الأحد، 10 أبريل 2016

غش منظم يهدد أمن السودان القومي ويسيئ لسمعته!

إمتحان الشهادة الثانوية السودانية -لمن قد لا يعلم- ليس مجرد امتحان كما يقولون يكرم المرء فيه أو يهان وينتهي الأمر . هذا الإمتحان في نظر كل الحكومات السودانية المتعاقبة وحتى هذه اللحظة هو الجسر الوطني الذي يسير عليه الطلاب ليختار وطنهم من بينهم من يقودوا لواء مستقبله في شتى مجالات العلم، من المثابرين والأذكياء.
لهذا لا يعلم الكثيرون الترتيبات الدقيقة والإجراءات الصارمة -خلف الكواليس- التى يتم الإعداد لها قبل جلوس الطلاب لهذا الامتحان، فضلاً عن أن الحكومة السودانية -وفوق الرسوم التى تتحصلها من الطلاب- تصرف أموالاً اضافية لتأمين الامتحانات وترسيخ مصداقيته وإتاحة الفرص العادلة للطلاب للجلوس اليه.
وقد تسنى لـ(سودان سفاري) الوقوف على كافة الخطوات والإجراءات المعقدة التى يتم بها الإعداد لهذا العمل الضخم منذ بدايته وحتى وضع الأوراق -للتصحيح والتدقيق- لدى الكنترول. جنود مجهولون من كبار علماء التربية وخبراء الامتحانات قضوا عشرات السنين يؤدون هذا الواجب الوطني في صمت وأمانة واخلاص مدهش بكل ما تعنيه كلمة الإدهاش.
ولهذا لم يكن صحيحاً على الإطلاق ما أشيع عن تسريب الامتحانات، وهي أمور سرعان ما ثبتت بعدها مؤشرات قاطعة وواضحة لا يتطرق اليها الشك، إذ ان ما تم ضبطه (حالات غش) اتخذت طابعاً منظماً، مع قدر من (التطور) فى الغش نفسه باستغلال ما توفره تقنية الاتصالات الحديثة. وقد جرى هذا الأمر من قبل طلاب أجانب وعلى نحو منظم. إذن من الطبيعي ان تعتبر السلطات السودانية مسلكاً كهذا بمثابة (سلوك اجرامي منظم) من شأنه تهديد جِّدي للأمن القومي السوداني، إذ أننا وبعملية حسابية بسيطة نعلم ان الذين جلسوا لامتحانات الشهادة السودانية من السودانيين مهول -لندع الرقم جانباً- وهم يمثلون (كل مناطق السودان) عاصمته ومدنه الكبرى وأطرافه، فإذا تم التسامح مع طلاب قادمين من الخارج وهم أجانب للحصول على درجات غير حقيقية، فمن المؤكد ان هذا سوف يوغر صدر الأسر السودانية والطلاب السودانيين ويثير حنقهم ويتسبب في مشاكل أمنية ونزاعات داخلية ما أغنى بلد مثل السودان عنها!
من جانب آخر فإن مسلك هؤلاء الطلاب يقضي على سمعة ومكانة الشهادة السودانية ودرجة القبول والاعتراف بها خارجياً وهذا يمس صميم اقتصاد الدولة وصميم بنيانها الأكاديمي. ومن جانب ثالث فإن الأمر ربما يفتح رويداً رويداً الباب واسعاً للغش في مجالات اخرى أكثر حساسية خاصة وأن السودان يفتح كلياته العسكرية العريقة للأشقاء العرب والافارقة للدراسة فيها ولنا ان نتصور ان يدرس في كليات إستراتيجية بالغة الحساسية طلاب حصلوا على شهادات عن طريق الغش!
إذن مجمل القضية مساس هؤلاء الطلاب الاجانب بالعمود الفقري للمصداقية التربوية والتعليمية فى السودان، الأمر الذي جعل المسئولين المصريين -بعد أن وقفوا عن كثب على عظم الحقيقة- الاقرار علناً بحق السودان في التحفظ عليهم ومقاضاتهم واسترداد حقه جرياً على القاعدة القانونية الذهبية التى تعمل بها كل الدول المحترمة بعدم مكافئة المعتدي على إعتدائه!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق