الأربعاء، 22 نوفمبر 2017

يبدأ اليوم رحلة بعيدة إلى بلاد (الدب).. البشير .. روسيا واقترابها

الخرطوم ـ الطيب محمد خير
أكد الكرملين (البرلمان الروسي) رسمياً بأن رئيس الجمهورية عمر البشير سيبدأ غداً الخميس زيارة إلى روسيا، برفقة وفد حكومي كبير يضم وزراء ومسؤولين، تلبية لدعوة من نظيره الروسي فلادمير بوتين.
وكان مقرراً أن يزور البشير العاصمة الروسية موسكو منتصف أغسطس المنصرم. وصنفت الزيارة وقتذاك بأنها الزيارة الثالثة للرئيس البشير خارجياً من ناحية التحديات وطول المسافة بعد زيارتي الصين وجنوب إفريقيا اللتين اعتبرهما أنصار البشير هزيمة للمحكمة الجنائية الدولية وقضاتها المطالبين بتوقيف الرئيس.
وتعد زيارة البشير لروسيا الأولى من نوعها من حيث طول المسافة بعد رفع العقوبات الأمريكية عن السودان، ويأتي وصفها بالمهمة من واقع أهمية روسيا في إستراتيجية السياسة الخارجية السودانية بتنويع تحالفاتها والتنسيق المشترك مع (الدب الروسي) في المحافل الدولية (الأمم المتحدة نموذجاً)، وهو أمر بات أحد معالم السياسة السودانية في السنوات الماضية، فضلاً عن التقارب في الموقف بين (الخرطوم ــ موسكو) بعدما آثرت الأخيرة الانضمام إلى الأولى وأعلنت انسحابها من الجنائية الدولية.
عين العقل
يصف الخبير والمحلل السياسي دـ عبد اللطيف البوني، زيارة الرئيس البشير إلى روسيا بانها تقدم دليلاً على أن السودان بدا يتعافى دولياً، وكما قطع شوطاً في تحسين علائقه بالولايات المتحدة، ها هو السودان يعمل على تعزيز علاقاته مع روسيا التي تعتبر قوة عظمى لا يمكن تجاوزها في العالم.
مشيراً في حديثه لـ (الصيحة) إلى عدم وجود تناقض بين الموقف السوداني والروسي تجاه قضايا المنطقة بما في ذلك القضية السورية التي موقف السودان ليس ببعيد عن الموقف الروسي. مضيفاً بأن ميزان القوى يحتم على السودان خلق أواصر علاقات بروسيا ممتدحاً مساعي الخرطوم للتقارب مع موسكو، وقال إن ذلك عين العقل على حد تعبيره.
حماية
عن مدى زوال المهددات التي كانت تواجه زيارات الرئيس الخارجية ذات المسافات الطويلة كما حدث في زيارته إلى الصين، اكتفى البوني بالقول إن كانت روسيا كدولة عظمى لا تستطيع حماية ضيوفها من الزعماء والروساء القادمين إليها فعلى الدنيا السلام.
ملفات اقتصادية
وكانت الزيارة قد وُصفت سابقاً بأنها مهمة من ناحية اقتصادية للسودان تبعاً للملفات التي ستناقشها في ظل وجود كثير من العقود الاستثمارية التي وقعتها الحكومة السودانية مع الشركات الروسية في وقت سابق ولا تزال في مرحلة التحضير.
ولا يزال السودان يأمل بدخول مزيد من الشركات الروسية لأراضيه، لغايات الاستثمار في الغاز والنفط بعد رفع العقوبات الأمريكية عن السودان مطلع أكتوبر الماضي. كما أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ العام 1997 كانت تقف حجرة عثرة أمام تعامل الشركات الأجنبية مع السودان وتمنعها من توقيع عقود التبادل التجاري والاستثماري معه، خاصة في مجال استخراج المعادن.
تنقيب
في أعقاب قرار رفع العقوبات سارعت وزارة المعادن بوضع خطة لمرحلة ما بعد رفع الحظر الاقتصادي الأمريكي عن السودان وتوسع الفرص الاستثمارية، إذ توجد في السودان مربعات للتنقيب عن المعادن جاهزة لأجل استيعاب أي عدد من الشركات الجديدة وما يعزز من فرضية أن رغبة السودان في جذب رأس المال الروسي خلال الزيارة للاستثمار في مجال الموارد المعدنية بالسودان بدليل وجود وزير المعادن ضمن أعضاء الزيارة.
ومن المتوقع أن يوقع الوزير عدداً من العقود الخاصة بالاستثمار في مجال التنقيب عن البترول والغاز والذهب.
غير أن الخبير الاقتصادي بروفسير عصام بوب يرى أن الوقت لا زال مبكراً للحديث عن تعاون اقتصادي بين السودان وروسيا في مجال التعدين عن الذهب، منبهاً إلى فشل شركة سيبرين الروسية في العمل في مجال التنقيب عن الذهب في السودان رغم الوعود الكبيرة التي قطعتها عند توقيعها للعقد بأنها ستحدث مفاجأة في مجال تعدين الذهب في السودان، ولكن كل وعودها ذهبت أدراج الرياح. مضيفاً بصحة وجود شركة روسية جديدة دخلت السودان للتنقيب عن الذهب بدلاً من شركة سيبرين التي خرجت من هذا المجال.
ولفت بروفيسور بوب في حديثه مع (الصييحة) إلى أن الوقت ما يزال مبكراً للحديث عن التعاون الاقتصادي مع روسيا استناداً على نصيحة قدمها الروس أنفسهم للسودان في وقت سابق باللجوء للأمريكان أو الفرنسيين باعتبار هاتين الدولتين أفضل من ينقب عن البترول السوداني .
ذهب الخبير والمحلل الاقتصادي د ـ محمد الناير في طريق مغاير لبوب، متوقعاً بأن تتحقق زيادة مقدرة في حجم الاستثمارات الروسية في السودان بعد هذه الزيارة خاصة أن روسيا من الدول التي تهتم بالملف الاقتصادي السوداني وفي مجال التعدين تحديداً.
وأضاف الناير في حديثه مع (الصيحة) بأنه لا يمكن الحكم على الشركات الروسية بشركة واحدة لم توفق في عملها في السودان لأن المشهور أن القطاع الاقتصاد الروسي الخاص لديه اهتمامات وخبرة واسعة في مجال التعدين والنفط، لذلك من الممكن أن تسهم بصورة كبيرة في مجال التنقيب والتعدين في السودان.
مشيراً إلى أن هذه الزيارة تأتي في توقيت مطلوب من السودان إحداث توازن في علاقاته الاقتصادية مع جميع المدارس الاقتصادية في المرحلة القادمة وليس مطلوباً منه أن يتجه كليًا بعد رفع العقوبات الاقتصادية ناحية أمريكا والتعامل معها بل مطلوب أن يتوازن اقتصادياً مع روسيا وأمريكا وأوروباـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق