجة حتمية لما تعيشه الحركة من أزمات داخلية ظلت تعيشها وتتكتم عليها، ولا يستبعد هؤلاء المراقبون تطور الخلافات الى أبعد من ذلك. إذا تظل الأزمات السياسية والعسكرية بقطاع الشمال هاجسا يؤرق قيادتها ويعتبره بعض قيادات القطاع نذر شؤم يهدد بتآكل الحركة الشعبية من الداخل متخوفين من نهاية تشبه الى حد كبير الحال في حركات دارفور والمشهد المتكرر للانقسامات والانشقاقات.
مطامع شخصية
يؤكد محللون سياسيون أن الأوضاع بقطاع الشمال تسير وفقا للمطامع والمصالح الشخصية على حساب استمرار حالة عدم الاستقرار والمتاجرة بقضايا المنطقتين لإطالة أمد الحرب، ذكرت الأنباء أن الحلو اتهم عقار وعرمان بالفساد المالي والخيانة وكشف عن استيلائهما على أموال مصدرها سفارات غربية بجوبا وكمبالا إضافة إلى أموال تخص نداء السودان.
الي جانب ذلك أبان تلفون كوكو أن عرمان لديه شركة نقل جوي اسمها «جست فور يو» في دلالة واضحة أن الرابح الأول في استدامة المعاناة والحرب هم الذين تذهب الدولارات الى ارصدتهم في البنوك الغربية مع ادعاء تبنى قضايا المهمشين في المنطقتين.
صرح القيادي «بأبناء النوبة» علي أبو عنجة بأن ما تعيشه الحركة الشعبية قطاع الشمال بعيد كل البعد عن خدمة شعب جبال النوبة والنيل الأزرق واصفا قطاع الشمال بالمتاجر بقضايا شعوب المنطقتين مبينا أنها مطامع شخصية لصالح القيادات التي وصفها بأنها تسعى دائما لعرقلة المفاوضات، وقال إن ياسر عرمان كان يضع المتاريس امام نجاح المفاوضات، ومضى أبو عنجة بقوله: أعتقد أن ياسر عرمان يتكسب من هذه الحرب ويتاجر بها.وذكر القيادي باواسط أبناء النوبة أبو عنجة أن قطاع الشمال لديه علاقات وطيدة مع منظمات أخرى مشبوهة لها صلة مباشرة بعدم استقرار السودان.
أبناء النوبة في المشهد
وهناك حالة من عدم الرضا في أواسط أبناء جبال النوبة تجاه مايدور في قطاع الشمال من أزمات متكررة سببها في أغلب الأحيان تبني مواقف شخصية مغرضة بعيدا عن القضية الأساسية المتكسب بها. ويؤكد هذا مهتمون بقطاع الشمال إذ يرون أن المشهد الآن اصبح مكشوفا لأبناء النوبة خاصة بعد ما حدث من اختلافات وتناحر بين رجال القيادة السياسية والجنرالات العسكرية، واستشهدوا على ذلك بتصريحات تلفون كوكو الذي قطع بأن عرمان وعقار ومعظم قيادات قطاع الشمال لا وجود لذويهم في جبال النوبة وقال «إن هؤلاء تركوا القضية لعرمان الذي يريد أن يحقق بها طموحاته على حساب النوبة»، ومضى بقوله إن عرمان وعقار والحلو نفسه ومن لف لفهم قيادات غير شرعية لقضية جبال النوبة وان الحل يكمن في تسليم ملف جبال النوبة لأصحاب الوجعة الذين طالهم التهميش والتشريد والفقر نتيجة للاحتراب المتواصل والمتاجرة بدماء أبناء النوبة.
دولة الجنوب.. الدعم والايواء
الناظر للعلاقة بين قطاع الشمال ودولة جنوب السودان يمكنه التأكيد على أزلية الارتباط بينهما رغم محاولات دولة الجنوب في كثير من الأوقات نفي طبيعة هذه العلاقة.
كثير من التقارير الدولية تحدثت عن دعم جوبا لقطاع الشمال ومده بالأسلحة الثقيلة ومضادات الطائرات، وكذلك الدعم المالي والمعنوي والتكتيكي واستعانتها به في القتال ضد المعارضة، فالتعاون بين جوبا وقطاع الشمال اصبح هدفا استراتيجيا رغم النداءات الأمريكية التي تحذر من تأثير استمرار هذا الدعم على الأمن القومي للدولتين.
ويؤكد الخبير العسكري الفريق محمد بشير سليمان ان الرباط القائم ما بين قطاع الشمال وحكومة جنوب السودان رباط قديم والحركة جزء اصيل منها تسعى لاستكمال خطة استراتيجية وصراع فكري وايدلوجي بتأسيس السودان الجديد بدءا من العام «1953م» وحسب مفهوم الحركة فإن الرباط يظل قائما وهو السبب الأساسي في عدم تنفيذ الإتفاقيات ما بين الخرطوم وجوبا لهذا فإن حكومة جنوب السودان تستمر في دعم الحركات، ويضيف سليمان أن هذا الأمر خلف تأثيرا سلبيا على الإتفاقيات بين البلدين خاصة وأن حكومة الجنوب عندما اصدرت قرارها بطرد الحركات المسلحة من اراضيها لم تكن جادة في هذا القرار.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق