الأربعاء، 10 مايو 2017

مأزق القاهرة مع الخرطوم!!

علي الرغم من غلظة الطريقة التي تتعامل بها الحكومة المصرية مع السودان، باحتلال جزء من أرضيه عنوة (مثلث حلايب)، ومضايقة مواطنيه في المطارات وإرجاعهم منها، وملاحقة بعضهم بشأن الاقامات،
في ظل وجود ما يعرف باتفاق الحريات الأربعة منذ العام (2004) !! علي الرغم من كل ذلك، فإن الحكومة السودانية ما تزال تحتفظ بقدر غير قليل من الإمساك بشعرة معاوية والتمسك بالعلاقة الإستراتيجية بين الجارين الشقيقين! وحتي حين تلوح الحكومة السودانية بالمبدأ القانوني المتعارف عليه في العلاقات الدولية (مبدأ المعادلة بالمثل)، فإنها تفعل ذلك علي مضض كونها مكرهة وفق مقتضيات السيادة الوطنية وصيانة حقوق مواطنيها تضطر للجؤ إلي هذا الخيار!
الواقع إن الموقف السوداني الهادئ حيال غلظة السلطات المصرية تجاه السودان، مرده إلي نظرة السودان الإستراتيجية لمقتضيات حسن الجوار والإيمان العميق – بحق وحقيقة – أن البلدان يمثل كل منهما عمقاً استراتيجياً للآخر.
وزير الخارجية السوداني البروفيسور غندور أدلي ببيان مؤخراً أمام البرلمان السوداني بشأن ما يجري بين البلدين، كان أعمق ما فيه حرص السودان علي علاقته الإستراتيجية مع الشقيقة مصر.
الوزير السوداني أشار بين ثنايا بيانه إلي مبدأ المعاملة بالمثل في ظل قيام السلطات المصرية بحظر مواطنين سودانيين من دخول القاهرة ولم يسترسل الوزير في هذا الصدد، تاركاً قدراً من المواربة في بوابة لعلاقات البلدين كشأن الدبلوماسية السودانية التي تسير بخطي جادة باتجاه المحافظة علي علاقات جيدة مع كل دول العالم.
غير أن الناظر إلي ما يقوم به الجانب المصري في هذا الصدد، يلحظ عدة مقالب مؤسفة أولاً: الجانب الحصري نجح في استشارة أعصاب المواطنين السودانيين علي نحو غير مسبوق، بحيث بدا ربما لأول مرة في تاريخ البلدين أن الشعب السوداني ناقم – بالإجماع – علي الحكومة المصرية الحالية بما يفوق أي حكومة سبقتها حتي علي أيام الحكم الثنائي وخديوي مصر.
وبالطبع ليس من حسن طالع النظام المصري الحالي أن يثير شعب السودان ضده وأن يخلق هذا الإجماع في كراهيته.
خاصة وأن نظام الرئيس السيسي بدأ بالفعل في التآكل والضمور وفقدان الدعم الشعبي.
ثانياً: الحكومة المصرية هي التي بادرت – مهما كانت أسبابها – بانتهاج منهج الزج بالمواطنين في الخصومة السياسية علي افتراض أن هنالك خصومة سياسية بينها وبين الحكومة السودانية، فقد استخدمت المواطنين العاديين في حربها غير المعلنة، مما يعتبر بمثابة استخدام لأسلحة محرمة.
الشعوب عادةً لا تستخدم في النزاعات بين الحكومات وحتي في الحروب المسلحة لا يجوز ضرب المدنيين العزل والأبرياء فما بالك في خلافات دبلوماسية عادية يزج بالشعوب في الخلاف وطالما أن الحكومة المصرية ارتكبت هذا الخطأ القاتل بالزج بالمواطنين في نزاعها، فإن عليها أن تعلن عن خطئها وأن تقدم اعتذاراً علنياً لشعب السودان، إذ أن الشعوب أبقي وأقوي من الأنظمة والحكومات.
ثالثاً: نظام الرئيس السيسي – الذي يعيش مناخاً خانقاً معروف الأسباب والمسببات – بإمكانه أن يخرج من هذا المناخ الخانق بسبل مختلفة، واحدة منها أن لم تكن أهمها المحافظة علي علاقة مصر الإستراتيجية بالسودان والعض عليها بالنواجذ لأن السودان وببساطه شديدة عمق استراتيجي لا غني عنه البتة للشقيقة مصر!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق