الاثنين، 20 نوفمبر 2017

“تكنو الصيرفة”

يُعد انخراط السودان في النظام العالمي المصرفي من أكبر نتائج فك الحصار الاقتصادي الأمريكي الأحادي، بينما لا تزال المصارف السودانية تنقصها التكنولوجيا والتقنية المصرفية اللازمة للتشبيك المالي مع النظام الدولي،
ويبدو أن التحول قد يستغرق وقتا طويلا، خصوصا وأن النظام المصرفي السوداني ظل يعمل في ظل تعقيدات اقتصادية صعبة، وحاول التطور والتحديث بشتى الطرق، لكن هذا التوجه ظل معزولا عن العالم المالي ومراكزه التي تسيطر عليها الدول المتقدمة التي تحوز التقانة الحديثة وتطبيقاتها.
العقوبات الاقتصادية الأمريكية أدت إلى معوقات في تطبيق التقنية المصرفية من استجلاب المعدات التكنلوجية، وكان هناك ارتفاع في تكلفة استجلابها عن طريق الوسطاء، حيث تؤثر التكنولوجيا المستخدمة في العمل المصرفي بصورة فاعلة على نوعية الخدمات والمنتجات المصرفية، وتلعب في زيادة كفاءة أداء المصارف السودانية، وتطويرها، باعتبار أن “تكنو الصيرفة” صار الركيزة الأساسية لتحديث الخدمات والمنتجات المصرفية، بجانب تسريع الخطى واختصار الزمن وتقليل التكاليف لدمج الاقتصاد المهاجر مع الوطن.

يقول وليد أبو شامة مدير إدارة دعم العملاء شركة الخدمات المصرفية الإلكترونية، إن المصارف تسعي جاهدة للتعاقد مع شركات البرامج والعتاد الأمريكية للحصول على كل ماهو حديث ومتطور في هذا المجال، لكن أبو شامة يشكو من ضعف الإمكانيات التي شكلت عائق طبيعي، ورجع وقال أن ضعف الإمكانات ليست كل شئ فالحظر الاقتصادي وتبعاته أدى لضعف الحركة الاقتصادية بصورة عامة وبالتالي تدهورت إمكانيات المصارف، وأضاف نحتاج لفترة 3 إلى 6 أشهر حتى نستشعر النتائج الإيجابية لرفع الحظر، ولكن كل المصارف والجهات ذات الصِّلة تعكف الآن على التجهيز بالخطط والبرامج للاستفادة من رفع الحظر، وشدد على ضرورة فتح قنوات اتصال أكثر فعالية من المراسلات مثل الزيارات المباشرة ويمكن أيضا عبر تفعيل دور الملحقيات الاقتصادية في سفاراتنا بالخارج، وأوضح أبو شامة أن الوضع التقني يؤثر تأثيرا مباشراً إيجابا أو سلبا على أداء المصارف، حيث أكد أن التعامل بالدفع الإلكتروني أصبح الغالب على معظم المعاملات المصرفية، ولذلك أي ضعف في التقنية المستخدمة يؤثر سلبا على المعاملات الإلكترونية وبالتالي على عملاء المصارف.
ويرى خبير في التقانة المصرفية أن الحظر جعل القطاع المالي المصرفي غير مدرك للتقنية المصرفية في الدول الأخرى، موضحا أن السودان على الرغم من الحظر ظل من الأفضل تقنيا في مجال الصيرفة بين دول العالم الثالث، لكنه يحتاج الآن- رفع الحظر- على تطوير التقنية الداخلية لتواكب التقنية العالمية، وأضاف في حديثه لـ(اليوم التالي): نعمل في تطوير تقنية تتيح للموظفين القيام بمهامهم دون أن يأتوا إلى مكاتبهم، وأشار إلى أن لكل بنك تقنية معينة، وأن رفع الحظر فتح للمصارف السودانية الأبواب للتعامل مع شركات التقنية المصرفية، وتوقع زيارة هذه الشركات الأجنبية للسودان لتفقد التقنية، وقال: “تداول المراسلات مع المصارف العالمية بهذه التقنية الضعيفة سيكلفنا الكثير من الغرامات خاصة وأنه ليس لدينا ترخيص من الشركات التقنية العالمية للسماح بنظام (لانسس) في السوفت ويرد، وشدد على ضرورة الترتيب لهذه البرامج والأنظمة للسماح لنا بتطوير تقنيتنا.
أما المصرفي السابق (محمد عبد العزيز)، فهو يرى أن المصارف السودانية قد تكون متأخرة خطوة أو اثنتين على الصعيد الدولي، لكنها متابعة لجميع التقنيات في العالم عبر الجهاز المصرفي، وأكد عبد العزيز لـ(اليوم التالي) أن تقنيات المصارف للذين لديهم إمكانيات بها برامج وماكينات بجانب أشياء أخرى متقدمة أكثر من الموجودة في السودان، وأشار إلى أن المشكلة الحقيقية في التقنيات الموجودة في السودان تكمن في طبيعة النظام المصرفي نفسه لأنه يحد من التطور التكنولوجي، موضحا أن العمل المصرفي في السودان ما يزال يدار ورقيا والتصديقات تتم يدويا وهكذا، مبينا أن إدارة المصارف بـ “الورق” تعطل الاستعمال التكنولوجي بصورة كاملة، أما في الخارج فيوجد الموظف الشامل الذي يقوم بعمل كل الأشياء، وأوضح أنه بوجود العقوبات كانت المصارف السودانية تتعامل مع العالمية بصورة طبيعية، وقال إن المصارف السودانية اتبعت أنظمة كبيرة رائدة المصارف في العالم، مؤكدا أن الدفع عبر التلفون ممتاز في التحويلات الصغيرة أما التحويلات الكبيرة فتحتاج لإمكانيات عالية.
الخبير الاقتصادي محمد الناير، يعتقد أن قطاعات مصرفية في السودان حققت تقدما كبيرا من حيث التقنية المصرفية، وذلك على الرغم من أنها تعمل في ظروف بالغة التعقيد، إلا انها استطاعت العبور دون التأثر بالحظر الأمريكي بعزل القطاع المالي في السودان عن القطاع المالي العالمي، بجانب ذلك لدى القطاع المصرفي فرص أكبر في مرحلة ما بعد الحظر للتطوير والزيادة من وتيرة الأداة، لتحقيق اندماج اقتصاد السودان مع اقتصاد العالم والتعاملات المصرفية السودانية مع التعاملات العالمية، وشدد على ضرورة بذل مجهود من قبل بنك السودان والمصارف السودانية البالغ عددها (37) مصرفا لتحقيق الهدف المطلوب، وقال الناير إن بطاقة الماستر كارت والفيزا كارت تعتبران منتجات أمريكية، وهي الآن متاحة بعد رفع حظر العقوبات الأمريكية، موضحاً أن حمل البطاقة يفيد السياح والمستثمرين للتعامل بها داخل السودان بطريقة غير معقدة، بجانب ذلك من المهم التنسيق بين القطاعين المصرفيين السوداني والأمريكي حول وسائل المقاصة والدفع، مؤكدا أن السودان يجب أن يتعامل مع كل دول العالم دون تأخيرات مصرفية حسب الرخصة الممنوحة من مكتب الوباك، ويرى الناير أن الأمر يحتاج لمجهود من البنوك للتحرك لفتح القنوات التي كانت مغلقة في الفترة السابقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق